معركة «الريتز»: رهان ابن سلمان الخائب!

إعداد سامي فطاني

لم يخرج محمد بن سلمان من معركة «الريتز» منتصراً، فلا هو بالمصلح الذي حارب الفساد من أعلى ـ بعد أن فضحته أجهزة الأمن القومي الأميركية، بنشر قصص فساده، المتمثلة في شرائه لوحة دافنشي وقصر فرساي بفرنسا ـ ولا هو أقنع الشركات الأجنبية والمستثمرين الدوليين بأن بلاده باتت «نظيفة» من الفاسدين، وأنها على استعداد لعمل كل ما أمكن لحماية الاستثمارات من أشكال التعدّي كافة. صحيح أنه استولى على ما طالته يده من أموال وممتلكات الموقوفين، ولكن ليس بالقدر المأمول، فـ «حصة الأسد» كانت في مكان ما خارج الحدود.

على أية حال، فقد أسدل الستار في 30 يناير الماضي على أخطر فصل من فصول صراع الأجنحة في عهد الملك سلمان، بالإفراج عن الموقوفين في فندق الريتز كارلتون، عقب تسويات مالية، قال النائب العام سعود المعجب بأن القيم التقديرية لها تخطّت حتى تاريخه 400 مليار ريال.

وأكّد المعجب بأن إجمالي من جرى استدعاؤهم بلغ 381 شخصاً، وأن التسويات شملت عقارات وكيانات تجارية وأوراقاً مالية ونقداً، وقال النائب العام بأن مرحلة التسويات قد انتهت وتمّت إحالة من تبقى من الموقوفين إلى النيابة العامة.

لن نتوقف كثيراً عند الرقم رغم ما يكتنفه من غموض كبير، ومن الواضح أن إبن سلمان أن يعيد إخراج معركة «الريتز» بطريقة توحي بأنه المنتصر الوحيد فيه وأنه حقق هدفه بصورة كاملة.

انعكاسات واقعة «الريتز» في الصحافة الغربية تشي بعكس الأهداف المرسومة لها.

في 28 يناير الماضي، نشرت صحيفة (فايننشال تايمز) البريطانية، تقريراً من إعداد سيميون كير من دبي وأحمد العمران من الرياض. يتناول التقرير الغموض الذي يلف مستقبل شركة المملكة القابضة التي يرأسها الوليد بن طلال وكذلك شركات أخرى لموقوفين آخرين في الريتز. والسبب يعود الى عدم تقديم أية تفاصيل عن أية تسويات قد تكون قد تمّ التوصّل إليها.

وكان الوليد بن طلال من بين 300 من الأمراء ورجال الاعمال الموقوفين منذ 4 نوفمبر 2017 في حملة محمد بن سلمان لمكافحة الفساد. وأطلق سراح الوليد مع موقوفين آخرين، من بينهم رئيس مجلس إدارة شبكة إم بي سي وليد الإبراهيم، ومالك مجموعة أوربت صالح كامل، ورجل الأعمال فواز الحكير، والأمير تركي بن ​​ناصر.

وتقول الصحيفة بأن الحملة لم تنته تماماً. وقال بعض من أطلق سراحهم أنهم ممنوعون من السفر إلى خارج المملكة في الوقت الحالي، بحسب مصادر مطلّعة على أحوالهم. وذكر النائب العام ان ما يصل الى 95 مشتبهاً فيهم يرفض مبدأ التسوية المالية وسوف يقدّمون للمحاكمة.

ولكن الأمير الوليد حريص على الإعلان عن إطلاق سراحه - وإعلان براءته. وفي مقابلة مع «رويترز» وصف اعتقاله بأنه «سوء فهم»، قائلا إنه لم يكن يتوقع تسليم الأسهم في شركته، المملكة القابضة، التي يملك فيها نسبة 95 في المائة.

يشير التقرير الى أن السلطات السعودية واجهت صعوبة في استرداد الأصول المالية من الخارج وهي التي أعاقت محاولات السلطات في استرداد ما يصل الى 100 مليار دولار من الأصول من المشتبه بهم المستهدفين في تحقيق الفساد.

الوليد بن طلال: نهاية أمير شجاع!
 

وحده من استطاع مواجهة عناد محمد بن سلمان بغرض تجريده من كل ممتلكاته تحت عنوان الفساد. مهما تكن النتائج، فإن الوليد بن طلال نجح في إفساد «طبخة» إبن سلمان، إذ استطاع «تدويل» القضية، حتى باتت برسم وسائل الاعلام الأجنبية. والأهم من ذلك، أن عناد الوليد بن طلال الطويل والذي أبقى قضيته حيوية وساخنة في الاعلام الغربي أسفر عن تخريب البيئة الاستثمارية في السعودية، حيث يسود القلق وسط المستثمرين الأجانب حيال السوق السعودية التي لم تعد آمنة، بعد الذي جرى على الوليد بن طلال، ولسان حالهم إذا كان هذا حال إبن العائلة وقد جرى عليهم ما جرى فما حال غيره.

هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي أجرت تحقيقاً حول حملة مكافحة الفساد السعودية واستمعت الى تفاصيل حول كيفية قيادة إبن سلمان لحملة مكافحة الفساد. وكان رجل الأعمال الكندي الذي نقل جواً إلى المملكة لمساعدة السلطات على ترتيب قضية ضد المستثمر الملياردير الأمير الوليد بن طلال حيث تحدث مع مارك أوربان في برنامج نيوزنايت وروى ما شاهده في لقاءه عبر الفيديو مع الوليد. ومنذ صدور التقرير، أجرى الأمير الوليد بن طلال مقابلة مع وكالة رويترز للأنباء، وقال إنه على ما يرام، ويتوقع الإفراج عنه في الأيام المقبلة، والاحتفاظ بكل شيء.

وبحسب رواية BBC نقلاً عن رجل الأعمال الكندي آلن بندر أنه التقى بالوليد بن طلال عن طريق مكالمة فيديوية وقال بأن: الوليد غير مرتاح، ومضطرب ولم يكن حليق الذقن ومتعب و كان في غرفة احتجاز، وليس في غرفة فندق. بينما رواية رويترز نقلاً عن الوليد أنه: يتواصل مع موظفيه ويمارس الرياضة وهو بهيئة جيدة. في حقيقة الأمر، أن الفيلم المصوّر من قبل الوكالة يشوبه عيوب فنية ومضمونية، إذ يبدو الفيلم وكأنه معدّ بناء على اتفاق مسبق بين الوليد والسلطات السعودية، وهو مشروط بالافراج عنه حيث كان دفاعياً وجاء للرد على تقرير البي بي سي وما نقل عن رجل الأعمال الكندي آلن بندر.

فوربس: ابن سلمان صادر ممتلكات الوليد

من جانبها، نقلت مجلة «فوربس» الأمريكية في 27 يناير الماضي عن مصادر مطلعة على التسوية التي تمت بين السلطات السعودية والأمير الوليد، أنه سيتخلى عن معظم أصوله وأسهمه في الشركة القابضة السعودية تقريباً مقابل الحصول على حريته.

 
فوربس تؤكد مصادرة بعض أملاك الوليد بن طلال

وذكرت «فوربس» بأن مصادر مطلعة على التسوية أشارت إلى أنه من المرجّح أن يتخلى الأمير الوليد عن معظم أصوله تقريباً، وسيحصل على مقابل مادي بدلاً منها.

وزعمت المصادر أيضا أنه في حالة قرر الأمير الوليد السفر إلى الخارج، فسيصحبه أحد الأشخاص المختارين من قبل الحكومة السعودية. ومضت المصادر قائلة: “في حالة قرر الوليد مغادرة السعودية وعدم العودة لها مجدداً، فسيتم توجيه إتهامات رسمية له، والبحث عن سبل تسليمه إلى السلطات السعودية”.

على أية حال، فإن الطريقة التي أدار بها محمد بن سلمان الحملة على الأمراء والوزراء ورجال الأعمال كانت مستهجنة وغير قانونية. فما حصل هو القيام باعتقال تعسفي، وإخضاع المعتقلين تحت التعذيب أو التهديد، ووضعهم في ظروف ضاغطة وإرغامهم على تسليم جزء أو كل ما تحت أيديهم ثم إطلاق سراحهم دون أن تتاح الفرصة لأي منهم للحصول على تمثيل قانوني أو إجراء محاكمات تتحقق فيها شروط المحاكمة العادلة، فما تمّ كان غامضاً، مجهولاً، ولا صلة له بالقضاء العادل والشفاقية.

وقد رفض كبار المحلّلين السويسريين محاولات الغارة على الحسابات المصرفية في سويسرا، حيث أشاروا إلى أن اتّباع نهج قانوني فقط مع أدلة موثوقة على ارتكاب مخالفات سيسمح للمقرضين السويسريين بفتح خزائنهم للسلطات السعودية.

وقال المحللون انه من خلال انهاء جولة ريتز، فان الحكومة السعودية تعتزم ايضا تقليل المخاوف بين المستثمرين في العالم والشركات السعودية الكبيرة التى عانت من حملة إبن سلمان.

وكان وزير المالية محمد الجدعان قد حاول خلال المنتدي الاقتصادي العالمي في دافوس في الفترة ما بين 23 ـ 26 يناير الماضي إقناع الشركات والمستثمرين بأن البيئة الاستثمارية في المملكة باتت مؤاتية، وبدت لغة الجدعان استعراضية لناحية التأكيد على أن الحملة على الفساد قد حقّقت أهدافها وهي في طريقها إلى النهاية، وكان همّه هو إرسال «رسالة موجّهة للغاية بأننا لا نسمح أبدا بالفساد”.

رويترز: الحملة انتهت.. والضرر وقع
 
الضرر وقع وتأكد (رويترز)

على الضد من تحليل فريق محمد بن سلمان بأن الحملة على الفساد قدّ حقّقت أهدافها، فإن للمراقبين الأجانب رأياً آخر، مناقضاً لما يقوله فريق إبن سلمان.

وبحسب وكالة «رويترز» في 28 يناير الماضي فإن سوق الأسهم السعودية احتفلت بالإفراج عن بعض كبار رجال الأعمال في المملكة، ولكن آثار تلك الحملة سوف يبقى لسنوات، مما يعوّق الاستثمار الخاص.

 فلم تقدّم السلطات السعودية إجابات مقنعة على أسئلة مثيرة للقلق حول حملة التطهير التي شنّتها منذ 4 نوفمبر 2017. وبالرغم من أن قلة من الناس تشكّك في انخفاض منسوب الفساد في المملكة، فإن حجم وشراسة القمع أثار رجال الأعمال داخل المملكة وخارجها.

واشنطن بوست: الجانب السفلي المظلم من مملكة إبن سلمان
 

لفتت هيئة التحرير في صحيفة (واشنطن بوست) في 28 يناير الماضي إلى أن طموحات محمد بن سلمان، والتي باتت تثير الكثيرين حول العالم، بسبب أفكار التغيير والتنوير ومكافحة الفساد، تخفي وراءها إصراراً وحشياً على التمسك بسيرة أسلافه في تكميم الأفواه وقمع كل من تسوّل له نفسه الحديث عن الحرية أو حقوق الإنسان.

وفي تقرير بعنوان «الجانب السفلي المظلم من السعودية..ولي العهد كاره للتغيير»، توقفت عند المسعى الدعائي لمشاركة وفد المملكة في منتدى «دافوس» الاقتصادي لناحية تلميع صورتها بعد أن أصيبت بندوب خطيرة منذ الحملة على الفساد، حيث سعت المملكة لطمأنة المستثمرين وتظهير «سعودية جديدة». وبحسب الجدعان: «السعودية اليوم مختلفة، ولم تعد كما هي قبل خمس سنوات»، وتحدث مسؤولون آخرون عن الترفيه، والموسيقى، وحرية المرأة، وأشياء من هذا القبيل، معتبرين أن ذلك كله يمثل تجسيداً لرؤية ولي العهد، محمد بن سلمان، الموسومة «رؤية السعودية 2030”.

 
قطر تسلم الناشط العتيبي الى ال سعود

وعلّقت الصحيفة: «لكن السعودية كانت ولا تزال واضحة في الثبات على الأوضاع الحقوقية المتدهورة»، لافتة الى الأحكام الصادرة بحق الناشطين في مجال حقوق الانسان، وذكرت الصحيفة اثنين منهم وهما محمد العتيبي الذي حكم عليه بالسجن مدة 14 عاماً، فيما حكم على عبدالله العطاوي 7 سنوات.

تجدر الإشارة الى أنه في مارس 2017، غادر العتيبي المملكة إلى قطر، حيث تمكن من الحصول على اللجوء في النرويج. وبينما كان مستعداً للرحيل إلى النرويج، ألقي القبض عليه في مطار الدوحة وتم تسليمه إلى السلطات السعودية. وقد فرضت المحكمة الجزائية المتخصصة، وهي محكمة الإرهاب السعودية، العقوبة، والتي كثيراً ما كانت تستخدم لمعاقبة المعارضين والنقّاد، وكان من الواضح أنها مصممة لإرسال رسالة إلى أي شخص آخر يجرؤ على الدفاع عن حقوق الإنسان.

وتوقفت الصحيفة عند اعتبار نشر تقارير عن حقوق الإنسان، ونشر المعلومات والوسائط الإعلامية، وإعادة التغريد على «تويتر»، بكونها «أعمالا إجرامية تستحق العقاب”.

وقالت الصحيفة إن «ولي العهد السعودي يريد التعامل مع جيل شبابي لا يهدأ، عبر مغازلتهم بتنويع الإقتصاد بعيداً عن النفط، والقضاء على الفساد، وتخفيف قيود الشرطة الدينية، وتمكين النساء، اللائي تحتفل بالسماح لهن بقيادة السيارات وحضور المباريات الرياضية، لكن أحداً لم ينتبه إلى الجانب السفلي المظلم”. هذا الجانب كما تقول عنه الصحيفة يتمثل في أن ولي العهد يسير على نفس النهج «المتعصب والوحشي» إزاء حرية التعبير وحقوق الإنسان، والتي كانت «علامة فارقة» لأسلافه، وهو بذلك في الحقيقة «يكره التغيير ولا يريده»، على عكس ما يحاول هو تسويقه.

وطالبت الصحيفة «جميع الذين يثيرهم طموح ولي العهد بأن يتذكّروا دائماً التزامه الثابت والعنيد بالتفكير النمطي القديم حين يتعلق الأمر بالحقوق والحريات». وختمت بالقول: «الوعود الزاهرة للمستثمرين الأجانب في دافوس لا يمكن أن تخفي حقيقة أن المملكة السعودية لا تزال كما كانت عليه قبل خمس سنوات.. زنزانة لأولئك الذين يجرؤون على الكلام».

بلومبرغ: البيئة الاستثمارية معدومة
 
بلومبيرغ تسأل: وماذا بعد؟!

ماذا بعد الافراج عن موقوفي «الريتز» سؤال برسم محمد بن سلمان وفريقه الذي يزعم بأن من أهداف الحملة على الفساد هو لتهيئة مناخ ثقة واطمئنان للمستثمرين الأجانب.

في تقرير من إعداد فيليب باشيكو وأرشانا نارايانان، وآلاء شاهين نشر في 29 يناير الماضي في موقع (بلومبرغ). وبحسب الموقع، قبل إطلاق سراح الأمير الوليد بن طلال وغيره، كان المسؤولون السعوديون قد أعلنوا بالفعل عن حملة محاربة الفساد المثيرة للجدل وأنها حقّقت نجاحاً باهراً. وقال مسؤول كبير إن السلطات تسير على الطريق الصحيح لاسترداد أكثر من 100 مليار دولار في صفقات التسوية مقابل إسقاط جميع الرسوم المفروضة على عشرات من الأغنياء والمشاهير في البلاد.

ومع ذلك، فإن السجناء غادروا سجنهم الفاخر في فندق ريتز كارلتون في الرياض. هل كانت هذه حملة قمع، أم انتزاع السلطة، أو معجزة لمساعدة اقتصاد متوتر بسبب انخفاض أسعار النفط؟ هل هي نهاية جهود مكافحة الفساد في أكبر اقتصاد عربي؟.

ففي سؤال للنائب العام سعود المعجب هل التسويات تبطن اعترافاً بالذنب؟ قال المعجب بأن هذا قابل للمناقشة. وأوضح: لم يتم الإعلان رسمياً عن الادعاءات الموجهة ضد الأمير الوليد، على الرغم من أن مسؤولاً كبيراً قال في وقت احتجازه أنه متهم بغسيل أموال، ورشوة، وابتزاز. وحافظ الملياردير على براءته في مقابلة مع «رويترز» قبل الإفراج عنه، قائلاً إن كل تعاملاته كانت صحيحة. وقد اعترض المسؤول الكبير على حساب الامير قائلاً ان التسويات «لا تتم ما لم يعترف المتّهم بانتهاكات ووثائق خطيّة وتعهّد بعدم تكرارها». وهذا هو المبدأ العام لجميع المحتجزين في قضايا الفساد مؤخرا وليس فقط الوليد بن طلال”.

وفي السؤال حول كم المبلغ المترتب على الوليد دفعه، أجاب المعجب إنه غير واضح. في ديسمبر الماضي، قال شخصان على دراية بالمسألة إن الأمير كان يرفض مطلب التخلي عن سيطرته على مجموعة المملكة القابضة. وقال المسؤول السعودي ان الامير سيبقى على رأس الشركة.

ولكن ماذا عن الآخرين؟

قالت السلطات السعودية في نوفمبر الماضي أن الامير متعب بن عبد الله وافق على دفع أكثر من مليار دولار لنيل حريته ولكن لم يكشف عن تفاصيل الاتفاقات الاخرى. وقد تمّ الضغط على وليد الإبراهيم، رئيس شبكة إم بي سي من قبل الحكومة للتخلي عن حصة وازنة له في شركته التي تتخذ من دبي مقرا لها، وفقا لما ذكره شخصان على دراية بهذا الأمر. شروط الإفراج عنه ليست واضحة. وقال أحد الاشخاص أن الإبراهيم سيعود الى ادارة الشركة كالمعتاد.

نظرة المستثمرين الى خبر الإفراج عن موقوفي «الريتز» لم تكن إيجابية، خصوصاً في ظل الغموض الذي يلف القضية برمتها، فلم يعلن رسمياً عن أسماء المشتبه بهم والأدلة ضدّهم، إلا أن الإعتقالات أثارت مخاوف بشأن الشفافية فيما بين المستثمرين الأجانب، وهو أمر حيوي لخطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط. لذا فإن أولئك الذين رأوا الاعتقالات على أنها لعبة مسدودة أو مسرحية من قبل الأمير محمد من المرجح أن يحتفظوا بهذا الرأي. ويقول آخرون إن إطلاق سراح الأمير الوليد وغيره يمثل نهاية الحلقة المثيرة للجدل. وقال علي تقي، رئيس قسم الأسهم في بنك رأس مال للاستثمار المحدودة في دبي: «لقد حان الوقت للمستثمرين أن يولوا اهتماما بالقصة الحقيقية للمملكة السعودية». «كما لو كنت تقرأ كتاباً في المكتبة، وفجأة، ينطلق إنذار الحريق الكاذب. الآن هي لحظة العودة إلى الكتاب”.

وسوف يبقى السؤال المركزي التالي يدور حول تأثيرات حملة إبن سلمان على الاستثمارات الأجنبية التي لم نسمع أنها دخلت السوق السعودية حتى الآن، ولا مجرد الاعلان عن نيّة الدخول اليها.

وبحسب مسؤول كبير في مقابلة أجراها معه موقع (بلومبرغ) في الرياض «أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة قد تنخفض على المدى القصير، لكن هذه الحملة ستثبت في نهاية المطاف أنها أفضل ما حدث للاقتصاد السعودي».

وهذا يحيل الى السؤال التالي: هل الفساد منتشر في المملكة السعودية؟ مؤشر الشفافية الدولية للفساد، الذي يستند إلى مسح عالمي يسأل المواطنين عن تجربتهم المباشرة مع الكسب غير المشروع، وموقع المملكة السعودية في الجدول العالمي لمؤشر الفساد حيث حصلت السعودية على 46 من أصل 100 نقطة ممكنة.

ودافع الامير بندر بن سلطان، السفير السعودي السابق لدى الولايات المتحدة، عن الفساد بانه «طبيعة بشرية» في مقابلة على خط المواجهة عام 2001، وقال انه اذا كان 50 مليار دولار من الـ 400 مليار دولار الذي انفق لبناء البلاد ذهب الى جيوب البعض، فهو مبلغ مقبول. وفي برقية تعود لعام 1996 نشرها موقع ويكيليكس، ذكر دبلوماسي أمريكي في الرياض أن حفنة من كبار الأمراء أثروا أنفسهم من خلال النهب من البرامج «خارج الميزانية» التي تلقت 12.5 في المئة من عائدات النفط في البلاد.

وقال الدبلوماسى ان بعض افراد العائلة المالكة استخدموا سلطتهم لمصادرة الاراضى من المواطنين من أجل إعادة بيعها الى الحكومة بربح. هل يمكن للامير محمد تغيير هذا النظام؟ الكثير من الشك يحوم حول هذه المهمة وبالتالي لا يمكن للمملكة أن تتغير بسرعة. ويشكك بعض المحللين أيضاً في مدى التغيير إذا سمح للذين احتجزوا في فندق ريتز بالعودة إلى مواقعهم العادية دون وضوح ما إذا كانوا قد أدينوا أم تمّت تبرئتهم.

المسؤولون السعوديون الذين حضروا المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس قالوا إن عملية التطهير تهدف إلى تكافؤ الفرص بين المستثمرين. ويقولون إن الأمير محمد لم يكن أمامه خيار سوى المضي قدماً في حملة القضاء على الفساد إذا ما أريد لخطته في تحويل الاقتصاد السعودي النجاح. وقال النائب العام أن هذه ليست نهاية حملة مكافحة الفساد. وقال «هذه حقبة جديدة». «سوف يتم القضاء على الفساد. لن تتوقف الحملة ضد الفساد «.

الصفحة السابقة