العلاقات السعودية الأمريكية: من (التحالف) الى (الإرتياب)

(القسم الأخير)

سعدالشريف

بين الحاجة وعدم الثقة يكمن المخبوء البراغماتي في تفسير مآل العلاقة المرتبكة بين الرياض وواشنطن. أسئلة جمة تحوم حول المنعرجات الحادّة التي مرّت بها تلك العلاقة منذ نشأتها وحتى اليوم. فإلى أين تسير هذه العلاقة، وما هي متغيراتها وثوابتها؟ مالذي تغيّر في مكوّنات التحالف الاستراتيجي بين الرياض وواشنطن؟ وهل حقاً بدأت الرياض تبحث عن شركاء جدد؟

دخلت العلاقات السعودية الأمريكية مرحلة غموض منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، وصلت الى حدّ اعتقاد بعض امراء العائلة المالكة بأنها مستهدفة من حليفها الأمريكي، وحاولت معالجة ذلك بمزيد من الإنبطاح السياسي والرشوات المالية، والعمل على جبهة شركات العلاقات العامة والإعلام لتحسين صورة العائلة المالكة لدى الرأي العام الأمريكي.

فهل الرياض بصدد اعادة النظر ودراسة خياراتها الاستراتيجية لتوفير الحماية لنظام الحكم، وما هي هذه الخيارات؟

1 ـ البحث عن حلفاء جدد

الكاتبة ماري جيفسكي نقلت عن مستشار الأمير تركي الفيصل، نواف عبيد، أن السعودية لا تفتقر للقيود فحسب التي تكبح اسرائيل، ولكن تنظر الى عودة ايران الى المجتمع الدولي بكونه تهديداً قد يوجب عليها العمل على ضوئه، إذا ما أرادت الحفاظ على نفوذها الحالي في المنطقة ـ وبحسب قوله: هو تهديد أكبر، في حقيقة الأمر، من الاضطرابات الذي أحدثه الربيع العربي.

ومن النقاط التي أثارها عبيد في محاضرته في ندوة خاصة في لندن في (المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية) في 25 نوفمبر 2013:

أن العلاقة بين الرياض وواشنطن في ورطة كبيرة، وأن السعودية استاءت من كون المباحثات الاميركية الايرانية بقيت سرية بعيداً عنها، وشعرت بأن ثمة نقراً مزدوجاً من قبل حليف أساسي. وبحسب تركي الفيصل فإن المشكلة ليست في المباحثات ولكن «في الطريقة التي تمّت، باخفائها عنّا».

أن المملكة السعودية لن تقف موقف المتفرج في الوقت الذي تحاول إيران توسيع نفوذها الإقليمي - بحسب عبيد. واضاف: «سوف نكون هناك لوقفهم، أينما كانوا». وأعرب عن أسفه لأن الاتفاق بين الولايات المتحدة وايران، في رأيه، سيكون له تأثير غير مرغوب في بقاء بشار الأسد في السلطة، وهذا بدوره سوف «يبعث رسالة كم هو خاطئ ذلك في العالم العربي».

ليس مستغرباَ في مثل هذا السياق التحليلي المتشائم والتحذيري سماع أن الاتحاد الأوروبي يقدّم كحليف أساسي محتمل في المستقبل. ولكن السؤال ما إذا كانت السعودية الجامدة والساعية للتنافس مع ايران المتمرّدة في المنطقة، هو نوع الحليف الذي يريده الاوروبيون(1).

الإشارات التي حملتها جولات الملك عبد الله وخلفه الملك سلمان أو كبار الأمراء في العائلة المالكة على دول ذات أهمية خاصة في ظل تصاعد الخلاف بين الرياض وواشنطن، تدفع أحياناً الى خلق انطباعات مبالغة، كالتي تولّدت لدى بعض المراقبين إبان زيارة ولي العهد السعودي السابق سلمان بن عبد العزيز (الملك حالياً) في مارس سنة ألفين وأربعة عشر الى باكستان والهند والصين واليابان ووقع خلالها اتفاقيات شملت مجالات تجارية وتقنية وتعليمية.

وقد ساعد على الانطباعات المبالغة تصريحات من مسؤولين كبار في هذه الدول مثل تصريح نائب رئيس الوزراء الصيني في بكين خلال لقاء سلمان في الرابع عشر من مارس سنة ألفين وأربعة عشر بأن: «علاقة المملكة بالصين تشهد تحوّلاً الى علاقة استراتيجية»(2). وفي باكستان، توجّت زيارة سلمان بتويع اتفاقيات أمنية ودفاعية بين البلدين، إلى جانب تمويل صفقة أسلحة للمعارضة السورية تشمل صواريخ وأسلحة نوعية.

على أية حال، الكلام في الجولة كان يدور حول الصين وما تمثّله من ثقل اقتصادي واستراتيجي على مستوى العالم. وهذا ما دفع البعض لأن يراهن على الدور الصيني في إحداث توازن مع الولايات المتحدة. وبحسب الإعلامي السعودي المقرّب من العائلة المالكة عبد الرحمن الراشد: «الصين قد لا تحل محل الولايات المتحدة ولكنها ستكون لاعباً مهماً في المستقبل»، ومع ذلك وضع الراشد الصين ضمن «التحالف السعودي المقبل»، انطلاقاً من الحاجة الى تفكير مختلف عما عهدته السعودية «في ستة عقود مضت في إدارة العلاقات الإقليمية والدولية، ومن ضمن أهدافها تحقيق الأمن للمنطقة»(3).

على المنوال نفسه، هناك من يطرح الروس كحليف محتمل للسعودية عبر البوابة النووية، في رد فعل على الاتفاق النووي بين إيران والغرب. ووضعت زيارة محمد بن سلمان، وزير الدفاع وولي ولي العهد الى موسكو في منتصف يونيو سنة ألفين وخمسة عشر في سياق بناء شراكة خاصة مع الروس، بعد توقيع ست إتفاقيات تجارية من بينها بناء ستة عشر مفاعلاً نووياً، وصفقات في مجالات حيوية مثل الغاز والتقنية العسكرية.

 
قادة الخليج: نريد معاهدة حماية مع امريكا على غرار معاهدة كوريا

عبدالرحمن الراشد الذي عقد مقارنة بين روسيا والصين وقال عن الأخيرة بأنها «تختلف في فلسفتها وممارستها عن روسيا التي أظهرت وجهاً قبيحاً في كل مكان تدخلت فيه»، عاد ووضع زيارة محمد بن سلمان في إطار بناء شبكة التحالف السعودي المستقبلي. وعدّ الاتفاقيات مع موسكو بأنها من «المرات النادرة التي تسير الرياض في الخط المعاكس لواشنطن» كرد فعل على الطعنة التي سدّدتها الأخيرة للسعوديين الذين شاركوها مقاطعة طهران لعشرين سنة، ولكن “واشنطن طعنتهم في الظهر، عندما قررت التفاهم مع نظام طهران دون أدنى تفاهم مع شركائها الآخرين”.

إلا أن الراشد يتحفظ عن تصوير الاتفاق السعودي ـ الروسي على أنه تحوّل استراتيجي بل يضعه في سياقه السياسي والتاريخي المحدود، وعليه لا يرى «أن السعودية قررت الانقلاب على مواقفها وتحالفاتها، بل الأرجح أنها تريد الخروج من الزاوية الأميركية الضيقة، وتوسيع خياراتها»(4).

مهما يكن، فإن خيارات السعودية في العلاقة مع الولايات المتحدة محدودة للغاية في نهاية المطاف، وإن محاولات الانفتاح على روسيا والصين أو حتى فرنسا وأوروبا لا يوفّر بديلاً مريحاً ومطمئناً، بل جاء بعضها في سياق مناكفة أو «استفزاز ناعم» من أجل استدراج واشنطن لإعادة إحياء العلاقة التاريخية والحيوية بين البلدين. وهذا ما فهمه الدبلوماسيون الأميركيون الذين عملوا في السعودية، فقد ذكر روبرت جوردان، السفير الأميركي الأسبق لدى الرياض في الفترة ما بين ألفين وواحد وألفين وثلاثة بأن أي تحالفات سعودية مع قوى أخرى ستكون لها حدود. وقال في تصريح لرويترز: «لا توجد دولة في العالم قادرة على توفير الحماية لحقولهم النفطية واقتصادهم أكثر من الولايات المتحدة، والسعوديون يدركون هذا. لن نراهم يخرجون من فلكها»(5).

في النتائج، إن أقصى ما يمكن السعودية القيام به في رد فعل على التحوّلات السياسية الأميركية هو تنويع خياراتها وتوسيع أفق العلاقة مع دول مرشّحة لأن تكون جزءاً من شبكة الأمان للنظام في الأبعاد السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية. وفي ضوء التحرّكات التي قامت بها الرياض على مدى أكثر من عقد من الزمن، فإن مجالات الانفتاح على دول أخرى مثل الصين وروسيا وحتى فرنسا وبريطانيا لا ترقى الى مستوى التحالف الاستراتيجي، بمعنى آخر لم تؤسس منفردة أو مجتمعة لبديل كامل الأوصاف عن التحالف مع الولايات المتحدة.

2 ـ النوم مع الشيطان

ما يجمع بين السعودية والولايات المتحدة أكبر من النفط وصفقات التسلّح، فالتحالف الذي انبنى منذ أكثر من ستة عقود تأسس على شراكة شاملة: اقتصادية، سياسية، أمنية، عسكرية، استخبارية. شراكة تطاول كل مفاصل الدولة بكامل حمولتها، تبدأ بالنظام المالي السعودي القائم على سياسة البترودولار وبرامج استثمار العائدات النفطية في الدورة الرأسمالة الأميركية، والصندوق السيادي، والتبادلات التجارية الضخمة بين البلدين، وتصل الى مستوى الاتفاقيات الاستراتيجية الأمنية التي جرى تطويرها في عهد الرئيس جورج بوش 2008 والتي كشفت وثائق وكيليكس عن مضمونها، والتي تجعل السعودية خاضعة بصورة شبه كاملة للسيادة الأميركية. الاتفاقية الاستراتيجية التي وقّعت بين السعودية وأمريكا في أغسطس سنة ألفين وستة بمشاركة الأمير نايف بن عبد العزيز، وزير الداخلية وولي العهد سابقاً، ونجله الأمير محمد بن نايف، مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية حينذاك، ووزير الداخلية وولي العهد حالياً تشمل أربع جوانب، من بينها حماية المنشآت النفطية. وفي سؤال حول الاتفاقية الأمنية بين المملكة والولايات المتحدة لحماية المنشآت النفطية نقلت صحيفة (الشرق الأوسط) السعودية في الثالث والعشرين من مايو سنة ألفين وسبعةعن الأمير نايف قوله:

«إن الدور الأميركي يقتصر على العمليات التقنية، كما تنص الاتفاقية. أما بالنسبة لحماية المنشآت النفطية السعودية، فإن الله وحده ثم السعوديون يحمونها».

على أية حال، لم يمض وقت طويل على تصريحات الأمير نايف حتى كشف البيت الأبيض عن اتفاقية استراتيجية بأربعة أضلاع تضع الدولة السعودية في دائرة النفوذ الأميركي بصورة تامة. وجاء في بيان صادر عن البيت الأبيض «أن هذه الاتفاقيات تزيد من تعزيز العلاقات الطويلة والتعاون الوثيق بين البلدين لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة ولشعوبها». ما لفت في الاعلان عن الاتفاقيات أول مرة أنه صدر خلال زيارة الرئيس بوش الى تل أبيب، وأعطى خلاله تطميناً للدولة العبرية حيال الاتفاقية النووية مع السعودية.

أهمية الاتفاقيات الأربع بين الرياض وواشنطن أنها عدّت تطويراً لاتفاقية استراتيجية بين الجانبين في العام ألف وتسعمائة وأربعة وسبعين، أي بعد ارتفاع أسعار النفط، وكان الهدف من ذلك إدخال عائدات النفط في الدورة الرأسمالية الأميركية، وفق الرؤية التي صاغها وزير الخارجية الأسبق هنرى كيسنحر صاحب مقترح إعادة توظيف الرساميل الخليجية بحيث يتم التحكّم في مسارها ومصيرها، وتثمير جزء أساسي منها في عقود عسكرية وتجارية واتفاقيات تعاون أمني واستراتيجي في سياق احتواء المردود المالي الهائل، باعطاء أولوية للشركات الأميركية. نشير الى أن صفقة الأواكس التي وقّعتها السعودية مع أمريكا في العام ألف وتسعمائة وثمانين وألف وتسعمائة وواحد وثمانين، كانت جزءً من صفقة ضخمة تصل قيمتها الى ستين مليار دولار وتشمل بناء قواعد عسكرية، وتسليح، وخدمات أرضية لوجستية، كما يذكر تفاصيل ذلك ستيفن أمرسون في كتابه (The American House of Saud).

ويقول لورانس كور، مساعد وزير الدفاع الأميركي حينذاك، عن تلك الصفقة «إن الإتفاق يومها مع السعوديين ـ أي قبل عشر سنوات تقريباً من غزو الكويت ـ كان يقوم على أساس أن تشتري السعودية كميات ضخم من السلاح الأميركي والتقنية الحديثة وتجهيز القواعد العسكرية، وفي الحقيقة نحن حصلنا على موانىء وقواعد جوية لأميركا في ذلك المكان من العالم ـ أي السعودية ـ دفعت تكاليفها بالكامل من قبل السعوديين، ومن أجل أن تستخدمها الولايات المتحدة متى احتاجت وأرادت أن تذهب الى هنا».

إن أفضل من يعبّر عن الرؤية السعودية للعلاقة مع أمريكا، الاعلامي المقرّب من العائلة المالكة جمال خاشقجي والذي لخّص فيها الموقف السعودي بقوله: «يجب أن نحافظ على علاقات جيدة مع أميركا، فهي ضمان حقيقي لأمننا، ولكن لا يجب أن نطمئن إليهم تماماً، لأن المزاج الأميركي متقلب”(6).

شراكة بشروط جديدة

يميل باحثون وسياسيون سعوديون وأميركيون الى التقليل من أهمية التباينات بين الرياض وواشنطن إزاء ملفات حيوية في المنطقة، ويضعونها في باب «التباينات التكتيكية». الا أن ثمة في أعماق تلك التباينات يكمن ما هو أكبر وأبعد من التكتيكي ويرتقي الى «الاستراتيجي».

الملفات التي تتباين فيها الرؤى تطال تقريباً الملفات الكبرى بدءاً من النفط ومروراً بأزمات المنطقة في سوريا، والعراق واليمن ولبنان وأفغانستان وصولاً الى الملف النووي، والأهم من ذلك كله هو تباين الرؤية الاستراتيجية للشرق الأوسط لدى كل منهما. إن محاولات الطرفين الأميركي والسعودي لاحتواء تداعيات الخلافات بين البلدين والتأكيد مرة تلو أخرى على بقاء التحالف الاستراتيجي ومعادلة النفط مقابل الحماية، لا تعدو كونها كبحاً لما هو أسوأ وغير القابل للتحكم والسيطرة.

العزف المنفرد
 
السعودية لم تغفر لسلطنة عمان احتضان مفاوضات ايران والغرب دون إبلاغها!

تطمينات الادارة الاميركية للرياض حيال المسألة السورية والملف النووي الايراني ومتوالياته والتفاصيل المقلقة التي ينطوي عليها بالنسبة للجانب السعودي تجعله حذراً في التعاطي مع رسائل واشنطن الايجابية منها على وجه الخصوص. فالسرّية التي أحاطت المفاوضات الاميركية الايرانية زرعت شكوكاً ومخاوف لدى السعوديين لا يمكن تبديدها بسهولة(7). صحيح أن واشنطن، كما الرياض، متمسّكة بخيار إطاحة نظام الأسد في سوريا، ولكن المشكلة تكمن في ترجمة هذا الموقف على الأرض. فقد اختار الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز السير في خيار منفرد من خلال تسوية الخلاف مع تركيا وقطر والتنسيق في عمل مشترك يحقق الغاية، أي إطاحة بشار الأسد.

الخلاف السعودي الاميركي حول مصر السيسي تراجعت حدّته نسبياً منذ وصول سلمان الى العرش، إذ بدا الأخير متسامحاً الى حد ما مع جماعة الاخوان في مقابل السيسي الذي يبدو أن العلاقة معه لم تكن مستقرة، وقد ظهر ذلك خلال الحرب السعودية على اليمن، إذ تسربت مواقف مصرية مناوئة للحرب، فيما كان الموقف الرسمي في مصر موارباً الى حد ما خصوصاً لجهة الانخراط في الحرب الى جانب القوات السعودية، وقد عبّر كتّاب واعلاميون سعوديون عن ذلك بأساليب متعدد، نذكر منها على سبيل المثال خالد الدخيل الذي وضع الموقف المصري في سياق قلق إزاء التبدّل في مركز القيادة السياسية السعودية وانتقال السلطة من عبد الله الى سلمان، وارتياب الأخير في تبني موقف واضح من جماعة الاخوان المسلمين(8).

وفي حقيقة الأمر، فإن الموقف المصري أكثر تعقيداً من مجرد ارتياب في الموقف السعودي من الجماعة، بل يتصل بجملة عوامل سياسية واقتصادية وعسكرية وثقافية، إذ لا يمكن تفسير عبارة «أن الجيش المصري لمصر وليس لأي أحد آخر « التي وردت في كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في ندوة تثقيفية للقوات المسلّحة سوى أنها رسالة للطرفين اليمني والسعودي(9).

تفاقم الخلاف بين الرياض وواشنطن حول عدد من الملفات الأساسية في المنطقة مابعد الربيع العربي إلى جانب الملف النووي الايراني والذي حكم الفترة ما بين يونيو سنة ألفين وثلاثة عشر ودام حتى وفاة الملك عبد الله في يناير سنة ألفين وخمسة عشر تراجع تدريجاً، إلا أن عنصر الثقة بقي ضعيفاً ولم يعد بالإمكان إعادة عقارب الساعة الى الوراء. فقد قرّرت السعودية اعتناق خياراتها المستقلة بصورة تامة حتى فيما يرتبط بمسائل الحرب، وهذا ما ظهر بوضوح في حربها على اليمن، إذ اكتفت بالمشاورات مع الحليف الاميركية إلى جانب المساعدات اللوجستية والاستخبارية دون التدخل العسكري العلني والمباشر.

مواصلة الطرق

يبدو أن سياسة تطمين السعودية إزاء التهديدات الايرانية لم تنجح، والسبب يتجاوز موضوع التهديدات الايرانية ويندك في نوع العلاقة التي ترغب فيها السعودية، ودول الخليج عموماً، مع الولايات المتحدة. الرسائل التي يبعث بها الحكّام السعوديون الى أصدقائهم في واشنطن غالباً ما تكون غاضبة وتهدف الى تعديّل جوهري وليس جزئياً في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. يكشف عن هذا الأمر بوضوح، الخلاف الحاد حول طلب دول الخليج توقيع معاهدة أمنية على غرار المعاهدات الامنية بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية.

البيت الأبيض رفض قبل يوم من انعقاد قمة كامب ديفيد بين أوباما وقادة دول مجلس التعاون الخليجي مقترح تقدّمت به دول الخليج لتوقيع معاهدة الدفاع المشترك مع الولايات المتحدة. وجاء ذلك بعد قرارات السعودية والامارات وعمان والبحرين بعدم المشاركة على مستوى القمة التي دعا اليها أوباما. وقال روبرت مالي، منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، ومنطقة الخليج، للصحافيين في الحادي عشر من مايو سنة ألفين وخمسة عشر أن الولايات المتحدة أبلغت حلفاءها الخليجيين «قبل أسابيع» بأن معاهدة الدفاع «لم تكن ممكنة»(10).

وقد حاول أعضاء أساسيون في مجلس التعاون الخليجي الضغط باتجاه موافقة الولايات المتحدة على معاهدة الدفاع قبل انعقاد القمة. وبحسب سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبه «نريد شيئاً مكتوباً. نريد شيئاً مؤسسّياً». وكانت الخارجية الاميركية أعطت موقفها في اجتماع مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون في باريس في نهاية إبريل سنة ألفين وخمسة عشر إزاء فكرة معاهدة الدفاع المشترك، وبعد ساعات اتصل العاهل السعودي بالرئيس أوباما وأبلغه عن أسفه لعدم تمّكنه من السفر الى واشنطن وحضور قمة كامب ديفيد.

وصفت تلك التجاذبات بكونها أعراضاً للدماء الفاسدة في العلاقات الأميركية الخليجية. ولكن حقيقة الأمر، أن تلك الأعراض تخفي ما هو أبعد من مجرد «اختلافات تكتيكية» فهي تنذر بمستقبل غامض وغير مستقر في العلاقات السعودية الاميركية.

الموضوعات التي جرت مناقشتها في قمة كامب ديفيد لم تعزّز الثقة لدى الحلفاء الخليجيين ولم تمنحهم الطمأنينة، بالرغم من محاولات إدارة أوباما احتواء التوترات المتفاقمة في العلاقة مع قادة الخليج. لقد أعطى أوباما كل الضمانات الممكنة خارج إطار المعاهدة الأمنية وقال: «سنستخدم كل الوسائل اللازمة بما فيها العسكرية للدفاع عن حلفائنا في الخليج»، ولكن ما تسعى دول الخليج إليه يفوق ذلك ويصل الى: زيادة مستوى التعاون مع الولايات المتحدة، خاصة في المجال العسكري والدفاعي والتسليح، والأهم من ذلك هو ترجمة التعاون في «التزامات موثّقة» أي مكتوبة(11).

 
السعودية والبحث عن بديل حمائي.. وهمٌ لن يتحقق!

يبدو أن تصريحات أوباما حول مصادر التهديد التي تواجه دول الخليج لقيت صدى لدى بعض الأوساط السياسية والاعلامية في الولايات المتحدة، وطوّرت في مقاربة أوباما للعلاقة مع الملكيات الخليجية التي تتجاهل مشكلات داخلية ضاغطة مثل السجل السيء لحقوق الانسان، وحرية الصحافة، ومشكلات الفساد. وبحسب فريديك ويهري، الخبير في شؤون الخليج في معهد كارنيجي للسلام الدولي «لا أعتقد بأن على الولايات المتحدة الاضطرار للميل نحو الرجعيين. إعتقد إننا بحاجة لأن نهتم بدرجة أكبر بزاوية الإصلاح»(12).

ومن أجل فهم السبب المبدئي وراء رفض الإدارة الأميركية مقترح توقيع المعاهدة الأمنية على غرار تلك الموقّعة مع اليابان وكوريا الجنوبية، يجدر التعرّف على طبيعة تلك المعاهدة ومتطلباتها. فقد جاء في ديباجة المعاهدة الأمنية بين الولايات المتحدة واليابان الموقّعة في الثامن من سبتمبر سنة ألف وتسعمائة وواحد وخمسين ما يلي:

“رغبة في تقوية روابط السلام والصداقة القائمة حالياً بينهم والتمسّك بمبادىء الديمقراطية، والحرية الفردية وحكم القانون، ورغبة في المضي في تشجيع التعاون الاقتصادي الوثيق بينهم وتطوير شروط الاستقرار الاقتصادي ورفاه البلدين، وتأكيداً على ايمانهما بمقاصد ومبادىء ميثاق الأمم المتحدة، ورغبتهما في العيش بسلام مع كل الشعوب والحكومات، والاقرار بأن لهما الحق الأصيل بالدفاع الذاتي الفردي والجماعي كما هو ثابت في ميثاق الأمم المتحدة، والأخذ بنظر الاعتبار أن لديهما قلقاً مشتركاً في صون السلم والأمن الدوليين في الشرق الأقصى فقد قرر البلدان التوصل الى معاهدة التعاون والأمن المشترك(13).

في هذه الديباجة إجابة واضحة على الطلب الخليجي، بأن المعاهدة تشترط التزام الطرفين بمبادىء الديمقراطية وحكم القانون والليبرالية، وهي شروط مفقودة في الجانب الخليجي الذي يتطلع الى «معاملة خاصة» تقوم على تجزئة تلك المعاهدة وتتركّز بدرجة أساسية في المادة الخامسة من المعاهدة التي تقول: إن أي هجوم مسلّح يتعرض له أي طرف يشكّل خطراً على سلم وسلامة الطرف الآخر ولابد من التصرّف بناء على الخطر المشترك.

إن أقصى ما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة لحلفائها في المنطقة هو باختصار: أمن بلا معاهدة. في مقابلة مع الصحافي توماس فريدمان قال الرئيس أوباما: «حين يأتي الكلام عن عدوان خارجي فسوف نكون هناك الى جانب أصدقائنا العرب في الخليج..». ويضيف: «وأريد أن أرى كيف يمكننا تشكيل علاقات أمنية، أكثر بقليل مما هي عليه الآن، والمساعدة أيضاً في بناء قدراتهم ـ أي دول الخليج ـ بحيث يشعروا بالثقة أكبر في قدرتهم على حماية أنفسهم من عدوان خارجي»(14).

في ترجمة عملانية لمبدأ أوباما، يوضح مستشار الأمن القومي لدى نائب الرئيس الأميركي، كولن كال، في الجلسة الأولى لـمنتدى أميركا والعالم الإسلامي في العاصمة القطرية، الدوحة، في الحادي والثلاثة من مايو سنة ألفين وخمسة عشر أنه «في حالة تعرض دول الخليج لتهديد، فإن الولايات المتحدة ستدرس استخدام القوة العسكرية للدفاع عنها، وهي ملتزمة بذلك». وشدّد كال على أن «التزامنا بتعزيز أمن شركائنا في الخليج أمر تم الحسم فيه، إلى جانب التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وإعادة الاستقرار إلى المنطقة ومواجهة التهديدات الطارئة”. ولفت إلى كال الى أن «من بين القضايا العسكرية التي تناقشها بلاده مع شركائها في دول مجلس التعاون الخليجي هي نظم الإنذار المبكر ودمج الدفاعات الجوية والصاروخية، إضافة إلى سبل تحسين الأمن البحري، وتحسين حماية البنية التحتية ومواجهة الهجمات الإلكترونية في الفضاء الافتراضي، وتوسيع التعاون الاستخباراتي، وتعزيز الإجراءات الهادفة إلى مكافحة تدفق المقاتلين الأجانب ومواجهة التهديدات الإرهابية في المنطقة، بالإضافة إلى الاتفاق على مزيد من التدريبات العسكرية المشتركة والمناورات والطرق التي يمكن من خلالها تبسيط حصول الشركاء على المعدات اللازمة لتنفيذ المهام»(15).

الهدف المحدد للرئيس أوباما في قمة كامب ديفيد كان إقناع شركائه الخليجيين بتأييد الاتفاق النووي بين خمسة زائد واحد وايران بطمأنتهم بأن الصفقة لن:

ـ تضعف عقوداً من الشراكة بين الولايات المتحدة والخليج.

ـ تسمح لإيران بأن تتمدّد بالعنف في المنطقة على حساب أمن الخليج والمصالح الجماعية.

ـ تفضي الى انخفاض حاد في ارتباط/ اشتباك الولايات المتحدة في المنطقة(16).

هناك من يقترح مقاربة تدرجية لجهة تطوير العلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة والخليج تفضي وبصورة فاعلة الى تخفيص المخاطر وتعزيز أكبر لمكاسب الالتزامات الأمنية الرسمية بحسب الدول الخليج العربية الراغبة(17). المقاربة تهدف للتوصّل الى مستوى معاهدة الدفاع المشترك كتلك التي تتمّتع بها الولايات المتحدة مع دول ليست أعضاء في الناتو، مثل كوريا الجنوبية، الفليبين، اليابان، استراليا، نيوزليندا، وعدد من الدول الحليفة الأخرى، مع الدول الخليجية الراغبة بالاعتماد على شروطها، وتشكل التزاماً هاماً للغاية من جانب الولايات المتحدة ولا يجب أن تتم بصورة خفيفة. والسبب في ذلك: أن الشعب الأميركي تعب من الصراع في الشرق الأوسط، ومن كثرة الدماء والثروات التي أنفقت في هذا الجزء من العالم في العقد الأخير.

وبحسب هذه المقاربة هناك مخاوف ومخاطر يجب أن تكون حاضرة في معاهدة الدفاع بين الولايات المتحدة والخليج، والتي يجب تعريفها بصورة جدّية وهي:

ان المعاهدة الدفاعية قد تنطوي على مخاطر أمنية على الولايات المتحدة. لأن انخراط الولايات المتحدة في الدفاع عن حلفائها في الخليج في حال الحرب مع ايران سوف يعرض المصالح الأميركية في المنطقة وفي العالم للخطر.

ان الولايات المتحدة قد تتورط في حروب طائفية في الشرق الأوسط والتي تهدد الأمن الآقليمي والمصالح الأميركية.

أن الولايات المتحدة ودول الخليج لا يتقاسمون القيم الليبرالية نفسها.

 
اوباما ام ترامب ام غيرهما.. وتبقى أمريكا هي حامية العرش

ان المعاهدة الدفاعية قد ترسّخ اعتماد دول الخليج الأمني على واشنطن وتعيق الاصلاحات الأمنية والدفاعية الضرورية.

المعاهدة الأمنية مرغوبة لدى البعض ولكن ليس كل دول الخليج العربية تستطيع تقويض النهج التعددي لدى واشنطن مع دول مجلس التعاون الخليجي وازالة الخلافات بين الدول الاعضاء في المجلس..

معاهدة الدفاع مع دول الخليج العربية الراغبة قد يشكل تحديّاً للعلاقات الأمنية مع اسرائيل ومصر والأردن. لأن بقاء هذه الدول خارج المعاهدة سوف يثير سؤال حول استثنائهم منها أو استيعابهم فيها ولكن سوف ذلك بمخاطر تتهدد التمدّد العسكري الأميركي في العالم.

اتفاقية الدفاع قد تأتي بنتائج عكسية وتقود طهران الى الإنسحاب من التزاماتها النووية وبناء أسلحة نووية(18).

وفي ضوء هذه المقاربة، تحدد المنافع والفرص الكامنة فيها ومنها:

ـ أن إقامة حلف دفاعي مع دول الخليج العربية التي هي مجهّزة ببعض الأسلحة الحديثة في العالم، وهو مكسب أمني صافي للولايات المتحدة. ـ

أن الحلف الدفاعي قد يساعد على استعادة الاستعقرار في المنطقة الأكثر فوضوية وتقليل من إمكانية ذهاب الولايات المتحدة الى حرب في الشرق الأوسط. ـ

 الحلف الدفاعي سوف يضيف المزيد من القوة والمصدافية لجهود الردع ضد الخرق الإيراني الكامن لصفقة النووي. ـ

الحلف الدفاعي سوف يساعد على مناهضة الايديولوجية التوسعية الايرانية والحد من تعاظم نمو قدراتها العسكرية. ـ

 الحلف الدفاعي سوف يشكل رادع رئيسي ضد الهجمات الايرانية المحتملة. ـ

الحلف الدفاعي سوف يقلل من الارتيابات الاستراتيجية وسوف يساعد على استقرار البيئة الأمنية الأشد خطورة بعد انجاز الصفقة النووية الايرانية. ـ

الحلف الدفاعي سوف يزوّد واشنطن بالمرونة المطلوبة لإرساء وجود عسكري وعملياتي مرن في الخليج، متين سياسياً، وقوي تكتيكياً، وموزّع جغرافياً. ـ

حلف دفاعي قد يساعد على تقوية الاندماج الاقتصادي للخليج في الاقتصاد العالمي(19).

في ضوء هذه المتطلبات، ترتسم صورة الاستراتيجية التدرّجية التي تجمع بين المخاطر والمخاوف والمكاسب والفرص التي تدفع الولايات المتحدة لتطوير العلاقات الأمنية مع دول الخليج.

أوباما ذهب بعيداً في التشديد على فهم التهديد الذي تفرضه ايران في المنطقة، وبدلاً من مخالفة التقييم الكئيب لدى دول الخليج حول نوايا ايران الشريرة، فإن الرئيس توافق الى حد كبير معهم. واعترف بصورة كاملة بأن ايران تمدّد نفوذها بشكل خطير، وخصوصاً عبر استعمال اطراف بالنيابة مثل حزب الله. وعبّر مراراً عن تقديره لمخاوف ضيوفه بأن إيران سوف تحاول استخدام أي تخفيف للعقوبات من الصفقة النووية لنشر الفوضى أكثر في الشرق الأوسط. ولكنه عارض بأن السبيل الأفضل لمواجهة التحدي هو عبر استراتيجية من شقين:

الاول: اتفاقية قابلة للتحقق من منع ايران من تطوير أسلحة نووية.

والثاني: موقف أميركي ـ خليجي موحد لبناء القدرات اللازمة لمنع التوسع الأقليمي الايراني. بل ذهب أوباما الى أبعد من ذلك ووصف ايران بأنه “نظام فاشي”.

وأكّد أوباما على أمن الخليج وأنها «مصلحة حيوية للولايات المتحدة»، ولذلك قال بأن واجبه ومسؤوليته الحفاظ على قوة أمريكا ونفوذها في المنطقة. وأن الإنسحاب ليس خياراً بالنسبة للولايات المتحدة. في مناسبات عدة شدّد أوباما في رسالة خاصة أصبحت العنوان الرئيسي للقمة: أن أمن وسيادة دول الخليج يشكلا خطّاً أحمر للولايات المتحدة(20).

ولكن بعيداً عن التهديد الايراني الافتراضي، فإن أوباما أبلغهم بكل صراحة بأن الولايات متحدة سوف تجد صعوبة بالغة للتدخل نيابة عن الأنظمة في يوم ما وقد فاقوا ذات يوم ووجدوا أنفسهم في مواجهة جماهير واسعة من شعوبهم. والرسالة وراء ذلك هي: في غياب دخان بنادق التدخل الايراني، فإن المشيخات الخليجية سوف تكون وحدها التي تواجه انتفاضة داخلية تهدّد حكمهم.

بالغ أوباما في طمأنة قادة الخليج الى القدر الذي زرع انطباعاً لديهم بأنه على أستعداد لدعم نوع من تحالف سني قد يخوض معركة ضد القوات المدعومة من ايران وكذلك القوى السيئة الأخرى (الدولة الاسلامية؟) في المنطقة...وأن قادة الخليج خرجوا بانطباع بأن اوباما مستعد لاعداد برنامج أميركي بالغ الجديّة وبأولوية عالية، لتدريب وتسليم وتطوير قوة خاصة، مؤلّفة من جيوش العالم العربي والسنّة، وتكون قادرة على الانتشار في المناطق الساخنة لمواجهة ايران، وعملائها، والجماعات المتطرّفة التي تهدّد السلام والاستقرار الاقليمي.

لايبدو أن ما يدور في ذهن أوباما يتسم بالوضوح حتى بالنسبة لقوة القتال السنيّة الموحدّة..

وهذا واضح في مثال اليمن حيث يبدو التناقض العميق لدى أوباما حول الحملة العسكرية التي تقودها السعودية واضحاً تماماً. فمن جهة، فإن الرئيس يؤكد على أن أي شيء يتجاوز دور أميركا الحالي وراء الكواليس في اليمن سوف تكون له نتائج عكسية وليس قابل للنقاش. وأعمق من ذلك، فإن الإنخراط العسكري الأميركي المباشر بدرجة أكبر، سوف يفضي الى وضع متفجّر، وملتهب ويغذي الكراهية القصوى ضد الولايات المتحدة في العالم الاسلامي. ولذلك، فهو يقترح أن يكون النزاع في اليمن يمنياً ـ يمنياً.

تم تخصيص وقت طويل في قمة كامب ديفيد لكل من وزير الدفاع ونجل الملك السعودي، محمد بن سلمان ومدير السي آي أيه ومسؤولين كبار آخرين الذين قدّموا تفاصيل حول ما يمكن فعله لتقوية وتوسعة العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي على نطاق واسع في مجالي الامن والاستخبارات(21).

بعد وصول سلمان الى العرش، فإن السياسة الأميركية الحالية تهدف الى التنسيق مع القادة السعوديين في قضايا المنطقة ومساعدتهم في مواجهة التحديات المحلية الاقتصادية والامنية. ولكن هذه السياسة لم يتم اختبار فعاليتها ونجاحها، وسوف يخبر الزمن ما إذا كانت سوف ستضمن الاستقرار(22).

في المقابل، يمكن المجادلة بأن جمود العلاقة بين الرياض وواشنطن عند نقطة محدّدة دون المضي الى ما هو أبعد بما يعزّز العلاقة يرجع الى عجز الطرفين أو عدم رغبتهما في تطوير الأسس التي استند اليها التحالف. فلا الولايات المتحدة عملت بصورة جديّة على إقناع السعودية بتطوير شكل الحكم وتبني آليات الانتقال الديمقراطي واعتناق القيم الليبرالية، بما يفك العقدة المزمنة حول شراكة النقيضين ويمهّد السبيل لتحالف استراتيجي يجمع بين المصالح والمبادىء، ولا السعودية تملك مبادرات خلاّقة وقدرات استثنائية طبيعية وبشرية يمكنها إقناع الولايات المتحدة بالإبقاء على التحالف في صيغته الأولى.

قد يجادل البعض بأن عزوف واشنطن عن التفكير في تطوير نظام الحكم في السعودية يتعارض مع الأهداف المرسومة للعلاقة في بعدها المادي البحت. والحال، إن الخلافات التي رافقت العلاقة بين الرياض وواشنطن لابد أنها وفّرت ما يكفي من الدروس للاقتناع برسوخ العلاقة بين الأنظمة السياسية المتماثلة وتنافرها حين تصبح العلاقة مجردة من المبادىء ولو في حدّها الأدنى..


المصادر

1 Mary Gejevsky, Saudi hostility to the Iran nuclear deal should alarm us more than Israel’s, The Guardian, 26 November 2013

2هل تستبدل السعودية الحليف الأمريكي بدول آسيوية؟، بي بي سي عربي، 17 آذار (مارس) 2014

3 عبد الرحمن الراشد، الصينيون والتحالف السعودي المقبل، صحيفة (الشرق الأوسط)، 16 آذار (مارس) 2014

4 عبد الرحمن الراشد، الروس قادمون إلى السعودية، صحيفة (الشرق الأوسط)، 19 حزيران (يونيو) 2015

5 خيارات محدودة امام السعودية لانتهاج سياسة خارجية أكثر صرامة، وكالة رويترز، 2 ديسمبر 2013، الرابط:

http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE9B2NOJ20131202

6 جمال خاشقجي، ندوة ( الخليج: المخاطر والتهديدات وآفاق المستقبل)، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، 1 حزيران (يونيو) 2015 وانظر حساب الجزيرة للدراسات على تويتر الرابط:

https://twitter.com/AJStudies/status/605417136115355648

7 Gene Gerzhoy, How to manage Saudi anger at the Iran nuclear deal, The Washington Post, May 22, 2015; see:

http://www.washingtonpost.com/blogs/monkey-cage/wp/2015/05/22/how-to-manage-saudi-anger-at-the-iran-deal/

8 خالد الدخيل، التحوّل السعودي والقلق المصري، جريدة (الحياة)، 1 آذار (مارس) 2015

9 السيسي- الجيش المصري لمصر فقط مش لحد تاني، موقع الجزيرة نت، 2 نيسان (إبريل) 2015

10 John Hudson, White House Rejected Defense Treaty Proposal Ahead of Gulf Summit, Foreign Policy, May 11, 2015

11 أوباما: سنستخدم كل الوسائل اللازمة بما فيها العسكرية للدفاع عن حلفائنا في الخليج، سي إن إن بالعربية، 15 أيار (مايو) 2015

12 John Hudson, White House Rejected Defense Treaty Proposal Ahead of Gulf Summit, Foreign Policy, May 11, 2015

13 Japan-U.S. Security Treaty, Ministry of Foreign Affairs of Japan, the link: http://www.mofa.go.jp/region/n-america/us/q&a/ref/1.html

14 Thomas Friedman, Iran and The Obama Doctrine, The New York Times, APRIL 5, 2015

15 أنور الخطيب، مسؤول أميركي يطمئن الخليج: واشنطن ملتزمة أمنه، العربي الجديد ، 1 حزيران (يونيو) 2015

16 BILAL Y. SAAB AND BARRY PAVEL, Beyond Camp David: A Gradualist Strategy to Upgrade the US-Gulf Security Partnership, Atlantic Council, BRENT SCOWCROFT CENTER ON INTERNATIONAL SECURITY, MAY 2015

17 BILAL Y. SAAB AND BARRY PAVEL, ibid.

18 BILAL Y. SAAB AND BARRY PAVEL, ibid

19 BILAL Y. SAAB AND BARRY PAVEL, ibid

20 John Hannah, When the U.S. Will Intervene in the Gulf, and Other Notes From the Camp David Summit, Foreign Policy, June 2, 2015

21 John Hannah, Foreign Policy, June 2, 2015, ibid

22 Christopher M. Blanchard, ibid.

الصفحة السابقة