من قال أن أمريكا تربح المعركة؟

ناتو عربي ضد إيران بشراكة إسرائيلية ورعاية أميركية

الحلف السعودي الناشط حالياً هو بين السعودية وإسرائيل، والوجهة هي استمرار المواجهة المشتركة مع إيران. هناك من ينصح بأنه يجب أن لا تتخلى أميركا عن السعودية، لأنه إذا ما تُركت لتتصرف من تلقاء نفسها، فإنها سوف تزرع المزيد من الفوضى في الشرق الاوسط. على ترامب البيت الأبيض أن يتعامل بحذر لتجنّب بناء خط أنابيب دائم من الدم الأمريكي، قد لا يوصله الى كنوز منطقة الشرق الأوسط

إعداد خالد شبكشي

عادت نغمة الأحلاف على وقع تصاعد الحديث عن حلف عربي ـ أميركي ـ اسرائيلي، وعدنا الى ما يربو عن ستة عقود الى الوراء، إلى حلف بغداد وحلف السنتو (أي منظمة الحلف المركزي) ما بين عامي 1955 ـ 1958، والذي أدى الى إضعاف دور الجامعة العربية وعزّز دور المستعمر الأجنبي.. حيث يتجدد الحديث اليوم حول ما أطلق عليه «ناتو عربي» مطعّم بشراكة اسرائيلية ورعاية أميركية، ضد إيران. نستعرض هنا ردود الفعل على الحلف المزعوم، الذي يروّج له قادة الكيان الاسرائيلي ويشجّعون دول الخليج عليه، لا سيما رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الحرب الاسرائيلي ليبرمان.

في مقالة ناقدة للتدخل الأميركي في أزمات الشرق الأوسط، نشر موقع (دايلي كولر) في 24 فبراير الماضي مقالة بعنوان (هل شبيه الناتو هو الجواب على التحديات الأمنية في الشرق الأوسط) لبوني كريستيان، المحررة في مجلة (ذي ويك)، و(رير)، ومجلات اخرى مثل (تايم)، و(سي إن إن)، و(ذي هيل)، وغيرها. تقول بوني:

إن ترامب البيت الأبيض يخوض مفاوضات مع إسرائيل وأربع دول عربية على الأقل، بحسب ما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، لإنشاء تحالف جديد في الشرق الأوسط لتغيير ميزان القوى الإقليمي بعيداً عن إيران .فعلى الرغم من أن الولايات المتحدة وإسرائيل لن تنضما إلى الحلف العسكري فإن واشنطن ستتولى تقديم «الدعم العسكري والمخابراتي» في حين سوف تشارك تل أبيب في برنامج تبادل المعلومات الاستخبارية مع دول الحلف. لناحية الأعضاء كاملي العضوية، ففي الوقت الراهن، تضم القائمة المملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومصر، والأردن، وقد تلتحق دول أخرى ذات أغلبية سنية ـ فالمشاركة تسترعي إتفاق الدفاع المشترك، مثل الى حد كبير بنود حلف شمال الاطلسي.

وكما هو الحال مع أي ترتيب من هذا الحجم، فمن المحتمل جداً أن الاتفاق النهائي، اذا أينعت ثماره، سيبدو مختلفاً تماماً عن الوصف الذي حصلت عليه المجلة. ومع ذلك، ألمح ترامب نفسه إلى محادثات في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واصفاً التحالف المحتمل بأنه «شيء ما مختلف جدا، ولم يناقش من قبل» من شأنه أن «يضم العديد والعديد من البلدان وسيغطي مناطق شاسعة جداً «.

 
بوني كريستيان

إذا ثبت صحة ذلك، يمكن لهذا الاتفاق أن يعيد تشكيل ديناميات الأمن في الشرق الأوسط ويكون إنجازاً لافتاً ـ أو إخفاقاً ـ لترامب البيت الأبيض. وتحقيقا لهذه الغاية، يجدر فحص الخطة بالتفصيل، والتي هي لا تزال مجرد وعد وقضية مدعاة للقلق.

في الجانب الإيجابي، فإن التحالف يدار ويموّل من قبل الدول المشاركة، وإن هذا الاتفاق سيكون تحوّلاً مرحباً به تجاه المسؤولية الإقليمية للاستقرار في العالم العربي، تذكّرنا بدينامية ما قبل حرب الخليج. وكانت هذه الدينامية معيوبة بصورة مطلقة، ولكن لم يتحقق مثل ذلك الخلل في الوقت الحاضر. وستكون هناك كلف عالية مادية وبشرية، وكما لاحظ ستيفن والت في مجلة فورين بوليسي فإن الكلفة بالتريليونات من الدولارات من (الضرائب الأميركية)، جنباً إلى جنب الثمن البشري الواضح، والفوضى الجيوسياسية.

أساس قوي من الدبلوماسية والتعاون بين القوى الإقليمية يعد أيضاً خطوة ضرورية على الطريق نحو السلام الدائم في الشرق الأوسط، وهو شيء لم يسفر خلال العقد الماضي ونصف من التدخل الخارجي وبناء الدولة الا عن فشل في تحقيقه. وإن الترتيب الذي ينتج علاقات صداقة، أو على الأقل، علاقات زمالة بين إسرائيل وأعدائها منذ فترة طويلة مثل الرياض هي أيضا أخبار سارة لجهة الهدوء في المنطقة.

إلايجابية الثانية من وجهة نظر الكاتبة هو استبعاد الولايات المتحدة من معاهدة الدفاع المشترك. ونظراً لإلتزامات الولايات المتحدة الناتوية في الوقت الحالي، والمخاطر المنظورة للتمدّد العسكري العالمي، والتدخلات العسكرية المستمرة، وتصاعد الدين القومي أكثر من أي وقت مضى، فليس من الحكمة الإنخراط في حرب أخرى ليست ضمن مصالح الأمن القومي الأميركي.

الأكثر إثارة للقلق هي الدرجة التي سوف تشارك فيها الولايات المتحدة في هذا التحالف بعد مراحل التخطيط الأولى. تلاحظ وول ستريت جورنال أن الإتفاق «من شأنه أن يوسّع نطاق التحالف الذي تقوده السعودية القائمة من الدول السنيّة للقتال في اليمن»؛ وسوف ترى واشنطن نفسها منساقة الى تقديم المزيد من «المساعدات العسكرية لحرب اليمن وتأمين البحر الأحمر».

هذا مثير للقلق الشديد، حيث أن الدعم الأمريكي لتدخل قوات التحالف الذي تقوده السعودية في حرب اليمن، واحد من الجوانب البشعة وغير المعترف بها، من إرث السياسة الخارجية لإدارة أوباما. مساعدة الولايات المتحدة في الحرب السعودية غير دستورية، وذات نتائج عكسية، وغير إنسانية، وهي لم تحقق شيئاً بالنسبة للدفاع عن الولايات المتحدة، بينما تشجّع على حدوث فراغ في السلطة، أدّى إلى ازدهار تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (القاعدة في جزيرة العرب)، ودمّر السكان المدنيين اليمنيين، مع مجاعة من صنع البشر.

باختصار، إذا كان التدخل في الحرب الأهلية اليمنية، مجرد خط الأساس للولايات المتحدة للتدخل العسكري في التحالف المقترح، فهناك خطر حقيقي بما سوف تؤدي اليه هذه الصفقة، ليس فقط الى عدم المسؤولية الذاتية الإقليمية، وإنما لناحية مأسسة صناعة الحرب الأمريكية لأجل غير مسمى في الشرق الأوسط.

 
حلف ناتو عربي صهيوني!

وكما هو عليه الحال الآن، فإن هذا التقييم الكئيب مؤكد في كل الأحوال لأن يصبح حقيقة. وفكرة التحالف هذه يمكن تطويرها كمصدر للتوازن والاستقرار ذي الحاجة شديدة الإلحاح في العالم العربي. ولكن الحيلة هو تطبيقها بصورة صحيحة، وترامب البيت الأبيض يجب أن يتعامل بحذر لتجنّب بناء خط أنابيب دائم من الدم الأمريكي وكنز منطقة الشرق الأوسط.

من جهة ثانية، نشر موقع ستراتفور المقرّب من الدوائر الاستخبارية مقالة في 15 فبراير الماضي بعنوان (واشنطن والحلفاء العرب يناقشون إمكانية إقامة حلف عسكري).

جاء في المقالة أن حكومة الولايات المتحدة وحلفاءها العرب، يجرون محادثات لإقامة تحالف عسكري جديد، كما ذكرت ذلك ايضاً صحيفة وول ستريت جورنال في 15 فبراير الماضي. من بين أمور أخرى، فإن التحالف سوف يتعامل مع أي هجوم على أي عضو في التحالف بكونه هجوماً على جميع أعضاء التحالف، باستثناء الولايات المتحدة. وسوف تتبادل المعلومات الاستخبارية مع إسرائيل في الجهود المبذولة لمواجهة إيران. وينطوي التحالف على دعم عسكري واستخباري إضافي أميركي للدول الأعضاء.

وعلى الرغم من أن الإطار الأخير للتحالف المقترح يبدو أنه كان مدعوماً من بشكل قوي من مستشار الأمن القومي المستقيل مؤخراً مايكل فلين، فإن الفكرة لها جذور في المقترحات السابقة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما. ولكن حين يضفي التجمع معنى ما من الناحية النظرية، فإنه سيواجه مشاكل في الممارسة العملية. لأمر واحد، وفي حين أن إضفاء الطابع الرسمي على تبادل المعلومات الاستخباراتية بين إسرائيل ودول الخليج تبدو فكرة جيدة على أساس الى أن مثل هذه التقاطعات كانت في الغالب تتم بالفعل بهدوء، ولكن نقلها الى العلن تعد قصة مختلفة.

في المقابل، هناك من يرفض مثل هذه المقاربة، ويؤكد على أن أكلاف هذا التحالف باهظة سياسياً وأمنياً واقتصادياً.

وفي دعوة لعدم الوقوع في التبني الأعمى للأجندة الاسرائيلية من قبل إدارة ترامب تجاه إيران، كتب الباحثان آرون ديفيد ميلر، وهو دبلوماسي أميركي سابق، وريتشارد سوكولسكي، مقالة في موقع (ناشيونال انترست) في 15 فبراير الماضي، قالا فيها أن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو سوف يغادر واشنطن حاملاً معه تأكيداً من الرئيس الاميركي دونالد ترامب على مواجهة «سياسات ايران الاقليمية».

غير أن الكاتبين حذّرا من أن البيت الابيض و»قبل أن يترجم كلامه الى فعل» (لجهة التصعيد ضد ايران)، عليه أن يدرس جدّياً مدى حكمة هذا التصعيد «بناء على المصالح الاميركية أولاً، وليس فقط المصالح الاسرائيلية». وشدّدا على ضرورة دراسة مكاسب سياسة المواجهة مع طهران في مقابل المخاطر والأثمان المحتملة جراء هذه السياسة، ورجّحا عدم نجاح السياسة التصعيدية.

وأوضح الكاتبان أن سبب تقييمهما هذا هو أن لدى واشنطن خيارات محدودة جداً بسبب ما وصفاه «بأفضلية تفوّق إيران على الصعيد الجغرافي والديمغرافي والسياسي، وكذلك دعم الحلفاء المحليين الملتزمين والقادرين». ويسهب الكاتبان بأن الولايات المتحدة بحاجة الى تعاون ايران في العراق والفصائل المقرّبة من إيران (الحشد الشعبي مثالاً) من أجل هزيمة داعش. وأضافا بأن أولوية القوات الاميركية والعراقية هي تحرير الموصل من داعش، ومنع التنظيم الإرهابي من الظهور في أماكن أخرى في العراق. وشدداً، تبعاً لذلك، على أن «آخر ما تحتاجه الولايات المتحدة في هذه المرحلة هو حرب بالوكالة مع ايران والتي لا يمكن أن تنتصر فيها».

أما في سوريا فقال الكاتبان إن إدارة ترامب وطالما استمرت بإعطاء الأولوية لهزيمة داعش في سوريا واعتقدت أنه يمكنها تأمين تعاون روسيا بهذه المعركة، وأرادت كذلك الحفاظ على الاتفاق النووي مع ايران، فإنها بالتالي ستتمنع عن مواجهة ايران في سوريا.

و فيما يخص اليمن، حذّر الكاتبان من أن زيادة الدعم الأميركي لحملة القصف الجوي «السعودية» ستشوّه سمعة أميركا أكثر فأكثر، ولفتا الانتباه إلى ان دعم فصيل يمني معيّن ضد قوات (أنصار الله) سيورّط أميركا أكثر في الحرب اليمنية «دون أن يكون لذلك أثر كبير على الارض». كذلك شدّدا على أن المصلحة الحيوية الاميركية الوحيدة في اليمن هي القضاء على تنظيم القاعدة، و ان هذه مصلحة «تتشاركها ايران».

 
نتنياهو ـ ترامب، ناقشا بناء حلف ناتو عربي ضد إيران، مدعوم امريكيا وصهيونياً

بناء عليه حذّر الكاتبان من التصعيد ضد ايران دون دراسة إذ «إن مثل هذه السياسة وما اذا كان بالامكان تحقيق أهدافها دون المساس بمصالح وأولويات الولايات المتحدة المهمة ستكون عملاً متهوراً وخطيراً جداً». وفيما قالا إن الكيان الصهيوني قد يطمح إلى تشكيل محور معادي لإيران مع «دول عربية معتدلة»، شدّدا على أن ايران قوة كبرى في المنطقة من الصعب احتواء أو دحر نفوذها «بثمن مستعدة واشنطن والشارع الاميركي لدفعه».

و رأى الكاتبان أن «السياسة الحكيمة والواقعية» هي ليست التأييد الاعمى للمصالح الاسرائيلية بل تجنّب «المغامرات المعادية لايران» والتركيز على احتواء ايران فقط عندما تهدّد «طموحاتها» مصالح أميركا الحيوية (وفق تعبير الكاتبين) – مثل اعاقة استمرار تدفّق النفط وتجاوز منع انتشار أسلحة الدمار الشامل. كما قالا إن على واشنطن التعاون مع إيران عندما يصب ذلك في المصلحة الاميركية، مثل مواجهة الجماعات التكفيرية، واستقرار الوضع في العراق، واستمرار الإتفاق النووي.

كذلك شدّدا على أن السياسة الحكيمة هي التي تتجنب الإنجرار الى نزاعات اقليمية، والإبتعاد عن دعم أجندات الحلفاء مثل الأجندة السعودية في اليمن، عندما يكون ذلك مضراً للمصالح الاميركية.

من جهة ثانية، نشر موقع (ديفينس ون) مقالة بعنوان (لماذا تتواجد القوات الأميركية في اليمن أساساً) للبروفسور أندرو باسيفتش، أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية في جامعة بوستن، في 8 فبراير الماضي وقد جاء فيه:

«حقيقة الأمر هي أن أمريكا هي التي تقتل الناس - الإرهابيين وغيرهم - لأن قادتها لا يعرفون غير ذلك». ويقول الكاتب: قبل عدة أيام، كشفت تقارير صحفية أن قوات العمليات الخاصة الاميركية نفذت غارة في اليمن. اليمن، الفقير، والعنيف، والمنقسم على ذاته، والذي لا يزال حتى الآن مكاناً على قائمة البلدان التي تقوم الولايات المتحدة بشكل دوري بقصفه بالقنابل دون أن تتورط بوجود قوات على الارض. وطالما بقي مثل هذا الوضع، فإن قلة من الأميركيين سوف تولي إهتماماً لهذه الحوادث في هذه الزاوية البعيدة من «الحرب على الإرهاب». في كل الأحوال، فمن يقتل ويشوّه من قبل الذخائر الأمريكية ويسقط من السماء، ليس من رجالنا.

 
التحدي والمواجهة مع ايران لها اكلافها السياسية والإقتصادية والأمنية

الآن مع مقتل عنصر في سلاح البحرية الاميركية وجرح عديد آخرين، وطائرة بقيمة 75 مليون دولار تمّ تدميرها، فإن الحساب قد تغيّر. ولكن لفترة وجيزة، فإن اليمن بات في العناوين الرئيسية، مع الصحافة التي تغطي خبر المدنيين الذين قتلوا وجرحوا حيث يقاتل الأمريكان على تخليص أنفسهم من عملية ضلّت طريقها. هنا لدينا القائد العام للقوات المسلحة المبتدئ الذي وعد: «سوف يكون لدينا المزيد من الناس الذين سوف يقولون لا يمكننا تحمل المزيد» كان معمّداً بالإنابة لإطلاق النار.

أولئك الذين يتحدثون نيابة عن دونالد ترامب يصنّفون النتيجة على أنها أول فوز له، إنه فوز مثير للإعجاب. وفقاً للسكرتير الصحفي للبيت الأبيض شون سبيسر. كانت الغارة «عملية ناجحة بكل المقاييس،» ناهيك عن كونها «مدبّرة بصورة جيداً جداً وكذلك تنفيذها». قلة من خارج الدائرة الداخلية لترامب تتقاسم هذا التقييم. بأي مقياس موضوعي، كانت الغارة محرجة وفشل مكلف بكثير لدرجة أن الحكومة اليمنية قيل بأنّها منعت أي تدخلات أخرى على هذه الشاكلة.

في السياق نفسه، نشرت صحيفة (معاريف) الإسرائيلية تقريراً في آواخر فبراير الماضي عن العلاقة السعودية الإسرائيلية، أشارت فيه إلى لغز كبير كان يسود تلك العلاقة لكن شفراته بدأت تتفكك في الآونة الأخيرة عبر تصريحات إثنين من وزراء حكومة نتنياهو، هما أفغيدور ليبرمان وإسرائيل كاتس.

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية: بالإشارة إلى مؤتمر ميونيخ الأخير، تحدث فيه ليبرمان عن تفاصيل مبادئ عمليات الاستخبارات الإيرانية في الشرق الأوسط، وفي كلماته قال إنها تثير قلق بلد ليس لها علاقات رسمية مع إسرائيل، كما أن إيران تحاول خلق حالة من الفوضى في كل مكان، معتبراً أن هدف طهران الرئيسي هو المملكة السعودية. وتساءلت الصحيفة العبرية منذ متى يهتم وزير الدفاع الإسرائيلي بمعاناة المملكة السعودية؟، موضحة أنه في اليوم التالي تحدّث وزير الاستخبارات إسرائيل كاتس بأن هناك تعاوناً بين إسرائيل والسعودية رغم عدم وجود علاقات رسمية، وأن هذا التعاون سيتعزز بفضل جهود الولايات المتحدة، معتبراً أن الهدف الأول منه منع إيران من التوسع في المنطقة.

وأوضحت الصحيفة أن الوزيرين على حق، فجهود إيران للعمل ضد إسرائيل بلغت ذروتها هذه الأيام، حيث أنها وبتشجيع من نجاحها في إنقاذ نظام الأسد في سوريا تحاول إحكام قبضتها هناك، وعمل كماشة ضد إسرائيل من خلال مد علاقاتها مع حماس في غزة، فضلاً عن تحكّمها في ترسانة الصواريخ التي يمتلكها حزب الله ذات الجودة العالية جداً. وتضيف: لكن النظام السعودي أيضاً ينفّذ أنشطة تخريبية في منطقة الشرق الأوسط لا تقل عن تلك التي تنفذها إيران، حيث يدعمون الطائفة السُنية اللبنانية وكبار قادتها، خاصة رئيس الوزراء سعد الحريري، كما أنهم في اليمن ينفذون منذ أكثر من عامين حملة عسكرية دموية ضد الحوثيين، ولكن في الغالب فإن الضحايا من المدنيين الأبرياء.

وأضافت الصحيفة أن النظام السعودي دعم أيضا تنظيم القاعدة في العراق بهدف خلق توازن مع النفوذ الإيراني، كما أن البحرين تعتبر مسرحا لأنشطة السعودية ضد إيران، والحصة الأكبر في الصراع بين طهران والرياض توجد في سوريا، فالمملكة السعودية في الواقع المحفز الرئيسي لحرب الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، بينما تعمل إيران على إنقاذه.

 
هل تواصل امريكا تحالفها مع آل سعود؟ نعم، لسوء الحظ، فقد تورطنا في ذلك!

وشدّدت معاريف على أن التخريب السعودي في العديد من هذه الساحات هو صورة طبق الأصل من التدخل الإيراني لصناعة الإرهاب وضعف الأنظمة، لكن السعوديين على عكس الإيرانيين يتمتعون ببعض الدعم الغربي، معتبرة أن الرياض ماكرة في استغلال علاقاتها مع تل أبيب من أجل تحقيق مصالحها الذاتية فقط.

وطالبت الصحيفة نتنياهو بعدم التمادي في تعزيز العلاقات السرية مع السعودية، إلا بعد أن يتم التوافق والتنسيق بينهما حول تحقيق سلام علني وإقامة علاقات رسمية بين البلدين، حتى لا يتكرر السيناريو المصري مرة أخرى.

ستيفين كوك، الباحث في مجلس العلاقات الخارجية، كتب مقالاً في 26 فبراير الماضي على موقع (Salon) شدّد فيه على أن السعودية حليف غير كفوء.

وشرح الكاتب ذلك بأن السعودية وبعد إبرام الإتفاق النووي بين الدول الخمس زائداً واحد وإيران، اعتبرت أن الولايات المتحدة غير مستعدة لما يسمّى «احتواء إيران في المنطقة»، وهو ما أدى بالسعوديين إلى اتخاذ قرار عن ضرورة التحرّك ضد إيران إقليمياً «لوحدهم». وشدّد على أن القرار السعودي هذا شكّل تغيراً دراماتيكياً من قبل القيادة السعودية.

وعدّد الكاتب الاخفاقات السعودية في هذه السياسة، حيث فشلت في مساعيها لتحويل الجيش اللبناني الى قوة «موازية» لحزب الله بعد أن أعلنت عن نيّتها تقديم مساعدات الى الجيش اللبناني بقيمة 3 مليار دولار (اوقفتها لاحقاً).

اما في سوريا فقال الكاتب أن السعودية فشلت ولم تتمكن قيادتها من تحديد مسار الاحداث لمصلحتها، مضيفاً بأنه «يبدو من المرجح» أن الرئيس السوري بشار الاسد سيبقى في الحكم وأن ذلك يعد نصراً استراتيجياً كبيراً لطهران.

وفيما يخص اليمن ذكر الكاتب أن السعودية لم تحقّق أي شيء ملموس في الحرب التي تشنّها على هذا البلد، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنها أنفقت عليها حوالي 200 مليار دولار حتى الآن. وتابع بأن السعوديين يقومون بقصف أفقر بلد في المنطقة على مدار قرابة عامين، وأن حجم المأساة الانسانية الذي تسبّبت بها الرياض لم يحظ بالتغطية الاعلامية المطلوبة بسبب تركيز الاعلام على سوريا.

وشدّد الكاتب على أن التجرية السعودية بلعب دور عسكري أكبر وأكثر نشاطاً بالمنطقة كانت عبارة عن فشل، فضلا عن أن القوات الجوية السعودية ليست «مؤهّلة بما يكفي» لتنفيذ عمليات عسكرية معقدة. وشرح بأنه ولهذا السبب، يجب النظر «بسخرية» الى الإعلان السعودي الأخير عن الاستعداد لارسال قوات برية الى سوريا. وقال أن من غير المرجح أن تأتي مثل هذه الخطوة السعودية بأية نتائج ايجابية، وأن السعوديين ليسوا بقوة الأطراف الأخرى الناشطة في الميدان السوري.

وعلى ضوء هذا الشرح التفصيلي للأداء السعودي، أكّد الكاتب على أن الولايات المتحدة يجب ان لا تتخلى عن السعودية، ليس لأنها من أهم الدول المنتجة للنفط، أو لأنها شريك في الحرب على الارهاب، ولا لأن العلاقة الثنائية استفادت منها واشنطن، ولكن المسألة الاهم التي تستوجب عدم تخلي أميركا عن السعودية، هي ان السعودية وفيما لو تركت لتتصرف من تلقاء نفسها، فإنها سوف تزرع المزيد من الفوضى في الشرق الاوسط.

الصفحة السابقة