أول وفاة في التاريخ تُصنَّف كحدثٍ جغرافي!

.. ومات (ملك الشبوك) مشعل بن عبدالعزيز آل سعود!


“هل تعلم أن واحداً من المالكين للمساحات الشاسعة من الأراضي، يمتلك ما يقارب
الخمسمائة مليون متراً مربعاً؟! هذا معروف عند الجميع” - (الأمير طلال بن عبدالعزيز)


توفيق العباد

 

توفي الامير مشعل بن عبدالعزيز، ثاني وزير دفاع في المملكة، بعد شقيقه منصور. وقد وافته المنية في جنيف، شأنه شأن أخيه الأمير نايف وزير الداخلية وولي العهد الأسبق؛ وكذلك توفي وزير الدفاع الاسبق سلطان في الخارج.

يُلقّب مشعل بـ (ملك الشبوك)، أي وضع الشبك على اراضي واسعة وتملكها، كما يفعل الكثير من الأمراء الكبار، خاصة ابناء الملك عبدالعزيز، الذين لم يتبق منهم احياء إلا عشرة فقط بينهم الملك سلمان.

وبسبب أزمة السكن وشحّ الأراضي في بلد المليونين وربع المليون كيلومتر مربع، توجه الغضب والشتم لمشعل بالذات، فكان مكروهاً لدى الجميع، رغم أنه ليس الملك الوحيد للشبوك، وليس مؤكداً انه أكثر الملوك شُبوكاً!

توفي مشعل، فظهرت مشاعر الشماتة والشتيمة له، وهو أمرٌ نادر في المدرسة النجدية الوهابية، التي تبيح شتم اموات الآخرين، ولكنها لا تقبل المساس في الغالب بموتاهم مهما كانت سيئاتهم، خاصة اذا كانوا من العائلة المالكة، وعذرهم حديث ضعيف يقول: (اذكروا موتاكم بخير).

هذه المرة لم يكن ذكر مشعل بخير ابداً ابداً، اللهم الا من القلة جداً، المطبلة لولاة أمرهم في كل الأحوال.

بمجرد أن أعلن عن موت الأمير مشعل وانتشر الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي؛ غرد أحدهم في رسالة موجهة لورَثَتِه من أبنائه: (لنا مطالبات على الميت، ولا يجوز دفنه إلا بعد أن يتكلّف أحدٌ بسدادها). أي ان الأمير لص واخذ حقوق الآخرين، فسددوها يا بقية اللصوص!

رد أمير مجتهد هو خالد آل سعود فقال: (لك حق راح تاخذه.. هنا تويتر وليس المكتب الخاص). يعني فضحتنا يا رجل!

ودعا احدهم الله بأن يعامل مشعل بما يستحقه، أي ليس بالعفو؛ واضاف: (هلك ولن تنفعه الشبوك، ولا أمواله المنهوبة المسروقة). فردت احداهن مدافعة: (راح لربّه، ما أخذ منك شيء يا كلب. قل الله يرحمه)؛ فرد المغرد على جملة ما أخذ منك شيء فقال: (الأراضي اللي الشعب سبعين بالمائة عايش يدفع ايجار بأرض أبوه وأجداده، ومو محصّل أرض. القصور والأموال من أين؟ انها مقدرات البلد). ردّت مرة اخرى مدافعة: (بلا غباء! هذي أرزاق من ربّك)!

وتجرّأ المغردون على موقع تويتر فكتب أحدهم: (مشعل في قبره ما راح تنفعه لا قصيدة مدح بالكذب، ولا شَبَكْ، ولا الفلوس والقصور اللي خلاّها. اليوم ينفع الصادقين صدقهم). هنا أيضاً تحاوشَهُ المدافعون عن الطغاة، فردوا: (يا رجل: كُلْ تِبِنْ. ما عندك دليل ولا شي)، فرد عليه المغرد: (عند الله ما يحتاج دليل لأنه علام الغيوب. سيسأل مشعل عن ماله من اين اكتسبه وفيمَ انفقه). وقاطعهم ثالث فقال مدافعاً عن مشعل: (حسبك الله، لا تظلم شخصاً مات)؛ فرد عليه: (اسمه على الأراضي شاهدة على سرقته ونهبه).

وعاد مدافعٌ ثالث عن مشعل وقال: (اذكروا محاسن موتاكم)، فقيل له: (اعطونا فعل خير لمشعل قد فعله.. كل حياته انقلابات وخيانات وسرقات). وزاد غيره فقال: (هو حرامي وبخيل ويحب الفلوس، ويتنازل عن أي شيء مقابل الفلوس، حتى عياله حرمهم من النعمة، الى أن أصبحوا مثله).

تتالى النقد ضد الأمير مشعل، فقال سعد الدوسري: (هلك مِشْبَكْ؛ وغداً سيهلك سلمان وكل ظالم وطاغية: “ما أغنى عني ماليه؛ هلك عني سلطانيه). وسخر آخر فقال: (كان المغفور له يوصي بالفقراء خيراً، وترك وراءه شبوكاً كصدقة جارية لجميع مواطني المملكة)؛ والطبيب المعارض في المنفى ماجد استفتح تعليقاته فقال: (ومات الطاغوت مشعل. لِمن المُلكُ اليوم يا مشعل؟ لله الواحد القهار. ستُحاسب عن كل شيء سرقته).

من جهة اخرى قدم عبدالرحمن عزاءه بسخرية للخَوْيَا والحاشية (اللي صاروا عاطلين الآن)؛ واقترح: (كل واحد ياخذ نصيبه من الشبوك، ويزول الهمّ). ودعت نوره الغامدي الله أن يضيّق على مشعل في قبره كما ضيّق على عباده في دنياهم: (اللهم اجعل قبره حفرةً من حفر النار. الله لا يرحمه ولا يغفر له). ونورة الشهري تكرر: (الله لا يرحمه مَنْ أخذ شبراً من الأرض ظلماً، طوّقهُ الله يوم القيامة).

المعارض في المنفى عماد الحواس يرى أن مشعل وأمثاله تسببوا في حرمان الملايين من المواطنين من حقهم في السكن. والكاتب بخيت الزهراني يشير الى مشعل بقوله: (مهما بلغت مساحة اراضيك وأموالك الطائلة، فما ستحصل عليه مجرد حفرة متر في مترين).

هذا وقد تم تقدير ثروة مشعل من الاصول والعقارات والأموال بأنها تقترب من الف ومائتي مليار ريال سعودي فقط.

رغم كل هذا، وجد أحد المغردين أن مشعل أقلّ سوءً من سلمان وإبنه: (صحيح أن اختصاصه التشبيك، لكن يديه لم تتلطخا بالدمّ السوري واليمني)، مشيراً الى جرائم سلمان وابنه محمد، وكان يجب ان يضيف دماء المواطنين المهدورة ظلماً على أيديهم. لكن من غير الصحيح ان مشعل لم تتلطخ يده بالدماء، فقد قتل عدة مواطنين من قحطان وغيرها، لمجرد أن إبلهم دخلت بعض أراضيه المشبّكة!

وفي حين تجنّب الكثير من مشاهير تويتر وبينهم مشايخ من التغريد والدعاء للأمير مشعل، فإن عائض القرني أبى إلا أن يغرد بالكليشة المعروفة: (غفر الله له ورحمه، وأحسن عزاء أهله وذويه، وإنا لله وإنا اليه راجعون!)، وكذلك فعل الشيخ السديس، امام الحرم المكي ومسؤول لجنة الحرمين الشريفين!

الصفحة السابقة