من بوابة الرياضة..

قرن الشيطان تفتح معركة مع الكويت

هيثم الخياط

تسونامي سعودي اعلامي سياسي، ضد الكويت هذه المرّة. يذكرنا بكل التسوناميات السعودية ضد قطر واليمن وحزب الله والعراق وايران وحتى سلطنة عمان، وأخيراً لبنان!

على خلفية مواقف الكويت من الأزمة القطرية، ورفضها عقد او حضور قمة خليجية بدون قطر، التي تريد الرياض معاقبتها بتجميد عضويتها في مجلس التعاون..

وعلى خلفية موقف غانم المرزوق رئيس مجلس الأمة الأخير من الكيان الصهيوني..

 
علاّق البشوت تركي آل الشيخ

وعلى خلفية موقف أمير الكويت السياسي من الاعلام السعودي الهابط والسياسة السعودية الطائشة وتحذيره من نتائجها..

جاءت الرياض في سياق التصعيد ضد قطر، لتفتح النار على الكويت، وربما لحقتها سلطنة عمان أيضاً. ولكن الأمراء السعوديين اختاروا مهاجمة الكويت من البوابة الرياضية.

فتركي ال الشيخ، الشاعر الشعبي، الذي صار رئيس هيئة الرياضة السعودية برتبة وزير، قام بالتدخل المباشر وعزل قادة اتحادات الكرة السعودية، خلافاً للقانون الدولي الرياضي، الذي يفرض عدم تدخل السياسة في الشأن الرياضي الذي يجب ان يكون بالإنتخاب.

التدخل الصارخ رسمياً، جابهه رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، ورئيس اللجنة الأولومبية الآسيوية الامير الكويتي أحمد الفهد؛ باعتبار السلوك السعودي، ليس فقط خلاف القانون، بل خلاف الاتفاق مع السعودية التي وعدت انه بحلول عام ٢٠٢٠، ستكون كل اتحادات الكرة السعودية مُنتخبة.

تمّت الكتابة للرياض بشأن التدخلات الفاضحة لتركي آل الشيخ، فلم يرد عليها، فتمّ رفع اقتراح بتجميد مشاركة السعودية في اولمبياد روسيا عام ٢٠١٨م، وهذا ما حدث للعديد من الدول بما فيها الكويت والعراق وغيرهما، لكن الرياض انزعجت وفتحت النار على أحمد الفهد (الذي وصفه تركي آل الشيخ بأنه أسكوبار) وكذلك على سلمان آل خليفة (المُقاد) ويقصد انه مجرد خاتم في يد احمد الفهد. وأطلق عليهما لقب (أقزام آسيا)، تحول فيما بعد الى هاشتاق سعودي تحريضي. وللعلم فإن (اسكوبار) هو اشهر مروج مخدرات، كولومبي الأصل، ويحب الرياضة، وتم اعتقاله امريكياً.

وبدأت الحملة على أحمد الفهد، بحيث لم تبق كلمة سوء الا قيلت بحقه، وشارك الاعلاميون الرياضيون السعوديون وغيرهم فيها، كما ان الصحافة السعودية لم تقصر، وتم تجييش الذباب الالكتروني لتحقيق الضغط المطلوب، تحت واقع التهديد بأمور أخرى ـ فما زلنا في بداية الطريق ـ كما يقول السعوديون.

جنون الشتائم السعودية للكويت

(أمنيتي أن نقطع العلاقة مع الكويت. طوال ثلاثين سنة نحميها وندعمها والى آخره، وما قد شفنا منها خير، وما نِبِي منها خير. نبيها بس تسكّتْ كلابها، وتفكنا من شرّها)، يقول البلوغر العنصري ياسر الفيصل. لكن هذا غير ممكن بنظره فالكويت (ما قدرت تسكّت بَقَرَتها روان حسين، متوقعين بتقدر توقّف أحمد الفهد؟!).

الاعلامي الرياضي السعودي عبدالعزيز المريسل، نجم الحملة على قطر وقناة بي إن الرياضية، يوضح: (أقزام آسيا هم خلايا أحمد الفهد التي لا بد أن تنتهي)، واضاف: (آن الأوان لكشف الخفايا والمؤامرات التي تحاك ضد رياضتنا ممن كنا مخدوعين فيهم)؛ وأكمل: (خدعنا فيهم. آن الأوان لضربهم بيد من حديد).

الاعلامي خالد الشنيف يقول ان الحملة السعودية على الكويت تستهدف (حماية أنديتنا ومنتخباتنا من العبث)؛ والكاتب الأكاديمي وعضو الشورى السابق، علي سعد الموسى، يحرّض: (أعشق قوة الكلمة وقسوتها.. أقزام آسيا إحداها). والمسؤول عدنان جَسْتَنيّةْ يصف الفهد بالأفعى وأنه الفساد بعينه شحماً ولحماً؛ عين الفساد، وحان الوقت للقضاء عليهما. 

 
من الحملة السعودية الرسمية ضد أحمد الفهد الصباح

ويخاطب سعودي الكويتيين فيقول: (صدام لم يعرف عنكم الا الخيانة والغدر. شيوخ على حظيرة دجاج). وآخر يقول ان آل الشيخ جلد الفهد جلداً فاخراً؛ والاعلامي الرياضي وليد فراج يتحدث عن فيلم مكشوف ويهدد؛ ومثله الاعلامي فهد الروقي يقول ان أحمد الفهد احتضنته الدوحة (مدينة المؤامرات وحاول معها زرع دسائس للرياضة السعودية)؛ والمشكلة تتضاعف بالنسبة للروقي حين يكشف ان أحمد الفهد يدخّن أيضاً والعياذ بالله! فهو (الذي دمر الرياضة السعودية وكان خلف كل دمار وخراب). ويعود الروقي فيصف أحمد الفهد الصباح بأنه (صغير آسيا وهو أحقر من أن أتحدَث عنه). والاعلامي محمد السياط، يهدد في المعركة: (على الباغي تدور الدوائر). 

وكالعادة، جيء بالمغنين للتحشيد في المعركة السياسية الرياضية ضد الكويت، فرابح صقر يقول: (لا عزاء لأقزام آسيا)؛ والمغني عبدالمجيد عبدالله يتحدث عن الأسد تركي آل الشيخ: (مالها إلاّ الأسد)؛ والمغني راشد الماجد يحذر: (السعودية خط أحمر)؛ بعد هذا يأتي الاعلامي بتّال القوس ليهدد هو الاخر: (هناك ملفات سوداء ستُفتح قريباً)؛ والاعلامي بندر الوابصي، يصرخ: (يا أقزام آسيا، كفاكم عبثاً. نادي الهلال خط أحمر)، والاعلامي احمد الخلف: (سيعرف الأقزام حجمهم الحقيقي. لن يتطاولوا على الكبار). وفيصل الحارثي يقول: (راح زمن حبّ الخشوم يا أقزام آسيا، وجاءكم وقت دقّ الخشوم)، ومثله الاعلامي محمد الذايدي: (اتحاد آسيا قذر وفاسد ويدار بطريقة العصابات، وظيفتهم الإضرار بالأندية والمنتخبات السعودية)؛ والصحفي فارس الروضان يتحدث عن (عاصفة حزم رياضية تبدأ أعمالها آسيوياً، وما فات لم يمت)، وزميله محمد ابو هداية: (سيطرة أحمد الفهد على مفاصل القرار في الإتحاد الآسيوي يجب أن تنتهي. حان وقت حساب الخونة والأقزام)!

ويتواصل الهجوم من الاعلامي عادل التويجري: حان وقت تنظيف العفن الآسيوي؛ وحارس المنتخب السابق محمد الدعيع يضيف مديحاً لرئيس هيئة الرياضة آل الشيخ يشبه مديح السيارات: (قوة، حيوية، هيبة)! وذكرنا أحدهم بتصريح تركي آل الشيخ الذي يقول فيه (الكويت ليست دولة، بل هي المقاطعة التاسعة عشرة ولا بد ان يعود الفرع للأصل). وحتى صنيعة السعودية القطري سلطان سحيم آل ثاني يهدد بلسان سعودي: (لن نجامل احداً. انتهى وقت الإحسان)، وأضاف بان اسكوبار كولومبيا اشجع من الأمير الكويتي.

آخر ضمن أدوات الحملة السعودية، وهو محمد الدوسري يقول أن (السعودية دفعت فواتير تحرير الكويت من ميزانيتها الخاصة لمدة عشرين سنة، ويأتي بعض الكويتيين ينبح على السعودية)؛ هذه دناءة، حسب قوله. ثم ان الكويت مجرد (دويلة غير مؤثرة وغير قادرة على حماية نفسها، والكثير من شعبها استهلاكيين لا عمل لهم إلا الثرثرة والمطمطة) يقول سطام الرويلي، محذراً: لولا السعودية يا كويتيين لأكلتكم الثعالب (بلاش عنتريات المخمورين. السعودية هي الضامن لأمنكم القومي). وفي حين وصف سعودي أحمد الفهد الصباح بأنه (سَرْبوت وفاسد وراعي مراهنات).. اكتشف آخر بأنه (خبيث وعميل)، في بلد أغلبها شواذ وأغبياء وشيوعية تقرف، كما يقول ثالث. 

هذا وقد دعا سعودي غاضب الى احتلال الكويت، وتعيين خالد الفيصل اميراً عليها، وكذلك تعيين دليم/ سعود القحطاني اميراً على قطر؛ وزاد محمد الشمّري واصفاً الشعب الكويتي بالقذر والنجس (وقف مع قطر قلباً وقالباً. الملك فهد أعطاهم فوق قدرهم)؛ وحسب المنطق السعودي فإن حياد الكويت في صراع السعودية مع قطر يعني أنها خائنة للجوار السعودي. وأما صحفي السلطة محمد آل الشيخ فيصف أحمد الفهد بأنه: (انسان مكشوح فاشل ومسكين)؛ وزاد بانه ناكر للفضل والمعروف السعودي، حيث تحالف مع قطر والإخونج من اجل ايصاله للحكم!

الرد الكويتي
 
الصحافة السعودية تشارك في الحملة على الكويت

إزاء الحملة السعودية المسيّسة الشعواء، على الكويت كدولة وعلى شعبها، وعلى اميرها، وعلى الشيخ أحمد الفهد الصباح، ردّ الكويتيون بشيء من الدهشة والاستغراب والألم وأحياناً الحدّة. وكل على ذلك على شبكة الفضاء الاجتماعي. فمقابل هاشتاق السعودية: (أقزام آسيا)؛ كان هناك هاشتاق كويتي: (الشيخ احمد الفهد تاج رؤوسكم)؛ ومقابل هاشتاق السعوديين: (اسكوبار راعي النّحْشَةْ)، كان هناك هاشتاق الكويتيين: (راعي الحَرْشَا)؛ وهاشتاق: (عَلاّق بْشُوتْ)، في اشارة الى تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الرياضة السعودية؛ اضافة الى هاشتاق كويتي آخر: (هنا الكويت)، وغيره بعنوان: (الكويت خط أحمر).

قال الكويتيون أن مشكلة الرياضة السعودية هي مع الأولومبية الدولية، لان تركي آل الشيخ (علاّق البشوت) غيّر اثني عشر رئيساً لاتحادات الرياضة السعودية خلاف القانون، وبدون انتخاب.    

يوسف الهديبان رأى ما فعلته السعودية طعنة مؤلمة، وسأل: (ماذا يراد من تسييس الرياضة؟). واكد كويتي آخر بأن الموضوع أكبر من الرياضة: (نباحهم الظاهري رياضي والباطن سياسي. السبب أننا قلنا لهم ما في قمة خليجية بدون قطر). ووصف مبارك آل شهوان المتطاولين بأنهم أذناب وأشباه رجال تجرأوا على رؤوس العرب؛ فيما أكد آخر أن كل التغريدات السعودية جاءت بأمر السياسي، وحين يصل الأمر الى هذا الحدّ (تأكد بأن هذا البلد ـ السعودية ـ دخل مرحلة الهلوسة).

وأوضح مدير تحرير صحيفة الوطن الكويتية، فهد العمادي، بأن أحمد الفهد (دافع عن السعودية وأقنع اللجنة الأولومبية بحيث اعطيت السعودية مهلة حتى ٢٠٢٠ حتى تكون كل الاتحادات الرياضية منتخبة). واضاف: (اليوم، تركي الطبّال ومرتزقته يهاجمون الفهد. هكذا ترد السعودية الإحسان بالإساءة. ولذلك الشيخ أحمد الفهد تاج رؤوسكم)، يخاطب السعوديين.

واستاء كويتي آخر فطالب الجمهور بمسح كل التغريدات التي كتبوها مديحاً في السعودية. في حين وجد القطريون فرصة في الصراع السعودي الكويتي لتعضيد موقفهم السياسي، فالخلل ليس في قطر وشعبها، بل في آل سعود والشعب المسعود. هذا هو سبب حماسة القطريين.

الاعلامي القطري عبدالله الملا يسخر: (صبرنا على أحمد الفهد عشرين سنة. اخوان صوفيا ما يهدِّؤون طبعهم)؛ والصحفي عبدالله الوذين يرى ان الحملة السعودية ممنهجة بسبب حياد الكويت لإفشال وساطتها بين قطر ودول الحصار؛ واقترح قطري على الكويتيين بيع عقاراتهم في (دول الفُجّار، هذه نصيحة مُجَرِّب)؛ في حين توقع قطري آخر ان السعودية ستفتح معركة لاحقاً مع عُمان، ثم مع الإمارات الحليفة نفسها، لتبقى الرياض معزولة ومنكسرة. وسخر كويتي من الحملة السعودية فقال انه سيسافر الى تركيا ليُمَرِّن معدته على الأكل التركي، تحسباً لأي قرار تتخذه السعودية باغلاق الحدود مع الكويت (لن أقع بالفخّ مثل القطريين). وسخر ثالث ممن أسماهم بـ (عيال إيفانكا المسعودين) الذين يقولون أنهم صبروا على قطر عشرين سنة،  وعلى الكويت ثلاثين سنة، ويمكن أن يصبروا على عمان خمسين سنة!

الأكاديمية الدكتورة سارة الحمادي قالت ان (ذباب سعود القحطاني) اطلقوا حرباً ضد الكويت لأهداف خبيثة. وصرخت كويتية مخاطبة ال سعود: (علموا جرابيعكم تنضبّ… الأزمة صارت مسخرة في مسخرة)؛ واستشاط علي الديحاني، مدير منتخب الكويت للناشئين، فحذر السعوديين: (اركدوا. والله الكويتيين مسالمين في طبعهم. لكنها نصيحة، حتى لا تشوفون الوجه الثاني).

كاتبة السيناريو الكويتية فجر السعيد استاءت من مهاجمة بلدها وامراءها، وخاطبت الشتّامين السعوديين متحدية: (الرجّال فيكم حيّاه الله. هذا الميدان يا حميدان)، ورأت ان هناك مجنوناً اقنع آل سعود بأن المعارك السياسية تُخاض على تويتر. وزادت موجهة كلامها لابن سلمان: (حَجِّي: اذا عندك ببغاوات تكَوّكْهُم.. كَوِّكْهُم بكيفك مَحّدْ يعاتبك. لكن على ابن صباح؟ لاااااا. فهمت؟).

(انتقد الشيخ احمد الفهد ما فيه مشكلة)، يقول خالد المسحمي، (لكن تسبه وتشبهه بأوسكوبار، فهذه لا يرضاها كويتي شريف). وانتفض كويتي آخر قائلاً: (انها الكويت يا أقزام السعودية، يا حثالة، يا من تربيتم على السب والطعن وإثارة الفتن. ستبقى الكويت عالية وشامخة ولن تلتفت لكم). وخاطب البرلماني السابق عبدالحميد الدشتي جمهوره (ليعلم شعب الكويت، اننا نغلبهم ونتفوق عليهم في كل شيء، إلا بقلّة الأدب، فهم يغلبوننا ويتفوّقون علينا بكثير). ولاحظ سعد العجمي أن السعوديين يسيؤون الى الكويت في حين يدافع جيشها عن الحدود السعودية الجنوبية؛ وذكر آخر السعوديين بأن للكويت فضل على آل سعود، فقد استضافهم مبارك الصباح وآواهم ولولا مساعدته ما استعادوا الحكم).

وأخيراً.. حين وجد آل سعود ان قضيتهم مع الكويت خاسرة، خففوا اللعب، وصرح تركي آل الشيخ بانهم سيعمل مع اشقائه في الكويت (الغالية) لرفع الحظر عن الرياضة الكويتية. فرد عليه يوسف البيدان: ما ينسينا الخطأ حبّ الخشوم/ ولا يِطَهّركْ المطر عشرين عام.

ومضت الرياض باحثة عن معركة أخرى.. فكانت لبنان!

الصفحة السابقة