المقامر محمد بن سلمان!

محمد بن سلمان، صاحب ألقاب لا تنتهي.

كان جيمس كريغ ، السفير البريطاني الأسبق في جدة، يشكو ويسخر من أن ألقاب الأمير سلطان طويلة. كان لقبه: (صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام). ذلك اللقب لم يكن يعكس كامل صلاحياته أيضاً، فقد كان رئيساً لعدد من اللجان العليا، التي تتحكم بمصير أكثر من وزير ووزارة ومؤسسة، وكان بيده ملفات سياسية أخرى، كان مسؤولا عنها، وفي مقدمها ملف اليمن، ثم أضاف اليه ملف البحرين، وغيرهما.

الآن ظهر الدب الداشر ليبزّ الجميع بصلاحياته غير المسبوقة.

صلاحيات لم يتمتع بها حتى جدّه مؤسس المملكة، فضلاً عن الملوك الآخرين.

فقد أطبق ابن سلمان على كل شيء تقريبا، ولديه من الصلاحيات ما يجعل ألقابه لا تنتهي.

فهو: ولي العهد، ونائب الملك في غيابه ويدير عملياً جلسات مجلس الوزراء، لأنه نائبه على المجلس، وهو وزير الدفاع، وهو ايضاً رئيس مجلس الشؤون الأمنية والسياسية بعد أن أطاح بولي العهد محمد بن نايف، الى جانب رئاسته مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية، وهما مجلسان يتحكمان بعمل كل الوزارات. وفوق هذا، فابن سلمان عملياً يمسك بكل الملفات الخارجية: كالملف السوري الذي كان بيد محمد بن نايف، وملف اليمن، وملف البحرين، وملف الصراع مع قطر، وملف المواجهة مع ايران، وملف لبنان والحريري، وغيرها.

ولا تنتهي مناصب ولي العهد في الجوانب السياسية، بل شملت كل مناحي الحياة، فهو رئيس لجنة مكافحة الفساد التي وضعت امراء ووزراء ومسؤولين في فندق الريتز لسلب أموالهم، وللقضاء على من يمكن ان يطمح لدور سياسي. وابن سلمان هو رأس أرامكو، الشركة النفطية التي ينوي بيعها، وهو رأس جهاز استثمارات الدولة، وهو رأس السياحة رغم ان أخاه سلطان بن سلمان هو مسؤول هيئة السياحة والآثار؛ وهو أيضاً رأس هيئة الترفيه.

زد على ذلك فإن وزارات ومؤسسات الدولة تعمل كلها في خدمته، بما فيها وزارة الإعلام ووزارة الداخلية، وحتى جيش الذباب الالكتروني يعمل تحت إمرته، فضلاً عن كل القنوات الفضائية بما فيه مجموعة ام بي سي وروتانا اللتان سيطر عليهما مؤخرا.

محمد بن سلمان، أكبر من وزير، وأكبر من ولي عهد، وأكبر من (مغامر)!

محمد بن سلمان كما وصفه الغربيون: مسؤول كل شيء!

في الماضي، كان هنالك شخص يعمل تحت امرة الملك عبدالعزيز، اسمه عبدالله السليمان، وكان وزير مالية، وكان يُلقب بـ (وزير كل شيء). كل شيء بعد سيّده الملك طبعاً!

أما محمد بن سلمان فلا أحد فوقه، هو شخص أبيه بما لديه من سلطات، وهو شخص ذاته، بما فيها من رعونة وطموح سيطرة ودموية.

الملك سلمان وضع ابنه في الواجهة، وأعطاه الصلاحيات التي بيده، وخطط معه كل ما نشهده اليوم من تحولات، يعتقد كثيرون أنها تدخل في باب (المقامرة) بمستقبل البلد، وإن أُعطيت عنوان (إنقاذ المملكة).

سلطات محمد بن سلمان لا تسعها أية ألقاب، ولا تحدّها حدود.

كل من حوله أصفار، وكل من تحته أصفار. موظفون يخدمون عنده، ويشكلون حاشية جديدة لحاكم جديد لم يتجاوز عمره ٣٢ عاما.

المهلكة السعودية قائمة على شخص. مستقبلها مرهون به أكثر مما هي رهينة سياساته التي تعتبر خليطاً من المواجهة الحادة الفاشية والدموية والأحلام الوردية.

المهلكة استثمرت في شخص (محمد بن سلمان) حتى أصبح leviathan او تنّيناً، لكنها دمّرت كل البناء الذي تحته، من قيم ومؤسسات، على أمل قيام بناء إداري وقيمي جديد، لا يمكن استكماله الا بعد سنوات طويلة، ستكون البلاد خلالها عرضة لعدم الاستقرار.

مصير الحكم السعودي معلّق الآن على بقاء محمد بن سلمان حياً!

ومصير الشعب كما الدولة مظلم ان استمرّ في الحكم أيضاً!

الصفحة السابقة