السيد عباس المالكي
(1285-1353هـ)
السيد عباس بن عبد العزيز بن عباس المالكي الحسني الإدريسي.
الخطيب والإمام والمدرس بالمسجد الحرام.
ولد بمكة المكرمة ونشأ بها، وحفظ القرآن الكريم كاملاً نظراً
وغيباً على الشيخ علي الغزاوي، وسنّه يوم ذاك خمسة عشر عاماً، ثم
جوّده على والده، وحفظ عليه مجموعة من المتون في التجويد والقراءات
وعلم الكلام والفرائض وعلم البيان، وقد لازم والده في ذلك مدة سنتين.
ثم في سنة 1302 هـ، حفظ على السيد عمر شطا متن الألفية لابن مالك
ومتن الأجرومية، وحضر حلقة دروسه في المسجد الحرام، وقرأ عليه في
النحو والصرف وعلم الكلام.
ثم قرأ على السيد أبي بكر بن محمد شطا شروح الألفية لابن المالك
في النحو، وفي الحديث صحيح البخاري وشرحه، وإرشاد الساري للقسطلاني،
والشفا للقاضي عياض، وإحياء علوم الدين للغزالي، والتفسير. وحضر عند
الشيخ محمد عابد المفتي وقرأ عليه عدداً من الكتب المتداولة في الفقه
المالكي، وفي علم البيان والصرف والفرائض والمنطق وكتب الحديث، كما
حضر على الشيخ محمد يوسف خياط، وقرأ في كتاب الحساب والفرائض والفلك
وعلم الهندسة.
تصدّر للتدريس في المسجد الحرام فدرّس سنة 1309 هـ بعد أن أجازه
مشايخه، وتخرج على يديه الكثير من طلاب العلم في المسجد الحرام منهم:
إبنه السيد علوي. كان رحمه الله وديع النفس، راجح العقل، طيب القلب،
يعمل لدينه ودنياه، لخدمة وطنه وقومه، وكان رحمه الله دؤوباً على
المطالعة والمراجعة والبحث وعلى صلة تامة بالكتب وأهلها.
كان إماماً وخطيباً في المسجد الحرام، مثلما كان أبوه عبد العزيز
وجده عباس وأخوه عبد العزيز، وكان سفير الحكومة الهاشمية في الحجاز،
وقد قام بمهمات كثيرة خارج البلاد، وانتخب عضواً بإدارة المعارف، ثم
مديراً للمعارف الهاشمية، تولى رحمه الله القضاء في العهد السعودي،
فكان في قضائه متجافياً عن المصلحة الخاصة بعيداً عن الرياء والملق،
محباً للإخلاص، مقدراً للشرف والمروءة، لا فرق عنده بين كبير وصغير،
وغني وفقير، ووضيع ورفيع، لا يقبل في حكم الله وساطة شفيع ولا قريب،
ولا تأخذه في الله لومة لائم، محباً للإصلاح وتلافي الأمور، وإنهاء
القضايا دون تأخير وتعطيل.
انتدبه الشريف حسين الى الحبشة لبناء مسجد المسلمين فيها، ثم الى
بيت المقدس لبناء قبة الصخرة والمسجد الأقصى، وحمل معه الأموال التي
تجمعت من الإكتتاب لهذا الغرض. وقد أسلم على يده في الحبشة زمرة من
أهل الكتاب، ووقعت له محاورات ومناظرات مع بعض القسيسين وألّف رحلة
سماها (الرحلة الى الحبشة) لم تطبع بعد.
أما روايته وأسانيده، فإنه كان يروي عن كثير من علماء عصره وأئمة
التفسير والمحدثين والفقهاء، وقد أكثر من الرواية عن شيخيه الإمامين
اللذين لازمهما عشرات السنين وخدمهما وتأدّب بهما واستفاد منهما،
وافتخر بانتسابه إليهما، وهما السيد بكري شطا صاحب (إعانة الطالبين)
والشيخ محمد عابد (مفتي المالكية). وروى السيد عباس عن جملة من كبار
أئمة عصره لقيهم في الحرمين وفي مصر والشام وبيت المقدس واليمن. كما
استجاز من بعض أقرانه، وتدبج بهم كما هي عادة أهل العلم والفضل.
وقد تتبع فضيلة السيد محمد بن علوي بن عباس المالكي الحسني مشايخ
جده السيد عباس، وفتش عن أسمائهم، وذكر أسانيدهم وطرق رواياتهم عن
مشايخهم واتصالهم بكتب العلم والفنون المختلفة وشيئاً من أخبارهم
وأحوالهم، ذكر ذلك في كتاب خاص سمّاه: (نور النبراس في التعريف
بأسانيد ومرويات الجد السيد عباس، وهو ثبت المحدث العلامة المسند
السيد عباس بن عبد العزيز بن عباس بن محمد الإدريسي الحسني الشهير
بالمالكي المكّي).. ذكر فيه حفظه الله رواية جده وأسانيده بذكر شيوخه
الذين ذكر أسماءهم، وهم ثلاثة وعشرون شيخها من المشهورين، وجعل هذا
الثبت على قسمين: الأول، المسلسلات الخاصة بجده السيد عباس بن عبد
العزيز المالكي الحسني المكي. والثاني، المرويات في أسانيد الكتب
العلمية.
توفي السيد عباس رحمه الله بمكة المكرمة.
له: تهذيب البيان على متن تقريب الإخوان، العلم البيان لشيخه محمد
عباد، رسالة في المناسك على مذهب الإمام مالك، رسالة في البسملة
وأحكامها وأسرارها، الرحلة الحبشية، شرح على متن شيخه محمد عابد في
علم الوضع المفيد، شرح نظم العمروسي(1).
(1) المالكي، السيد محمد علوي. في نور النبراس، ص 1-9.
عبد الجبار، عمر. سير وتراجم، ص 144، وفيه ولادته سنة 1270هـ.
مرداد ابو الخير، عبد الله. مختصر نشر النور والزهر، ص 229.
غازي، عبد الله بن محمد. نظم الدرر، ص 186
الزركلي، خير الدين. الأعلام، ص 45، ص 35
كحالة، عمر رضا. معجم المؤلفين، جـ 5، ص 61.
قزاز، حسن عبد الحي. أهل الحجاز بعبقهم التاريخي، ص 258. |