وجـوه حجازيـة
هو إبراهيم بن يوسف المهتار، المكي، الأديب، الشاعر
المشهور في الحجاز.
ذكره ابن معصوم، صاحب: سلافة العصر، وتحامل عليه وقال:
(ولقد تصفحت ديوانه الذي جمعه، فلم أرَ فيه إلا ما تمجّه
الأسماع، إلا كلمات كادت أن تصفو من الشوائب). في حين
قال المحبي في خلاصته: (وشعره كما رأيت الى الإحسان أقرب،
فما أدري أي شيء أبعده. وليس الداعي الى ما قاله ابن معصوم
الا التحامل والغرض، ونحن ننظر الى الجوهر ونترك العرض)،
واضاف: (وبالجملة فإنه أكثر المكيين شعراً، وكان مطلعاً
على أمثال وأخبار كثيرة، ورأيت بخطه مجاميع كثيرة تدل
على وفرة معلوماته، وكان أدباء الحجاز دائماً يداعبونه
ويمازحونه). وختم: (وسبب خمول قدره فيما بينهم، كون أبيه
مملوكاً).
ونقل مرداد أبو الخير كثيراً ممن ترجم له، كالمحبي
في نفحة الريحانة، وعبدالرحمن الذهبي في النفحات، ومصطفى
الحموي في نتائج السفر والإرتحال. حيث قال الحموي: (شاعر
حسن الشعر، حلو المقطعات. له شعر يُستظرف في معناه، ويُستحلى
مغزاه، ويُتغنّى بشذاه).
برع ابراهيم المهتار في الفنون الشعرية، وجمع مجاميع
لطيفة أدبية، وله ديوان شعر.
توفي في حدود السبعين بعد الألف، ودفن في مقبرة المعلاة.
له: التذكرة، مجموعة من مختاراته في إثني عشر مجلداً
كبيراً. وله: درّ النظم في وقوع أركان البيت المعظم؛ وله
ديوان شعر: الروض الأرج؛ وكتاب الشميمة والعاطر التميمة
في التراجم والتاريخ؛ وأخيراً له: نسيم الصبا ونديم الصبا(١).
هو محمد الطيب بن محمد بن علي بن عبدالله بن قروان
المراكشي. ولد بقرية منابرة من قرى مراكش، وقرأ القرآن
الكريم على خاله المقرئ الشيخ علي بن أحمد البكري، وقرأ
في دزموطة الفقه المالكي، والنحو على الشيخ أحمد بن محمد
المطاعي، وختم عليه صحيح البخاري مرتين. بعدها دخل مراكش
سنة ١٣٢١هـ حيث تلقى عن علمائها علوم الشريعة واللغة العربية،
منهم الشيخ محمد بن إبراهيم السباعي والشيخ العربي الرحماني،
والشيخ محمد السوس، وأجازوه إجازة عامة، كما أجازه كل
من الشيخ محمد عبدالسلام بن أحمد بوستة، والشيخ أحمد الحداري،
والسيد الفاسي.
وفي عام ١٣٢٤هـ، قام الطيب المراكشي برحلة الى مصر،
فأخذ بها عن السيد أحمد الرفاعي، واجتمع بالشيخ الطاهر
الجزاري وأجازه، ثم رحل الى بنغازي بليبيا، وأخذ بها عن
السيد أحمد بن أبي القاسم العلياوي الطرابلسي، ومكث فيها
مدة طالباً للعلم.
وفي ١٣٢٨هـ، قدم مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، واجتمع
بالشيخ عبدالله حمدوه، فجوّد عليه القرآن، وأنِسَ كلٌ
بصاحبه.
بعدها رحل المراكشي الى أندونيسيا لنشر العلم في الشرق
الأقصى، فاستفاد منه الناس، واتصل بالسيد محمد بن عبدالرحمن
بن شهاب، فأجازه، وزار عدة أماكن فيها.
وفي عام ١٣٣١هـ، قام المراكشي برحلة ثانية الى مصر،
ومنها الى الشام، فاجتمع بدمشق بالمحدّث الشيخ بدر الدين،
وبالعالم السلفي الشيخ جمال الدين القاسمي، وأجازاه، ثم
عاد الى مكة المكرمة عن طريق المدينة المنورة، فوصل مكة
المكرمة عام ١٣٣٢هـ واستقر بها.
عُيّن المراكشي مدرساً بمدرسة الفلاح، واشتغل فيها
بالتدريس، وكذلك فعل في المسجد الحرام. وفي سنة ١٣٥٤هـ،
عُيّن وكيلاً لمدرسة الفلاح، ثم مديراً لها، وأبدى كفاءة
وحسن تصرف وإدارة، فلهجت الألسن بها؛ ولكنه رأى أن قيامه
بإدارة المدرسة، صرفهُ عن مطالعة الكتب ونشر العلم، ففضل
أن يكون بها مدرّساً، فأُجيبت رغبته، وظلّ مدرساً بها
بقية حياته.
توفي رحمه الله بمكة المكرمة ودُفن فيها(٢).
(١) محمد أمين المحبي، خلاصة الأثر، جـ١، ص ٥٣؛ وفيها
كانت وفاته بعد الأربعين وألف بقليل. وانظر: عبدالله مرداد
أبو الخير، مختصر نشر النور والزهر، ص ٥٥-٦٠، وكانت وفاته
بعد الأربعين بقليل. وانظر: علي ابن معصوم المدني، سلافة
العصر، ص ٢٤٤؛ وخير الدين الزركلي، الأعلام، جـ١، ص ١٣١؛
وفيه المتهاري، الرومي، المكّي، نزيل صنعاء، مات مقتولاً
بها، ووفاته سنة ١٠٧١هـ. كذلك انظر: اسماعيل البغدادي،
هدية العارفين، جـ ١، ص ٣٣؛ ومحمد الحبيب الهيلة، التاريخ
والمؤرخون بمكة من القرن الثالث الهجري الى القرن الثالث
عشر الهجري، ص ٣٤٥، وفيه المتهاري، وكان ملازماً لبيته
أكثر الأيام، مات ولم يشعر به أحد إلا بعد ثلاثة أيام.
(٢) محمود سعيد أبو سليمان، تشنيف الأسماع، ص ٢٥٦؛
وعمر عبدالجبار، سيرة وتراجم، ص ٢٩١؛ وعبدالله بن محمد
غازي، نثر الدرر بتذييل نظم الدرر، ص ٧٣؛ ومحمد ياسين
الفاداني، قرة العين في أسانيد مشايخي من أعلام الحرمين،
جـ١، ص ٢١٥، وفيه بن مروان المراكشي (بدلاً من قروان).
|