إبراهيم بن سليمان بن عبد المعطي بن إبراهيم النوري
(1326-1384)
ولد رحمه الله بمكة المكرمة ونشأ بها وتلقى مبادئ القراءة
والكتابة، وحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب في كتّاب جدّه
السيد عبد المعطي بن إبراهيم النوري، الذي كان يحتل المسجد
الشهير بمسجد (الشيخ مسافر) في محلة الشبيكة بمكة المكرمة،
وقد وجّهه جدّه الى حفظ القرآن الكريم غيباً ومجوّداً،
تأسّياً واقتداءاً بالسلف الصالح الذي كان يعنى أعظم عناية
بتحفيظ القرآن الكريم غيباً ومجوداً، باعتباره الركيزة
الإساسية للتربية الإسلامية، والعمود الفقري للعلوم الإسلامية،
والمنهل الخالد لأصول الثقافة العربية الخصبة، والينبوع
الفياض للبيان العربي المعجز.
والتحق بمدرسة الفلاح بمكة المكرمة، وتلقى تعليمه فيها
على أيدي نخبة من العلماء وأعلام المربين، منهم السيد
محمد رضوان مدير المدرسة، والشيخ سالم شفي، والشيخ أمين
فودة، والشيخ الطيب المراكشي، والشيخ عيسى رواس، والشيخ
عمر حمدان وغيرهم.
تخرج من الفلاح سنة 1345هـ، وتقديراً لكفاءاته العلمية
الممتازة فقد عينته إدارة المدرسة مدرساً، واستمر حتى
نهاية شهر محرم سنة 1347هـ حيث انتقل الى المدرسة الإبتدائية
الحكومية بالمسعى مدرّساً قرابة عام، ثم عاد الى مدرسة
الفلاح ثانية في مطلع سنة 1348هـ مدرساً، ثم وكيلاً للمدرسة
حتى نهاية شهر رجب سنة 1355هـ حيث انتقل الى مديرية المعارف
مفتشاً ثانياً، فكان يقوم بتوجيه المدرسين في المدارس
الإبتدائية والثانوية والمعاهد الثانوية العلمية.
وفي هذه الفترة من حياته العلمية تنقل في مختلف مناطق
التعليم في المملكة، يدرس مشكلات التعليم، ويتناقش مع
زملائه المعلمين في ألوان القضايا التربوية، وبقي في وظيفته
أكثر من خمس عشرة سنة، فكان لهذه السنوات الطوال آثار
جليلة انعكست في طرائق تفكيره، ومناهج سلوكه، حنكة في
الرأي، وسعة في التجربة، وسلامة في النظر، وبعداً في الرؤية،
ودقة في التخطيط.
بعدها رفّع الى وظيفة مفتش أول لمدة عام، ورئيساً لمكتب
التفتيش بجهاز مديرية المعارف العامة، ثم رفّع الى منصب
معاون مدير المعارف العام في أوائل سنة 1372هـ.
ولما تم تحويل المديرية الى وزارة سنة 1373هـ، وأصبح
فهد (الملك فيما بعد وزيرها الأول) اختير السيد ابراهيم
النوري مستشاراً بها حتى أُحيل على التقاعد المبكر سنة
1376هـ.
في أثناء ذلك تصدى للتدريس بالمسجد الحرام في الفقه
الشافعي والنحو وذلك بعد صلاة المغرب في حصوة باب إبراهيم.
من تلامذته الذين تخرجوا عليه خلال التعليم الثانوي
في مدرسة الفلاح بمكة، ومن خلال تدريسه في المسجد الحرام،
معالي الشيخ أحمد زكي يماني، ومعالي الشيخ عبدالوهاب عبد
الواسع، ومعالي الدكتور محمد عبده يماني، والسيد محسن
بن احمد باروم، وغيرهم.
اختير رحمه الله عضواً في لجنة تصحيح مصحف مكة المكرمة
الذي كتبه بيده الخطاط الشهير محمد طاهر الكردي، وأسهم
السيد إبراهيم النوري إسهاماً خيّراً، وجاهد جهاداً مضن
في سبيل تحقيق فكرة طبع المصحف الشريف في مكة المكرمة،
مهبط الوحي ومنطلق الرسالة المحمدية، وأظهر حماساً متزايداً
لتحقيق هذه الفكرة التي تتركز في قيام أبناء مكة المكرمة
بهذا العمل الإسلامي الخالد.
وتألفت شركة مصحف مكة المكرمة، وتولى منصب مدير الشركة،
واستمر فيها قرابة ثمان سنوات بذل فيها كل وقته، وعصارة
تجاربه، وخلاصة أفكاره، لتطوير مصحف مكة المكرمة تطويراً
مستمراً، يضمن له الإتقان المتفوق في الإخراج، والزيادة
المضطردة في التوزيع، والشهرة الذائعة في مختلف ديار الإسلام.
توفي رحمه الله إثر حادث سيارة كانت تقله في طريقه
الى المدينة، ودفن ـ رحمه الله ـ بالمعلاة في مكة المكرمة(*).
(*) السيد محسن بن أحمد باروم، رجل من رجال التعليم
القدامى المرحوم الأستاذ إبراهيم النوري؛ في النشرة التربوية،
وحدة الإحصاء والبحوث والوثائق التربوية بوزارة المعارف،
العدد الخامس، شوال 1391هـ، ص 80-86.
ـ مجلة التضامن الإسلامي (مجلة الحج سابقاً) العدد
8، السنة 18، سنة 1384هـ.
ـ باسلامة، محمد ابو بكر. في حياتهم، البلاد ، العدد
7689، في 22/10/1404هـ.
ـ بغدادي، عبد الله بن عبد المجيد. الإنطلاقة التعليمية
في المملكة العربية السعودية، جـ1، ص 538.
|