وجـوه حجازيـة
محسن بن علي بن عبدالرحمن المساوي، باعلوي الحسيني
الحضرمي الشافعي. ولد بفلبان، ونشأ في كنف والده، وتلقى
مبادئ العلوم الأولية على يديه، وفي مدرسة نور الإسلام.
ثم التحق بمدرسة حكومية بفلبان، ولازم الشيخ كياهي عيدروس،
وكان قد حفظ القرآن الكريم على المقرئ الحاج شمس الدين.
وفي سنة 1340هـ قدم مكة المكرمة مع شقيقه عبدالرحمن بن
علي المساوي، ثم دخل المدرسة العولتية وتخرج منها 1347هـ،
وفيها أخذ عن أجلّ علمائها الأفاضل، منهم الشيخ حسن بن
محمد المشاط، والشيخ حبيب الله الشنقيطي، والشيخ مختار
بن عثمان مخدوم، والشيخ محمود بن عبدالرحمن زهدي البنكوكي
المكي. ثم رحل لزيارة بلد أسلافه حضرموت، وزيارة أسلافه
العلويين والإتعال بأفاضل العلماء، واستغرقت رحلته ثلاثة
شهور، استفاد منها الكثير، وصنّف في رحلته معنّفاً سمّاه
(الرحلة العليّة الى الديار الحضرميّة لزيارة أسلافنا
العلويّة)، ثم عاد الى مكة المكرمة وطلب للتدريس بالمدرسة
العولتية فلبى الطلب، وأقبل عليه الطلاب لحسن تقريره وسهولة
عبارته، وسعة اطلاعه. ومع ذلك فقد كان ملازماً لحلقات
علماء المسجد الحرام، ولم ينقطع وأخذ عنهم، منهم الشيخ
عمر بن أبي بكر باجنيد مفتي الشافعية، والشيخ سعيد بن
محمد الخليدي اليماني، والشيخ محمد بن علي بن حسين المالكي،
والشيخ خليفة بن حمد النبهاني، والشيخ عبدالله بن محمد
غازي، ومحدّث الحرمين الشريفين الشيخ عمر حمدان المحرسي،
والسيد عيدروس بن سالم البار، والشيخ علي بن فالح الظاهري
المهني.
وفي زياراته المتعددة لمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم،
استجاز أكابر علماء المدينة المنورة، منهم الشيخ عبدالباقي
اللكنوي، والسيد علي بن علي الحبشي، والشيخ عبدالرؤوف
المعري، والفقيه عبدالقادر الشلبي، والسيد زكي البرزنجي،
والمعمّرة أمة الله ابنة عبدالغني الدهلوي، ثم المدني.
أجيز للتدريس بالمسجد الحرام، فدرّس وحضر دروسه كثيرون
من مختلف الطبقات، ودرّس في الفقه وأصوله والبلاغة والنحو
والعرف. وفي سنة 1353هـ، قام مع بعض العلماء الجاويين
الأفاضل بافتتاح مدرسة دار العلوم الشرعية، واختير للتدريس
فيها أكابر العلماء في ذلك الوقت، فكان بها صدر المدرسين،
وعمدة أهل زمانه الشيخ محمد بن علي بن حسين المالكي. جمع
مكتبة نفيسة من شتى العلوم، واستنسخ كثيراً من الكتب،
وأوقفها على طلبة العلم في الدار. توفي رحمه الله بمكة
المكرمة.
له: النفحة الحسنيّة: شرح التحفة السنية في الفرائض؛
مدخل الوصول الى علم الأصول؛ نهج التيسير: شرح المنظومة
في أصول التيسير؛ جمع الثمر: تعليق على منظومة منازل القمر؛
الجدد: شرح منظومة الزبد؛ النعوص الجوهرية في التعاريف
المنطقية؛ أدلّة أهل السنّة والجماعة في دفع شبهات الفرق
الضالة المبتدعة؛ الرحلة العلمية الى الديار الحضرمية.
أحمد بن عبدالله بن محمد صالح بن سليمان بن محمد صالح
بن محمد، أبو الخير مرداد الحنفي. فاضل، شيخ الأئمة والخطباء
بالمسجد الحرام. ولد بمكة المكرمة ونشأ بها، وحفظ القرآن
الكريم مجوّداً، وحفظ مجموعة من المتون في النحو والعرف
والفرائض والعقائد والمنطق والقراءات والعروض والمعاني
والبيان وغيرها، وعرضها على جملة من مشايخ ععره، واشتغل
بعلم القراءات، فقرأ للسبع على الشيخ السمنودي وأجازه؛
وجدّ في طلب العلم فأخذه عن المفتي جمال ولازمه في الحديد
والتفسير والعربية وبه تفقّه. كما أخذ عن الشيخ محمد سعيد
بشارة الخالدي، والشيخ محمد صالح الرضوي، والشيخ رحمة
الله الهندي ـ مؤسس المدرسة العولتية ـ وغيرهم وأجازوه.
في سنة 1293هـ، ولاّه الشريف عبدالله مشيخة الخطباء
بعد وفاة الشيخ سليمان ابن عبدالمعطي مرداد، وعرض عليه
الإفتاء فامتنع مراراً، وكانت داره مرجعاً للناس؛ واشتهر
رحمه الله بالزهد والتقوى والتواضع. وكان رحمه الله إماماً
وخطيباً ومدرّساً بالمسجد الحرام، وكان الشيخ عبدالرحمن
سراج ينيبه في الإفتاء إذا سافر الى الطائف، كما قضاة
المحكمة كانوا يعرضون عليه ما أشكل عليهم فيقنعهم بحكم
الله. توفي رحمه الله بمكة المكرمة.
هو محمد بن عبد الرحمن بن محجوب المرزوقي، المكنّى
بأبي حسين الحنفي المكي. ولد بمكة المكرمة ونشأ بها، وحفظ
القرآن الكريم ومجموعة من المتون، واجتهد في طلب العلم،
ولا سيما الفقه، فلازم مفتي مكة المكرمة الشيخ صالح كمال
وبه تفقه وبرع. وأخذ النحو والمنطق والمعاني والبيان وغيرهما
من السيد بكري شطا. وقرأ على الشيخ حافظ عبدالله النهدي،
وعلى الشيخ عبد الحق الإله آبادي ثم المكي وأجازوه إجازة
عامة. ولما قدم الشيخ أحمد رضا البريلوي مكة المكرمة استجازه
فأجازه بسائر مروياته ومؤلفاته.
تعدّى للتدريس بالمسجد الحرام، فعقد حلقة درسه في الرواق
الذي بين باب القطبي وباب الباسطية، وكانت حلقته مكتظة
بكبار طلاب العلم ورواد المعرفة، منهم الشيخ حسين بن عبدالغني،
والشيخ أحمد الهرساني، والشيخ محمد المرزوقي، والشيخ يحي
أمان، وكلهم تولوا مناصب القضاء.
تولى رحمه الله القضاء في العهدد العثماني بمكة المكرمة،
وكان عضواً بمحكمة التعزيرات، وعضواً بإدارة عين زبيدة،
وعضواً بهيئة التمييز. وفي العهد الهاشمي عيّن عضواً بهيئة
المعارف. وفي العهد السعودي عيّن رئيساً للمحكمة الكبرى،
ورئيساً للمجلس الأهلي الإستشاري، وعضواً بهيئة رئاسة
القضاء، ووكيلاً لرئيس القضاة عند غيابه. وكان في جميع
العهود موفقاً في أحكامه، يقدّره الولاة ويحبّه الشعب
لما اشتهر به من حزم في رحمة وعدل وفي تقوى الله، وتحرّي
الحق، وتنفيذ الحكم الشرعي دون هوادة، أو محاباة لأحد.
توفي رحمه الله بمكة المكرمة.
|