وجـوه حجازيـة
هو إبراهيم بن محمد سعيد بن جعفر الحسني الإدريسي المنوفي
المكي الشافعي. ولد في آخر القرن الحادي عشر الهجري بمكة
المكرمة، وأخذ عن كبار علمائها كالبصري والنخلي وتاج الدين
القلعي، والعجمي، ثم من الطبقة التي تليه مثل علي السنجاري،
وابن عقيله، وآخرين من الواردين على الحرمين من آفاق البلاد.
وأعلى ما عنده من إجازة الشيخ إبراهيم الكوراني له. وبينه
وبين السيد جعفر البيتي والسيد العيدروس مخاطبات ومحاورات.
وكان العيدروس يقول في حقه إنه أديب جزيرة الحجاز ولا
أستثني.
له معارضة القصيدة الحائية لابن النحاس، أبدع فيها
وأغرب.
دخل الهند بسفارة صاحب مكة فأكرم وعاد الى مكة، وولي
كتابة السر لملكها. وكان يكاتب رجال الدولة على لسانه
على اختلاف طبقاتهم. وكان قلمه كلسانه سيالا، وربما شرع
في كتابة سورة من القرآن وهو يتلو سورة أخرى بقدرها فلا
يغلط في كتابته ولا في قراءته، حتى تتما معاً، وهذا من
أعجب ما سمعت.
وكانت له مهارة ومعرفة في علم الطب، وأما انشاءاته
فإليها المنتهى في العذوبة وتناسب القوافي، وأما نظمه
فهو فريد عصره، لا يجاريه فيه مجار، ولا يطاوله مطاول.
توفي رحمه اله بمكة المكرمة.
له: السبع السنابل في مدح سيد الأواخر والأوائل (ديوان).
رسالة في علم الطب(1).
تلقى العلم عن والده وعن علماء عصره، واشتغل بطلب العلم
وتجارة الكتب، وكان له مكتبة في باب السلام يبيع فيها
الكتب العلمية.
وكان رحمه الله إذا أراد تدريس اي كتاب يحرص على خلوة
من مكتبته خشية أن يُتهم بالإستغلال. درّس في المسجد الحرام
في الرواق الذي بين باب المحكمة وباب السليمانية بعد العصر،
وكانت دروسه في التفسير والحديث.
ترجم له الشيخ عمر عبدالجبار في كتابه (سير وتراجم)
فقال: كان يشرح لطلابه الأحاديث الواردة في حدّ شارب الخمر
وبيان نوعه.. الى أن قال: واستمر الشيخ محمد حسن المنصوري
يشرح لطلابه الأحاديث الواردة في حد شارب الخمر، وقد لعن
الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبايعها، ومبتاعها، وعاصرها،
ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها.. كل ذلك
حفظاً لسلامة الجسم، وصيانة العقل. ولكن رغم هذا النهي
والترهيب، لايزال بعض ضعفاء الدين يتناولون أنواع المسكرات
بإسم تجدد النشاط والإنتعاش والترفيه، وفتح الشهية، فتدفعهم
(أم الخبائث) الى ارتكاب أفظع الجرائم والموبقات والشرور
التي يندى لها الجبين خجلاً. توفي رحمه الله بمكة(2).
هو أبو الفضل الخطيب النويري. ولد بمكة المكرمة، ونشأ
بها في كفالة أخيه الأكبر، فحفظ القرآن الكريم وتلاه لأبي
عمرو على موسى المغراوي، وبعض المتون في الفقه وغيره،
وعرض ذلك على جماعة. وقرأ في النحو والأصول بمكة المكرمة
على الجمال بن أبي زيد المشهدي السمرقندي الحنفي، والجمال
والبرهان البنكالين الهنديين، وسمع مجالس من وعظ أبي شعر
الحنبلي، وسمع على أبي المعالي الصالحي، وأبي الفتح المراغي،
والتقيّ ابن فهد، وآخرين.
ارتحل الى القاهرة، وأخذ فيها الفقه والحديث عن ابن
حجر العسقلاني، وعن القاياتي والوناني الفقه، وكذا النحو
عن القاياتي، وأخذ أصول الدين عن السيد فخر الدين الشيرازي،
وسمع من ابن حجر العسقلاني والعز الحنبلي ومحمد بن أبي
الخير المنوفي. وبالمدينة المنورة، من المحب المطري والشهاب
الجريري وغيرهما. لازم أبا القاسم النويري المالكي في
اصول الفقه والنحو والصرف والمنطق، وكان جل انتفاعه به.
وأذن له في التدريس والإفتاء.
زار البيت المقدس غير مرة، ودخل الشام وغيرها، وما
حلّ ببلد إلا وعظّمه أهلها. وحدّث ووعظ ودرس وأفتى، وجمع
مجالس تكلم فيها على بعض أحاديث من البخاري. توفي رحمه
الله بالقاهرة(3).
(1) عبدالرحمن الجبرتي، عجائب الآثار في التراجم والأخبار،
جـ3، ص 51، في وفيات 1187هـ. وعبدالله مرداد أبو الخير،
في مختصر نشر النور والزهر، ص 53، وفيه وفاته سنة 1187هـ،
ثم ذكر في آخر ترجمته: وذكر الشيخ عابد السندي أن صاحب
الترجمة توفي لثلاث وعشرين من صفر سنة خمس وتسعين ومائة
وألف هجرية، وقال في حقه: وقد كان عالماً عاملاً ورعاً
زاهداً، تولى الإفتاء وهو كاره لها. أيضاً أنظر خير الدين
الزركلي، الأعلام، جـ1، ص 34. وكذلك عمر رضا كحالة، معجم
المؤلفين، جـ1، ص34، وفيها وفاته سنة 1187هـ، وكذلك اسماعيل
البغدادي، هدية العارفينن جـ1 ص 38. وانظر عبدالله بن
محمد غازي، نظم الدرر، ص 74.
(2) عمر عبدالجبار، سير وتراجم، ص 252. وعبدالله مرداد
ابو الخير، مختصر نشر النور والزهر، ص485، حاشية.
(3) محمد بن عبدالرحمن السخاوي، الضوء اللامع، جـ6،
ص31. وعمر ابن فهد، اتحاف الورى، جـ4، ص 501.
|