وجـوه حجازيـة
تخرج سليمان مراد من المدرسة الصولتية، ودرّس بالمسجد
الحرام. تولى القضاء بينبع ثم في الطائف، في عهد الأشراف.
كان رحمه الله يسكن بمكة المكرمة في باب العمرة، فلا يفوته
فرض في الجماعة، وكان ينزل الى المسجد الحرام في الثلث
الأخير من الليل، فيطوف ويتلو كتاب الله الى أن يطلع الفجر،
ويدوي المسجد بآذان الفجر، وتقام الصلاة، فيؤديها في خشوع
وخضوع. وكان حلقة درسه في حصوة باب العمرة. توفي رحمه
الله بالطائف(1).
هو محمد بن خليفة بن حمد بن موسى النبهاني المكّي.
والده من البحرين استقرّ في مكة ومات فيها. ولد محمد بمكة
المكرمة ونشأ بها وتلقى عن والده العلم، ثم التحق بالمدرسة
الصولتية، وتخرج منها، ثم لازم حلقات المسجد الحرام، فأخذ
عن الشيخ عبدالرحمن بن أحمد دهان، والشيخ محمد يوسف خياط.
درّس بالمسجد الحرام فعقد حلقة درسه فيه. ثم رحل الى البحرين
سنة 1331هـ، فأقام بها مدة قصيرة، جمع فيها ما تيسر له
من تاريخها وسير أمرائها، في كتاب سمّاه (النبذة اللطيفة
في الحكام من آل خليفة)، ثم واصل رحلته الى العراق، فنزل
البصرة، وعيّن قاضياً فيها. ولما نشبت الحرب العالمية
الأولى اعتقله الإنجليز، وسُلبت منه كتبه وأوراقه، ولما
أفرج عنه سنة 1334هـ، لم يؤذن له بمغادرة البصرة فظلّ
فيها الى أن أدركته المنية بالبصرة رحمه الله.
له: التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية؛ مؤنس
العرب بتذييل سبائك الذهب في أنساب العرب؛ خلاصة الهيئة
النبهانية عن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية؛ والأدلة
العقلية في إثبات الحركة الشمسية حول الأرض سنوياً ويومياً؛
التذكرة النبهانية في أسماء المخترعات العصرية والإكتشافات
الزمانية وتعديل بعض الألفاظ العامية؛ قطف الأزهار في
معرفة المعادن والأحجار؛ سلاسل العقيان من أحاديث الشيخ
محمد آل نبهان؛ إرشاد السالك في شرح أوضح المسالك نظم
العمروسي؛ الملحمة النبهانية: شرح المنظومة الشمقمقية؛
ثمرات الخرائط في رسم الخرائط(2).
عباس يوسف قطان، ولد بمكة المكرمة، ونشأ بها. تلقى
مبادئ القراءة والكتاب في الكتاب، ثم انتقل الى المدرسة
الصولتية، وفيها حفظ القرآن الكريم وجوّده، وأخذ الفقه
واللغة عن علمائها، ولازم حلقات علماء المسجد الحرام التي
كانت تعقد بين العشائين. ومن مشايخه الذين أخذ عنهم: الشيخ
سعيد يماني، والسيد المرزوقي، والشيخ عمر باجنيد، والشيخ
عمر حمدان المحرسي.
وفي أوائل العهد السعودي، أصبح عضواً في المجلس البلدي
بمكة المكرمة، وفي سنة 1347هـ عيّن أميناً للعاصمة المقدسة
الى نهاية 1364هـ، ثم عيّن عضواً في مجلس الشورى، ثم طلب
إعفاءه منه وتفرغ للأعمال الخيرية التي كان ينوي القيام
بها في مكة المكرمة.
كان الملك عبدالعزيز يكلفه ببعض مهام الأمور في عهد
رئاسته لأمانة العاصمة، فحينما انتهت إمارة الأمير عبدالعزيز
بن إبراهيم على المدينة كلفه بالسفر الى هناك وتصريف شؤونها
الى حين تولي عبدالله السديري إمارتها. كما كان يعهد إليه
بالعمل في بعض الأمور التي تطرأ. وكانت داره في مكة المكرمة
وفي الطائف أيام الصيف مفتوحة للناس، تغصّ بروادها من
أهل العلم والفضل ومن الضيوف الذين كانت تنصب لهم الموائد
صباحاً ومساءً. وكانت تستقبل الضيوف من كبار الحجاج في
موسم الحج من كل عام.
اشترى رحمه الله مكتبة الشيخ حامد كردي، وكانت من أكبر
المكتبات الخاصة بمكة وأثمنها، وبنى لها مقرّاً في موضع
مولد الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن اخذ الموافقة من
الملك، وذلك في عام 1370. فأشرف على البناء بنفسه، وفي
نفس العام توفي رحمه الله، وتولى أبناؤه إكمال المبنى،
ونقلت المكتبة اليه، وسميت (مكتبة مكة). وقيل أنه حصل
على موافقة الملك في إنشاء مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم
في موقع دار السيدة خديجة رضي الله عنها، والتي سميت أخيراً
مولد السيد فاطمة الزهراء رضي الله عنها في سنة 1368هـ،
فأكمل بناء المدرسة أبناؤه بعد وفاته وسلمت المدرسة الى
وزارة المعارف(3).
(1) عمر عبدالجبار، سير وتراجم، ص 117. حسن عبدالحي
قزاز، أهل الحجاز في عبقهم التاريخي، ص 274.
(2) عمر عبدالجبار، سير وتراجم، ص 275. خير الدين الزركلي،
الأعلام، جـ 6، ص 351. عمر رضا كحالة، معجم المؤلفين،
جـ9، ص 287. محمد خليفة النبهاني، التحفة النبهانية، ط2،
ص 2-5، جـ2، ص 401، أم القرى، 12/4/1349هـ. معجم الكتاب
والمؤلفين، جـ1، ص 144، ط2. أحمد سعيد ابن سلم، موسوعة
الأدباء والكتاب السعوديين، جـ3، ص 257.
(3) محمد علي المغربي، أعلام الحجاز، جـ1، ص 77.
|