أعوذُ بعامكَ السبعين، يا أبتاهُ أن تهرمْ
وأن يثنيكَ عِنْـدُ البحرِ، فالملاّحُ لا يُهزَمْ
أبي.. كم ذا سألتُ البحرَ.. أيٌّ منكما أقدمْ؟!
لماذا أنتما الإثنانِ في حربٍ ولا مَغْنَمْ!
ألم يُكتب لهذي القصة الزرقاء أن تـُختَمْ؟
وللصبواتِ أن تـُلجمْ؟
* * *
أبي ما حالت الخيباتُ يوماً دون أن تحلمْ
بأن تصطادَ لؤلؤةً تعود بها إلى البيتِ
ولم تعلمْ: بأنك يا أبي تمشي على بحرٍ من
الزيتِ!
* * *
بوقتٍ فيه يعلو الزيفُ، ظَهْرَ حصانهْ الأبلَـقْ
وداعي اللذة الحمراء، يصرخ: إنني أغرق!
وريّـا الخمر من أنفاس، روّاد الهوى تَعبَقْ
ودنياً في فراشِ العهرِ، تلعنُ زوجها الأسبقْ
وساعٍ في سبيل هواهُ، لا يعنيه كم أنـفـقْ
وأنتَ تمورُ في كوخٍ، عليه البؤسُ قد أطبقْ
تراقبُ طفلكَ المحموم، تلمسُ جرحكَ الأعمَقْ
وتعصرُ في ثنايا الليلِ، طوقَ جبينكَ المُرهقْ
لتجلبَ قطرتـيْ زيتٍ، إلى فانوسكَ الأزرقْ
وما تدري وأنتَ تلوذُ، حين تعودُ، بالصمتِ..
بأنك يا أبي تمشي، على بحرٍ من الزيتِ
* * *
لقد سحبوا بساط البـرّ.. كيف البـرُّ لا يـجأرْ؟
وقد نهبوا شواطي البحرَ، كيف البحرُ لا يـثـأرْ؟
وقد سلبوا عن المغنى، قميصَ روائهِ الأخضرْ
ورقعة أرضنا الحُـبلى، ونصف دقيقنا الأسمرْ
* * *
فيا وطناً خرافياً، ولا أحلى ولا أروعْ!
وبطناً متخماً بالزيتِ، لا يهدا ولا يشبعْ
ويا وثناً من الأوثانِ ليس يضرُّ أو ينفعْ
وجسماً من وراء الظلِّ، راح يـُدار بالإصبعْ
ذكت حرب النجوم، ولم يزل يحبو على أربعْ
يضنّ عليّ بالأشبارِ، رغم فضائه الأوسعْ
ويقمعني إذا عبـّرتُ عن ألمي.. ويقطع درب قرص
الخبزِ قبل بلوغه لفمي.. ويحسدني.. إذا
قاومتُ سيف الجوع والموتِ كما لو لم يكن
يطفو على بحرٍ من الزيتِ!
|