زيارة المنطقة الشرقية..
الخوف من الإنفصال
فجأة وبدون مقدمات.. انطلق الركب الملكي الى المنطقة الشرقية.
لأول مرة تستقبل سلطان وعبد الله معاً. مشاريع افتتحت منذ أشهر
وبعضها منذ سنوات، جاء الأمير عبد الله ليعيد افتتاحها! الأمير بدر
ومشعل وأمير الشرقية ونائبه وعشرات من الأمراء الصغار والمسؤولين
والوزراء كانوا يمارسون دورهم في العروض التلفزيونية!
احتفالات في القطيف والأحساء والجبيل وأماكن أخرى كانت تجري على
قدم وساق. ما لذي حدث؟ وما هو سرّ الإهتمام غير العادي بهذه المنطقة؟
سئل الأمير أحمد نائب وزير الداخلية عن ذلك فقال ليس هناك شيء غير
عادي! أصل السؤال يكشف عن المخاوف السعودية. فالمنطقة الشرقية من
وجهة النظر السعودية إضافة الى الحجاز مرشحتان للإنفصال عن جسد
الدولة (النجدية). وقد كانت الخطابات والتصريحات في الإحتفالات تؤكد
على وثاقة الوحدة الوطنية! هل كانت الوحدة موضع تساؤل؟! وتكرر الخطب
(الشعبية!) مقولات الإلتفاف حول حكومة آل سعود، وأن المواطنين لا
يريدون غيرهم بديلاً! فهل قيادة هذه العائلة موضع شك أيضاً؟!
لقد كثر الحديث عن انفصال الحجاز والمنطقة الشرقية، بل أن
الأميركيين هددوا العائلة بالإستيلاء على منابع النفط وتأسيس دولة
هناك، وقد كانت زيارة الأمراء للمنطقة الشرقية رداً على تلك
التهديدات. أرادوا القول بأن الشعب هناك معهم، وأنهم مع الوحدة.
وهناك رسالة أخرى لسكان الشرقية أراد الأمراء القول لهم بأنهم يهتمون
بهم ويسعون لإصلاح أوضاعهم السيئة، وأنهم بصدد تغيير سياساتهم
الطائفية والمناطقية وتعزيز ثقافة المساواة بين المواطنين.
ليست تحركات آل سعود الأخيرة سوى رد فعل مؤقت، وبمجرد أن تتبدّد
الضغوط الخارجية ستعود حليمة الى عادتها القديمة. ليس لدى الحكومة
السعودية رد منهجي يصلح الأوضاع الداخلية ويقوّي اللحمة بين
المواطنين، ذلك أن الحكم السعودي نفسه قائم على التفرقة بين المناطق
والقبائل والمذاهب، حتى تستمر سيادة الأمراء وتسلطهم. لا يظهر أن
الوضع سيستمر طويلاً، فخيارات الحكومة محدودة، ولا تستطيع الآن وبعد
عقود من تأسيس الدولة أن تحل المشاكل المتراكمة والثغرات الجوهرية في
بنيان السلطة وتركيبتها، ولهذا فإن دعوات الإنفصال ستتصاعد وإن بصمت
وخجل. |