دعوة الى إسقاط النظام
الخوف من القادم في العراق
لم تكن المرة الأولى التي يصرّح فيها وزير الخارجية السعودية
الأمير سعود الفيصل بتنحي صدام حسين عن السلطة، فقبل هذا التصريح
الصادر في نهاية مارس الماضي، كان وزير الخارجية قد صرّح في مؤتمر
صحافي بالرياض في فبراير الماضي وكشف فيه عن مقترحات تقدّمت بها
القيادة السعودية لمجلس الأمن في إطار الجهود السلمية لتجنب الحرب.
هذه المقترحات لم تكن واضحة حينها ولكن في المقابلة التي أجراها
الأمير سعود مع مجلة التايم الأميركية ظهر أن ثمة مبادرة سعودية
للاطاحة بالرئيس العراقي.
لماذا تلك المبادرة؟ سؤال تقدّم السعودية عليه إجابات متنوعة،
المعلن منها هو تفادي مأساة إنسانية في العراق وتالياً إيقاف الحرب
وتوفير غطاء دولي جديد من أجل الضغط على الولايات المتحدة لجهة سحب
قواتها من العراق والمنطقة بصورة عامة. أما غير المعلن منها فهو
النتائج السياسية التي يمكن للحرب أن تسفر عنها، وخصوصاً قيام نظام
حكم غير متوافق مع الرياض، سيما مع قناعة الحكومة السعودية بأن
واشنطن قد بدّلت خياراتها السياسية السابقة والتي كانت تلتقي مع
السعودية بخصوص تشكيلة الحكومة العراقية القادمة، بالنظر الى إضمحلال
الدور السعودي في الموضوع العراقي. فبعد أن كانت السعودية تمثل أحد
أبرز الأطراف الفاعلة في حسم القضية العراقية، بموجب التنسيق عالي
المستوى بين جهاز الاستخبارات العامة و قوى المعارضة السياسية بكافة
فصائلها منذ مؤتمر بيروت الذي انعقد في 1991 في غضون الانتفاضة
الشعبية في جنوب وشمال العراق عام في أعقاب حرب تحرير الكويت والى
سنوات قليلة ماضية.
السعودية تدرك تماماً ما تشكله العراق من مخاطر سياسية وثقافية
واجتماعية عليها، فإذا كانت ايران قد حالت لغتها الفارسية ومياه
الخليج وحربها مع العراق دون اختراق جزء من تأثيراتها السياسية
والفكرية للحدود السعودية، فإن العراق الذي سيشهد بلا شك ''خضّات''
سياسية وفكرية شديدة سيُنقل بعض تداعياته على جيرانه.
هذه الحسابات المقلقة بالنسبة للقيادة السعودية هي على وجه
التحديد ما حرّكها نحو تبني حلول قيصرية قبل الوصول الى مرحلة تفقد
فيها القيادة السعودية قدرتها على التحكم بأوضاع تتسم بالاضطراب
الشديد وبخاصة في أوضاع داخلية مؤهلة لمزيد من التدهور والانفلات. |