مفتي مصر: الهلاك لمن ينوي سوءاً بالحسين
في لهجة شديدة القسوة، دعا الدكتور علي جمعة مفتي مصر
بالهلاك على كل من يفكّر من الإقتراب بسوء من مسجد سيدنا
الحسين رضي الله عنه بالقاهرة، عقب انتشار شائعات بتخطيط
جماعات سلفية بهدم المسجد وإزالة الضريح الموضوع على رأس
الحسين، مثل ما فعلوا في بعض مشاهد الأولياء في شمال القاهرة.
وقال الدكتور جمعة خلال خطبة الجمعة التي ألقاها في
الجامع الأزهر في القاهرة إن (الله كفيل بكل من يفكر في
إيذاء أي مكان يخص آل البيت الذين يتبرك بهم المصريون)
مؤكداً (أن المسجد النبوي به قبر النبي صلى الله عليه
وسلم، ولم يفكر أحد الصحابة الأولين في النيل منه، فكيف
بهؤلاء المتطرفين يفكرون في النيل من مساجد وأضرحة آل
البيت نسل النبي صلى الله عليه وسلم).
وردّ المفتي على من دعا إلى هدم ضريح الإمام الحسين
قائلاً (أنا أتوجه له من هنا من الجامع الأزهر وأقول له
(إخرس أيها اللئيم، أيها الوغد الخبيث، قطع الله رجلك
ويدك ورقبتك أيها الزنيم، حسبنا الله ونعم الوكيل)، فردد
جميع المصلين وراءه.
وأضاف أن (هؤلاء يستدلون بحديث لم يفهموا معناه، وهو
“لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
من دون الله”، فهم لم يفهموا أن المسجد هو الذي يتخذه
الساجد وجهة له، أما المسلمون فلا يتخذون قبور أوليائهم
وجهة يسجدون لها، مستدلاً بحديث آخر للرسول “اللهم لا
تجعل قبري وثناً يعبد”، مؤكداً أنه بذلك الدعاء عصمة لأمة
الإسلام من عبادة القبور، كما فعلت بعض الأمم السابقة
التي اتخذت قبور أوليائها مسجداً).
ووصف الدكتور علي جمعة من يريدون هدم قبور أولياء الله
الصالحين بأنه (تطرّف وعمى قلب)، مشيراً إلى أن (مجمع
البحوث الإسلامية أصدر أمس بياناً، أكد فيه على تجريم
وتحريم هدم الأضرحة، الذي يهدد البلاد والعباد ويضعهم
في فتنة لا يعلم مداها إلا الله).
وأكد جمعة أن هؤلاء بالرغم من حفظهم للقرآن الكريم
إلا أنهم ليسوا علماء وعلمهم مغشوش، مستدلاً بحديث ذكر
فيه كلمة قطع الأذن في إشارة إلى حادثة قنا، إلى أن تلك
الكلمة لم تكن من الحديث، قائلاً (إن أخوف ما أخافه عليكم
رجلاً من أمتى قرأ القرآن حتى إذا رويت عليه بهجته مال
على جاره بسيفه (فقطع أذنه)، وقال له أشركت، فقال له الصحابة
يا رسول الله أيهما أحق بها الرامي أم المرمي، قال لهم
الرسول بل الرامي).
وأضاف مفتي مصر أن (الرسول قال لا تختلفوا فتختلف قلوبكم،
إذا رأيتم خلافاً فعليكم بالسواد الأعظم ومن شذ شذا فى
النار..لا تجتمع أمتى على ضلالة..ما راءه المسلمون حسن
فهو عند الله حسن، لأن الإسلام لكل زمان ومكان يخاطب كل
البشر، لذلك قال من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل
بها إلى يوم الدين، ومن سنّ سنّة سيئة فعليه وزرها ووزر
من عمل بها إلى يوم الدين، فأمرنا أن نوسع على العالمين
وأن يدخل الإسلام في كل البلاد وفى كل العصور، والأزهر
الشريف الذي نفتخر به هو حصن أهل السنة والجماعة، وهو
الذي علم العالمين والناس أجمعين في المشرق والمغرب).
وأسف إلى أن بعض الناس افتقد (هذا المذهب الوسطي مذهب
الأزهر العلمي لأن الله أعلى من شأن العلم فبدأ وحيه بـ”إقرأ
باسم ربك الذي خلق”، فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون،
الأزهر علم وتعلم ووضع منهج دقيق للعلم يتلقى فيه الطالب
عن شيخه عقيدة وشريعة وأخلاق ويدرس العلوم التي تساعده
على الإدراك).
ويمضي المفتي في السياق نفسه (افتقد بعض الناس هذا
العلم وجلسوا يتلقون العلم على سرائرهم في بيوتهم من غير
شيخ، ووقفوا عند الظاهر ولم يدركوا حقائق الأشياء وحقائق
الأحكام، ووقفوا عند الجزئي ولم يدركوا الكلي، وقدموا
الخاص على العام، ومصلحتهم على مصلحة الأمة، فمنهج الأزهر
وشيوخه بني على الرحمة، فثبتوا منهجهم على الرفق وقبلوا
التعددية فرأينا المالكية والأحناف والشافعية الحنابلة
يأكلون سويا ويعيشون سويا، علمونا فى الأزهر ألا نحزن
على المفقود وألا نفرح على الموجود وألا نتكلم قبل أن
نتعلم، ومنهج الأزهر بعيد عن الغلو، لأنهم سمعوا الرسول
وهو ينهي عن الغلو فاتبعوه وأحبوه وأهل بيته والأولياء
الصالحين).
وكان مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر قد أدان قيام المتطرفين
بهدم بعض أضرحة الأولياء ورغبتهم في هدم أضرحة آل البيت
وأعلن المجمع في بيانه الشهري رفضه واستياءه الشديد لما
حدث من اعتداء على بعض أضرحة الصالحين وقبورهم، ومحاولة
الاستيلاء على بعض المساجد والمنابر، وإدّعاء البعض أنهم
مخولون في إقامة الحدود.
وأعلن المجمع أن هذه التصرفات محرمة شرعاً ومجرّمة
عرفاً وقانوناً، وأنه يناشد المسؤولين أن يتصدوا لهؤلاء
المعتدين، وألا يمكّنوهم من تحقيق أهدافهم، وأن يحولوا
بينهم وبين ما يريدون.
|