تسلّح حتى الأسنان
صفقة جديدة مع أمريكا بثلاثين مليار ريال أبرمها آل
سعود مؤخراً؛ وهناك أخرى بنفس الحجم سيعلن عنها هذا الشهر!
فيما ذهب رئيس وزراء بريطانيا مسرعاً للرياض لعله يحصل
على شيء من الأموال السعودية السائبة.
ما هذه الإمبراطورية العظمى المتعطشة الى الأسلحة؟!
أكوام هائلة من الأسلحة، من آخر ما أنتجته المصانع الغربية
تتدفق على السعودية، وكأن الأخيرة في حرب مع اسرائيل،
أو كانت في يوم ما في حرب مع اسرائيل، أو أنها تتعرض لتهديدات
خطيرة مصيرية إقليمياً، أو كأنها قادرة على استيعاب هذا
الكم الهائل من الأسلحة في حين أن جيشها لا يزيد عن مائة
ألف جندي متكرّش غير قادر حتى على التصويب.
أمرٌ مدهشٌ وعجيب حقاً. عشرات المليارات تتدفق خلال
الأعوام الماضية باتجاه الغرب، فيما 30% من الشعب يعيشون
تحت مستوى الفقر، وأكثر من مليوني عاطل عن العمل سجلوا
ضمن مشروع (حافز) كما تقول الإحصاءات الحكومية.
مليارات تنفق، والشعب يُفقر، في معادلة يعجب منها من
يعجب، ويضحك منها من يضحك.. حتى أن التحذيرات بدأت تتزايد
من انكماش الطبقة الوسطى وتخلخلها ما يفضي الى مشكلات
اجتماعية وسياسية عاصفة!
الإنفاق على التسلح، وبشكل اسطوري، كما واردات النفط
نفسها، لم تحل مشكلة المواطن الحالم بمدرسة نظيفة يدرس
بها أبناؤه، فلا زالت المدارس بيوتاً مستأجرة، تتساقط
أحجارها على رؤوس الطلاب، أو تحترق وطلابها لأتفه الأسباب،
في حين يتبرع المواطنون لها بأجهزة التبريد وبكلفة الصيانة!
ولم تحل مشكلة المواطن في مستشفى حكومي لا تنطبق عليه
مواصفات (مجازر الحيوانات)!
هل نحن في بنغلاديش أو الصومال؟! هل نحن على خط النار،
ونحن لا نشعر؟! من يهددنا ونحن لا نشعر؟ من هو هذا العدو
الذي أطلق روع العائلة المالكة الى عنان السماء، فراح
الأمراء يندفعون على السلاح وهم ليسوا أهلاً لحمله؟!
في كل يوم تسجل لنا أرقام غينيس أضخم صفقات السلاح،
وكأن السعودية اللاعب والمنافس الوحيد لنفسها! فهي كل
عام تسجل رقماً أعلى مما سبقه، حتى ليخيل اليك أن السعودية
صارت دولة عظمى، أو دولة إقليمية قادرة على قهر إسرائيل،
في حين أن مراكز الدراسات الإستراتيجية تضعها دون مستوى
(اليمن)! نعم دون مستوى اليمن عسكرياً!
هذا موسم قطف الأموال السعودية.. موسم الجنون الملكي
السعودي.. موسم التفريط بالثروة الوطنية.. موسم تباع فيه
الأسلحة للسعودية باعتبارها أرخص وأسهل وأسرع وسيلة لجني
الأرباح، وجني الأموال عبر الرشاوى للأمراء.
كلما زادت إيرادات النفط، كلما زاد اللصوص، وزادت الصفقات
الجنونية، وزاد (الخطر الموهوم) على السعودية، مع أن الأخيرة
محمية غربية، وبقرار غربي، لن يسمح لأحد بالتقرب منها.
فلماذا السلاح، إذا كان آل سعود سيدفعون ثمن حمايتهم لأميركا،
ومادامت أميركا تحميهم بسلاحها ورجالها؟!
|