من نصدّق: المسؤول أم حال الناسّ؟!
يخبرنا المسؤولون بحقائق متخيّلة، أو ربما مأمولة،
عن واقع المواطن في ديارنا وكأنهم يخبرون عن مواطن في
دولة أخرى، إذ حال الناس من السوء الى درجة أن الإحصاءات
المعلنة كافية لأن تكشف عن حجم المعاناة التي يعيشها المواطنون،
سواء كان على المستوى المعيشي، أو الاقتصادي، أو السياسي.
على المستوى المعيشي، وفي موضوع الأجور على وجه الخصوص،
قال مساعد محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية
للشؤون التأمينية عبدالعزيز بن هبدان الهبدان إن المؤسسة
لاحظت قيام بعض المنشآت المشتركة في نظام التأمينات الاجتماعية
بتسجيل أجور موظفيها بأجور متدنية تقل عن الأجور الحقيقية
بهدف تقليل نسبة الاشتراك المقررة عليهم، مبيّناً أن هذا
الإجراء يعتبر مخالفة لأحكام النظام، كما أنه يؤثر على
احتساب مستحقات المشتركين مستقبلاً.
وأوضح، بحسب صحيفة (الوطن) في الأول من مايو الجاري،
أن نسبة عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص المسجّلين
في النظام بأجر 1500 ريال بلغ 33% من إجمالي عدد السعوديين
المسجلين حالياً البالغ عددهم 973.28 ألف مشترك. وأضاف
كما بلغت نسبة السعوديين المسجلين ممن أجورهم 3000 ريال
فأقل نحو 58%.
وذكر أن نسبة غير السعوديين المسجلين في النظام بأجر
400 ريال بلغ 24% من إجمالي عددهم البالغ 4.88 ملايين
مشترك. فيما بلغت نسبة غير السعوديين ممن أجورهم 600 ريال
فأقل 47%.
وعلّق بالقول أن هذه الأجور المتدنية المسجّلة لدى
المؤسسة لا تتوافق مع الأجور الفعلية السائدة في سوق العمل
بالمملكة، ما يشير إلى أن الغالبية منها غير صحيحة، كما
أنه من غير المتصور أن يكون الأجر أثناء العمل 1500 ريال
في حين يكون معاش التقاعد بعد ترك العمل حوالي 2000 ريال،
على حد قوله.
ومع قبول هذه المزاعم نسبياً، إلا إن الإحصاءات المعلنة
تكشف عن أن الأجور المقررة في هذا البلاد لا تتوافق على
الإطلاق مع مستوى الإسعار المرتفع، حيث أن 78 بالمئة من
سكّان هذا البلد يعيش في بيوت مستأجرة، ما يعني أن ثلث
المرتب الشهري يخصصه الغالبية العظمى من العاملين لدفع
ثمن إجارة السكن، وما تبقى يخصص قسم منه لتسديد الفواتير
الباهظة والأقساط المترتبة على شراء سيارة وكذلك التموين
الغذائي. لقد بدا من العرائض التي رفعت خلال هذا العام
من المعلّمين والطيّارين والموظفين في مؤسسات قطاع عام
من أجل تحسين الأجور أن ثمة أزمة عميقة تطال كل القطاعات.
|