بعد رحيل نايف جاء وقت الكلام
عقل الباهلي، كاتب اصلاحي يتحلى بالشجاعة في الافصاح
عن رأيه، وقد شارك في مناسبات عديدة في حملات الدفاع عن
حقوق الانسان وعن المطالب الاصلاحية والانتقال الديمقراطي
الضروري في هذا البلد. بعد رحيل نايف، كتب الاستاذ الباهلي
مقالة بعنوان (توقيت الكلام)، ولفت الى دور فئة من المتملّقين
في المزايدات الفارغة لجهة كسب ود أو (شرهة) هذا الأمير
أو ذاك. يقول الباهلي: (أعرف أن كثيراً من المنافقين والمرجفين
سيستشهدون بهذا المقال وكأنه جريمة ولا يحتاجون إلى عناء
كثير للتدليل وهم خبراء بالتضليل على أن هذا المقال ليس
وقته..).
ولكنه تجاهل كل هؤلاء حتى لا تنتهي صلاحية الافكار
التي يود التعبير عنها فـ (تطير الطيور بأرزاقها)، فنثر
طائفة من الاسئلة تتعلق بمرحلة ما بعد موت نايف: من هو
ولي العهد؟ هل ستشكل حكومة كاملة أو سنعود إلى الإستبدال؟
هل سيدخل شباب الأسرة المتمكن من صناعة القرار أو ستوزع
المناصب حسب الشكل التقليدي داخل الأسرة المالكة؟ هل ستفعَل
هيئة البيعة أو أن التفعيل مؤجل؟ هل سيحدث توزيع للمسؤوليات
مثل تعيين رئيس وزراء منفصل عن قمة الهرم إدارياً؟.
يرى الباهلي بأن مصدر تدافع هذه الاسئلة هو (مستوى
الوعي الحقوق والسياسي والإجتماعي والإقتصادي الذي وصل
له المجتمع السعودي..) لافتاً الى دور مواقع التواصل الاجتماعي
والاعلام الالكتروني.
يرى الباهلي بأن (التساؤلات من حيث المبدأ مشروعة).
لكن السؤال: (من يستطيع الإجابة على هذه الاسئلة) خصوصا
(أن صناعة القرار السياسي تحديدا هي فقط داخل الأسرة الحاكمة
وهي في نظر الناس صندوق أسود).. إنها فعلاً مقاربة جريئة،
وأسئلة جوهرية تتطلب اجابات صريحة ومباشرة.ٍ
أراد الباهلي إثارة تلك الاسئلة (قبل أن ينفتح الصندوق
وتعلن التطورات) من قبل الملك أو المصدر المسؤول فيكون
دور الاعلامي المتملّق مقتصراً على (مدح هذه القرارات
والإشادة وحسن التدبير عن من أنجزها وليس لدى من يعترض
عليها إلا الصمت..). والسبب كما يقول الباهلي (لأن من
ينتقد قراراً صادراً من الإدارة السياسية فهو ينتقد الملك،
ونحن في مرحلة تصدر أحكام للوزراء ضد تطاول الإعلاميين
حينما فقط يشيرون إلى خلل في أداء الوزارة)..
وبالرغم من ذلك، فإن الباهلي يصرّ على البوح برأيه
لاعتقاده بأن ادارة الدولة لا بد من تبديلها: (لأن شعبنا
الكريم تغير، وزاد عدده وتوسعت مداركه، وأصبح رأيه واضحاً
وقوياً حول مصالحه ومطالبه الحقوقية والخدمية على وجه
الخصوص). ومن بين ما طالب به الباهلي هو: (فصل رئاسة الحكومة
عن رئاسة الدولة)، كما طالب بـ (الرقابة الشعبية على أداء
الحكومة). ورفض الباهلي استمرار مجلس الشورى بصيغته الحالية
(فلم يعد مقبولاً الحديث عن تطوير مجلس الشورى أو إنتخاب
نصف أعضائه، خصوصا بعدما شهد العالم العربي هذا الزلزال،
وأصبح الهدف لدى الشعوب والحكومات مزيدا من التشارك في
إداراة البلد. ولذلك وطننا يحتاج إلى نقله نوعية وإعلان
تأسيس برلمان منتخب) على حد قوله.
وطالب الباهلي بحسم ملف المعتقلين (والذي أصبح من أخطر
الملفات..)، خصوصاً لانعكاس ذلك على أهالي المعتقلين (الذين
ليس لهم ذنب في ماجرى)، بالنظر أيضاً الى تأخر محاكماتهم
بل (أصبح جلهم في نظر القوانين والشرائع السماوية والإنسانية
مسجونين تعسفاً). وتطرّق في السياق الى موضوع قيادة المرأة
للسيارة والقيود المفروضة على مجالات عملها، وكذلك المنع
من السفر الذي طال الآلاف من المواطنين كعقوبة ضد أولئك
الذين يمارسون حقهم في التعبير عن آرائهم أو البوح بمطالب
مشروعة (لأن المنع من السفر هو إنتهاك لأبسط حقوق الإنسان
ويصيب أفراداً من العائلة لا ذنب لهم إلا بجريرة والدهم
كما تعتقد وزارة الداخلية)..
|