كاتب إماراتي: (العربية) سقطت سقوطاً ذريعاً
كانت (المصداقية، والحرفية، والمهنية..) مفردات تتنافس
فضائيات (العربية) و(الجزيرة) على تجسيدها في الأداء الاعلامي
لكل منهما، ولكن كما يبدو فإن ما غفل الرأي العام عنه
في تغطية (الجزيرة) غير النزيهة بخصوص ما كان يجري في
العراق، جاء الحدث السوري ليضع ليس (الجزيرة) فحسب التي
أطبقت أجفان كاميراتها عن ثورة شعبية تجري على مسافة بضعة
كليومترات من مركزها الرئيسي، أي الثورة البحرينية، ولكنها
عبّأت كل امكانياتها الاعلامية وغير الاعلامية كيما تكون
أبرز أدوات الثورة السورية التي تحوّلت بفعل تدخلات الخارج،
بما في ذلك (الجزيرة) و(العربية) الى (أزمة) على حساب
حق الشعب السوري الذي انتفض مطالباً بنظام ديمقراطي فجاء
المستعمرون والمستبدّون والارهابيون والمضلّلون ليتصارعوا
في سوريا وعليها.
|
في مقالة ناقدة للكاتب الاماراتي سلطان القاسمي في
موقع (فورين بوليسي) الأميركية في 3 آب (أغسطس) الماضي
قال بأن حرباً إعلامية تدور على هامش الأحداث في سوريا
(فالجزيرة والعربية الفضائيتان الخليجيتان اللتان تستحوذان
على النشاط الإخباري في العالم العربي، وقعتا في مطب منافسيهما
وباتت أخبارهما سيئة بقدرهم، في ما شكل انحطاطاً للمعايير
المهنية الخاصة بالقناتين، خاصة مع التخلي عن ضوابط التقصي
البدائية، والإعتماد على متصلين مجهولين ومقاطع فيديو
لا يمكن التحقق من مصداقيتها). ويضيف (ومع اعتماد القناتين
على مواطنين صحافيين من “شهود العيان” الذي يحملون مقاطع
على يوتيوب، فإنّهما باتتا بالنسبة للمشاهد غير العربي،
أشبه ببرنامج “آي ريبورت” التفاعلي الذي تبثه سي ان ان
مرة في الشهر، والذي يعتمد على المواطنين الصحافيين، لكن
بتغطية تستمر لساعات وساعات يومياً على القناتين. وطبعاً
من العادي أن تلحظ على القناتين أنّ أول 20 دقيقة من نشرة
الأخبار تختص بناشطين سوريين، بعضهم ذوو خلفيات مشبوهة،
إما يتمركزون خارج سوريا أو داخلها، ويتحدثون عبر سكايب
حول أحداث تجري بعيدة مئات أو آلاف الكيلومترات عنهم).
ويشير القاسمي الى السقطة الكبيرة للقناتين اللتين
فتحتا شاشتيهما لرجل الدين المتطرف عدنان العرعور الذي
هدّد يوماً السوريين العلويين بـ”فرم لحمهم وإطعامه للكلاب”
بسبب تأييدهم لنظام بشار الأسد. ومع ذلك فإنّ (العربية)
تسمّي العرعور في بثها كـ”رمز للثورة”، بينما تعتبره الجزيرة
“أكبر محرض لا عنفي ضد النظام السوري”.
يلفت القاسمي الى أن الكثير من المقالات شككت في مصداقية
ما يسمى بـ”المرصد السوري لحقوق الإنسان” ومقرّه لندن،
والذي كثيراً ما تعتمده (الجزيرة) و(العربية) مصدراً رئيساً
لما يجري ميدانياً في سوريا، ومع ذلك فإنّ القناتين لم
تذكرا قصة التشكيك هذه حتى. كما سلّطت صحف عالمية الضوء
على وجود جماعات إرهابية بينها القاعدة في صفوف المقاتلين
ضد النظام السوري، لكنّ مثل هذه الإحتمالية، نادراً ما
تبث على القناتين العربيتين، إن لم نقل لا تبث أبداً.
وينتقل التقرير إلى جبهة أخطر، حين يعتبر أنّ (العربية)
و(الجزيرة) ليستا وحدهما من انتهكتا معاييرهما الصحافي،
بل أيضاً هنالك مؤسسات إعلامية عالمية كالغارديان وحادثتها
الشهيرة مع (الفتاة السورية السحاقية التي تعيش في دمشق)
والتي تبين انّها في الحقيقة “رجل أميركي” يعيش في اسكتلندا.
ويتابع التقرير أنّ الإنتقادات للجزيرة والعربية تزايدت
بالترافق مع تغطيتها المنحازة. وهو ما يؤكده الباحث السوري
فادي سالم الذي يتخذ من دبي مركزاً له الذي يتهم القناتين
بـ”دفع كميات كبيرة من الأموال لمتصلين مجهولين مع تزويدهم
بمعلومات محددة بشأن سوريا، وإعادة تدوير مقاطع يوتيوب
لتتناسب مع منطقة محددة من سوريا.
في الختام يشير الكاتب إلى أنّ مصير سوريا يؤثر بشكل
مباشر على مستقبل النظامين السعودي والقطري، فهما يريدان
مشاهدة سقوط النظام السوري، لأسباب شخصية أو لأسباب استراتيجية.
فالنهاية المقتربة للأسد في سوريا هي فصل آخر من تحول
شكل الدولة العربية القديمة، الذي بدأ مع سقوط صدام حسين
في العراق، ونهاية حسني مبارك في مصر. هي ببساطة قضية
أهم من أن تترك بأيدي وسائل إعلام تتطلع لتحقيق مصالحها
الخاصة الضيقة.
|