فضيحة الابتعاث: لعبة الاعداد والتهويل

في بلد يفتقر الى المصداقية في الاحصاءات التي يعلن عنها في كل المجالات تقريباً، فإن إمكانية الوقوع في التناقض واردة جداً. وقد أجاد محمود عبد الغني صباغ في مدونته بعنوان (جناية الذهنية الريعية على مشروع الإبتعاث) التي نشرها في 20 شباط (فبراير) الماضي، كشف فيها عن حقائق مذهلة حول أعداد المتبعثين في الولايات المتحدة، عبر مقارنة بين تصريحات المحلق الثقافي في أمريكا، الدكتور محمد العيسى الذي كان قد هدّد المبعثين بإلغاء البعثة في حال انتقاد الحكومة السعودية في وسائل الاعلام الاميركية. ذكر صبّاغ في مدونته: في تصريحه لصحيفة اليوم، في الثالث من اغسطس الماضي، اعلن الملحق الثقافي في امريكا، الدكتور محمد العيسى ان عدد المبتعثين الى امريكا بات يصل الى 64 الف مبتعث. وفي نوفمبر الذي يليه، وفي لقاء مفتوح مع مجموعة من المبتعثين في مدينة سان انتونيو، أعلن العيسى ان عدد المبتعثين وصل الى 92 الف، كما بشّر بأن العدد سيلامس المائة ألف قريباً. غير انه عاد في 18 يناير من العام الحالي (2013) و صرّح لصحيفة الشرق الاوسط أن عدد المبتعثين في العام الفائت كان ما يقارب 66 ألف طالب!

يفسّر صبّاغ هذا التضارب في الاحصاءات من مسؤول الابتعاث في الولايات المتحدة (ويديره فيما يبدو على طريقة دراما المزادات الاستعراضية)، بأنه ينطوي على حقيقة صادمة. وينقل صباغ عن الاحصاءات الرسمية الامريكية، والتي تعتمدها الجامعات الكبرى، وتُجَدد فصلياً من معهد التعليم الدولي؛ الجهة غير الربحية المختصة في تقديم احصاءات الطلاب الأجانب في أمريكا، تفيد بأن عدد الطلاب السعوديين في امريكا (مبتعثون + على حسابهم الخاص) هو 34,139 طالب فقط؛ مُقسمة على النحو التالي: 42% في الصفوف الدراسية الجامعية الأولى، 18% في الدراسات العليا، 38,7% في مراحل موازية (اللغة)، و1,3% على برنامج التدريب بعد التخرج (OPT).

وهذا يعني أن الارقام الامريكية لعدد الطلاب السعوديين أقل مرتين أو ثلاث مرات من ادنى واعلى ارقام للملحقية الثقافية السعودية في امريكا.. ليست هذه مفاجأة لمن اخفق في ثلاث تصريحات متتالية ومتقاربة زمنياً في ان يقر على تقديم احصائية ثابتة دقيقة.

الملحق الثقافي السعودي، العيسي، في واشنطن، كان قد توعّد في 16 شباط (فبراير) الماضي بوقف البعثة عن أي طالب (يتهجم على الدين والوطن)، إذ اعتبر ذلك خطاً أحمراً أمام جميع المبتعثين!

العيسى الذي كان قد قدّم أرقاماً مبالغة عن عدد المبتعثين في الولايات المتحدة والجامعات التي ينتسبون اليها تراجع هذه المرة بطريقة مواربة حيث قال بأن المبتعثين السعوديين يتزايدون في أقوى ١٠ جامعات أميركية، وأضاف (هناك 97 ألف طالب وطالبة مع المرافقين..).