تشريعات إرهابية
وافق مجلس الوزراء السعودي على نظام مكافحة الإرهاب،
وهو ذات النظام الذي تمّ تسريب نصّه قبل عامين، أثناء
دراسته من مجلس الشورى السعودي، وبالتحديد في يوليو ٢٠١١،
ووصل الى المنظمات الحقوقية الدولية، ما دعا العفو الدولية
الى نشر نص النظام وانتقاده علناً، وكذلك فعلت هيومن رايتس
ووتش.
كل ما فعله الأمراء هو تأجيل الموافقة على نظام مكافحة
الإرهاب، ريثما تهدأ العاصفة، مع العمل به في نفس الوقت.
بمعنى ان جوهر القانون قد تمّ تطبيقه منذ زمن بعيد، بل
حتى قبل صدور القانون نفسه، وكل ما حدث هو تحويل ممارسات
السلطة ضد الناشطين والمختلفين معها، الى قانون يجيز ذلك،
حتى وإن تعارض في روحه ونصوصه مع جوهر الشريعة الإسلامية،
ومع المعايير الدولية، وأيضاً مع المواثيق الدولية التي
صادقت عليها الحكومة السعودية نفسها.
وبدل ان تكيّف الحكومة السعودية قوانينها المحلية على
أساس ما صادقت عليه من مواثيق، فإنها عمدت عكس ذلك تماماً،
أي ترسيخ الممارسات القمعية في قانون يفضحها أمام العالم.
وكانت هيومن رايتس ووتش، قد أرسلت رسالة الى الملك
السعودية، طالبته بسحب مشروع القانون لأنه (ييسّر الإنتهاكات
الجسيمة لحقوق الإنسان) ودعته الى التشاور مع الخبراء
الدوليين لحقوق الإنسان لوضع صياغة مختلفة تحمي حقوق الإنسان
الأساسية لا أن تنتهكها.
وعلقت المنظمة على المشروع بهذا النص: (إنه يحاول إضفاء
الصفة القانونية على ممارسات وزارة الداخلية غير القانونية.
إنه يجمع المعارضة السياسية السلمية بمرتكبي أعمال العنف
في صف واحد، ويضمن عدم حصول المتهمين على محاكمة عادلة).
وأضافت: (مشروع قانون مكافحة الإرهاب السعودي بالغ التعسف
في روحه وفي نص كلماته، وهناك كل الأسباب الممكنة لخشية
أن تستخدمه السلطات بسهولة ولهفة ضد المعارضين السلميين).
أما منظمة العفو الدولية فقد أبدت رأيها في قانون الإرهاب
السعودي منذ وقت مبكّر وقالت أنه (يتيح للسلطات مقاضاة
الرأي الآخر باعتباره جريمة ارهابية) وأنه (يشكل تهديداً
لحرية التعبير في المملكة بذريعة الإرهاب) وأنه (يمهد
الطريق أمام دمغ أي تحرك بسيط ينمّ عن المعارضة السلمية،
بأنه عمل ارهابي يعرّض صاحبه لانتهاكات هائلة لحقوقه الإنسانية)،
اضافة الى أنه (يخالف التزامات السعودية بموجب القانون
الدولي بما فيها الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب).
الإعتراضات على القانون السعودي كثيرة جداً، منها:
اولاً ـ إنه يقدم تعريفاً فضفاضاً للجرائم الإرهابية،
بما يسمح بأي تأويلات تؤدي الى تجريم الرأي المخالف؛ مثل
(تعريض الوحدة الوطنية للخطر) أو (الإساءة بسمعة الدولة
أو مكانتها).
ثانياً ـ انه ينتهك حقوق المعتقلين بمعزل عن العالم
الخارجي لفترة طويل او لأجل غير مسمى؛ وحرمانهم من التواصل
مع المحامين، ومن المحاكمة السريعة بحجة التحقيق. ولا
يحظر القانون التعذيب والمعاملة السيئة؛ فضلاً عن أنه
يسمح للسلطات بفرض عقوبات قاسية لأعمال مختلف على تعريفها
وأغلب الأحكام هي الإعدام، والسجن لسنوات طويلة بين ١٠-٢٥
سنة.
ثالثاً ـ أنه يعطي وزارة الداخلية ووزيرها سلطات موسعة
بحجة حماية الأمن الداخلي، وبدون مراقبة او تفويض أو اشراف
من القضاء على ممارسة تلك الوزارة.
رابعاً ـ انه يفرض قيوداً على حرية التعبير والتجمع
وتحويلها الى عمل ارهابي، بحيث ـ وحسب هيومن رايتس ووتش
ـ يمكن بسهولة استخدام القانون في ملاحقة وسجن المعارضين
السلميين، وهو ما تفعله بشكل مستمر منذ سنوات.
وقد لقي قانون الإرهاب السعودي منذ الاعلان عنه انتقاداً
واسعاً من قبل الناشطين وحتى المواطنين العاديين الذي
شعروا أن مجرد التغريد في تويتر يمكن أن يتحول الى جريمة
ارهابية. وقال الناشط عبدالله المقبل: (قد يجبر نظام جرائم
الإرهاب الكثير من المغردين على التخفّي خلف أسماء مستعارة؛
وفي هذه الحالة ستكون المطالبة والنقد بلا سقف، وبلا خطوط
حمراء).
ابراهيم المديميغ، المستشار القانوني السابق في هيئة
خبراء مجلس الوزراء السعودي قال ان القانون يشرعن الاستبداد
وتكميم الأفواه، وتسخير القضاء وأجهزة التحقيق لمصادرة
حرية التعبير مصادرةً لم يسبق لها مثيل. أما الناشط الحقوقي
محمد العتيبي، فرأى ان (القانون يكافح حتى الحقوق
الأساسية للإنسان ويجعل الملك إلهاً). في حين وصف الناشط
وليد ابو الخير النظام بأنه ساقط وأنه يشرعن الاعتقال
التعسفي. وتابع: (مع إقرار نظام الإرهاب سيُسبَغْ على
الحقوقيين والإصلاحيين صفة جديدة، فبعد ان كانوا خوارج؛
سيصبحون إرهابيين).
|