مملكة الصمت وهوَس الرقابة على حرية تعبير
(الرقابة) في مملكة الصمت، بديلاً عن اعطاء الحقوق.
ولذا لم تنشغل السلطات السعودية يوماً ما في تاريخها بشيء
أكثر من الرقابة، سواء على الأشخاص، او على الوسائل. بدأت
بالبريد لمراقبة الكتب والصحف والمجلات، وعلى آلات الطباعة
والإستنساخ، واستمرت مع التطور التكنولوجي على الهاتف
ومن ثم الفاكس، والآن جاء الدور على مواقع النت وحجبها،
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ومنع بعضها.
عبثاً قيل لأمراء الأسرة، أن الرقابة السياسية والفكرية
ومنع حرية التعبير في هذا الزمن عملٌ مستحيل. لكن لاخيار
لهم إلا ذلك، بعد ان رفضوا منح المواطن حقوقه البديهية
في حرية التعبير والتجمع، فضلاً عن حقوقه السياسية الأخرى.
سخر البعض من ان الرياض استثمرت عشرات الملايين من
الدولارات في التسعينيات الميلادية الماضية من أجل مراقبة
الفاكس، وما هي إلا سنوات حتى أصبح الفاكس شبه منقرض،
فضاعت الأموال والجهود.. وها هي تكرر نفس القصة مع التقنية
الجديدة، ظنّا منها بأنها وحدها بأموالها من يتمكن من
مراقبة ملايين البشر ومعاقبتهم في عملية مستحيلة الوقوع.
التحذير من تويتر والتشهير بالمغردين من قبل النظام
ومشايخه لم يغير من واقع الحال.
وضع نظام صارم لجرائم المعلوماتية يحاسب على الكلمة
والتغريدة، ويعتقل النشطاء والافراد العاديين.. لم يحل
ازمة النظام الرقابية.
منع الفايبر وفكّر في منع الواتساب وسكايب وتانغو،
فوجد انه غير قادر على فعل ما يريد، نظراً لوجود البدائل.
الآن يبشرنا أنس السلمان الخبير التقني لدى النظام،
بأن هناك اتفاقاً مع شركة (المطورون العرب) المورّدة والمشغلة
للأنظمة التقنية، بأنه أضحى بالإمكان توظيف نظام تقني
رقابي، يستهدف وسائل الإعلام التقليدية، إلى جانب شبكات
التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها. وتتيح هذه النظم تصنيف
كل ما يطرح عبر هذه الشبكات، سواء أكان سلبياً أم إيجابياً،
وتسهّل الوصول إلى الأفراد والجهات التي تعمل على زعزعة
الأمن واختراق الفكر.
وأوضح السلمان أن نظام (معمل التحقيق الرقمي والجنائي
ومراقبة وضبط الإعلام التقليدي والجديد) يتيح التوصّل
إلى النقطة الأولى لأي حدث، سواء أكان في الوسائل التقليدية
أم الجديدة، من خلال الإمكانات الرقابية التي يتمتع بها،
ومنها قدرته على قراءة 13 لغة، مع تزايدها باستمرار، و570
لهجة عربية، و278 لهجة سعودية، بحيث يتمكن من تصنيف المفردات
بناء على معانيها، ليتم بعد ذلك إعطاء إشارات تنبيه للجهاز
الأمني الحكومي بوجود خطر ما تم رصده في مواقع التواصل
الاجتماعي، ما يتيح السيطرة عليه والتفاعل معه خلال وقت
باكر قبل تفاقمه، حسب رأيه.
وبرر السلمان الهوس السعودي بمراقبة المواطنين، بأن
المملكة مستهدفة فكرياً وأمنياً، من خلال مواقع التواصل
الاجتماعي ما قد ينتج عنه زعزعة أمن المجتمع واستقراره،
ولذا ـ حسب قوله ـ كانت الحاجة لنظام أمني رقابي يشعر
المستخدم لمواقع التواصل بأنه تحت السيطرة وإمكان الوصول
إليه، وتعرّضه للعقوبة مهما حاول التخفي، حسب قوله.
أنظمة الإستبداد تخشى التكنولوجيا التي وفرت للمواطنين
قدراً كبيراً من حرية التعبير رغم انف السلطات الأمنية؛
ولن تكون التكنولوجيا فاعلة لدى المستبدين وحدهم.
|