طرد العمالة الأجنبية لتوطين الوظائف
توقفت مجلة (ذي إيكونوميست) البريطانية في 28 إبريل
الماضي عند تدابير السعودية الجديدة الرامية الى طرد العمال
الأجانب واستبدالهم بمواطنين، برغم من الصعوبات الكبيرة
التي تفرضها هذه السياسة على الأداء الاقتصادي، وعلى القطاع
الخاص الذي يراد له استيعاب جيش العاطلين من العمل من
الشباب السعوديين.
يقول محامي في المملكة السعودية، إنه منذ أن استبدلت
غرفة الغسيل المحلية عمالها الآسيويين بالسعوديين، عادت
قمصانه الحريرية الباريسية كقطعة من النايلون. وقد استأجر
هو نفسه أربعة محامين سعوديين من أجل الامتثال لمسعى المملكة
لاستبدال الأجانب بالسعوديين.. إنه من غير جدوى، كما يقول.
قرر أحمد قطّان، نائب وزير العمل، كجزء من جهود «التوطين»
التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان، صرف رسوم شهرية
على المهاجرين (على أساس حجم أسرهم) والسعوديين الذين
يوظفونهم. كما منع الأجانب من 12 قطاعاً من قطاعات الإقتصاد.
ويقول إن المخطط سيقلّل من اعتماد المملكة على نحو ثمانية
ملايين من الأجانب غير المهرة، الذين يفوق عددهم عدد العمال
السعوديين. ويعتقد أن هذا سيخفّض معدل البطالة في السعودية
إلى 10 في المائة بحلول عام 2022 (من حوالي 13 في المائة
اليوم)، ويجعل المزيد من النساء يعمل ويشجع على الأتمته.
إن العثور على وظائف للشبان السعوديين - حوالي نصفهم
عاطلون عن العمل - أمر حاسم لأمير محمد، الذي أخذ على
يد رجال الدين في المملكة، عن طريق تخفيف القيود الإجتماعية،
وأبعد الأمراء الآخرين عن طريق توطيد السلطة، لذا فهو
أكثر اعتماداً على الدعم الشعبي من الحكام السعوديين السابقين.
وقد أكسبه التسهيل من قواعد اللباس وزيادة الترفيه الثناء
عليه. ومن المؤمل أن السعودة ستحسّن مستويات معيشة رعاياه
أيضاً.
لكن هناك عيوب، يعترف السيد قطان. يعتمد الكثير من
الشركات في المملكة على العمالة الرخيصة. ويقول إنه بدلاً
من توظيف السعوديين، الذين يكلفون أكثر قد يغلق حوالي
ثلث الشركات. في جميع أنحاء البلاد، تؤجّج غرف التجارة
الانكماش المحتمل وتدعو لفترة راحة، لا سيما منذ أن سقط
الاقتصاد في حالة ركود العام الماضي، «إن الحكومة تمرّر
مشاكلها السياسية للقطاع الخاص»، كما يقول رجل أعمال.
وحيث كفّت البلاد عن أن تكون خالية من الضرائب، وأن
يكون البنزين أرخص من الماء، تصبح المملكة أقل جاذبية
للعمال الأجانب. لقد زادت رسوم التأمين والدخول، وفواتير
الخدمات آخذة في الارتفاع. ولتجنب الضريبة الشهرية، التي
تتضاعف إلى 200 ريال (53 دولاراً) لكل فرد في شهر يوليو،
يغادر العديد من العمال الأجانب. ويتوقع المسؤولون أن
يصل عددهم إلى 700000 بحلول عام 2020. بينما يعتقد آخرون
أن العدد الإجمالي للرحيل ربما يكون أعلى بكثير، لأسباب
ليس أقلّها أن السلطات ألقت القبض على أكثر من 800 ألف
مهاجر غير شرعي منذ نوفمبر (تمّ ترحيل حوالي 200 ألف).
يقول ستيفن هيرتوغ من كلية لندن للاقتصاد: «السعودة
هي على الأرجح ضرورة مؤلمة». إذا نجحت هذه الإجراءات،
فسوف تضيّق الفجوة في الأجور بين القطاع العام المنتفخ،
الذي يديره السعوديون، والقطاع الخاص، المليء بالأجانب.
كما ينبغي على الضرائب المفروضة على العمال الأجانب أن
تجمع 16 مليار دولار من العائدات بحلول عام 2020، مما
يقلل من عجز الموازنة المتفاقمة، كما يقول كاتان.
هناك بعض العلامات على فعالية الخطة. استقبال السيدات
السعوديات للحجاج في فنادق مكة المكرمة. على الرغم من
أنهن لا يستطعن القيادة بعد، فإن النساء يشغلن وكالات
تأجير السيارات. حتى أن السعوديين الأكثر فقراً يجربون
العمل اليدوي، الذي كان حتى الآن مجالاً أجنبياً حصراً.
وبالنظر إلى هذه الفرصة، فإن العديد من السكان المحليين
يتحدون الصور النمطية التي تضعهم في خانة الكسل وانعدام
الكفاءة.
|