السعودية والوهابية وانتشار الفاشية الدينية
نشرت مجلة ميدل إيست مونيتور في عددها الصادر في (يوينو/يوليو
2007) دراسة تحليليه للسفير الأميريكي السابق لدى كوستريكا
( كورتين وينزر)، والمبعوث الخاص للشرق الأوسط في بداية
عهد الرئيس الأمريكي رونالد ريجان، بعنوان (السعودية والوهابية
وانتشار الفاشية الدينية)، استهلها بالقول إنه على الرغم
من النجاح الذي حققته الولايات المتحدة حتى الآن في تدمير
البنية التحتية لتنظيم القاعدة وشبكاتها الإرهابية، إلا
أن عملية (التفريخ الأيديولوجي) للقاعدة ما يزال مستمرا
على المستوى العالمي وإن جهود أمريكا لمواجهتها تظل قاصرة
لأن مركز دعمها الأيديولوجي والمالي هو السعودية التي
تقيم فيها العائلة الملكية الموالية للغرب ولسنوات طويلة
تحالفا مع الوهابية الإسلامية، كما تحرص على تمويل انتشار
الوهابية الى بلدان العالم بما فيها الولايات المتحدة،
وإن إدارة الرئيس جورج بوش لم تبذل الجهد اللازم لمجابهة
هذا الانتشار بسبب إعتمادها على النفط السعودي والخوف
من عدم استقرار المملكة، والإعتقاد بأن دعم أمريكا للديمقراطية
سيكون كافيا لمواجهة التطرف الديني، بالاضافة إلى هاجس
المواجهه مع إيران.
ويشير وينزر إلى تميّز الوهابية عن باقي الاتجاهات
الأسلامية الراديكالية بالتشدد في تطبيق الشريعة وإنكار
الحريات الفردية وحقوق المرأة والتكفير والتقليل من أهمية
الحياة الإنسانية والتحريض بالعنف ضد (الكفار). وأضاف
بأن أحداث الحرم المكي في عام 1979م دفعت عائلة آل سعود
والمؤسسة الدينية للبحث عن قضية لإشغال المتشددين وصرف
أنظارهم بعيداً عما يدور في المملكة فوجدوا في الغزو السوفيتي
لأفغانستان ضالتهم وقاموا بتمويل وإرسال الآلاف من المجاهدين
السعوديين للقتال ضد السوفييت بالتنسيق مع الإستخبارات
الباكستانية والأمريكية كما قاموا بإنشاء المدارس الدينية
الوهابية للاجئين الأفغان في الباكستان وهي نفس المدارس
التي أنشأت طالبان التي سيطرت على كابول في 1996م.
ويورد وينزر على لسان اليكسي اليكسيف أثناء جلسة الاستماع
أمام لجنة العدل التابعة لمجلس الشيوخ في 26 يونيو 2003م
بأن (السعودية أنفقت 87 بليون دولار خلال العقدين الماضيين
لنشر الوهابية في العالم)، وأنه يعتقد أن مستوى التمويل
قد ارتفع في العامين الماضيين نظرا لارتفاع أسعار النفط
. ويجري وينزر مقارنة بين هذا المستوى من الإنفاق بما
أنفقه الحزب الشيوعي السوفيتي لنشر أيديولوجيته في العالم
بين 1921 و1991م حيث لم يتجاوز الـ 7 بليون دولار. ويلاحظ
وينزر جهود نشر الوهابية في عدد من بلدان جنوب شرق اسيا،
وأفريقيا والدول الغربية من خلال بناء المساجد والمدارس
الدينية والمشروعات الخيرية واستقطاب الشباب العاطل والمهاجرين
في هذه البلدان. وتقول هذه الدراسة إن خريجي المدارس الوهابية
كانوا وراء الأعمال الإرهابية مثل تفجيرات لندن في يوليو
2005م واغتيال الفنان تيودور فان جوخ الهولندي عام 2004م.
وتختتم الدراسة بتوجيه الانتقاد لإدارة الرئيس بوش
(لعدم ممارستها الضغط على السعوديين لمنع انتشار الوهابية).
ويرجع سبب هذا التقاعس الى الاعتماد على النفط والمخزون
النفطي الهائل في السعودية، وإلى الأعتقاد بأن الضغط على
السعودية لمجابهة الوهابية سيتسبب في عدم استقرار المملكة
وازدياد الأعمال الإرهابية ضد المنشآت النفطية الحيوية
أو أن البديل لانهيار النظام في السعودية سيكون كارثيا
ولصالح المتشددين الوهابيين أو أن إيران ستقوى في المنطقة
في حال ضعفت السعودية.
وحاول وينزر تفنيد خطأ هذه الاعتقادات بالقول إن مواجهة
المد الوهابي عالميا لن يدفع السعودية إلى قطع امدادات
النفط إلى الاقتصاد العالمي، كما أن المتشددين الوهابين
يستخدمون حظوة المملكة لدى أمريكا والغرب كغطاء يؤمن لهم
النشاط بحرية، أو كما يقول وينزر بأن (الوهابيين يعتبرون
المملكة وحقول نفطها بمثابة الوزة التي تبيض ذهبا).
|