ملك البطاطا والكاريزما!
على وزن (ملك البطاطا) و (ملك المانغا) وغيرهما! فإن
ملك الكاريزما المستوردة، الملك العتيد، الذي لا يجيد
قراءة إسمه، ولا يجيد قراءة البسملة، وصفته الصحافة والمسؤولون
والحقوقيون البريطانيون بشتى الأسماء والنعوت، ليس بينها
نعت واحد يشير الى ضحالة علمه وفهمه.. لم يقولوا أن الرجل
يقترب من (الإعاقة!) بمعناها الحرفي، ولم يقولوا بأنه
(جاهل) لا يجيد حتى القراءة، ولم يقولوا بأنه (غبي).
لكن للحق فإنهم وصموه بأشياء أخرى صحيحة! فحسب الصحافة
هو (طاغية) و (ديكتاتور يرأس دولة أوتوقراطية تقمع الحريات
والصحافة والمؤسسات الحرة) وقالت الصحف بأن دولته (راعية
للإرهاب) الذي يهدد أوروبا، وأن الدولة السعودية منذ تأسيسها
عام 1932 تنتهك حقوق الإنسان بأبشع الصور.
صحيفة الديلي ميل التي استفزها تصريح الملك للبي بي
سي بأن بلاده قدمت معلومات عن الإرهابيين لم تستخدمها
بريطانيا فأدت الى كارثة 7/7، قالت مذكرة: ألم يكن من
هاجم في 9/11 سعوديون؟ هل هذه هي الدولة التي تريد أن
تعلمنا دروساً في مكافحة الإرهاب؟ وأضافت بأن الملك عبدالله
(لا يستحق التشريف) وأنه (يجب القاء القبض عليه لانتهاكه
حقوق الإنسان). واعتبر نائب بريطاني زيارة الملك: (إهانة)
لبريطانيا، وأن من استقبلوه (منافقون وجهلة وفاشلون).
وحين كان ملك الكاريزما المستوردة، يستقل العربة الملكية
من فندقه باتجاه قصر باكنغهام، كان المحتجون يصرخون في
وجهه: (قتلة، جلادون، العار لكم، معذبون، مرتشون) واتهموا
الحكومة البريطانية بالنفاق ورجالها بأنهم (عبدة النفط).
بيد أن أعنف ما كتب كان من قبل روبرت فيسك، الذي شن هجوماً
على الملك السعودي ومضيفيه البريطانيين، الذين اتهمهم
بمد السعوديين بالطائرات النفاثة والويسكي والعاهرات،
فيما كان السعوديون يتلذذون باستخدام صدام لأسلحته الكيمياوية
وقتل الإيرانيين. واستعرض فيسك تاريخ السعودية المليء
بمخازي الرشاوي واضطهاد الأقليات وحفلات قطع الرؤوس واضطهاد
النساء.
استفزّ احتفاء الملكة بملك الكاريزما السعودي، إذ من
المعلوم أن بريطانيا وبحساباتها السياسية تمنح (شرف!)
لقاء الملكة لشخصيتين سياسيتين سنوياً، وكان اختيار ملك
السعودية بغرض امضاء صفقة اسلحة تزيد قيمتها على ثمانين
مليار دولاراً، رغم الفضائح المتتالية في رشاوى اليمامة
وأخواتها.
ولكي يكون الإحتفاء بأموال خادم الحرمين الشريفين على
أصوله، الى حد جعل البعض يعتقد أن الملكة هي التي زارته،
وأن الملك هو المضيف لا الضيف! انفق رئيس الوزراء ثلاثة
آلاف جنيه استرليني من الخزينة العامة لشراء بدلة ذات
ذيل طويل ليحضر الحفل الملكي على شرف ملك المانغا، عفواً
ملك الكاريزما!
وتكتمل الإحتفالية السعودية في لندن بتأكيد الصورة
النمطية الغبية للعربي أو للحاكم العربي النفطي حيث مظاهر
البذخ الجنوني الذي يستفز كل عاقل. ما معنى أن يأتي الملك
في خمس طائرات جامبو ضخمة؟! ولماذا يلحق به جيش من المستشارين
(أكثر من ثلاثين مستشاراً) مع أن آل سعود بطبعهم الديكتاتوري
لا يريدون مشيرين، ولكن هي الوجاهة، والمستشارون مجرد
تسمية لموظفين جهلة يعملون كالبراغيث التي تمص خزينة الدولة.
ورافق الملك نحو 450 شخصاً من الحاشية والحراس إضافة الى
عدد من نسائه ووزرائه وبناته وأمراء من العائلة المالكة.
كانت سيارات الليموزين تملأ الشوارع المحيطة بمكان إقامة
الملك، وكانت الفنادق ممتلئة بالضيوف وكذا البارات! والمطاعم
ومخازن هارودز.. كان الكثيرون منتفعين من هذه الزيارة
الملكية غير المباركة، حتى الشحاذين ومؤجري الهواتف النقالة،
إضافة الى عملاء النظام في لندن من المطبلين مستلمي الشرهات
والرواتب الشهرية، الذين انعكس نشاطهم على عدد من الصحف
والقنوات يدافعون ويبررون للنظام.
الخلاصة أن ملك الكاريزما خسر المعركة المالية، وأنفق
مال الشعب سدى، ولكنه ربح استمرارية لحكم آل سعود من جهة
الحماية الخارجية له، لكن الحكم السعودي خسر الكثير من
رصيده الشعبي المحلي والعربي والإسلامي، أي من شرعيته.
وحين تسقط الشرعية في الداخل، فإن الحماية الخارجية والأموال
كلها لا تعوض ذلك.
أما أولئك الذين لازالوا يتحدثون عن الملك (الحكيم،
الإصلاحي، العروبي، الإنسان!، النابغة، الصارم، وجه الخير)
فنقول لهم: استحوا قليلاً وخفضوا سقف الدعاية حتى يمكن
هضمها!
|