طهران والرياض: معركة إعلامية
إرتضت طهران أن تخوض معركة صامتة مع الرياض لأنها تعلم
بأن ما تحوزه الأخيرة من أسلحة إعلامية متنوّعة الأحجام
كفيلة بأن تعرّضها لخسارة فادحة، ولذلك فضّلت طهران (غض
النظر) عن الحملات الإعلامية السعودية المضادة التي تكفّلت
صحف وقنوات فضائية وغيرها من وسائل إعلامية تتلقى دعماً
مالياً سخيّاً من الأمراء السعوديين.
وفيما يبدو، فإن هامش المرونة الذي منحته طهران لنفسها
إزاء الحملات الإعلامية السعودية بلغ الخطوط الحمراء،
إضافة إلى أن هامشاً مماثلاً ينعدم لدى الرياض يجعل طهران
في حلّ من أي التزام متبادل. مهما يكن، فإن الرياض لا
تبدو في السنوات الأخيرة تكترث للحدود التقليدية المتعارف
عليها بين الأخوة الألداء، ولذلك رسمت لنفسها مساحة مستقلة
واسعة في النيل من خصومها السريين والعلنيين دونما حساب
للنتائج، ولربما إستترت بحرية مزعومة يتمتّع بها المقرّبون
من الأمراء دون بقية الأقلام، وخصوصاً تلك التي تدعو للإصلاح
وتدافع عن قضايا المجتمع بصورة عامة.
|
إغلاق العربية في طهران
|
تبدو طهران مرتاحة لقرارها هذه المرة بطرد مدير مكتب
قناة (العربية)، بررته بأن القناة المملوكة للسعودية تقدّم
تغطية منحازة. وقالت (العربية) في الثاني من سبتمبر الحالي
بأن السلطات الإيرانية أمرت حسن فحص بمغادرة البلاد. وحاولت
القناة التغطية على السبب الرئيسي لقرار طهران بطرد مراسلها،
حيث ذكرت بأنها أذاعت تقريراً بشأن إنتاج فيلم مصري بعنوان
(إمام الدم) ينتقد فيه آية الله الخميني مؤسس الجمهورية
الإسلامية في ايران، في رد فعل على فيلم إيراني بعنوان
(اغتيال فرعون) تدور أحداثه حول اغتيال الرئيس المصري
السابق أنور السادات في عام 1981. وكانت الشرطة المصرية
قد قامت باغلاق مكتب تلفزيون (العالم) الإيراني في يوليو
الماضي تحت هذه الذريعة. هذا الخبر كما أوردته (العربية)
يبدو تغطية على سبب المشكلة الأساسي بين القناة وممولها
وبين طهران التي تنظر، شأن كثير من شعوب وحكومات المنطقة،
الى (العربية) على أنها قناة فتنوية وأنها تحوّلت إلى
قناة تحريض مذهبي من خلال تقارير مصمّمة لهذه الغاية.
ونقلت وكالة (فرانس بريس) في الثاني من سبتمبر بأن
السلطات الإيرانية ألغت الإعتماد الصحفي لمدير مكتب القناة،
وأبلغته بأنه (شخص غير مرغوب فيه)، بحسب ما نقل على لسان
مسؤولين في وزارة الثقافة والإرشاد الإيرانية. كرد فعل
على القرار، زعم مصدر مسؤول في قناة (العربية) بأن الأخيرة
متمسكة (بالمعايير المهنية)، وأنها (لم تغيّر في منهجها
الصحافي المتوازن طوال الفترة الماضية في تغطيتها للشؤون
الإيرانية). وفيما اعتبرت (العربية) القرار الإيراني الرسمي
جاء في سياق حملة مركّزة على القناة من قبل السلطات وبعض
وسائل الإعلام الإيرانية، فإن ثمة مصادر إيرانية شبه رسمية
ذكرت بأن القناة اقتفت منهجاً عدائياً لكل ما هو عربي
وإسلامي منذ ثلاث سنوات إضافة إلى انشغالها بالموضوعات
ذات الطبيعة التحريضية، فيما كانت تهيء لأجواء التطبيع
مع الدولة العبرية عبر إجراء مقابلات مع قيادات إسرائيلية،
وبرامج سياسية وصحافية تشتمل على لغة تحريض على الحرب
ضد إيران.
وكان النائب الإيراني علاء الدين بروجردي، رئيس لجنة
الشؤون الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، وجّه إتهاماً
للقناة بـ (التشهير) واتخاذؤ (موقف معاد من شعب الجمهورية
الإسلامية وحكومتها)، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية
الرسمية في الثاني من سبتمبر.
|