ترتيب السعودية 161 في الحريات الصحافية
أكّدت منظمة مراسلون بلا حدود في تقريرها الصادر في
22 أكتوبر الماضي بأن السلام وليس الإزدهار الإقتصادي
ما يضمن حرية الصحافة. وفي مقدمة تقريرها حول التصنيف
العالمي لحرية الصحافة أعلنت المنظمة (بات عالم ما بعد
الحادي عشر من أيلول واضح المعالم. فالاضطرابات تهز عرش
ديمقراطيات كبرى تقف على أهبة الاستعداد للتصدي لأي هجوم
وتقضم مساحة الحريات رويداً رويداً، في حين أن أكثر الدكتاتوريات
نفوذاً تزداد سلطوية وغطرسة مستفيدة من الانقسامات القائمة
في المجتمع الدولي ودمار الحروب المعلنة باسم مكافحة الإرهاب.
ولا عجب في أن تفرض المحرّمات الدينية والسياسية نفسها
أكثر على مر السنين في دول كانت تشهد، في الأيام الغابرة،
تقدّماً ملحوظاً على درب الحرية).
وأضافت المنظمة: (في هذا السياق، لا بدّ لسياسة كمّ
أصوات الحرية المنتهجة في الدول المنغلقة على العالم،
بقيادة أسوأ صيّادي حرية الصحافة، من أن تبقى مستمرة في
ظل إفلات تام من العقاب طالما أن المنظمات الدولية شأن
الأمم المتحدة تفقد كل سيطرتها على أعضائها. إلا أن هذا
الانحراف العالمي يعطي الدول الصغيرة الضعيفة اقتصادياً
فرصة التميّز بسعيها إلى ضمان حق الشعب بمعارضة الحكومة
والإعلان عن رأيه جهاراً بالرغم من كل ما تعانيه).
يشمل هذا التصنيف الفترة الممتدة من الأول من أيلول
2007 إلى الأول من أيلول 2008 ولكنه لا يسلّط الضوء فقط
على المرتبة المتفوقة التي تحتلها الدول الأوروبية (تتصدر
المراتب العشرين الأولى دول تنتمي إلى المجال الأوروبي
باستثناء نيوزيلندا وكندا) بل أيضاً على المرتبة المشرّفة
التي احتلتها بعض دول أميركا الوسطى والكاريبي.
أما القاسم المشترك بين دول الصدارة هذه التي تشهد
تباينات اقتصادية عظيمة (إن النسبة بين إجمالي الناتج
الداخلي الفردي في أيسلندا وجامايكا هو 1 مقابل 10) فيكمن
في خضوعها لنظام ديمقراطي برلماني كما في عدم تورّطها
في أي حرب.
إن الدول التي تحتل المراتب الأخيرة من التصنيف هي
دكتاتوريات مقنّعة نوعاً ما يتمكن المعارضون والصحافيون
الإصلاحيون فيها من تحطيم الغلال التي يجبرون على تحمّلها.
وتحت عنوان (الجحيم الثابت)، رصد التقرير حرية الصحافة
في عدد من البلدان فجاءت تونس زين العابدين بن علي (المرتبة
143)، وليبيا معمّر القذافي (المرتبة 160)، وبيلاروسيا
ألكسندر لوكاتشتنكو (المرتبة 154)، وسوريا بشار الأسد
(المرتبة 159)، وغينيا الاستوائية تيودورو أوبيانغ نغويما
(المرتبة 156)، يكفي الوجود الكلي لصورة رئيس الدولة في
الشوراع والصفحات الأولى للصحف لإقناع الأكثر تشكيكاً
بغياب حرية الصحافة. ومع أن غيرها من الدكتاتوريات لا
تمارس عبادة الشخصيات، إلا أن المخنق لا يزال نفسه. ففي
لاوس (المرتبة 164) والمملكة العربية السعودية (المرتبة
161)، لا شيء ممكناً إن لم يكن يتماشى مع خط السلطات.
ترد ست دول من الشرق الأوسط في أسفل التصنيف العالمي
لحرية الصحافة كل عام وقد ضمن أبطال القمع في هذه المنطقة
مكانة بلادهم منه في العام 2008. فلا تزال حرية التعبير
سراباً في العراق (المرتبة 158)، وسوريا (المرتبة 159)،
وليبيا (المرتبة 160)، والمملكة العربية السعودية (المرتبة
161)، والأراضي الفلسطينية (المرتبة 163)، وحتى إيران
(المرتبة 166). والصحافيون إما خاضعون لرقابة ضارية، وإما
معرّضون لأعمال عنف مروّعة.
ولا يزال المجتمع الدولي، ولا سيما الاتحاد الأوروبي،
ماضياً في التكرار، على سبيل التنافس، أن الحل الوحيد
يكمن في (الحوار). ولكنه يبدو جلياً أنه لم يلقَ آذاناً
صاغية طالما أنه بمقدور أكثر الحكومات سلطوية أن تتجاهل
الاتهامات المضادة من دون أن تخاطر بأي شيء سوى استياء
بلا عواقب يظهره بعض الديبلوماسيين.
|