كيف أصبح العنف مشروعاً في السعودية؟
هناك الكثير من الموضوعات الهامّة التي تطرح للنقاش في مواقع
سعودية على شبكة الإنترنت، حيث يفصح المتحاورون عن بعض من مكنوناتهم
الداخلية وضمن هامش معقول من الحرية، بحيث يمكن رصد هذه الحوارات
واعتبارها بشكل عام مؤشراً على اتجاهات الرأي العام السعودي، بأكثر
مما تعبر عنه الصحافة والإعلام المحليين.هناك على شبكة الإنترنت،
يقوم أفراد ممن يمكن اعتبارهم منتمين الى الطبقة الوسطى العريضة في
المملكة بالتعبير عن اتجاهاتهم وميولهم وآرائهم. هؤلاء في مجملهم
وكما يبدو من الحوارات العديدة مسكونين بأنواع مختلفة من الهموم
الجمعية، لم تجد لها متنفساً في الإعلام المحلي، ولا يمكن طرحها إلا
بكثير من الحذر حتى لا يحظر الموقع محلياً، مع أن أكثر المواقع
الحوارية السعودية أصبحت محظورة.
ما يهمنا هنا، هو استجلاء للآراء المختلفة بين السعوديين في قضايا
وطنية مصيرية بالغة الحساسية. وسنقوم في كل عدد بعرض قضية من
القضايا، وآراء المختلفين، الذين لم يجدوا إلاّ مواقع الإنترنت
لطرحها على بساط النقاش. الموضوع التالي منقول عن
http://www.wasatyah.com
* * *
ليتني ما رأيت ذلك المشهد.. وما شهت تلك الاشلاء المتفحمة من شباب
أنتجتهم هذه الأمة! هؤلاء منا، وإن أنكرنا فعلتهم، وشنعنا عليهم.
إنهم منا، نحن أنتجناهم، وطبخناهم بواقعنا المأساوي. إنهم نتاج عصر
(الفتنة) الذي تعيشه أمتنا. لقد ذهب شبابنا وقوداً لأفكار ومعارك لم
تجر على الأمة إلا الفساد. كم كنت تمنيت من قبل إلا تؤول الاوضاع الى
هذا المشهد المحزن. هؤلاء الشباب هم نتاج خطاب (منفعل)، خطاب يصور
الواقع بصورة مأساوية، حتى يخيل لذلك الشاب ان الدنيا مظلمة، ويغذى
بنزعة الانتقام، والتكفير، والنيل من العلماء والدعاة، حتى يشعر
بالغربة عن المجتمع، والانفصال عنه شعوريا، ثم يتوج ذلك كله بمثل هذه
التصرفات. أي خطاب وفكر أنتج هؤلاء؟! أي خطاب يحيل ارض الاسلام لتكون
مسرحية لعمليات التفجير والاغتيال؟
* * *
الحدث يظهر لنا أننا نعيش في أزمة حقيقية كبرى.. انشقاق وانشطار
في الحركة الإسلامية في الداخل.. فوشائج التواصل بين العلماء وبين
كثير من الشباب متقطعة متمزقة ؛ بل العلاقة بين علماء الصحوة وكثير
من شبابها علاقة تضاد وتنافر. أرى أن العلماء يتحملون جزءا كبيراً من
وجود هذه الإشكالية... فالمتأمل لطرح كثير من العلماء يجده مغيباً عن
حياة كثير من الشباب.. فأكثر أطروحات المشايخ وعظي ترقيقي لا ينسجم
مع فكر الشباب وعصرهم.
* * *
لقد أثمر الجهاد الإفغاني ثمارا مرة وها نحن نقطفها الآن ونتلقى
الصفعات من أهل الجهاد أنفسهم. إن أول من هيج هؤلاء الشباب هم بعض
المشايخ في هذا البلد وبعد أن أوقعوهم في الفخ، تخلوا عنهم وتركوهم
في غيهم يعمهون لا يعلمون أين يذهبون تخبطوا وتاهوا وفي النهايه إذا
هم يقتلون المسلمين. ومع ذلك نجد من يناصرهم من بيننا ومن يدعو لهم،
وبدأت تخرج الفتاوى لهم من أناس شربوا من نفس كؤوسهم وإذا بنا نجد
غالبيتنا في نظرهم كفارا ونستحق القتل. ألأجل هؤلاء ورفضنا لقتل
المسلمين نكفر إنها والله معضلة وشلل فكري أصاب ثلة من أبنائنا وثلة
من مشايخنا لن ينفع مع الأمراض الخطيره إلا استئصالها من جذورها
برمتها وبترابها ومواطنها مهما كلف الأمر.
* * *
لكي لا تختلط الأوراق.. هذا رأي الجماعات الإسلامية السعودية في
تفجيرات الرياض.
1- موقف السلفيين (ويقف على قمتهم المفتي وبقية أعضاء الإفتاء
وكبار السن من العلماء أمثال الشيخ/الجبرين والشيخ/ الفوزان) وهؤلاء
كان موقفهم رافض لهذه الممارسات وأصدروا بالفعل فتوى بتحريم هذه
الأعمال.
2- السرورية (ويقف على قمتهم - العودة والعمر والحوالي) وقد كان
موقفهم قريب جداً من الإتجاه السلفي سوى أنهم وفي موقع (الشيخ/
العودة) برروا هذه الجريمة وحاولوا أن يستغلوا هذا الحدث لصالح
إتجاههم ودعوتهم، وهذا الإتجاه فقد الكثير من أنصاره وأتباعه بسبب
تغير أو (تطور) مواقفهم من الخطاب (التحريضي الجهادي) إلى الإتجاه
(العقلاني السلمي).
3– موقف الجهاديين (ويعتبر الشيخ/ حمود الشعيبي - رحمة الله -
المنظر الأول لهم، وكذلك كل من الفهد والعلوان والخضيري) وهذا
الإتجاه يعتبر حديث التكوين ولكنه هو الأخطر والأكثر تهوراً، وقد كان
موقف أتباعه مؤيداً وبشده لهذه العمليات، بل إن منهم من يراها غير
كافية ويطالب بالمزيد، أما منظريهم فلم يصرح بإستنكارها سوى
(العلوان) مع صمت مريب من البقية، و(غالبية) أتباعه هم ممن خاض غمار
الجهاد في أفغانستان والشيشان.
4– موقف التنويريين أو العقلانيين (وهذا الإتجاه برز مع ظهور
الإتجاه الجهادي)، ولا يتسيد هذا الإتجاه شخص معين ولكن يغلب على
أتباعه الثقافة والقراءه الواسعة خاصة في الكتب الفكرية والسياسية،
وهذا الإتجاه كان موقفه رافضاً لهذه العمليات، وأضاف كذلك بعض الحلول
والنظريات في سبب هذه المشكلة ودوافعها.
* * *
أسجل هنا بعض هذه الأسباب التي أرى أنها الدافع الرئيس وراء الفكر
المتطرف:
1- موقف العلماء وابتعادهم عن أصحاب هذا التيار وعن محاورتهم
وتقبل ملحوظاتهم.
2- تعامل السلطة معهم ونظرتها إليهم حيث مرت بهم فترة من الزمن
كانوا يذهبون بنصف التذكرة إلى أفغانستان، ثم حين تحولت الأحداث
السياسية وانتهت مصلحة أمريكا من هذا الجهاد أصبحوا يواجهون السجون
والملاحقة وعيون الشك والريبة.
3- البطالة التي يمرون بها حيث فصل من عمله من كان منهم موظفا في
إحدى الوظائف الحكومية.. وأصبحوا لايستطيعون الحصول حتى على رخصة
لفتح محل تجاري.
4- حالة الإحباط العامة التي تصيب المسلمين كلهم من هيمنة وطغيان
أمريكا وإذلالها للشعوب. كل ذلك بلاشك جعل حرقة في النفوس تزداد
اشتعالا.
5- الفساد العام الذي تعيشه البلد... فساد وفوضى وسرقات في المال
العام وانعدام في فرص العمل وانتشار للواسطة والمحسوبية ومضايقة
لأصحاب الرأي وملاحقة وتضييق عليهم.
6- حالة استفزاز وقهر ومهانة من إعلام عربي وإسلامي يوجه إليهم
الشتائم صباح مساء ويصفهم بأقذع الأوصاف دون أن يناقش همومهم بصدق
وشفافية ودون أن يفتح لهم الأبواب لطرح ما يريدون.
* * *
العلاقة متوترة بين الحكم السعودي والتيار الإسلامي الجهادي ممثلا
في العديد من السعوديين الذين شاركوا في حروب أفغانستان والبوسنة
والشيشان وغيرها، ولقد برز في هذا التوتر بعض علماء الدين المعارضين
للسلطة بسبب هذه التفجيرات المتتالية من جهة، وتصعيد هذا التيار
لخلافه مع الحكم السعودي عبر المساجد وشرائط الكاسيت وأخيرا
الإنترنت. لا يمكن فصل ما حدث أو تداعياته المرتقبة عن ملف الإصلاحات
السعودية الداخلية التي لا تزال دون تطلعات معظم التيارات الإسلامية
المعتدلة في السعودية. فليس سرا أن ملف الإصلاح الذي شهد انتعاشا غير
مسبوق تمثل في لقاء ولي العهد السعودي الأمير عبد الله مع قيادات
إصلاحية سعودية في أبريل الماضي (2003) وإعطاء وعد بالتقدم في هذا
الملف، لا يزال يراوح مكانه بسبب قيود تتعلق بوضع الحكم السعودي.
وهناك توقعات متضاربة، بأن يشهد هذا الملف تحركا أكثر نحو الأمام عقب
تفجيرات الرياض أو العكس، حيث يتوقع البعض أن تزيد السلطة صلاتها
بالعناصر الإصلاحية المعتدلة على حساب العناصر الجهادية الأكثر تشددا
في مطالبها، فيما يتوقع آخرون مزيدا من التشدد ضد التيارات الإسلامية
عموما، يضر بالعملية الإصلاحية. بسبب حجم الضغوط الأمريكية المتزايدة
على الحكم السعودي وما سببته التفجيرات من حرج كبير له، فقد نتوقع
المزيد من الإجراءات الأمنية المشددة، وهو ما قد يعطل في المحصلة
النهائية مسار الإصلاح السياسي والاجتماعي. لكن على الجانب الآخر،
هناك وجهة نظر متفائلة ترى العكس، وأن التفجيرات قد تسرع التوجه نحو
الإصلاحات، وإلا فالمقابل سيكون زيادة التفجيرات وربما تحولها نحو
السلطة ذاتها وليس فقط الوجود الأجنبي.
(عن موقع إسلام أون لاين)
* * *
يجب أن نعالج أسباب ظهور حملة مثل تلك الأفكار الاجرامية، بدل أن
يسبقنا الى التحليل والتفنيد بنو علمان (العلمانيون) وغيرهم ممن
يقتنصون مثل تلك الفرص جيداً لتحقيق أهدافهم سواء بتغيير المناهج أو
غير ذلك. لو نظرنا الى تلك العمليات وفق المنظور السياسي فهي ليست
بذات ثمرة، وكما هو معلوم فان أحد أهم أساسيات السياسة (أن تفوق
مكاسبك ما تخسره) وهم بالعكس خسروا بل وسيخسروا الكثير الكثير جراء
ذلك العبث السياسي. لن نندهش ان كان هناك آثاراً سلبية على المستوى
الرسمي، حيث أنه من المؤكد أن الأمريكيين سيضاعفون الضغوطات والمطالب
على الحكومة السعودية، فبدل أن كانت الضغوط مقتصرة على المناهج وما
تبعها ستطال بالتأكيد أموراً أخرى.
* * *
الشبه التي أثارها البعض حول شرعية ما قام به إخواننا المجاهدون ـ
جزاهم الله خيرا وكثر من أمثالهم ـ تتلخص في شبهتين: الأولى: أن
القتلى من الأمريكان مستأمنين معاهدين. الثانية: أن من بين القتلى
مسلمين أبرياء. لو سلمنا جدلا أن الأمريكان الذين في الجزيرة العربية
معاهدين أو ذميين أو مستأمنين فقد إنتقض عهدهم وميثاقهم بقتل أمريكا
إخواننا في أفغانستان والعراق وفلسطين كما فعل النبي صلى الله عليه
وسلم ذلك في بني قريظة. أما الشبهة الثانية (وهي أن بين القتلى
مسلمين): فالجواب عنها أن من قتل من المسلمين فهم لم يقصدوا بالقتل
ابتداء وإنما قتلوا لاختلاطهم بالنصارى الأمريكان في أماكن ترتكب
فيها الفواحش والعياذ بالله ، فلم يمكن تميزهم عنهم فيجري عليهم ما
ذكره أهل العلم في مسألة التترس. قال الشيخ الإمام حمود الشعيبي ـ
رحمه الله ـ عند جوابه عن شبهة من قال أن في القتلى أبرياء لا ذنب
لهم: '' الحالة الثالثة: أن يكونوا من المسلمين، فهؤلاء لا يجوز
قتلهم ما داموا مستقلين، أما إذا اختلطوا بغيرهم ولم يمكن إلا قتلهم
مع غيرهم جاز، ويدل عليه مسألة التترس وسبق الكلام عنها''.
* * *
أهل الصليب ليسوا مستأمنين، بل هم المُــؤَمّنون لآل سلول،
فالكلام عن المعاهَـدين والمستأمِـنين تلبيس شديد، إذ أن أهل الصليب
هم الذين يحمون عروش حكام الردة، ويحرسونهم! ثم إنهم أهل غزو لا اهل
أمان، إذ أنهم هم المتمكنون، المسيطرون، المتنفذون، القول قولهم،
والرأي رأيهم، والأمر أمرهم: فمقاتلاتهم في المطارات رابضة، وقواعدهم
على أرض التوحيد جاثمة، وعساكرهم منتشرة. ثم هل هذا الأمان طاعة لله
أم معصية؟ أليس قد أمر نبي الملحمة محمد بن عبد الله القرشي بإخراج
هؤلاء الأنجاس من جزيرة التوحيد؟ هل يطاع ولي الأمر طاعة مطلقة؟ أم
إن من ديننا أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؟ أيهما نطيع: سيد
الخلق، بأبي هو وأمي؟ أم ولي الخمر عبد أمريكا؟ ثم هب أن أمان أولئك
المرتدين نافذ! فمجاهدوا القاعدة طائفة مستقلة، قد تبرأت من تلك
العهود، وأعلنت عليهم الحرب، وحذرتهم من البقاء للإفساد في جزيرة
التوحيد! وأنها لا تعترف بمواثيق آل سلول! فعهود المرتدين لا تلزمها!
* * *
حول شرعية تفجيرات الرياض فإن هذا العمل شرعي 100%.مثل هؤلاء يرى
أن الأمريكان في كل مكان محاربون حتى وإن دخلوا في دولة مسالمة.
هؤلاء لا يرون من قتلوهم (معاهدين) من وجوه: من طرف المعاهد، ومن طرف
من أعطاه العهد.
1- من طرف المعاهد (الأمريكي) حيث أن دولته وحكومته تحارب
المسلمين وتدعم اليهود.
2- من طرف من أعطاه العهد وهو (ولي الأمر). إن ولي أمر المسلمين
الحالي ليس وليا شرعيا معتبرا.. وقد ارتكب مكفرات مثل موالاة الكفار
وإعانتهم على المسلمين. المفجرون وصلوا لدرجة من التعبئة الشرعية ما
يوصلهم إلى ارتكاب العملية الاستشهادية. فهم يرون في قتل الأمريكان
مقدم على الانتباه إلى أمن المواطنين. هذه الفئة تبني أفعالها على
اجتهاد نصوص من الكتاب والسنة.. فليس حلها بأن تكبت أو تحارب أو
تطارد أو تنشر صورهم ويشهر بهم! هذا الأمر سيزيدهم اعتبارا بشرعيتهم
كما يعتقدون. بل الحل أن نواجه هذا الفكر بفكر مثله بأن نفتح أبواب
الحوار معهم.
* * *
قال أحدهم مستغلاً مآسي وطني: هاتوا لي علمانياً قام بالتفجير أو
القتل. بمناسبة أو بغير بمناسبة يُحشر العلمانيون في كل حديث أفك
إسلاموي، أو دعاء وقنوت على اليهود والنصارى والكفار، أو تخلف في
التنمية، أو اخطاء وقصور في إدارة البلاد، أو بغي وفساد في الوطن.
هاتوا لي علمانياً قام بعملية إنتحارية مسبباً الدمار والقتل لأبرياء
وممتلكات عامه بإسم الله أو بإسم الوطن أو بإسم العلمنة. هاتوا لي
علمانياً أفتى بجواز ترويع الآمنين أو قال بوجوب كراهية وقتل الإنسان
المسالم الذمي. أروني علمانياً قال: الشيوخ أبخص.. والحاكم ظل الله
في الأرض. ويجب طاعة الأمير ولو جلد ظهرك وأخذ مالك. انقلوا لي أقوال
علمانين تدرّس في مناهج التعليم.. تدعو إلى تغيب العقل.. وتجعل فهم
الحياة بيد موتى من الماضي السحيق.. أو قصائد أو منثورات وأقوال..
تعلم الاطفال والشباب إحتكار الرأي وإقصاء الآخر. أسمعوني خطبة في
مسجد أو في شريط كاسيت.. لعلماني.. يحرّض على قتل ونفي بعض ابناء
الوطن من الطوائف والمذاهب الأخرى غير الوهابية. هل سمعتم عن علماني
يدعو إلى تهييج العامة ويرسل الشباب إلى الموت وهو يشرب نخب الزنجبيل
على إيقاع فتاوى وهابية، وينتظر قيمة الفتوى من السلطان أو من تبرعات
الناس. هل رأيتم علمانياً يحني رأسه ليقبله العشرات من الناس في
الأماكن العامة ويستغل الساذجين فيزوجوه بناتهم لينالوا بركته
ويقوموا بخدمته في كل شؤون حياته اليومية: من تغيير زيت السيارة إلى
التعقيب على طلب منح الاراضي. هل سمعتم أن علمانياً... قال بوجوب قتل
الشيعة ولو كانوا أبناء بلده وجيرانه.. أو أفتى أو وقّع بياناً بكفر
وردة بعض المثقفين والمفكرين.
* * *
التبرئة الكاملة، وتحميل المسؤولية الكاملة لعنصر واحد من العناصر
المؤدية للفكر التكفيري أمر غير رشيد. هي عناصر مختلفة وأرهاصات
تاريخية تؤدي الى نشوئه وقد تختلف من بلد الى بلد. احد العناصر دعوة
نجحت في فترة معينة في ظروف معينة مثل تطهير الجزيرة مما أسمته من
الشركيات التي ظهرت في المجتمعات المسلمة في القرنين 13 و14 الهجرية،
ولكن بالطبع محاولة التمسك بكل جزئيات هذه الدعوة في ظروف مختلفة قد
يفضي الى كارثة لا الى نجاح. والدعوة الثانية ظهرت في شبه القارة
الهندية في أواسط القرن الميلادي الماضي وذلك لإنشاء وطن خاص
بالمسلمين والخلاص من غير المسلمين لأنهم الأكثرية. والثالثة خرجت من
السجون المصرية فخرجت فكرة تكفير الحكام وقتالهم. هذه باختصار
المصادر الرئيسية الثلاث المتهمة باشاعة فكر التكفير في العصر
الحديث. وما حدث في افغانستان هو تزاوج لهذه الاتجاهات، فحملة الفكر
الوهابي المتشدد تواجدوا هناك بقوة، وكذلك الجماعات الاسلامية
المصرية هروباً من السجون، وكذلك الباكستانيون المتشددون. ومع الاسف
وجدت هذه الجرثومة الفكرية بيئة خصبة للنمو والتوالد في العالم
الاسلامي في ظل عدم وجود الحريات في التعبير وابداء الآراء والنقاش
الصحي المفتوح، ثم الظلم الاجتماعي والوضع الاقتصادي السيء والفقر
والبطالة ولا ننسى المنكرات المتفشية والخطاب الديني المنفصل عن
الحياة. لذلك فان عملية تفكيك بناء هذا الفكر القاتل لا يمكن ان يتم
في ليلة وضحاها وبوصفة سحرية ناجعة، بل ان الامر يحتاج الى عمل طويل
وخطة اصلاح عريضة وصعبة لانها سوف يلزمها نزع أشياء كثيرة من أناس
كثيرين.
* * *
هؤلاء الذين تلاحقونهم اخوة لنا ومن اهلنا، وانتم من نحى بهم هذا
المنحا ومضى بهم الى هذا السبيل فعلام تتجاهلون ذلك؟ ولمصلحة من؟
الوطن لم يمنحهم تذاكر السفر ويسهل لهم سبيل الجهاد ويحرضهم على قتال
الكفار؟ والوطن لم يقل ان الكفر سوفييتي وليس أمريكي؟ لماذا تتاجرون
بالوطن مقابل حماية واقع مذل مهترئ وسياسات انانية لا تحفظ للوطن
عرضا أو ارضا أو كرامة أو شرفا؟ لماذا لا نتحدث صراحة وبصدق بدلا من
القفز على الحقائق وكأنما لا يمشي على ارض هذا الوطن إلا بهائم غاية
مطالبها ان تجتر اغاني التمجيد للملك؟ عندما أبحث عن عمل ولا اجد،
وعندما أبحث عن سرير مشفى ولا اجد، وعندما أبحث عن دواء ولا املك
قيمته وعندما أبحث عن ضمان اجتماعي ولا اجد، وعندما أبحث عن سلفة
مالية لتسديد فاتورة الماء والكهرباء ولا اجد، وعندما أبحث عن مواصلة
نقل ولا أجد، وعندما أبحث عن سبيل للعيش ولا أجد، فما قيمة هذه
الحكومة وما قيمة هذا الوطن؟ واذا كنت ارى بعيني طفل الاسرة المالكة
أو من يتصل بها بنسب أو حسب أو شارع أو فنجال يبعثر المال ويمشي في
الارض مختالا، أفلا أحقد؟ لماذا تطلب الحكومة الرشيدة من مواطنيها
الموسورين التبرع لهذا المشفى أو اقامة خزان ماء أو اهداء ماطور
كهرباء أو سفلتة طريق؟ أين تذهب اموال النفط؟ لماذا يتكرم صاحب السمو
بمكرمة ويأمر بنقل مريض الى المشفى أو استقدام طفل معاق من بلاد
الواق واق للتنويم في مشفى عسكري تحت عدسات الكاميرا؟ عن أي وطن
تتحدثون؟ ومن تعنون بالمواطنين؟ لا ارى مواطنين بل ارى مجلودين قد
انهكتهم الحيلة واذلتهم الحاجة.
* * *
هناك كثير من المواطنين يشجعون على تلك الأعمال ليس اقتناعا
بشرعيتها، ولكن كرها للدولة ويؤيدون اي عمل يزعزع امنها، لعلها يوما
تلتفت الى مواطنيها. الوطنيه وحب الوطن لا يأتي بالخطب العصماء
والكلمات الرنانه بل حب الوطن يأتي بالعدل بين الناس، حب الوطن يأتي
باحترام المواطن. كثيرا ما نسمع أو نقرأ التساؤل لماذا ولاء المواطن
السعودي ووطنيته لقبيلته أو مدينته فقط، ولا تجد احد يجيب على هذا
السؤال. الجواب بكل بساطه انه لا يمكن للوطنيه ان تنمو في بلد
التفرقه بين المواطنين. لا يمكن للوطنية ان تنمو في بلد خزائن الدوله
مفتوحه لكل امير يغرف منها كما يشاء، بينما المواطن يجمع ويطرح ويقسم
طول الشهر لعل اوعسى ان يكفيه مرتبه الى آخر الشهر. لا يمكن للوطنيه
ان تنمو في بلد جميع اراضيه ملكا للأمراء، بينما المواطن يستأجر او
يستلف أرضا من صديق ليحجز إسما لدى الصندوق العقاري لعل وعسى يوما ان
يملك أرضا. لا يمكن للوطنيه ان تنمو في بلد لا يستطيع التاجر ان
يمارس تجارته إلا بمشاركه امير لتسهيل اموره.
* * *
حينما سمعت من صديق لي بالرياض انه حدثت انفجارات بالرياض لم
استطع ان أخفي فرحي حقيقة من أي عملية انتقامية ضد الصليبيين
المتواجدين لدين. لقد كانت التفجيرات السابقة في العليا والخبر
احترافية ولم تصب غير الامريكان ولذا لم اخفي فرحي والتشفي بها من
الصليبيين وأذنابهم لدينا، ولكن في هذه العمليات صحيح ان الهدف كان
صليبياً ولكن ليس من المعقول ان (يتعمد) قتل حارس المجمع المسلم من
أجل الوصول الى هؤلاء الصليبيين وقتلهم وترويعهم. هل هو نهج جديد في
تنظيم القاعدة أم انه بعد ان انفصلت قياداتها عن خلاياها مؤخرا -
بسبب الضربات الامريكية – تكونت جماعات صغيرة غير موجهة. هل هي
تباشير خطيرة في تغير منحى العمليات وشكلياتها؟ هل هناك اطراف دخلت
على الخط لتزيد من شظايا العمليات ضد المصالح الامريكية لتصيب بعضاً
من المسلمين؟ هل القيادات الشرعية والعملية للخلايا سيصيبها ما اصاب
الجزائر من التطرف، وهل ستفلت سيطرتهم على الاتباع وتضيع بوصلتهم في
غمرة الملاحقات الامنية والثقافية؟ هل هناك أطراف اخرى تغذي نهج
''قتل بعض المسلمين'' في سبيل الوصول الى الصليبيين؟ وهل سيتوسع هذا
النهج مع زيادة الضغوط النفسية والمخابراتية من الدولة ليكون قتل
مجموعة من المسلمين في سبيل الوصول الى بعض الصليبيين.
* * *
من فرق بين أفغانستان والجزيرة كذبته (حيث وجدتموهم). حربنا مع
أمريكا بدأت يوم أن دخلت الجزيرة.. وتأكدت حين غزت أفغانستان.. ولم
يعد التشكيك في ذلك بعد غزوها للعراق إلا نفاقا. لقد أعلنوا الحرب
على الله ورسوله. ولا يخفى ذلك إلا على من طمس الله بصيرته. قال
تعالى: واقتلوهم حيث وجدتموهم. في أمريكا.. في أفغانستان.. في
الفلبين.. في الجزيرة. لا فرق. ومن أنكر ذلك كذبته (حيث وجدتموهم).
ان حربنا على أمريكا اليوم لا يحدها مكان كما أفتى بذلك شيخنا الفاضل
الخضير حفظه الله. فلم هذا الصخب والاستنكار والتشويش على عمليات
الرياض؟ انها حدثت على أرض اسلامية وقتل فيها أبرياء (هكذا يزعمون).
ولكن.. أليست أفغانستان والشيشان أراض اسلامية وقد أفتيتم بجواز
التفجيرات فيها وقلتم أنه من الجهاد؟ فما بال هذه ليست كأخواتها؟ ان
الكفر عند بعض هؤلاء كفران: روسي وأمريكي. الأول يجب قتاله ومحاربته
في أي مكان. والثاني (الأمريكي) فلا يجوز، لأن لساحة البيت الأبيض
فريق كبير من المشايخ المحترفين. أما حكاية الأبرياء الذين قتلوا
فنسأل الله لهم المغفرة والرحمة (مع أن وجودهم في ذلك المكان جريمة
كبرى تقدح في العقيدة).
لا يعني هذا أننا نستبيح دماء هؤلاء.. ولكن لا نريد لهؤلاء أن
يكونوا حجرة عثرة في طريق المجاهدين. هل نعطل الجهاد من أجل حفنة من
الناس رضوا بالتعايش مع أعداء الله؟ كما لا نريدهم أن يضافوا الى
قائمة الشروط التعجيزية التي تشترطونها للجهاد والتي لن تتحقق الى
يوم الدين. كم أتمنى لو أستطيع تصور صورة هذا الجهاد(الوهمي) الذي
تدعونه.... جهادا بلا دماء ولا أشلاء.
* * *
قلتم أن ما حدث من تفجيرات كان فتنة. ولكننا قرأنا كتاب الله
فوجدنا العكس. وجدنا أن الفتنة هي الكفر المنتشر في أوطاننا (والفتنة
أشد من القتل) كما أوضح ذلك شيخ الاسلام وليس كما تدعون. وتريدون أن
توهموننا. وقلتم إنها فسـاد. ولكننا قرأنا للقاضي عياض وابن حجر
نقلهما لاجماع الأمة أن الجهاد واجب لحفظ الدين ولا ينظر الى أي
مفسدة إذ لا مفسدة أعظم من فتنة الكفر وليس كما تزعمون.
* * *
غلاة هذا البلد حولوا ديناً رضيه الله لنا، من دين رحمة إلا دين
عذاب وعنف واستعباد للناس من قبل بعضهم البعض... حولوا هذا الدين إلى
إيديولوجية تعتمد الإرهاب. نردد دائماً أن الإسلام لا يطبق على الوجه
الصحيح إلا في هذا الوطن، وهذا يعني أن بقية مسلمي الدنيا من
الضالين. أليس في ذلك ظلم ومكابرة وتزكية نفس بغيضة، وليست من الدين
في شيء. يقول وزير الداخلية، الهيئة ضرورة للحول دون انتشار الفساد،
بمعنى أن الفساد منتشر خارج هذا البلد، وأنت تعلم وأنا أعلم أن الذين
يحجون للمغرب وبانكوك وكل مكان تتوفر فيه الممنوعات، غالبهم من أهل
هذا البلد. خلال خمسين سنة مضت، ماذا قدمت سلفيتكم لفلسطين؟...
سلفيتكم (لخبطت) وضع الجزائر والسودان وأفغانستان، وهي إن تركت تسير
في طريقها (لخبطت) بقية الدول المسلمة! العلمانية والتي من أهم
ركائزها أن الدين لله والوطن للجميع، وسيادة القانون في ضل الحرية
والديمقراطية وصيانة حقوق الإنسان، هي المستقبل الذي لا مفر منه. فكر
ابن تيمية وابن قيم الجوزية والإمام أحمد وابن عبد الوهاب، لم تعد
تجدي نفعاً وسط أمة بلغ منها التخلف حد النخاع. أليس الأجدر بكم أن
تخففوا من حدة خطابكم الديني، وتجنحوا للتصالح والسلم؟ ابن لادن أو
الخضير أو الفهد ومجمل دراويشك، والذين يدعون أنهم الفرقة الناجية هل
يستطيعون فعل شيء؟ تخبطات سلفيتك اليوم كانت نتاج لعبة قصد بها صد
المد الشيوعي ثم المد الشيعي، وهي اليوم عبء على من أوجدها، أقصى همه
القضاء عليها. ندرك أن حكومة هذا البلد، لا تجرؤ في الوقت الحاضر على
الجهر بالقول أنكم أس البلاء، كما قالته عن الإخوان، ولكن سيأتي يوم
غير بعيد، وقول ما ليس من قوله بد.
* * *
منذ أيام احداث الحرم (مجموعة جهيمان) والمشكلة قائمة لم تحل في
يوم من الايام على الصعيد الرسمي. كل الذي كنا نعمله هو سياسة
(البانادول) مسكن الالم. نطبق على مجتمعنا ما نمارسه على اجسادنا من
تسكين للآلام لا نقوى على احتمال العلاج والصبر على الالم لاجتثاث
المرض. لا توجد لدينا القناعة بأهمية تنمية المضادات الذاتيه في
الجسم. دائما نلجأ للمضادات الحيوية السهلة الشراء المدمرة للمضادات
الذاتية.
* * *
القتله المجرمون..هم أناس صادقون مع مبادئهم وافكارهم التي تربوا
عليها في كنف السلفيه الوهابيه والتي اخذوها من علماء المؤساسات
الدينيه الرسميه الوهابيه في المملكة، وهم في افعالهم واقوالهم اكثر
صدقاً مع انفسهم من شيوخ ودعاة السلفيه الوهابيه، فهم الممثلون
الشرعيون للوهابيه وليس العلماء الرسميون والذين درسوا القتله
التكفير واستحلال دماء عباد الله، ونا لا اتكلم هنا فقط عن الخضير أو
الشعيبي والفهد فقط.
* * *
كتب حسن المالكي:
هؤلاء الأخوة (أصحاب التفجير) لا يختلفون عن المؤسسة الدينية
الرسمية المذهبية إلا أنهم أكثر نزاهة وصدقاً مع أنفسهم وهم الممثلون
الشرعيون للوهابية وليسوا العلماء، فالعلماء إما أن يقروا بأخطاء
الدعوة السلفية وتوسعها في التكفير واستحلال الدماء أو يعلنوا تأييد
هؤلاء ليس لهم طريق ثالث إلا نفاقاً ومجاملة وتربيط بيض.. لذلك من
العبث أن يعلن المسؤولون الدفاع عن الوهابية ويمكنونها في ظلم
الآخرين بينما يمنعونها من ظلم الدولة، ومن الغباء السياسي أن يتم
الإعلان الرسمي عن أن دعوة الشيخ صافية وأنها على نهج السلف الصالح
قبل أيام، وإعلان أحد المسئولين بقوله (نحن سلفيون)! والمسئول يجب أن
يكون فوق مستوى المذهبيات وإلا يعلن وقوفه مع مذهب، وذلك المذهب هو
الذي يقوم الآن بهذه الأعمال.
لابد من فتح باب الحوار العلني الجريء مع هؤلاء وغيرهم مع الحفاظ
على حياتهم ووظائفهم ألا يصيبها مكروه لأجل آرائهم، فإذا قبلنا
التحاور مع أمريكا (ومستقبلاً إسرائيل) فمن باب أولى التحاور مع
المسلم، وفتح مناظرات علنية بينهم وبين مخالفيهم سواء من علماء
السلطة أو سائر المثقفين. هم سيستدلون بأقوال الشيخ محمد بن عبد
الوهاب وأقوال لعلماء الدعوة فإذا كانت الدولة ستمنع من تخطئة هؤلاء
بالحق والبرهان فمعنى هذا أنها تعبث وتريد الكيل بمكيالين، فتأخذ خير
الوهابية وتترك شرها على بقية الشعب. إن الهجوم على هؤلاء لن يجدي
فيهم إنما تجدي الحجة والبرهان (ثقوا تماماً من هذا). الإصلاح
الداخلي من عدل وحرية رأي واستقلال في القرار السياسي وغير ذلك من
الإصلاحات هي صمام الأمان ولا يجوز التأخر في هذا. لا بد أن يصاحب
الرد عليهم وجوب التأكيد على أهمية (استقلال القرار السياسي) وأن هذا
مطلب كل الدول وهو مطلب مشروع.
* * *
هؤلاء مطالبهم في النهاية تعني القضاء على مكتسبات الاسرة الحاكمة
والسلطة الدينية الرسمية والمتمصلحة والطفيلية فهل ننتظر من الدولة
في النهاية ان تستسلم؟ سؤال سخيف لا قيمة له. اذا هل نتوقع ان تستطيع
الدولة القضاء نهائيا على هذا التيار؟ سؤال اسخف لا يمكن تصور شرعية
للدولة دونه.. اذا ماذا نتوقع؟ تحاول الدولة ان تجاري الواقع ببناء
اصلاحات ملموسة ولكن غير مؤثرة على المكتسبات والمزايا وفي هذا تمديد
للوقت وفرصة لمزيد من تكرار الحوادث.
* * * |