المملكة العربية المتحدة
مواطنون.. لا سعوديون
هناك الكثير من الموضوعات الهامّة التي تطرح للنقاش في مواقع
سعودية على شبكة الإنترنت، حيث يفصح المتحاورون عن بعض من مكنوناتهم
الداخلية وضمن هامش معقول من الحرية، بحيث يمكن رصد هذه الحوارات
واعتبارها بشكل عام مؤشراً على اتجاهات الرأي العام السعودي، بأكثر
مما تعبر عنه الصحافة والإعلام المحليين.هناك على شبكة الإنترنت،
يقوم أفراد ممن يمكن اعتبارهم منتمين الى الطبقة الوسطى العريضة في
المملكة بالتعبير عن اتجاهاتهم وميولهم وآرائهم. هؤلاء في مجملهم
وكما يبدو من الحوارات العديدة مسكونين بأنواع مختلفة من الهموم
الجمعية، لم تجد لها متنفساً في الإعلام المحلي، ولا يمكن طرحها إلا
بكثير من الحذر حتى لا يحظر الموقع محلياً، مع أن أكثر المواقع
الحوارية السعودية أصبحت محظورة.
ما يهمنا هنا، هو استجلاء للآراء المختلفة بين السعوديين في قضايا
وطنية مصيرية بالغة الحساسية. وسنقوم في كل عدد بعرض قضية من
القضايا، وآراء المختلفين، الذين لم يجدوا إلاّ مواقع الإنترنت
لطرحها على بساط النقاش. الموضوع التالي منقول عن
http://bb.tuwaa.com/showthread.php?s=&threadid=18815
* * *
عندما تسأل ما هي جنسيتك، بماذا تجيب؟ المتعارف عليه هو أن
الانتساب يكون للوطن. والوطن هو الأرض لا العائلة الحاكمة، ولا يوجد
في العالم جنسية مواطنين تنسب للعائلة الحاكمة إلا في السعودية،
فيجيب الرجل (أنا سعودي) نسبة إلى سعود جد آل سعود، وهذا فيه تبعية
مطلقة ملازمة يومياً للمنتسب اليها.. وهذا الإنتساب مخالف شكلياً
لكتاب الله وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد قال تعالى:
(ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ)، وقوله صلى
الله عليه وآله وسلم: (ملعون من انتسب لغير أبيه).. فضلا عن أن
الإنتساب الى العائلة المالكة يحمل صبغة العبودية التي تلازم صاحب
هذه الجنسية نفسيا ومعنويا واجتماعياً إذا ما أراد الخصم النيل منه.
أما إذا أراد المواطن أن ينسب نفسه الى الأرض وقال أنه: حجاري او
نجدي أو حساوي أو عسيري.. الخ قامت الدنيا ولم تقعد واتهم بالمناطقية
الجغرافية أو الانفصالية السياسية.
السؤال لماذا لا نطالب بتغير مسمى الجنسيّة، وننسب كل فرد إلى
أرضه، لا الى العائلة التي تحكمه؟
* * *
العرب لا ينتسبون الى ارض بل الى جد لقبيلة او عشيرة. اما
الانتماء السياسي لدولة ما فأمر آخر. ومن ناحية نسبة دولة الى اسم
شخص فهذا موجود في دول كثيرة ومعاصرة بل وقارات مثل امريكا ودول مثل
الفلبين وكولومبيا وبوليفيا والبوسنة وغيرها كثير مما لا يحضرني
الآن.
* * *
بالله عليك، ماعلاقة هذه الآية، وهذا الحديث - إن كان صحيحاً -
بالجنسية، والنظام البشري الجديد؟ كيف إستطعت إضفاء هذا الدليل، على
هذه العلاقة الجديدة؟ وهل لك أن تأتينا ببينة تدعم بها هذه العلاقة،
عن طريق التفسير الصحيح لهذه الآية خصوصاً؟ بالنسبة لي أفتخر أنني
سعودي، وأحمل هذا الإسم ما حييت!
* * *
أنا شخصياً لا يشرفني أبداً أن أكون سعوديا، وأتمنى من كل قلبي أن
ينتهي هذا الاستعباد الذي لا يمت للوطنية بصلة أبداً. أعتقد كذلك بأن
هذا الشيء من أهم الأسباب التي جعلت المواطن السعودي أقل مواطن في
العالم يشعر بالمواطنة، أو يكون لديه الحس الوطني. في جميع دول
العالم ينسب المواطن إلى الرقعة الجغرافية التي ينتمي إليها، وليس
إلى شخص. حتى المناطق والأقاليم في هذا البلد تم تجريدها من مسمياتها
وأصبح يرمز لها بالاتجاهات: فهجر أو الأحساء مثلاً تسمى الشرقية،
والحجاز تسمى الغربية، وعسير تسمى الجنوب، وكان خيراً لهم مثلاً لو
سموها المملكة العربية المتحدة كما المملكة المتحدة، وعند السؤال عن
الجنسية تقول أحسائي، أو حجازي أو عسيري أو نجدي وهكذا، كما يقول
الإنجليزي أنا إنجليزي والأسكتلندي والويلزي والإيرلندي كذلك.
أما الكلام حول انتماء العرب القبلي فمردود، فمنذ الأزل والعرب
ينسبون إلى أوطانهم، فكان يقال هذا عراقي من العراق، وهذا مصري من
مصر، وهذا شامي من الشام وهذا حجازي من الحجاز، وهذا إفريقي من
أفريقية (المعروفة بتونس في الوقت الحالي). أنظر إلى أيام الدولة
الأموية والعباسية والدول المتتابعة، على الرغم من مسمياتها التي
تحمل اسم مؤسسها (وهو خطأ) إلا أن الناس كانوا ينسبون إلى الأقاليم
الجغرافية التي قدموا منها.
أما قولك يا عزيزي بأن هناك دولاً كثيرة اشتقت أسماؤها من أسماء
رجال، فهذا من جهة التكريم والتقدير لمكتشفي هذه البلدان، أضف إلى
ذلك أن سلالة الرجال الذين اكتشفوا هذه البلدان لم يحكموها فضلاً عن
أن هؤلاء الرجال لم يحكموها كذلك.
* * *
لو لاحظت ما سبق الاستشهاد وهو قولي: (مخالفتها شكليا لكتاب الله
وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد قال تعالى: (ادْعُوهُمْ
لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ) وقوله صلى الله عليه وآله
وسلم: (ملعون من انتسب لغير أبيه) فالمخافة شكلية لا فعليا. فياء
النسبة تضاف للاسم والياء مضافة لجد الحكام الحاليين، وقد كنا من قبل
من الأزل ننسب إلى مناطقنا لا حكامنا، والحجاز ومملكته ليست ببعيد
عنا.
* * *
العرب قبل الاسلام ينسبون الى قبائلهم وبعده ايضاً وانا اتكلم عن
العرب الاقحاح. بالنسبة للسعودية، فكما ذكرت وكون تلك الدول التي
ذكرتها كانت منذ البداية جمهورية فلا يغير من الامر شيئاً، فهذا
امريكي وذاك كولومبي والآخر بوليفي، اي نسبة الى اسم الدولة وليس شخص
من تسمت به الدولة. وعلى فكرة، فإن هذه التسمية (المملكة العربية
السعودية) مقترحة من أعيان الحجاز، وكانت الصفة (عربي سعودي)، ومع
مرور الوقت خففت الى سعودي والى الآن في اللغات الاجنبية يقال عربي
سعودي.
وانا اسأل: ما هو الاسم الذي تقترحه للدولة؟ علماً ان الاسم
الاساسي المقترح بدلا من المملكة الحجازية النجدية هو المملكة
العربية، ولكن خوفا مما قد يثيره ذلك من تخوفات لدى الدول العربية
الاخرى، من ان ذلك يعني افتراضا بأن كل تلك الدول بصفتها عربية هي
جزء من المملكة العربية، فأقترح اضافة السعودية للتمييز والتحديد.
بالنسبة لمملكة الحجاز فأذكر ببيت من قصيدة للزركلي: ودع قصور أبي
نمي فلست فيها بالمقيم. وتلك الأيام نداولها بين الناس، واحمد ربك ان
الذين بيدهم الأمر، من عبد العزيز الى اليوم، كانوا حلماء معكم ولم
يضعوكم تحت حكم (واحد أقشر)(سيء). أتريدُ صورة لشيك العيدية الذي
يأخذه ملك الأردن في العشر الآواخر، بعد أن يقبّل اليد الكريمة؟!
* * *
أصل صاحب التسمية هو عبدالله فليبي. لا أعيان الحجاز. عشْ مع ربك
(عبدالعزيز) فلا حاجة لي به ولا بحكمه، فأنا مصون في بلدي وبين أهلي
وبمالي لا بمال غيري. والحمد لله أن أجدادنا لم يتركونا هملاً مثلكم،
فنحن لا نتشحد أحداً والحمد لله، ولسنا من (الإخويا) ولا من الأتباع،
بل نحن دائما أحرار (أفق يا رجل من كابوسك). أما ملك الأردن فلا أعلم
انه قبل يوما يد أحد، وما يأخذه من عيال عبد العزيز ينصب في المصالح
المشتركة لا (الشحاتة) التي ملأت جيوب أمثالكم.
* * *
لنفترض أن كلامك صحيح فيما يتعلق بأن العرب تنسب إلى قبائلها، هذا
لا يؤيد حقيقة أن نُنسب إلى آل سعود، لأننا وبكل بساطة لسنا منهم أو
من قبيلتهم. ربما يكون قصدك أننا بالإنتساب نعتبر عبيداً عندهم! هذا
ممكن! لأنه كما تعلم، فإن عند العرب والقبائل لا ينتسب إليها إلاّ
أصيل، أو أجير أو عبد. أنا لا أقصد أن أكون عنصرياً ولكن تلك هي
الحقيقة، ونحن الآن كلنا عبيد لأننا ننتسب إلى قبيلة لسنا أساساً
منها.
* * *
تحياتي لكل الأحرار الذين لا يبحثون عن الشرهة، ولا يدللون على
بناتهم لعيال الشيوخ كيما يتزوجون منهم، وما هي إلا سنة أو اثنتان،
حتى يخلّف منها ولداً أو بنتاً، حتى يقولوا للناس: والله مراحمين
شيوخ!
* * *
من المعروف أن الأسماء عندما تطلق على الأشياء فإنها تطلق نتيجة
لحاجة ما لتعريف هذا الشئ وتمييزه بين الأشياء الأخرى، وفي الغالب ـ
بعد فترة زمنية طويلة ـ لا يعود هذا الإسم يحمل أي دلالة أخرى سوى
ذلك الشئ الملتصق به، وحينها تكون هناك صعوبة كبيرة في تقبل أي أسم
آخر لذلك الشئ أو تلك المادة. على سبيل المثال التلفزيون والفاكس
والشامبو أسماء أجنبية أطلقت على مواد لم تكن معروفة في اللغة
العربية، لكنها أصبحت متداولة بحيث يصعب تغييرها أو حتى مجرد التفكير
في معناها الحقيقي أو إلى ماذا ترمز. الذي أريد أن أقوله أنه حتى
أسماء المناطق والمدن التي أطلقت تسميتها نسبة إلى أسماء أشخاص أو
عوائل نسيهم الزمن ولم يعودوا في الحسبان، فعلى سبيل المثال مدينة
الإسكندرية سميت على أسم القائد الإسكندر المقدوني، لكن هل أحد يفكر
ويقول أنني عبد أو تابع لإسكندر المقدوني؟ هذه نفس المعادلة: عندما
تقول السعودية، فإنك تنتسب الى تلك الرقعة الواقعة داخل الجزيرة
العربية والتي تسمى المملكة العربية السعودية، لذلك لا يشعر أحد بأنه
عبد لهذه الأسرة التي تتسمى بنفس الأسم، لأن هذا الأسم أصبح يدل على
المكان والموقع أكثر مما يدل على إسم الأسرة الحاكمة. وهناك الكثير
من الدول التي سميت بأسماء عوائل ولكنها لم تدم، فانتهى الإسم
بإنتهاء فترة الحكم، كالدولة العثمانية وغيرها.
* * *
اعتقد انه كان خطأ تاريخي في هذا المسمى: المملكة العربية
السعودية! الجزيرة العربية تسمى في كتب التاريخ بلاد العرب (Arabia)
وكان الأجدر بمن اقترح الإسم لا سامحهم الله تسميتها العربية
المتحدة. الآن نجد الاقليمية لها صوتها خاصة لدى الكثير ممن تزعجهم
هذه التسمية وهو أمر مزعج وخطير يهدد الوحدة الوطنية. ولكن علينا
التعامل بواقعية وقبول الأمر الواقع، والعمل على تعزيز وحدتنا
الوطنية. لقد اصبحنا مجتمعا ودولة بالوحدة، أما ما قبل ذلك فصار
نسياً من التاريخ لا أثر ولا قيمة له على الصيعيد الدولي. لقد كانت
معظم اقاليم الجزيرة نسيا منسيا وكانت لغزا عالميا لانقطاعها عن بقية
العالم وانعزالها وبعدها عن مسرح الاحداث. علينا فقط الاستمرار في
المطالبة باصلاح احوالنا، وتصحيح الخلل في هذا المجتمع والدولة ليبقى
الامل لاجيالنا.. اما نحن فقد طحنتنا طاحونة الفساد والأدلجة ولا
نريدها بالطبع لأجيالنا.
* * *
أوافقك بالتأكيد على أن إدراج إشكالية الإسم يدخل ضمن قائمة
الإصلاح! ولكن من وجهة نظري فإن الدعوة لتغيير الإسم يمكن أن تأتي في
مراحل متأخرة قليلا في ظل وجود مؤسسة تشريعية منتخبة وبصلاحيات
كاملة. عندها فقط يمكن الحديث عن هذا الموضوع!
* * *
طيب.. هذا المال الذي تركه لك أهلك ما مصدره؟ لا تقل ان اباك او
جدك صاحب مهنة وهذا المال من كدّه! إذا أردت ان نورد لك صفحات من
تاريخ حكم الاشراف للحجاز فنحن جاهزون، لكن اذا اردت ان تعرف ما (قد)
تجهله فاسأل شيبان (عرب) الحجاز ويعلموك. المهم أنت حلمك أن تكون
ملكاً على الحجاز وتستلم خمساً.. إحلم. أما الكاتب (الحساوي) ولن
أقول السعودي (لأن ذلك ليس من مستواك) فأقول له: ما هذا النهيق؟ وما
دخل الذين يدللون على بناتهم بنا؟ نحن نتكلم عن موضوع اسم الدولة
ونحن اهل الارض من الآف السنين ورضينا بها (كنظام) وان اختلفنا معها
في كثير من سياساتها (الداخلية خصوصا). وارتضينا النظام لأنه هو اساس
الدولة، ولفضل الملك عبدالعزيز في تأسيسها، وهو فضل لا ينكره الا
لئيم: اذا انت اكرمت الكريم ملكته/ وان اكرمت اللئيم تمردا.
وعلى فكرة، فإن الاشراف ليس هم أبي نمي فقط، وازيدك فأن هناك
اشراف في نجد ووهابيين ايضاً، ولهم علاقة نسب بآل سعود. ولنتذكر أنه
كان على رأس الجيش الذي فتح الطائف ومكة الشريف خالد بن لؤي. طبعا
انا اكتب من الذاكرة وعلى عجل ومن غير ترتيب، ولا اريد ان اوسع
الموضوع لأني بدأت اشك ان كاتب الموضوع الأصلي شريف، وهو يريد
الاستفزاز من اجل خلق حزازيات كلنا نسعى لمحوها.
* * *
(ما لقوا عيب بالتفاح.. قالوا يا أحمر الخدّين)! متى صار اسم
الدولة او لقبها مشكلة واصلاحا؟ كل الممالك العربية قبل وبعد الاسلام
سميت بإسم أسرة وقبائل: من سبأ وحمير والمناذرة والغساسنة حتى
الاموية والعباسية والفاطمية والايوبية والصفوية والاخشيدية
والعثمانية والسعودية، والأهم من كل ذلك ان هذه الدولة هي اول دولة
تقوم في الجزيرة العربية. هذه الدولة التي وضعت الشعب العربي في
جزيرته امام العصر وهو موحد ومتعلم ومستقر ويقف امام شعوب المنطقة
تعليميا واقتصاديا وصناعيا وكهربائيا وانترنتيا وزراعيا وعلاقات،
الخ.
نريد ان نتغير ونتطور ونتقدم، ولكن ليس الى خزعبلات أشراف وأسياد
وقبائل. إن تغليف الاحلام السوداء باسم الحرص على الوطنية لن ينطلي
علينا. ادعوا الى الاصلاح الاجتماعي والتشريعي والاداري والمالي ولا
تصبوا حقدكم على اسم الاسرة المالكة الكريمة لانها مسحت بالارض كل
التشرذمات والقبائليات والمآسي القديمة. الناس ليسوا عميانا يا جهلة!
* * *
نحن أحرار ولسنا عبيداً لأحد.. ومن غير المعقول أن يصرح أي إنسان
أن الأسرة المالكة في السعودية تعتبر كل الشعب عبيداً، لأن في هذه
البلاد رجال لا يقبلون بأي حالٍ من الأحوال أن يكونوا عبيداً لأي
إنسان! نحن نتحدث عن رمز البلد هنا.. ألسنا كذلك؟ هل سيأتي من يقول
أنهم ليسوا رمزاً للبلد.. للشعب.. للدولة؟! ألم يوحد الملك عبد
العزيز هذه البلاد ويجعل منها دولة لها موقعها السياسي والديني
والاقتصادي بين دول المنطقة والعالم؟ ثم ماذا فعل الذي حكموا أجزاء
من شبه الجزيرة العربية من قبله (حتى أجداد آل سعود أنفسهم) لي
كمواطن من أرض الجزيرة التي وحدها الملك عبد العزيز وجعل منها
المملكة العربية السعودية؟
هناك أخطاء لكنها لا تعالج بهذه الطريقة.. أخطاء لا يمكن لأي
إنسان عاقل أن ينكرها.. أعضاء الأسرة المالكة أنفسهم لم ينكروها ولكن
أمور الحكم تختلف تماماً في كل شيء عن أموري وأنا أجلس احتسي كوب
قهوتي وأدخن سيجارتي وآتي هنا صباحاً وأتفلسف عليكم! لا يمكن أن يأتي
أي إنسان ويجردني من رمز بغض النظر عن السلبيات والإيجابيات. فالأب
رمز لأبنائه وعائلته.. ولن نجد من يتعدى على هذا الرمز حين يعاقر
الخمر أو يضرب الأبناء أو يطلق والدتهم. الرمز يبقى رمزا للذين
يعترفون به وهم الأغلبية!
نعم.. أنا سعودي، وأقولها بـكل فخر، لكن الملك عبد العزيز ليس
(ربي) ولست عبداً لأي إنسان على الأرض.
* * *
ما ورثتموه في الحجاز من أموال، كيف جناه أجدادك في ارض يفر الفقر
منها لفاقتها؟ أليس بالتسلط على العباد بالمكوس والضرائب وأكل مال
الناس بالباطل. هذا ما سجله التاريخ لحكم الاشراف للحجاز.
* * *
إن كنت من أهل الجزيرة فقد حكمناكم حكماً لا ضير فيه، وإن كنتم
ممن ينهبون القوافل فقد أدبناكم، وإن كنتم من أهل القبائل فقد
عرفتمونا حق المعرفة وألف سنة ليست بقليل. وأين هذا الحقائق؟ اسردها
لنرى حقدك يا معفن العقل واللسان. أما التسلط فلا أرى تسلطاً مثل ما
نرى اليوم على أموال الناس جهارا، أما أيامنا فالجميع آمن على ماله
وملكه، لا مثل اليوم وانت أبخض بـ(ربك) وعياله.
* * *
مرة ثانية تسقط سقوطاً ذريعاً بشخصنة الحوار، يا عزيزي أنا لست
أحسائياً، ولو كنت، فلي الشرف أن أنتمي إلى أناس أهل علم وحضارة،
ينتمون إلى واحدة من أقدم التجمعات الحضرية في الجزيرة العربية، أنا
يا عزيزي في الأصل أنتمي إلى واحدة من قبائل الحجاز المعروفة
والمشهورة التي ساهمت في نشر هذا الدين إلى أقاصي الأرض، ولست أذكر
ذلك مفخرة، لإنني أعتبر القبلية من رموز التخلف ومضادة للمدنية
والحضارة، ولكني أذكر ذلك للتوضيح ليس إلا، إلا أنني ولدت في هذه
البقعة الغالية على نفسي كثيراً، ويشرفني أن أنتمي إليها، واعتبر
نفسي إبناً من أبنائها، وهي هجر أو الأحساء.
عموماً، يا سادة نحن لا ندعو إلى الفرقة، فالوحدة وحتى لو كرهنا
هي واقع وعلينا التعامل مع الواقع، كل ما نطالب به هو تغيير مسمى هذا
الوطن ليدل على الرقعة الجغرافية وليس على عائلة خدمتها الظروف في
غفلة من الزمن وبمساعدة أيادٍ الكل يعرفها ويعلمها جيداً. الوحدة هي
واقع علينا التعامل معه بواقعية، والواقعية تفرض نفسها وتفرض حقيقة
أن تجزؤ هذا الكيان هو أمر عبثي حتى لو أحببنا ذلك، فلنركز جهودنا
على ترسيخ مفهوم الوحدة الوطنية التي لا تتأتي إلى بترسيخ مفهوم
الانتماء إلى الأرض، وهذا هو عنوان الحضارة وليس الانتماء إلى
القبيلة.
لسنا ضد وجود الأسرة، لأنه واقع حتى لو كرهنا ذلك، ولكن المطالب
التي نرنو إليها هي أن تكون ملكية دستورية مقيدة، إذا استحالت
المطالبة بالجمهورية. إذن أول مطلب هو تغيير الإسم لإسم شامل يرمز
إلى كامل هذه البقعة الجغرافية على غرار المملكة العربية المتحدة، أو
مملكة الجزيرة العربية، المطلب الثاني أن تكون الملكية هنا، ملكية
دستورية مقيدة، بمعنى أن العائلة المالكة لا يكون لها أي تدخل في
السياسة عموماً، وإنما تكون موكلة إلى رئيس الحكومة وهو رئيس السلطة
التنفيذية، ثم الفصل التام للسلطات، وكتابة دستور يشارك في كتابته،
ممثلون من جميع أرجاء المملكة يمثلون كافة المناطق، والانتماءات
المذهبية والفكرية.
والآن وبعد كل هذا، ألا يعد هذا إصلاحاً؟
* * *
آل سعود هم افضل آلاف المرات ممن كان قبلهم في الحجاز.. فكبار
السن ممن عاصروا الشريف يقولون أن الناس كانوا يسجدون للشريف عندما
يمر موكبه في شوارع مكة. ثم ماذا قدم الاشراف للحجاز عامة وغيرها من
المناطق التي كانت خاضعة لهم مثل أجزاء من تهامة الجنوبية؟ لا شيء!
اما التابعية فهي كلمة معروفه توازي الجنسية وتجدها في كتب التاريخ
والجغرافيا والصحف منذ القدم، حيث يقال أن فلانا كان من التابعية
الفلانية العثمانية. ومع ذلك كنا نتمنى لو لم تضف الدولة الى هذا
الاسم. ربما يأتي اليوم الذي تتغير فيه هذه الصفة مع وجود آل سعود،
وخاصة بعد هذه الحملة القوية على البلد (من الخارج).
* * *
كل المناطق دخلت العصر والحضارة مع هذه الدولة وتحت هذا الاسم،
وقد ألفناه وأحببناه، ولم يدخلنا في دهاليز ايديولوجية، وتنظيرات
واهية، وكل سعودي يعرف ان الاسم لا يدل على تبعية اوعبودية، وقد تفكر
الدولة بتغيير الاسم، وسوف أشعر بالاسف والأسى لو فعلوا ذلك. سوف
اشعر أن آخر معاقل حضارة الساميين قاطبة وحضارات الشرق العربي وحضارة
العرب والحضارة الاسلامية قد فقدت بعض ملامحها.
* * *
هناك كما يبدو جهودا لتغيير مسمى الدولة ليصبح: المملكة العربية
السعودية السلفية! البعض... يطالب بإضافة الوهابية! لتكون.. المملكة
العربية السعودية السلفية الوهابيّة! كل المؤشرات تقول بأن السلفية
شرط من شروط المواطنة! والوهابية.. شرط للولاء!
يعني إنتبه! قد تكون يوما: سعوديا سلفيا وهابيا، تحمل قنابل
ومتفجرات، ليقال لك بأنك مواطن مخلص ومجاهد! تحياتي لحرّ يعتز بنفسه
ويبغض التبعية العمياء.
* * *
خذوا خلاصة الفكرة:
أولاً ـ بقاء إسم المملكة بإسم العائلة السعودية مشكل، ولكن
إزالته أكثر إشكالاً وإضراراً بالوحدة الوطنية في هذا الوقت.
ثانياً ـ تنبع المشكلة من أن ربط الدولة بالعائلة يعني ربط مصير
الإثنين معاً، فزوال آل سعود يعني زوال الدولة وهذا خطر، أي يعني
تحول الدولة الى عدة دول.
ثالثاً ـ لا توجد دول (في عصر الدولة القطرية) تحمل صفة حكامها في
غير السعودية.
رابعاً ـ إن آل سعود وضعوا أنفسهم قبل الدولة من حيث الأهمية، ومن
حيث الولاء: الله، المليك، الوطن! أنظر الى الترتيب! وهو لا يوجد حسب
علمي إلاّ في دولة واحدة شبيهة: المغرب.
خامساً ـ من العقم النقاش أيهما أفضل لحكم الحجاز: الأشراف أم آل
سعود. فبالنسبة لبعض الحجازيين على الأقل: فإن أي حاكم حجازي، أو
شريف ـ مهما كان تصرفه ـ أفضل من آل سعود. وأظن أن هذا هو الحال
بالنسبة لنجد. هذا يعني أن الإنجاز التاريخي بالوحدة يمكن النظر اليه
من زوايا مختلفة وأهمها حكم المناطق من خارجها، أو برجال من خارجها.
سادساً ـ هناك الكثير من المواطنين يعتقدون بأن الدولة في جوهرها
ليست (سعودية) بقدر ما هي وهابية نجدية. وكانت تسمى فعلاً بالدولة
النجدية (انظر الوثائق) حتى بعد احتلال الحجاز، وقبل التوحيد.
والمشكلة تكمن في أن العوائل المالكة سواء في الأردن أو المغرب أو
غيرها عادت ما تكون من خارج الإطارات المختلفة أثنياً ومذهبياً
وعرقياً، بل في بعض الأحيان تأتي من خارج الإقليم نفسه (العائلة
المالكة في مصر، والعراق). فالإنحياز الى فصيل أو حتى الإنتماء إليه
ثقافة ومنبتاً يضعف من مفعول الملكية والعائلة المالكة التي تحكم،
وهذا واضح في المملكة.
سابعاً ـ تغيير إسم المملكة يجعلها بدون طعم. اختاروا أي إسم (وقد
حاولت) فلن تجدوا إسماً يميز هذه البلاد عن غيرها.
ثامناً ـ في هذه المرحلة التاريخية، نحن بحاجة الى إصلاح الجوهر
قبل الإسم. وإذا كان الإسم قد عدّ من الجوهر أو يلامسه كما هو واضح
الآن من أطروحات بعض الإخوة، وله آثاره المهمة على الولاء وغير ذلك..
فإني أعتقد بأن طرحه رغم ما يحمله من أهمية قابل للتأجيل، أي أن هناك
أولويات أخرى.
إن مسألة إسم المملكة يختزن الكثير من مشاكل الدولة البنيوية نأمل
ان يتكفل الزمن وإرادة المواطن بحلّها، فيصبح إسمها مثل إسم أي دولة
أخرى تأسست في عصر ما قبل الدولة القومية ولم يعد من نسبت اليهم
الدول بالإسم ولا أبناؤهم يحكمونها.
* * *
حالكم يرثى له، فأنتم لا يمكن الا أن تحسبوا على أحد أو تتبعون
أحداً:
1 ـ (سعوديون)
2 ـ (وهابيون)
3 ـ (حنبليون)
4 ـ (و في أدب الرحلات الغربية والى وقت قريب) (المحمديون).
أقول لكم: إلحقوا صاحبكم الذي فجر نفسه في الجوف.
الأزمة الحقيقية أنكم لو نبذتم كل هذه المسميات لكنتم قد عدتم
إليها. لماذا لا نقول: الأعراب، أو العربان، أو البدو؟!
* * * |