اللبراليون السعوديون:
هل يخسرون الجمهور بعد أن خسروا النظام؟
هناك الكثير من الموضوعات الهامّة التي تطرح للنقاش في مواقع سعودية
على شبكة الإنترنت، حيث يفصح المتحاورون عن بعض من مكنوناتهم الداخلية
وضمن هامش معقول من الحرية، بحيث يمكن رصد هذه الحوارات واعتبارها بشكل
عام مؤشراً على اتجاهات الرأي العام السعودي، بأكثر مما تعبر عنه الصحافة
والإعلام المحليين.هناك على شبكة الإنترنت، يقوم أفراد ممن يمكن اعتبارهم
منتمين الى الطبقة الوسطى العريضة في المملكة بالتعبير عن اتجاهاتهم
وميولهم وآرائهم. هؤلاء في مجملهم وكما يبدو من الحوارات العديدة مسكونين
بأنواع مختلفة من الهموم الجمعية، لم تجد لها متنفساً في الإعلام المحلي،
ولا يمكن طرحها إلا بكثير من الحذر حتى لا يحظر الموقع محلياً، مع أن
أكثر المواقع الحوارية السعودية أصبحت محظورة.
ما يهمنا هنا، هو استجلاء للآراء المختلفة بين السعوديين في قضايا
وطنية مصيرية بالغة الحساسية. وسنقوم في كل عدد بعرض قضية من القضايا،
وآراء المختلفين، الذين لم يجدوا إلاّ مواقع الإنترنت لطرحها على بساط
النقاش. الموضوع التالي منقول عن http://bb.tuwaa.com
* * *
موضوعي هو التميز الغريب لأصحاب التيار اللبرالي في السعودية عن غيرهم
في العالم.. فكلنا يعلم إن المظاهرة التي حصلت في الرياض كانت في الأساس
فكرة دعا إليها سعد الفقيه وهو من التيار الديني في المملكة.. وبغض النظر
عن رأيي في المظاهرات، إلا إن أكثر ما استغربت منه وقوف أصحاب التيار
اللبرالي المخالف ضد واحد من أهم مبادئهم التي ينادون بها، إلا وهي حرية
التعبير والرأي، ويتجسد ذلك فيما نشرته الصحف ذات التوجه العلماني كعكاظ
والوطن والرياض.. بل ومن سخرية الأقدار إن تستنجد جريدة كالجزيرة بالمفتي
العام ليصدر فتوى متوقعة ضد ما حصل … وأعجب كثيرا منهم عندما يستنجدون
بالمفتي العام وهيئة كبار العلماء من اجل إصدار فتوى كهذه وهم الذين
يضربون بفتاواه عرض الحائط.. وما فتاوى طاش ما طاش عنكم ببعيد.
لا ادري ما هي الحرية والإصلاحات التي ينادي بها الليبراليون في المملكة؟
لا اعتقد أنهم ينادون بمحاسبة الحكام ولا بالتشريعات أو الأمور الإدارية..
بل أني حقيقة لم أرى مشروعا حقيقياً لهؤلاء. لم نستفد من هؤلاء سوى مهاجمة
ركائز الدين الحنيف.والنفاق والتطبيل.. بل إن بعضهم عندما كان ذا توجه
اشتراكي أو قومي كان يناضل وينافح من اجل حقوق الإنسان في هذه البلاد..
وأرى إن الاشتراكيين على ما كان فيهم كانوا خيرا من هؤلاء الذين لا يجيدون
إلا مسح الأحذية.. ومن منا لا يعرف المناضل الثوري ناصر السعيد؟
قضية أخرى أتطرق إليها ألا وهي حقوق الإنسان في المملكة.. فأعود وأتساءل
أين كان هؤلاء عن حريق الحائر الذي مات فيه الكثير من أبناء هذا الوطن؟
لماذا لم يهاجموا الداخلية كما هاجموا الهيئة والرئاسة العامة لتعليم
البنات؟ أين هم عما يحصل في السجون؟ أين هم عما يحصل من ظلم؟ أيستطيع
هؤلاء أن يهاجموا المتسبب والمسئول؟
* * *
مع الأسف.. أقولها وأنا أعتصر ألماً: أنت صوبت قلمك الى جزء كبير
من الحقيقة. الحكومة على استعداد للتحالف مع معارضيها المتشددين ضد اللبراليين.
من الصعب جدا ان يقوم اللبراليون بخطوات كبيرة واسعة لأن الحكومة دينية!
انظر الى المتشددين المتدينين المعارضين كيف تتعامل معهم الحكومة حتى
هذه اللحظة، بالرغم من كل ما يفعلون بهذا الوطن من دمار وفرض قيم رجعية
متخلفة. اللبراليون قاعدتهم محدودة جداً وهذه مشكلتهم، ولكن أهدافهم
كبيرة جدا وتساعد على النهوض بهذا الوطن التعيس.
* * *
هل رأى أحدكم الليبراليين مؤخراً؟ يوم الثلاثاء ـ يوم التظاهرة ـ
كان مجيداً.. وخطوة في الإتجاه الصحيح. ولها ما بعدها. كنت ولا زلت أؤمن
بأن هناك نقاط إتفاق عديدة بين الإسلاميين المعتدلين واللبراليين، لن
نستطيع أن نتقدم خطوات عديدة للأمام ما دام هناك عدم اتفاق وتعاون بين
مختلف التيارات السياسيه في المجتمع. الناس خرجت، اعتصمت، وتظاهرت مطالبة
بالعدل، بمزيد من الحريات ـ التي شرعها الله والدين ـ مطالبة بمحاسبة
من يعبث بالمال العام. كان بينهم رجال ونساء، شيوخ وأطفال، معهم قرآن
كريم وسجادات صلاة، لافتات وقوارير ماء. المظاهرة سلمية وبكافة المقاييس،
أفتاكفأ بهذا القمع؟ ولماذا تلومون المتطرفين على تطرفهم؟
أيها اللبراليون واللبراليات! لماذا تلميعكم لصورة الطغاة الدموية،
ودفاعكم الدائم عنهم بحجة (الحفاظ على الوطن) و(الوحدة الوطنية) وغيرها
من الحجج الواهية التي تثيرالضحك، ولا يقبلها طالب في المتوسطة. إنزلوا
من أبراجكم العاجية، انزلوا واسمعوا لمطالب الشعب المغلوب على أمره،
واسعوا لتكونوا المتحدثين بإسمه ودافعوا عن حقوق الوطن المنهوبة.
* * *
شيء مؤسف حقاً.. فالتظاهرة بغض النظر عمن قام بها عمل رائد على الأقل
في المنطقة الوسطى، التي لم تشهد هذا النوع من التظاهرات. وبما أن المظاهرة
سلمية وتطالب بحقوق خاصة أو عامة فنحن نقف معها، أو لنقل نؤيدها ونتمنى
أن تصبح التظاهرات إحدى وسائل التعبير المشروعة كما هي الحال في كل الدنيا.
إن تفريغ شحنات المواطنين بالقول والفعل أمر مفيد لامتصاص التوتر،
ومنع تدهور الحال الى العنف. فما لدينا اليوم إما مؤيد مائة بالمائة
أو معارض يحمل السلاح، والقلة هم الوسطيون حقاً، خاصة في نجد. إذ أنك
تجد شخصاً بالأمس كان من أركان النظام وإذا به يدعو لإسقاطه. المهم ان
ما حدث من تظاهرات أمرٌ إيجابي وتطور في العمل السياسي الشعبي، نأمل
له الإستمرار في كل المناطق. المهم أن يكون سلمياً.
ايضاً لا بد من القول بأن اعتقال نحو 150 شخصاً والزعم ان المتظاهرين
ثلاثين! واستخدام العنف ضد المتظاهرين او المعتصمين عمل شنيع بكل مقاييس
الأرض والسماء. ومن يدعو الى اللبرالية وحقوق الإنسان لا يجد مفراً من
تأييد التظاهرة، والتنديد بأسلوب الحكومة وأجهزتها في وقفها.
* * *
سيحاول الحاكم كسب اللبراليين باطلاق الوعود بانتخابات نيابيه جزئيه!!
بالله أليس الأمر مثيرا للضحك؟ هل نتوقع ان يقع الليبراليون في الفخ؟
ويؤيدوا الحاكم ليصبحوا ورقة في يديه ضد الشعب والتيارات الاخرى؟
* * *
الليبراليون في العالم أجمع يتظاهرون ويعتصمون فأين الليبرالين السعوديين!؟
وماذا يعني لهم الاعتصام والتظاهر؟! وهل انحصرت اهدافهم في حقوق المرأة؟!
من يجيب!؟
* * *
لليبراليون ليسوا رجال مواقف.. ولن تجدهم في موقف يتطلب التضحية والشجاعة،
ولا في موقف مغامرة يصب في صالح الوطن! هم يجعجعون، ولكن من وراء جدر!
هم يصرخون ويرفعون الهتاف، ولكن من الخلف! هم يتقون كل بلية تحل بالصادقين
المخدوعين من ابناء الوطن.
سؤال يطرح نفسه: هل العدد الذي تظاهر قوة فكرية وطنية تطالب بمطالب
اصلاحية؟ أم أنها لفيف من الأهواء، تدار عبر الأقمار الصناعية من لندن؟
هل هي كلاب صيد، ام أسود غاب؟ لا يخفى على أحد ما ترنو اليه قلوب محبي
الوطن، من الحاجة الى الاصلاحات السياسة، والاجتماعية. من منا لا يتمنى
ان يكون هذا البلد بمقدراته وثرواته، تاج بلاد الدنيا؟
ولكن هل نحن في الاتجاه الصحيح؟ هل هؤلاء معنا أم علينا؟ لا زالت
الرؤية ضبابية بالنسبة لي.
* * *
أنا محسوبة على التيار الليبرالي، لكن الساكت عن الحق شيطان أخرس!
والمعاقب والمحاسب هو الله وحده. ولا أخشى أحدا غيره. لكني أؤيد المظاهرة
بهذه الطريقة السلمية، ولقد والله بكيت كثيرا على والدة سعود المطيري
البدوية الشجاعة والتي لم تخش في الحق لومة لائم، على فقيدها وقرة عينها
المرحوم سعود، والذي مات كما مات غيره بين الحديد والنار وغيره من أصحاب
المآسي. وهاأنذا أؤيد هذه المظاهرة من الإسلاميين، والذين كانو أشجع
وأجرأ من الليبراليين. وهذه الخطوة تعد في صالحهم وأيم الله.
* * *
اعتمادا على تجربة الشارع البحريني في التظاهرات أؤكد أن أعتى الحكومات
تستجيب في النهاية لحركة الشارع شاءت أم أبت.. خمسة أعوام من التظاهرات
المستمرة في البحرين أنتجت برلمانا منتخبا ومجالس بلدية منتخبة وحريات
متاحة لدرجة مقبولة.. ترى الى كم عام يحتاج الشارع السعودي؟
* * *
أم سعود.. يا من تكترث.. هذا الكلام ليس لك. الى أخوات الرجال اللواتي
شققن بتظاهرتهن أول ثقب في جدران الصمت التي تمنع فضاء الحقوق من الولوج
الى الروح.. هذا إهداء إليكن: أهل الصورة غرقى بحار هتافاتكن، وأهل المعنى
أسارى أسراركن. يا خفياً في الروح وأنت خارجها، إن كل ما أقوله ليس أنت،
وهو أنت أيضاً. انثروا الأرواح وسيروا في الطريق، وامضوا قدماً نحو تلك
الأعتاب، فلنا ملك بلا ريب يقيم خلف السماء. بعيدون عنه وهو قريب.
ليس قطراً هذا الطريق، لكن أين الجَسور الشجاع الذي يقدر. من يحضن
البحر يملك القطرة. البحر فقط، والباقي هوس وخيال. لماذا تركض نحو القطرة،
وأنت في طريق البحر؟ ينفطر القلب شوقاً للماء. الحسرة تحتويني فما العمل؟
لست ـ ويا للعجب ـ من أهل البحر. إنني أموت ـ صادئ الشفتين، على شاطئ
البحر. لا قطرة ماء أرتشفها، مهما أرغى البحر وأزبد، وإن تناقصت قطرة
من ماء البحر أحرقت الغيرة القلب. كفاني أن أعشق البحر، فالعشق بلغ المنتهى،
ولم يبق في الدنيا إلا هموم البحر.
ما أكثر الذين خبروا سطح البحر. ولا أحد عرف ما بالقعر. الكنز في
القعر. السحر في البحر. حطم قيود السحر والجسد، فإنك لن تجد الكنز إلا
حين تبطل السحر، والروح لا ترتفع إلا حين يفنى الجسد. الروح تصبح الطلسم
وجسد الغيب الجديد. أعبر هذا الطريق ولا تسل عن منتهاه، لا تدع روحك
بلا أحبة. لا تبحث عن الجوهر، إنه ضرب من الحجر. كن جوهرياً دائماً في
الطلب.
* * *
من يعتقد أن الفقيه نجح فهو واهم. لم أكن أتصور أن يكون هناك من يقوم
بتأجير عقله لغيره بهذه السذاجة ويجعل الآخرين يسيطرون عليه ويوجهونه
إلى أهداف في غير مصلحته ومع ذلك يصر على التنفيذ وعلى العمل ضد مصلحته
حتى الشخصية فضلاً عن الوطنية.. المظاهرة التي قام بها بعض المغرر بهم
لم تكن إلا دليلاً قاطعاً على أن هناك مجموعة ليس هينة من الممكن إستخدامها
كقنابل موقوته تنفذ المطلوب منها بكل دقة وبكل طواعية وبكل خنوع.
فهذه الإستجابة السريعة للفقيه الذي إستغل هؤلاء السذج لأهداف تخريبية
لإثارة الفتن بين الشعب تدل فعلاً أننا أمام مأزق خطير يتمثل سهولة السيطرة
على فئة كبيرة من المجتمع وبأسهل الطرق. فقط عليك أن تخاطبهم بلهجة دينية
وحرك بعض مشاعرهم تجاه بعض القضايا تجد السمع والطاعة والخنوع والأدهى
التنفيذ العجيب والإنسياق وراء ما تريد. هذه المظاهرة تعتبر مؤشراً خطيراً
وناقوس خطر من الدرجة الممتازة لكي تنتبه الحكومة وينتبه معها رجال الفكر
ورجال الدين ورجال الإجتماع ورجال الإقتصاد لدراسة هذه الحالة ووضع الحلول
للتعامل معها. وبكل تأكيد القمع ليس حلاً أبداً لأنك وكأنك تصب الماء
في الزيت المغلي فيطيش أكثر.
لو كنت في وضع مسؤول أمني لعملت على إحتواء هؤلاء الشباب المساكين
فعلاً، والأمر ليس صعباً فهذه النتيجة المذهلة التي توصل لها هذا الفقيه
تدل بما لا يدع مجال للشك أن السيطرة عليهم ممكن وسهل جداً. أختلف مع
كثير ممن يرى أن هذه خطوة جيدة أقصد ماقام به هؤلاء المغرر بهم وبعضهم
أخذها من أنها مؤشر جيد لحياة ديموقراطية واعدة يحق فيها للإنسان بالتظاهر
لكي تصل مطالبه للسلطة. ومع عدم إختلافي في هذا كمبدأ إلا أنني أعارض
تماماً من يرى أن ما حدث يعتبر مؤشراً جيداً لأن هؤلاء لا يعون فعلاً
ما يقومون به ولو سألت أي أحد منهم ما هي المطالب التي تطالبون بها لصعب
عليه ذكر ثلاثة أو أربعة مطالب ولكنه موافق على هذا الإجراء لأنه لقن
أن ذلك سيجعله يغير هذه الأوضاع التي لا تروق له في ظرف يوم وليلة وهو
ما يستحيل تطبيقه بهذه الصورة.
أختلف مع من يرى إيجابية هذه الخطوة الغبية وإنها على الأقل كسرت
حاجز الخوف من التظاهر.. لسبب بسيط جداً وهو أن هذه الخطوة لم تقم على
أسس سليمة من حيث تهية المجتمع لخطوات مطالبة كهذه.. أولاً نظاماً، حيث
لا تسمح بها الدولة، وثانياً لم تكن محددة المعالم والمطلب، وثالثاً
من حركها مشكوك في نواياه من خلال ما يطرحه وما ينتهجه. لعل حسنة هذه
الخطوة الوحيدة أنها بينت مدى خطورة فكر وشخصية وسلوك هؤلاء المساكين
ولعلها تكشف غطاء عن جرح غائر يحتاج إلى تضميد ويحتاج إلى معالجة سريعة
وخطوات أكثر تعقلاً لحل هذه المشكلة وضمان عدم تكرارها إلا بعد تهيئة
حقيقية على كل الأرضيات.
* * *
لا مساكين ولا حاجة.. هؤلاء لهم موقف وطني، ومن العيب الاستهانة بهم.
ثم ما هذا الخطاب البوليسي يا رجل؟ هل تريد أن تكون وزير داخلية وتحتوي
المعارضة أيضاً؟ هاتان وظيفتان لا تتجتمعان. هل تريد أن تدافع الحكومة؟
حسنٌ، ولكن ليس هكذا. أبعد الأمن وكلاب الحراسة وبعد ذلك تكلّم. بالعكس
ماقام به أولئك الرجال والنساء يعد بحق ظاهرة قوية وتدق للحكام ناقوس
الخطر وتحذرهم بأن الشارع بدأ يغلي وان هم واصلوا الكبت فسيؤدي الى الإنفجار.
* * *
هذا الفقية يقبع في بلد الضباب بعيدا عن لهيب شمس الصحراء الحارقة
ويحرك الحفنة من الجهال من خلف التقنية ولم يعط صوته باحة للانطلاق على
الهواء خوفا.. على حبالها ان تتقطع. أي اصلاح ينادي به وهو لم يفقة آداب
الاختلاف مع الآخر حتى يحرك قضية اعتقد انة لم يؤمن بمصداقيتها. الحرية
والصوت ثمنهما غال جدا، واستبعد ان يكون الفقيه طالب حق او مصلح.
* * *
الفقية أمضى سنتين في سجن الحاير قبل أن يذهب الى لندن. لا مؤاخذة
أنت تحتاج الى تقوية في التاريخ. رجل قابع (خلف التقنية) ويحرك كل هؤلاء،
ألا يستحق الإعجاب؟ المشكلة أن الوطن يدار بعقلية الستينات، العالم يتقدم
ونحن (مكانك راوح).
* * *
مصطلحات (السذج، المغرر بهم، غوغائيين..) مصطلحات تطلقها فئات معينة
واصبح يرددها بعض الاعلاميين وبعض المحللين العالميين! في البطحاء وحلة
الأحرار وحراج ابن قاسم لعلهم يصبحوا مثل خاشقجي أو لعلهم يصبحوا مستشارين
أو يصبحوا أعضاء في مجلس الشورى.
* * *
انا واهم بمنطقك لا بمنطقي. ليس عقلي مؤجرا.. ولا مغيبا.. ولا غبيا،
ولكن مشكلتي انني اعرف الصح من الخطأ.. بعد قتله بحثا وتدقيقا وتمحيصاً،
ولن اتناسى مقولة منصور النقيدان عن تأجير العقل.
* * *
هل انضم الليبراليون الى مجموعة الكلاب البوليسية التي تدافع عن النظام؟
لم نقم بالـ (سيطره) او (التعامل) مع الشباب كما يحاول البعض تصوير ذلك،
كل ما في الأمر هو ان الشعب طالب بحقوقه (سلمياً)، فما هي مشكلتكم؟ ما
حدث كان أول الغيث بعد أن ذهبت معاريض الاصلاحيين وارواقهم مع الرياح،
ولازال الوضع كما هو عليه من دجل وسرقة ونباح. كان لزام علينا كشعب أو
كبشر نتنفس ونشارك العالم أجمع هذا الأكسجين أن نتحرك وأن نقول كفى!
بهذه الحركة وهذه التظاهرة وبغض النظر عمن دعا اليها فهي جريئة وفي محلها،
وقد فضحت كل أركان الدولة من رجال أمن ودين وما يسمى بالمعارضين الذين
ملأوا جيوبهم وقصروا من لحاهم.
* * *
وصف نايف المتظاهرين بأنهم كلاب تنبح! وهذا الأمير لم يتغير ويصلح
لسانه قبل سنانه. إنه أمير غير مهذب. وعدم تهذيبه يعود الى حراجة وضعه
وتخلخله النفسي بسبب التوتر الأمني الذي يزعم أنه قادر على كبحه بالسيف
والبندقية! هو لا يرى في الشعب سوى همج وكلاب تنبح. وهذه ليست المرة
الأولى التي يتهم فيها المعارضين بكل الألفاظ القذرة. لا تلوموه فحالته
النفسية سيئة!
* * *
بعيداً عن إيعاز الفقيه وما حصل بعده.. خابرني أحد الأصدقاء وسألني
عن رأيي في التظاهرة، وكان هذا رأيي: لمن قام بالتظاهرة له كل الحق أن
يتظاهر طالما لم يكن في نيته مسبقاً القيام بأعمال تخريبية أو إرهابية،
فإن كانوا قد أعتقلوا لأجل مظاهرة سلمية مطالبة بحقوق أو ببعض حقوق فعلى
الإصلاحات التي يتحدث عنها السلام! بغض النظر عمن قام بالتظاهرة، وطالما
كانت التظاهرة تندرج تحت الإطار السلمي الحضاري فإن إعتقالهم وصمة عار
في جبين الإصلاحات وجبين النظام.
* * *
بعوضة الفقيه أدمت مقلة الأسد السعودي. بالأمس كان التاريخ يسجل ملحمة
جماهيرية عظمى وبالأمس سجل التاريخ بأن أدوية التخدير الحكومية قد أضحت
بلا فعالية. تحركت الجماهير بالأمس لتؤكد بأنها قد اكتسبت مناعة وحصانة
ضد كل أنواع أدوية التخدير والتنويم. بالأمس سقط عقار التنويم والتخدير
الذي تنتجه الهيئة الدينية الرسمية. وبالأمس سقط المخدر الإعلامي، وسقط
عقار الهلوسة وعقار التدجين. بالأمس كسر جدار الجليد البارد الميت ودبت
الحيوية في خلايا الجسد الجماهيري. بالأمس قالت الجماهير للحكومة نحن
نعي حقوقنا ونطالب بها. لقد انتهى تأثير المواعظ الدينية المحرضة على
الخنوع والركوع، وانتهى تأثير الدجل الإعلامي، وانتهى تأثير الوعود الرنانة،
وانتهى تأثير الوعيد، تخلصت الجماهير من الخوف، وتخلصت من تتبع الكذاب
فقد وصل بيته، وخلصت من قيادة الفقيه الممتطي للدين ليرسخ استلاب حقوق
الجماهير له. بالأمس لم يكن الفقيه هو من يقود الجماهير بل كان يقودها
جوعها وقهرها ويأسها.
ماذا لدى الفقيه سوى ترديد شتائم ناصر السعيد في الستينات الميلادية؟
الفقيه ليس له برنامج ولا طرح فكري سياسي أو تنموي، لكنه استطاع برغم
سطحيته أن يعلق الجرس على رقبة الأسد الهرم. في نهاية الستينات تظاهر
طلبة ثانوية اليمامة.. لم يكونوا يدافعون عن حقوق مستلبة بقدر ما كانوا
يتحركون بعواطف جاشت مع اندلاع حرب عام 67م. انطلقوا من المربع متجهين
صوب قصر الحكم في الرياض عبر شارع السويلم وكانوا يرددون عبارات تقول
(اقطع البترول يا أبو عبدالله ـ يقصدون الملك فيصل) فقبض على بعضهم وسجن
لست سنوات، ومنذ ذلك الحين لم تتحرك الجماهير.
بالأمس لم يكن التحرك بدوافع عاطفية أو بسذاجة أناس يرمزون الفقيه
كما ظن البعض. لقد تحركت الجماهير لتعلن رفضها واستنكارها لدولة أمعنت
في تجويع الناس واستلابهم وقهرهم.. كان هناك نساء وأطفال وشباب وشيوخ.
لقد استهلكت الحكومة أو الأسد الهرم كل حججها وكل مخدراتها ومنوماتها.
الجماهير التي تظاهرت بالأمس لا يمكن وصمها بالإرهاب ولا بأنها مخربة
أو مفسدة في الأرض أو غوغائية تريد النيل من أمن البلد. ألقي القبض على
مائة وخمسون من المتظاهرين. ما هي دعاوي الإدانة الموجهة إليهم؟
شاب متخرج منذ ثلاث سنوات عاطل عن العمل يخرج ليتظاهر بعدما حاول
طرق كل الأبواب ليحصل على وظيفة يعتاش منها وانتظر المواعيد واستمع لفقهاء
ولي الأمر.. هذا الشاب ماذا سيقول حين يسئل لماذا تظاهرت؟ سيجيب لأنني
أريد أن أتوظف. ويسئل: لماذا لم تطرق الأبواب وتراجع جهات الاختصاص؟
سيجيب راجعت حتى يئست! ولكن طريقتك هذه خطأ ولا نقرها؟! سيقول: أعطوني
الطريقة التي تقرونها لتوصلني لحقي وأعتذر لكم وأتأسف!
أخر يعول ستة أطفال براتب ألفي ريال ويحرم من أية مساعدة، ومالك البيت
يهدده بالطرد لتأخره عن دفع الإيجار، ويعي بأنه يعيش في بلد تكتنز أرضه
ربع احتياطي العالم بأسره من النفط.. ويعلم ويعي بأن خيرات البلد مهدرة
ومستلبة ومسروقة! وآخر والدته مريضة لا يستطيع علاجها، مع أنه يرى من
تجرى له عملية زائدة دودية أو عملية تجميل للأنف في مستشفي حكومي بارز
كالتخصصي أو الحرس أو الأمن العام أو العسكري، ويرى ويتابع فصل توائم
ومستشفيات ميدانية ومساعدات طبية تقدر بمئات الملايين. وآخر لم يستطع
إكمال تعليمه؛ وآخر سرق منزله وسيارته ولم ينصف، ولم يعد يشعر بالأمان
في بيته. وآخر ضاع حقه في المحاكم التعيسة بصدور صك إعسار لغريمه..الخ.
ماذا لو خرجت معارضة ناضجة واعية قادرة على استقطاب الجماهير فعلاً..
جماهير محتقنة جاهزة لتنفجر وتنسف ما أمامها من (عسكر) الداخلية؟ القادم
من الآن سيكون أعظم وأضخم. أما الدولة فتعول على القمع الشرس. بالتأكيد
ستواجه الجماهير وستقمع وسيقتل البعض وتمتليء السجون؛ لكن الانفجار آت
لا محالة مادام القوم سادرون في أحلام يقظتهم لا يعولون إلا على العنف
والقمع والترهيب والترويع. كنت بالأمس حيث كانت المظاهرة. كان هناك معوقان
يزحفان بالكرسي المتحرك يتظاهران مع الجماهير، وهنالك شيوخ ونساء كبيرات
في السن وشباب مقهور ورجال محبطون فاقدون للأمل. ما رأيته وعايشته بالأمس
ينبيء عن اقتراب أحداث كبيرة ليست هذه المظاهرة إلا رأس جبل الجليد الظاهر
للعيان منها. فهل من عاقل يستوعب الحدث ويحسن القراءة الواعية؟ فإرهاصات
التفجر مكتملة تنتظر من يشعل الثقاب.
* * *
يا رفيق المواطنة! ألا تتفق معي بأن تلك المظاهرة هي بداية الإصلاح
الحقيقية. ولن يتحقق الاصلاح الا عن طريق المظاهرات المستمرة. لا بأس
إن لم تصب المظاهره أهدافها (فالعيار اللي مايصيب يدوش). يجب أن نعرف
أن الفقيه إن كان قد نجح في تسيير مظاهرة فليس لأنه تشي جيفارا زمنه
بل لأن هناك فئات من المجتمع تنتظر من يحرك غضبها حتى ولو كان الفقيه،
وهي ليست منتمية لأفكاره.
* * *
هل انت مع او ضد المظاهرات في السعودية؟ سؤال قد يكون باردا ولكن
اذا كانت المظاهرات في العالم ليست سوى وسيلة ضغط خصوصا عندما تكون اسلوب
مطالبة واسلوب اصلاح وضع قائم بهدف تغييره. يبدوا ان لدينا مبدأ يعمل
به دائماً وهو المنع من باب سد الذرائع. ولو ان الحكومة استجابت لمطالب
المتظاهرين، فإن بعض الحكومات تفسر ذلك انها رضخت امام مطالب الشعب،
وهو يعني اسقاطا لهيبة الحكومة التي تحاول دائما ان تظهر بمظهر القديسين
الذين تنزه اعمالهم. الحكومة لم تعد ذلك الصنم الذي يركع له الشعب وينبطح
عندما كان الجهل والتلقين عبر وسائل الاعلام يؤخذ كأنه وحي يوحى. اصبح
الشعب المهجن المدجن يقرأ ويعلم الحقيقة.
المصالح فوق الحقوق، ولو كان بيد الحكومة ان تغيب هؤلاء المتظاهرين
في رمال الربع الخالي لكان ذلك من ابسط ما تفعله ولو بفتوى. المظاهرة
وسيلة اصلاح للحكومة وليست وسيلة ثورة تحرق الأخضر واليابس وتقتلع الحكومة
من أساسها. المظاهرة يجب ان تكون حقا مشروعا من حقوق الانسان مادامت
سلمية وهدفها المطالبة بالعدل والحق. المظاهرات يمكن ان تكون الوجه الآخر
من حريتنا المسلوبة وحقوقنا المغتصبة التي تعيد للبني آدم في الجزيرة
العربية إنسانيته.
* * *
مخطئ جداً من لا يعرف ولا يعي ولا يدرك أننا نعيش في عصر (الانفوميديا)..
عصر العولمة.. عصر حقوق الانسان.. عصر الديموقراطية.. عصر الحرية والمساواة.
ها هي عجلة التغيير تسير بجميع أمم الأرض نحو المستقبل ونحن لسنا نشازاً!
أنا مع المظاهرات السلمية.. فهي اسلوب حضاري للتعبير عن الرأي والمطالبة
بالحقوق الوطنية. ومع المظاهرات السلمية كوسيلة للاعتراض والاحتجاج وكإحدى
آليات التصحيح الإجتماعي.
* * *
قمع المتظاهرن في الرياض أثبت للجميع أنه لا يوجد في عقلية الأمير
نايف شيء يسمى إحترام حقوق الإنسان، واثبت ان ما يسمى مؤتمر حقوق الإنسان
الذي ترأسه وكان يعقد في نفس وقت المظاهرة، كان لذر الرماد على العيون،
ليس إلا. المظاهرات اسلوب حضاري يجب على الحكومة تقبلها والتعامل معها
بإسلوب حضاري، فزمن تصديق (الابواب مفتوحة) قد ولى، وزمن (الشيوخ أبخص)
و(الضرب بيد من حديد) قد انتهى. إن النجاح النسبي الذي حققته مظاهرة
الرياض، سيقود لمظاهرات أخرى أكثر تنظيماً، سواءاً بتنظيم من الفقيه
أو غيره، وعلى نايف أن يفكر جيداً بطريقة اخرى للتعامل معها غير طريقة
القمع والإستبداد، إن كان فعلا يريد مصحلة البلاد لا مصلحته الشخصية.
نتمنى إستمرار المظاهرات السلمية للمطالبة بحقوق الإنسان السعودي المهدرة،
كما نتمنى أن تنظم المظاهرات التالية عن طريق شخصيات اخرى ذات إتجاهات
ليبرالية معتدلة غير إتجاه الفقيه الراديكالي. إن نار إبن سعود أفضل
من جنة الفقيه، فنحن لا نريد أن تصبح السعودية دولة متطرفة كأفغانستان
طالبان بقيادة الفقيه. ولكن يجب على آل سعود أن يتداركوا الوضع قبل إنفراط
العقد! إن لم تبدل الحكومة السعوديه سياستها في إحتقار عامة الشعب السعودي
(كتصريحات نايف)، وإن لم تسرع بإصلاحات جذرية حقيقية، وإن لم تضع جدول
زمني لتنفيذ مشروع إصلاحي حقيقي يقود في النهاية إلى مشاركة شعبية حقيقية
في تنظيم وتسيير البلاد، فإن الفوضى قادمه لا محالة، خصوصاً إذا نظرنا
للغليان الذي يحدث الآن في أوساط الشباب العاطلين عن العمل، وإلى الظلم
الكبير الذي يقع على المواطنين من قبل الأمراء. الشعب يريد إصلاح حقيقي،
يريد مشاركة حقيقية في صنع القرار، كبقية شعوب العالم، وليس إنتحابات
(نصف كم) كقرار السماح للمواطنين بإنتخاب نصف أعضاء المجالس البلدية،
التي ليس لها صلاحيات أصلاً! ورغم إختلافي مع اطروحات الفقيه وأهدافه،
إلا انني أهنئه على نجاحه، خصوصاً في كسر حاجز الخوف. وأهنيء الشعب السعودي
على كسر هذا الحاجز اللعين.
* * *
|