من تراث الحجاز المعاصر
الحرفيون في مدينة جدة
قام المهندس وهيب أحمد فاضل كابلي مؤلف كتاب (الحرفيون
في مدينة جدة.. في القرن الرابع عشر الهجري) برصد الحرف
المختلفة والحرفيين وهو كتاب يعتبر الاول من نوعه في هذا
المجال، ويأتي في سياق تغطية المناشط الاجتماعية والاقتصادية
في منطقة الحجاز. وينطلق الكتاب من الرغبة في إلقاء الضوء
على الحرف والمهن المختلفة الصغيرة منها والكبيرة التي
سادت مدينة جدة في الحقبة من الحربين العالميتين الاولى
والثانية وما بعدهما. لقد كان البحث مضنياً في موضوع كهذا
بفعل ندرة ان لم يكن انعدام المراجع التي تعين على اعداد
بحث بهذه السعة والدقة، ولذلك لجأ المؤلف الى أفواه الرجال
كمصدر رئيسي لجمع مادة الكتابة وتصنيفها وتحليلها، وإن
كان هذا المصدر يظل يعاني من الدقة الزمنية، حيث أن كبار
السن ممن ضعفت ذاكرتهم عن استدعاء حوادث معينة مفصولة
عن أزمانها هم المرجعية الرئيسية للكتاب. مع أن المؤلف
عاد ـ ما أعانته الامكانية والقدرة ـ الى المراجع المتوفرة
التي تشير من قريب أو بعيد الى المناشط الحرفية في الحجاز
عموماً وفي جدة بوجه خاص.
وقد استغرق اعداد الكتاب أكثر من سنة كاملة للصعوبات
البالغة التي صادفت المؤلف في عقد لقاءات مع كبار السن
ممن عاصروا تلك الحقبة او مارسوا حرفاً معينة. ينطلق الكتاب
من حقيقة أن مجتمع جدة تجاري ويتسم بكونه مفكراً وهادئاً
ودمث الاخلاق وصبوراً وحذراً وكتوماً وهي خصائص ذات صلة
وثيقة بالمناشط الاقتصادية والاجتماعية في هذا البلد.
إن التجارة في جدة هي قديمة قدم التاريخ، وكانت تسمى دهليز
الحرمين، فهي أكبر ميناء على ساحل البحر الاحمر في الحجاز،
وكان تجارها يمارسون تجارة الاستيراد من الهند واليمن
ومن البصرة والسويس منذ أقدم العصور، وكانت لهم مراكب
شراعية تبحر الى الهند واليمن لاستيراد البضائع في أوقات
معينة من كل عام، وهذه البضائع لم تكن تغذي مدينة جدة
فقط ولكنها تلبي حاجة الحجاز كله وما حوله من جزيرة العرب.
وقد ظهرت على إثر التحولات الاقتصادية والسياسية بيوتات
تجارية في مدينة جدة في الفترة ما بين الحربين العالميتين
الاولى والثانية وهكذا ظهور النفط.
القوافل تنقل البضائع من جدة الى مكة سنة
1350هـ
|
لقد غطّى الكتاب الاسواق التجارية في مدينة جدة بأصنافها
المختلفة، كما تحدث عن صناعة المراكب الشراعية، وتناول
عدداً من الحرف مثل المخرجون، والحمّالون، والسقّاؤون،
والبناؤون، والقراري، والنجارون، والخراطون، والسبحية،
والصاغة، والجوهرجية، والقماشون، والعطارون، والجزارون،
والطباخون، والمغنون، كما تناول طرفاً من الحديث حول الحرف
القديمة في جدة مثل الدباغة، والسمكرة، والمطحنة، والخرازة،
والحدادة، والخياطة، والدخانية، والحلاقة، والقطانة، وصناعة
الفخار والجبس، والنحاسة، واللبانة، وتجارة الاحذية.
|