المرأة القبيحة
الإصلاحات التجميلية التي تقول الحكومة أنها ستجريها هي أشبه ما يكون
بإمرأة قبيحة تحاول أن تقتصد في استخدام أدوات الماكياج، ومع هذا تريد
أن تبدو جميلة، لا داخل بيتها، بل أمام الأجنبي. لا يهم الحكومة شكلها
المخزي في الداخل بين جمهورها وشعبها، بل يهمها أن تضع بعض المساحيق
لإرضاء الزوج الأميركي، متجاهلة أن فائدة المساحيق مؤقتة.
جاءت الحكومة بالأسد من ذيله، وهي تعلن أنها ستدشن الإنتخابات البلدية
بعد عام، لانتخاب نصف الأعضاء. في حين كانت هناك تجربة أكثر تطوراً من
قبل. ومع هذا بدأت الإشادة بالخطوة العبقرية السعودية!
نحن في الحجاز، وفي عهد الأشراف كانت لدينا انتخابات بلدية وشورية
مائة بالمائة، ومن أوقفها هو الملك عبد العزيز بعد أن احتلّ مكة المكرمة
ومن ثم جدة والمدينة. يضاف الى ذلك، كان العُمد يأتون بالإنتخاب، وهذا
أيضاً أوقفه السعوديون! وكانت لدينا انتخابات للنقابات بمختلف أشكالها،
سواء كان للجواهرجية، أو المطوفين، أو الفرّانة، أو السقاية، أو السواقين
وغيرهم. والآن لا توجد أية نقابة، وحتى تلك الأشكال النقابية البدائية،
كغرف التجارة، تتدخل السلطات في انتخاباتها بصورة أو بأخرى.
بهذا المسخ الإنتخابي يريدون إقناعنا بأننا نحقق طفرات في العملية
السياسية، وفي تأسيس مؤسسات المجتمع المدني! بينما كان ذلك لدينا قبل
ثمانين عاماً! ألا ترون كيف أننا نتقدم للوراء في العهد السعودي الزاهر؟!
منذ أكثر من ثلاث سنوات أعلنت الحكومة أنها بصدد تشكيل لجنة حقوق
الإنسان في السعودية. الحكومة ستشكل وليس الشعب! يعني حاميها حراميها،
أو هي القاضي والدفاع والجلاد معاً! ومع ذلك لم تظهر حتى الآن! هم يريدون
مؤسسات مسخ، مثل نقابة الصحافيين التي عيّنوا رئيسها من بين أقربائهم
ابتداءً (تركي السديري).. وهذا كلّه تطوّر مهول بفضل إرشادات خادم الحرمين
الشريفين!
نغمة الإصلاح: جعجعة ولا نرى طحناً!
كل الأمراء إصلاحيون هذه الأيام. كلهم يتحدث عن الإعتدال! ومكافحة
التطرّف، وضرورة الإصلاح! جعجعة استمرت أكثر من عامين، لم نرَ منها شيئاً.
حتى أن الأمراء صار كل منهم يجرّ النار الى قرصه، ويزعم أنه أكثر من
غيره في دعاواه، محاولاً جذب دعاة الإصلاح الى صفّه دون أن يُظهر دليلاً
على مدّعاه. في زمن العجائب السعودي، تصبح وزارة الداخلية ووزيرها قاطرة
للإصلاحات! وفي زمن العجائب، يصبح الصبي عبد العزيز بن فهد ديمقراطي،
وهو وزير دولة مهمته دفع كرسي والده للتصوير! ويزيد على ذلك بشتم عمّه
ولي العهد، متهماً إياه بأنه ضدّ الإصلاح، وأنه هو المنقذ القادم للمملكة!
حتى محمد بن نايف، الصبي الآخر، ورجل الداخلية الثاني، لم يعدم المصفقين
الذين يعدون أول صفاته أنه ديمقراطي منطقي عقلاني خلوق وهكذا!
وهناك بالطبع طلال وإبنه الوليد وسلمان وأبناءه، وخالد بن سلطان،
والديمقراطي جداً خالد الفيصل (رائد الفكر العربي! ولكن في بيروت)..
كل هؤلاء مرشحون على القائمة التي تلوك أحاديث الإصلاح وتلفظها عصي وهراوات
وسجون وسحب جوازات سفر وطرد من الوظيفة! هذا غير ما تلفظه من فساد أخلاقي
ومالي وقضائي، الى آخر القائمة.
إذا كان هذا حالكم وأنتم مصلحون، فكيف بكم وأنتم مفسدون؟!
للسعوديين وغيرهم كيف تصبح مليونيراً بمكالمة هاتف
يريدون مكافحة العنف على الطريقة الأميركية. هذا الشبل من ذاك الأسد.
قوائم بأسماء، وجوائز مغرية لمن يدلي بمعلومات. مليون على الرأس الواحد،
وخمسة على المجموعة، وسبعة إذا ما تمّ الكشف عن الخلايا قبل قيام العملية
وهكذا!
قائمة بستة وعشرين شخصاً جديداً ظهرت بعد قائمة الـ 19، وقد قتل أحدهم
بوشاية، وقالت الداخلية أنها ستمنحه مليون ريال يوم 9 من هذا الشهر.
يبدو أن الإعتماد على (وطنية الشعب) أو على مقولة (الشعب والحكومة في
إطار واحد!) و (كل مواطن خفير!) وغير ذلك من شعارات لم تأتِ بنتيجة.
فلا الأهالي أبلغوا عن أبنائهم، ولا المواطنين تطوعوا لمعاونة وزارة
الداخلية، فكان لا بدّ من محفّزات جديدة، وليس هناك سوى المال.
المال لا يحل المشكلة، لأنه جزء من الخيار الأمني. ومادام الخيار
السياسي معطّل، فالعنف مستمر الى أن تعقل الرؤوس الكبيرة، أن الإنفتاح
السياسي الداخلي والإصلاح الإقتصادي والإجتماعي هو الحل. وهذا الحل لا
يتمّ أيضاً إلا بكفّ أيدي الأمراء عن الناس وعن ميزانية الدولة.
|