المساجد السبعة ورسالة أهل الحجاز
كتاب (مساجد الفتح.. المساجد السبعة بالمدينة المنورة
وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم فيها) إعداد الدكتور محمد
أنور محمد علي البكري الصادر عام 2004 بالمدينة المنورة
تضمن رصداً شاملاً لتاريخ المساجد السبعة من خلال الروايات
الحديثية والتاريخية التي تؤكد وجود هذه المساجد، وما
ذكره الجيل الثاني من المؤرخين من شهادات حول المساجد
ولماذا سميت بأسماء الصحابة. كما سلّط الضوء على القسم
التي تندرج تحته مساحة مساجد الفتح، مع ايراد حقائق تاريخية
على درجة كبيرة من الاهمية عن مساجد الفتح والاتجاهات
العامة لدى المؤرخين حول مساجد الفتح السبعة وكيف يمكن
التعامل مع روايات المؤرخين اثباتاً وتحقيقاً وجمعاً.
وكنا قد ذكرنا طائفة من الروايات الحديثية والتاريخية
حول المساجد السبعة في العدد (24) الواردة عن عبد الله
بن عمرو وغيرها والتي أوردها الواقدي في المغازي وغيره.
لقد اشتمل الكتاب على عدد من الصور التي تظهر المساجد
في صورتها الاصلية ثم كيف طالتها يد العابثين تخريباً
ومحواً. فبينما توضّح صورة لمسجد الفتح في بداية العهد
السعودي من خلال الترميم الاول لها والذي لم تكن السلطات
الدينية الرسمية تجرؤ على المساس به لحساسية القضية بالنسبة
لعموم المسلمين، ولكن تظهر صورة اخرى لمسجد الخليفة ابي
بكر الصديق رضي الله عنه قبل العهد السعودي في هيئته القديمة
وكيف تحول هذا المسجد الى مكان للصرّاف الآلي، وقد علّق
المؤلف على ذلك بحسرة أن موضع مسجد ابي بكر الصديق (الذي
كانت تقام فيه الصلوات الخمس لعدة قرون) صار موضعاً للصراف
الآلي بعد هدم المسجد.
ومن الواضح، أن المؤلف يحاول تقديم صورتين متقابلتين
عن المساجد السبعة بين العناية التي حظيت بها هذه المساجد
طيلة العهود السابقة بما فيها طرفاً من العهد السعودي
وبين عملية المحو الشاملة التي جرت لهذه المساجد خلال
الفترة الاخيرة من العهد السعودي. ليس المساجد السبعة
فحسب التي امتدت اليها أيدي العابثين بتراث الاسلام والمسلمين،
بل شملت ايضاً مساجد ومواقع أثرية وتاريخية اخرى. فقد
اورد المؤلف ما جرى في أواخر شهر ربيع الثاني عام 1423هـ
حيث فوجىء أهل المدينة المنورة بهدم مسجد غزوة بني قريضة
وهذا المسجد من المساجد المشهورة التي اتخذها النبي صلى
الله عليه وسلم وهو من المساجد الباقية منذ عصر النبوة،
وقد وردت اخبار هذا المسجد في البخاري ومسلم وفي جميع
كتب تاريخ المدينة ابتداء من ابن شبة وانتهاءً بالشيخ
خليل ملا خاطر ومحمد إلياس عبد الغني وغازي بن سالم التمام
وهم من آخر من أرّخ للمدينة المنورة فقد استوفوا جزاهم
الله خيراً زبدة أقوال المؤخرين الى زمانهم وأثبتوا في
كتبهم قصة كل مسجد أثري مشهور صلى فيه النبي صلى الله
عليه وسلم.
وذكر المؤلف عدداً من المساجد التي تتعرض للاندثار
والمحو التام، والتي خفيت آثارها حتى على القاطنين في
أرض المدينة المنورة ناهيك عن تاريخها وارتباطها بعظائم
الاحداث مثل مسجد الفضيخ، ومسجد الفسح، ومسجد بني حرام،
ومسجد جبل عينين، ومسجد المنارتين وغيرها كثير، كلها حسب
المؤلف (في حالة يرثى لها ويدمي حالها قلب كل غيور على
السيرة النبوية ومحب لهذه المدينة المباركة، فكل موضع
من هذه المواضع مرتبط بأثر خالد في تاريخ الاسلام، أو
مرتبط بتشريع عظيم في تاريخ هذه الامة، هي قصص فيها العبر
والعظات على مر التاريخ لمن يعتبر!).
ويخلص المؤلف للقول (كما نقول للذين يحاولون هدم مساجد
وبيوت الله خاصة تلك التي ارتبطت بتاريخ دولة الاسلام
الاولى ومؤسسها سيد البشر وخاتم النبيين وقدوة المؤمنين
رسولنا وحبيبنا سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
إقرأوا، واحذروا، واستوعبوا قوله تعالى (ومن أظلم ممن
منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك
ما كان لهم ان يدخلوها الا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم
في الآخرة عذاب عظيم). البقرة: 114
وينتهي المؤلف الى تلخيص الكتاب في نتائج مشفوعة بعدة
مقترحات او لنقل تنبيهات شديدة اللهجة منها: إن أي تعدٍ
على هذه المساجد التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم
أيام الغزوة، ثم صحابته الكرام وبعدهم التابعين وتابعيهم
وملايين المسلمين عبر هذه العصور الطويلة، يعتبر تعديا
في حق هذه المدينة وآثارها، كما يعد تعدياً على حقوق المسلمين
الذين يأتون لزيارة هذه المدينة المباركة ليقفوا على مآثر
دولة الاسلام والمسلمين وإن الاساءة الى مشاعرهم الاسلامية
واستثارة حوافظهم وتنفيرهم من مسؤوليتنا، إنما يكون معارضة
ومناهضة لسياسة المملكة العربية السعودية في جمع كلمة
المسلمين وقلوبهم ويستحق فاعل ذلك الحساب والعقاب.
وفي تنبه آخر ذكر المؤلف (يجب علينا المحافظة على هذه
المساجد والعناية بها إقتداء بالسلف الصالح ومنهم الخليفة
الراشد عمر بن عبد العزيز، وذلك لكي نسلمها لمن يجيء بعدنا
وهي على أحسن حال كما تسلمناها ممن سبقنا من السلف الصالح
وهي في أحسن حال..).
وشدد المؤلف على ضرورة إعادة بناء مسجد أبي بكر الصديق
الذي هدم قبل عدة سنوات (دون مبرر) وفاءً للصديق الأكبر
الذي كان يقف دائما عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم
في كل المشاهد والغزوات، والذي أنفق ماله كله في سبيل
الله وهو خير من وطأت أقدامه الثرى بعد رسول الله صلى
الله عليه وسلم.
وأوصى المؤلف بتشكيل لجنة تقوم برعاية المساجد والآثار
الاسلامية التاريخية وللمحافظة عليها، من اجل تسليمها
لمن يأتي وهي على أحسن حال كما تسلمناها ممن قبلنا.
|