|
تراث وتاريخ مكة يزال ولن يبقَ سوى الحرم
والقصور الملكية!
|
قلوبنا تبكي قبل عيوننا..
تدمير شامل لتراث الإسلام في مكّة
د. فايز صالح جمال
|
د. فايز صالح جمال
|
• أوقفوا هدم مكة:
لم نسمع، ولم نرَ، أن أُزيل تراث مدينة بالكامل
مثلما حدث في مكة. نحن ندفع المليارات لمحو تاريخ
أقدم وأعظم مدينة على الأرض. في السنوات الأخيرة
مُحيت جميع أحياء مكة القديمة بكل عبقها وتاريخها
وما تحمله من قصص وذكريات.. حرام والله. قلوبنا
تبكي قبل عيوننا ولا أدري ما الاحساس لو تم الاستمرار
في الهدم بعد الحج لبقية أحياء مكة القديمة. المبالغة
كانت في إزالتها إذ لم يبق منها شيء. لقد مُحيث
الآثار ومُحيت ذاكرة أهل مكة. أخشى أن تتحول مكة
إلى محطة ترانزيت بينما أرادها الله أمّاً للقرى!
إن تحويل مكة إلى محطة ليس من تعظيمها. كم من
المخططات عُملت ولم تُنفذ؟ المخطط الشامل شيء
وما يجري على الأرض ومخططات شركة بن لادن ومن
معها شيء آخر.
• أوقفوا هدم مكة:
التاريخ و الهوية ليست مبان ونمط عمراني. إنها
إنسان وذاكرة وتاريخ وعلاقات إنسانية ووشائج..
وهذه للأسف أمور ليست في قاموس من يخطط و ينفذ
هدم أحياء مكة القديمة. وقد لا يصدق أحدهم أن
هناك من يبكي جبال مكة ووديانها عندما يتذكر أنها
أرض مشى عليها الحبيب صلى الله عليه وسلم يوماً،
وأن هناك من يمشي حافياً في المدينة تأدباً وخوفاً
من أن يطأ بحذائه موضعاً مشى عليه الحبيب صلى
الله عليه وسلم.
• أوقفوا هدم مكة:
فمكة أعظم وأجل من أن يقرر مصيرها ويكتب تاريخها
حفنة من المستمرين والمتنفذين بعيداً عن بقية
أهلها. أوقفوا الهدم في مكة، فالقرار في مكة الآن
أصبح يُصنع وفقاً لمحددات الاستثمار والجدوى الاقتصادية
ومكاسب المستثمرين. مكة وفقاً لما يجري وبسبب
تهجير سكانها من حول الحرم، ستتحول إلى محطة ترانزيت
كبرى تستقبل وتودع ملايين البشر الذين لن يعودوا
إليها مرة أخرى.. فالحذر من تسليم مكة للمستثمرين
والرأسماليين. لقد هُدم حتى الآن 4000 عقار للطريق
الموازي لخدمة جبل عمر و2000 عقار لخدمة الوقف
الجديد وجبل خندمة! ألم نقل أن صوت الاستثمار
هو الأعلى؟ لا يجوز أن ننزع عقارات خاصة ريعية
لأصحابها لتكون ريعية للحرم.
• أوقفوا هدم مكة:
من خلال الخبر المنشور يتضح أن الهدميات هي خدمة
وقف الحرم الجديد ، وفي هذا ظلم بيّن والظلم في
مكة متوعّد صاحبه من القوي سبحانه. من الظلم في
أن تقوم الدولة بنزع ملكيات خاصة لتستأثر هي بريعها
بحجة أنها وقف للحرم وقد قيل أن البيت أولى من
الجامع. كثير من العقارات التي نُزعت والتي ستُنزع
هي أوقاف ريعها يذهب للآلاف من الأسر فكيف يُحرموا
منها وتحوّل للحرمين؟ الحرم في غنىً عن أي مال
تشوبه شبه ظلم أو اغتصاب ، ومنذ ما قبل الإسلام
يتم اختيار أطيب المال لعمرانه. لا أدري كيف يُستساغ
أن يتم نزع مليكات تُدرّ دخلاً لأعداد كبيرة من
الناس لتحويل دخلها لصالح الحرم؟! لم يعد الحرم
رئة بل أحاطت به الناطحات من غربه وجنوبه حتى
أضحت سداً. أنا ضد التطاول وتكثيف السكن حول الحرم
وهو ما يجري غربه وجنوبه الآن. عندما تشمل الهدميات
العقارات التي في أعلى الجبال، يُصبح الهدف ليس
المصلحة العامة وإنما شيء آخر، مثل إزالة منظر
بيوت الفقراء!
• أوقفوا هدم مكة:هناك
حلول بديلة عن الهدميات الجائرة التي طالت رؤوس
جبال مكة، والجبال المحيطة بالحرم، في حين أنه
لا يُتصور إقامة محطات نقل أو أي مرافق مكانها،
ويمكن بل الواجب تمهيد طرق الوصول إليها، وإيصال
الخدمات لسكانها الذين حرموا منها بسبب تقصير
الجهات الحكومية المعنية. وفي تصوري فإن مثل هذه
المبادرات سوف تمكن من إفساح المجال لأهالي مكة
للسكن بجوار المسجد الحرام واستعادة روح المدينة،
وعلاقاتها الاجتماعية والانسانية الطبيعية.
• أوقفوا هدم مكة:عندما
نقول أوقفوا الهدم فلأننا نؤمن بأن التطوير
يمكن أن يتم دون هدم وإزالة أحياء مكة بأكملها
ومحو ذاكرة أهلها وتدمير وجدانهم. ولأننا نؤمن
بحق سكان الأحياء القديمة أن يستفيدوا من التطوير
الذي أتى متأخراً لا أن يجني غيرهم ثمار التطوير.
أوقفوا الهدم، فسكان الجبال المحيطة بالحرم يتطلعون
إلى أن يتم تمهيد الطرق إلى مساكنهم و أن توفر
لهم الخدمات بدلاً من هدمها. ما نتطلع إليه في
مكة هو أن يتم تطوير الأحياء المحيطة بالحرم لا
إزالتها. نطالب بإيقاف الهدم الجائر في مكة الذي
يتجاوز الحاجة الحقيقية لتوفير الخدمات والمرافق،
والتي بحجتها يُهجّر أهل مكة من حول الحرم. إن
حقّ أهل مكة أعظم من حق الزوار، فهم جيران الله
سبحانه، وجيران رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم
من يقوم على خدمة الزوار وإكرامهم. المقيمون الدائمون
هم أهل المدينة المنورة ومثلهم أهل مكة المكرمة،
ولهم الحق في السكن قرب الحرمين الشريفين مثلهم
مثل الزوار.
|