حقوق المرأة السعودية
بين محرمات السياسة ومحرمات الأعراف
حديث الحقوق في بلد يحتفظ بأسوأ سجل في مجال إنتهاكات حقوق
الانسان يثير جدلاً ساخناً، تتشابك فيه الرؤية الدينية، بالنزعة
الايديولوجية، بالتكوين الثقافي، بالعرف الاجتماعي.. ويصل الجدل الى
درجة الغليان حين يقترب المتناظرون من موضوع حقوق المرأة، فهنا يخضع
الجدل الى إعتبارات وقيود بعضها مفروض من قبل النظام السياسي الذي
يفرض حظراً عاماً على كافة طبقات المجتمع وفئاته من الدخول الى حلبة
المشاركة السياسية. غير أن ما ينال المرأة من هذا الحظر هو أشد حيث
تشارك قوى مضادة ثقافية ومجتمعية وسياسية في فرضه بسطوة.
فالثقافة المحلية مازالت أسيرة لبنية المجتمع الذكوري الذي يرى
بأن ثمة قوامية ذكورية تقوم على أساس التعامل مع المرأة باعتبارها
عورة، ناقصة، غير مؤهلة للقيام بأدوار مستقلة. وبذلك فإن المجتمع
يمارس دوراً معاضداً أو بالأحرى نيابياً عن السلطة السياسية في
إنتهاك حقوق المرأة، حتى أمكن القول بأن الدولة تستعين في أحيان
كثيرة بالمجتمع على تنفيذ سياساتها من خلال التأكيد على ما تسميه
بالأعراف الاجتماعية التي هي لا تؤمن بها ضرورة، وإنما تستعملها
لتحقيق أغراض سياسية محضة.
إن التمييز على أساس النوع يعتبر جزئية أساسية في المجتمع
السعودي، وهذا التمييز في شكله الصارم يؤثر بصورة تلقائية على حرية
الحركة بالنسبة للنساء وعلى حصولهن على فرص تعليمية ووظيفية.
فالمجتمع السعودي يفرض قيوداً اجتماعية متنوعة على السعوديات وهكذا
الحال بالنسبة للاجنبيات. وهذه القيود تبقي النساء محاصرات ضمن حدود
ضيقة يقررها ويديرها الرجال. فالسعوديون يزعمون بأن هذه القيود على
النساء تتوافق مع المبادىء الدينية الاسلامية، وفي حقيقة الأمر تلعب
الأعراف الاجتماعية دوراً أكبر في فرض هذه القيود. فالأحكام
الاسلامية والتقاليد لا تفرض عوائق صارمة كالتي تفرضها الحكومة
والمجتمع على مشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية، وخصوصاً التحديات
التي تواجهها داخل بلادها. فكثير من الاعراف الاجتماعية في السعودية
تعامل النساء بصورة تختلف عن الرجال، لا على أساس إملاءات دينية
خالصة وإنما تسهم الثقافة الذكورية في أحيان كثيرة في إرساء مفاهيم
خاصة للنظرة إزاء المرأة ودورها في الحياة العامة.
ولكن ومن أجل إرضاء المحازبين الدينيين المحافظين فإن الحكومة
تقوم بتشديد قيودها على المرأة في مجالات عديدة، بما يشمل التعليم
والصحة، وهما المجالان الوحيدان المسموح للنساء بالحصول على فرص
وظيفية فيهما. يجب الاشارة هنا الى أن ثمة توافقاً دينياً وسياسياً
وإجتماعياً على تخفيض حقوق المرأة وتأطيرها في مجالات محددة، وأن
الاصوات المطالبة بمنح المرأة السعودية حقوقها السياسية والاجتماعية
والاقتصادية مازالت غير مسموعة وتطلق غالباً في أروقة خاصة، وفي
أوساط منفصلة عن الحياة العامة التي يجب أن تصل اليها الاصوات. يجدر
القول هنا الى أنه حتى الآن لم تتشكل جمعية نسائية حقوقية تتصدى
للدفاع عن حقوق المرأة، كما لم ترفع عريضة نسائية أو ذات صلة بحقوق
النساء الى القيادة السياسية في البلاد. فمازالت حقوق المرأة ترد
كجزئية ضمن عرائض يرفعها الرجال وإن ضمت بين موقعيها عدداً من
النساء، إذ مازال ينظر الى مشاركة المرأة في العرائض بإعتبارها
تعبيراً عن التزام الموقعين على المبادىء الحقوقية المتعارف عليها
دولياً وتأكيداً لمصداقية المطلب الحقوقي الذكوري، وتحقيقاً لفائدة
إعلامية خارجية، وهذا لا يسقط قناعة الموقعّين الذكور بحقوق المرأة
كجزء من قائمة المطالب الاصلاحية. الا أن ما نود الاشارة اليه هنا أن
النساء في بلادنا مازلن لم يتحررن من الثقافة الذكورية التي تحول
دوّن تشكل بؤر نسائية قادرة على الاضطلاع بنشاطات مطلبية مستقلة،
وهكذا صياغة خطاب حقوقي نسائي يجعلهن أقدر على التعبير عن أنفسهن
بدرجة واضحة.
المرأة السعودية في التقارير الحقوقية
الدولية
تكاد تتفق تقارير المنظمات الدولية الخاصة بحقوق الانسان على أن
المرأة السعودية تمثل نموذجاً فريداً في سياسات الاضطهاد القائمة على
الجنس (ذكور/إناث). هذا الإضطهاد القائم على أضلاع متعددة: سياسية
وثقافية واجتماعية، يأتي في ظل تواضعات محلية على إعتبار حقوق المرأة
جزءا اعتيادياً وغير جدير بالاهتمام والملاحظة، وخصوصاً حين ينظر
اليه في سياق نقص الوعي الحقوقي وسط النساء السعوديات الذي ساهم
بدرجة كبيرة في تكريس الاخترقات المتكررة ضد حقوق المراة، لم يغير في
ذلك انضمام الحكومة السعودية الى معاهدات دولية خاصة بحقوق المرأة،
فهذه الخطوات لم تسفر عن تغييرات ملحوظة في مجال حقوق المرأة
السياسية والاجتماعية والاقتصادية. فمازال يحظر على النساء التشكل
ضمن جمعيات حقوقية تدافع عن حقوقهن، وتدفع عنهن الانتهاكات
المتواصلة، أو التي تمنحهن القدرة على مجرد الابلاغ عن شكاوى خاصة
بهن الى الحكومة والمنظمات الدولية.
وبحسب التقارير الدولية فإن السعودية مازالت تمتنع عن التوقيع على
عدد من المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق المرأة ومنها ازالة كافة
أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاقية المتعلقة بحقوقها السياسية،
وإتفاقية التجنيس الخاصة بالمرأة المتزوجة، والاتفاقية الخاصة
بالموافقة على الزواج، والسن الأدنى للزواج وتسجيل الزواج.
رغم أن شهادة المرأة بحسب المحاكم الشرعية تعتبر ناقصة بالقياس
الى الرجل، الا أنه في غياب شاهدين ذكرين، أو أربعة شهود في قضايا
الزنا، فإن الاقرارات أمام القاضي تتطلب دائماً دعوى جنائية، وهو وضع
طالما أدى الى أن تقوم السلطات الى انتزاع الاعترافات من المتهمين عن
طريق التهديد والاساءة. إن الاجراءات الخاصة بالنساء في قضايا الطلاق
والشؤون العائلية تتم عموماً عن طريقة نيابة المرأة لذكر قريب يقوم
بتولي تمثيلها امام المحاكم.
وتؤكد التقارير الحقوقية على أن الحكومة لا تحتفظ باحصائيات رسمية
حول عدد حالات الاساءة التي يرتكبها الازواج أو الاشكال الاخرى من
العنف ضد المرأة. وعلى أية حال، فإنه إستناداً الى معلومات متوفرة
حول الاساءة البدنية والعنف الذي يرتكبه الرجال ضد النساء يظهر بأن
العنف والاساءة البدنية تمثل مشاكل شائعة. ينقل موظفو المستشفيات بأن
عدداً كبيراً من النساء قد جرى إدخاله للمستشفى للعلاج من آثار العنف
الذي تعرض له على أيدي الازواج. إن الرجل السعودي قد يمنع زوجته أو
أياً من أبنائه ولاسيما البنت غير المتزوجة من الحصول على تأشيرة
لمغادرة البلاد. وأن السفارات الأجنبية مازالت تتلقلى عدداً كبيراً
من التقارير حول السلوك السيء الذي يقوم به أرباب العمل ضد النساء
الاجنبيات اللاتي يعملن كخادمات. وتحتفظ بعض سفارات الدول ذات
الاعداد الكبيرة من الخادمات المحليات بيوتات للإيواء حيث يمكن
لمواطنيهم اللجوء اليها حال تعرضهم للحبس القهري، أو الحرمان من
الأكل، أو الضرب أو أشكال الاساءة الأخرى، والاغتصاب. وغالباً ما
تكون الاساءة المبلّغ عنها في يد مواطني الخادمة. وبصورة عامة فإن
الحكومة تأخذ في إعتبارها بعض الحالات المتعلقة بالشؤون العائلية ولا
تتدخل الا حين تكون هناك إتهامات بالاساءة مثيرة للاهتمام. إن من
المستحيل على النساء الاجنبيات الحصول على مساواة في المحاكم، بموجب
القوانين الصارمة المفروضة من قبل المحاكم، إضافة الى المخاوف لدى
النساء من الانتقام. إن هناك قلة من أرباب العمل ممن نالوا عقابهم
جراء إساءة التعامل مع الخادمات. فليس هناك جمعيات مساندة خاصة أو
مؤسسات دينية لمساعدة مثل هؤلاء النسوة.
فبموجب القانون الديني والتقليد الاجتماعي، فإن النساء لديهن الحق
في التملك العقاري وأنهن مؤهلات لتلقي الدعم المالي من أزاوجهن أو
أقارب أزواجهن حال غياب الازواج. وعلى أية حال، فإن للنساء حقوقاً
سياسياً وإجتماعية قليلة، وأنهن يعاملن كأعضاء غير متساويين في
المجتمع. فليس هناك جمعات حقوقية نسائية، وأنه لا يحق للمرأة
قانونياً سياقة السيارة، وأن هناك قيوداً صارمة مفروضة عليهن في
إستعمال الخدمات العامة جنباً الى جنب الرجال، حيث يفرض على النساء
إستعمال مداخل خاصة في الباصات العامة وغالباً ما تكون في الخلف، وأن
يجلسن في مواقع مخصصة لهن. وأن هناك مخاطر إعتقال النساء من قبل
المطاوعة لركوب سيارة يقودها ذكر ليس موظفاً أو قريباً لدى العائلة.
كما أن النساء لا يدخلن للمستشفى لتلقي العلاج الطبي بدون موافقة
الزوج أو القريب/الذكر، كما أنه وبموجب القانون والعرف، فإن النساء
لا يحق لهن السفر داخلياً وخارجياً بمفردهن.
في عام 1999 أعلن وزير الداخلية الأمير نايف بأن هنك تحضيرات
لاصدار بطاقات خاصة بالمرأة، والتي اعتبرت خطوة باتجه السماح للمرأة
بحصولها على هوية قانونية مستقلة عن الرجال. وعلى أية حال، فإن
الوزارة أعلنت في أغسطس عام 1999 بأن نظام توثيق الهوية الحالي
للنساء سيتم التحفظ عليه مدة ثلاث سنوات، وعليه فإن بطاقات الهوية لن
تصدر قبل مرور المدة.
في الاماكن العامة، يكون لباس المرأة عبارة عن عباءة تغطي الوجه
والكفين، وان المطاوعة يتطلعون الى أن تلتزم النساء من دول عربية
أخرى، وآسيا وأفريقيا بتقاليد الزي السعودي أكثر مما هو عليه حال
النساء الغربيات، بيد أنه في السنوات الاخيرة فإنهم قاموا بإلزام
النساء الغربيات بلبس العباءة وأن يقمن بتغطية شعورهن ايضاً، وخلال
عام 1999 فإن المطاوعة واصلوا اكراه النساء على لبس العباء وتغطية
شعورهن.
إن النساء السعوديات مازلن يخضعن للتمييز بإسم الشريعة بحسب
التفسير الرسمي، والذي يتم تطبيق أحكامها بحرفية صارمة دون مراعاة
لتبدل الزمان وتجدد الحاجات. وفيما تمنح الشريعة النساء أساساً
قانونياً لامتلاك وبيع العقار بصورة مستقلة، فإن النساء غالباً ما
يتعرضن للتقييد من قبل تأكيد حقوق كهذه بسبب الموانع المجتمعية
والقانونية المختلفة، وخصوصاً تلك المتعلقة بالتوظيف وحرية الحركة.
كما أن النساء مطالبن بتقديم تبريرات قانونية محددة للطلاق، فيما
يمكن للرجال الاقدام على الطلاق بدون إعطاء سبب واضح. في هذا الصدد،
فإنه يطلب من الرجال دفع الحقوق المالية فور الاتفاق على الزواج. أما
بالنسبة للنساء فإنهن في حال جرى تطليقهن وفق تبريرات مقبولة لدى
المحكمة فإنهم يحصلن على مبلغ مالي التعيينات السياسية والاكاديمية
الهامشية للمرأة محاولة خادعة للرأي العام الخارجيخاص بعدة الطلاق.
بالنسبة للمطلقة أو الأرملة، فإن المرأة المسلمة يمكنها الاحتفاظ
بالابناء حتى بلوغهم سناً معينة: سبع سنوات للولد، و9 سنوات للبنت.
أما الاولاد الذين تفوق أعمارهم هذا السن فإنهن يمنحن للزوج المطلق،
أو الى عائلة الزوج المتوفى. عدد من النساء الاجنبيات المطلقات بقين
محرومات من قبل أزواجهن السابقين من زيارة أبنائهن بعد الطلاق.
ورغم أن الاناث يمثلن 58 بالمئة من طلبة الجامعات الا أنه لا يسمح
لهن بدراسة تخصصات مثل الهندسة، والصحافة، والفن المعماري. من جهة
ثانية، فإن فرص العمل المتاحة للاناث تكاد تنحصر في التعليم والصحة،
مع فرص أقل في التجارة، والقضايا الانسانية، والبنوك (بشكل محدود)
وبيع الجملة والصحافة. بالنسبة للنساء اللاتي تلقين تعليمهن في
الخارج في مجالات الاعلام والفن المعماري يحصلن على وظائف ولكن
محدودة. في عام 1997 سمحت الحكومة للمواطنات بالعمل في مجال الفندقة
ولكن بصورة محدودة، أما أولئك اللائي يحاولن الدخول في مجالات غير
تقليدية فإنهن يخضعن للتمييز. حيث أن النساء يشكلن نسبة 5 بالمئة فقط
من قوة العمل المحلية ويحزن على نحو 20 بالمئة من الاعمال التجارية،
رغم أنهن مطالبن قانونياً بتوكيل أقرباء ذكور لهن لتمثيلهن في
المعاملات المالية.
في سبتمبر عام 1999 وقّع ولي العهد الأمير عبد الله معاهدة الامم
المتحدة الخاصة بإزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، مع تحفظات حول
جوانب المعاهدة والتي تعتبرها الحكومة متعارضة مع الشريعة الاسلامية.
الا أن انضمام السعودية لهذه المعاهدة لم يعكس تطوراً ملحوظاً في
مجال حقوق المرأة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. يكفي في ذلك موضوع
سياقة المرأة للسيارة والذي دار جدل طويل ومحموم حوله خلال أكثر من
عقد من الزمن، فإن الحكومة مازالت تتعامل معه بحساسية شديدة وفي
الغالب ترفض البت فيه خشية إثارة التيار الديني المتشدد.
وكانت تقارير من منظمات حقوق الانسان ومنظمة العفو الدولية تحدثت
عن أن السعودية تقمع دور النساء اللائي يشكلن 47 بالمئة من فعاليات
المجتمع السعودي. وطالبت هذه التقارير الحكومة السعودية بدور للمراة
في التشغيل في كل المواقع العامة، وعدم تخفيض دورها الأمر الذي سيؤول
الى مشكلة إقتصادية حيث أن (نصف المجتمع مشلول). وأكدّت التقارير على
أن السعودية اذا ما قررت البدء بإصلاحات عملية فإن عليها منح المرأة
قدراً من الحقوق للمشاركة في عملية البناء، إذ (أن النساء السعوديات
قادرات على المهمات التي تفوّض إليهن في أي مجال سواء كان متعلقاً
بالاستثمار أو الاعلام أو السياسة).
الحكومة والديكور الانثوي
تزايدت الضغوطات المحلية والدولية على الحكومة السعودية في الآونة
الأخيرة بخصوص الانتهاكات التي تتعرض لها النساء، والتغييب المتعمد
لهن من المشاركة في حقول الحياة المختلفة. نشير هنا الى أن شروطاً
أبلغت للحكومة السعودية قبل أقل من عام من أجل تحقيقها قبل الموافقة
على إنضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية وكان من بينها تحسين
ظروف المرأة وإيلائها دوراً أكبر وعلى وجه الخصوص المشاركة السياسية
للمرأة.
تجدر الاشارة الى أن وزير الخارجية السعودي واجه خلال زيارته
للولايات المتحدة إنتقادات حادة وأطلقت نداءات بمنع مشاركته في مؤتمر
في ديترويت لأنه يمثل حكومة تمارس تمييزاً سياسياً ضد المرأة، مما
إضطر الى التصريح بأن حكومته ستقوم بتعيين إمرأة في الوزارة دون ذكر
تفصيل حول طبيعة هذا المنصب، رتبته، وتوقيته.
وكانت الوزارة قد واجهت حملة صحافية في بريطانيا والولايات
المتحدة حول أوضاع المرأة السعودية ودورهن الغائب في المجال السياسي.
وفي رد وزارة الخارجية على تقرير صحيفة (أوبزرفر) اللندنية في الخامس
من أكتوبر، أعلنت الوزارة عزمها على توظيف 40 إمرأة سعودية كخطوة
أولى في أعمال الترجمة والتحليل السياسي والاقتصادي. وكانت صحيفة
(عكاظ) قد نقلت في السابع من أكتوبر عن مصادر رسمية لم تفصح عن
هويتها بأن هناك عملاً يجرى حاليا على إحداث قسم نسائى داخل مبنى
ديوان الوزارة بالرياض روعيت فيه ـ حسب الصحيفة ـ كل الضوابط الشرعية
والخصوصية الاجتماعية لعمل المرأة وأن القسم سيباشر مسؤولياته خلال
الشهرين أو الثلاثة الآتية. وتحدثت الصحيفة نقلاً عن المصادر تلك بأن
المواصفات المطلوبة لتوظيف المواطنات في العمل الدبلوماسي أمر يخضع
للمسابقة الوظيفية والضوابط التي ستحددها وزراة الخدمة المدنية فيمن
سيشغلن تلك الوظائف.
وفي سياق رد الفعل السعودي على الحملة الاعلامية التي تواجهها في
الخارج حول إنتهاكات حقوق المراة، فإنه تم الاعلان عن تعيين امرأة
كعميدة في جامعة. وكان متحدث باسم الجامعة العربية المفتوحة صرح في
الرابع من أكتوبر الحالي بأن مها عبد الله العرقوبي قد تم تعيينها
عميدة لفرع الجامعة في مدينة جدة. وقد اعتبر التعيين من قبل بعض
المراقبين بأن ذلك خطوة معبّرة على مشروع اللبرلة التي تنوي الحكومة
البدء به وذلك بعد أيام من قيام مفكرين وناشطين سياسين بالمطالبة
بإصلاحات سياسية واجتماعية. ورغم ما حظي به الاعلان هذا من زخم
اعلامي في الخارج الا أنه جرى إستقباله بفتور بالغ في الداخل حيث أن
المسافة الفاصلة بين تطلعات المرأة السعودية والاستجابة الحكومية
البطيئة تجعل من هذه الخطوة غير كافية، فضلاً عن أن هذا المنصب محسوب
على جامعة غير سعودية، وإن كان المموّل لها سعودياً.
وعليه فإن هناك شكوكاً كثيفة تحيط بخطوات الحكومة في مجال إشراك
المراة في الحياة العامة، حيث أن هذه الخطوات مازالت دون المستوى
الطموح الذي بلغته تطلعات النساء في مجال المشاركة الفاعلة والحقيقية
في العمل السياسي. فهذه الوظائف ذات الطابع التقني المحض تبقي على
حالة التمييز ضد المرأة، ولا تحقق أكثر من تهدئة للانتقادات الواسعة
التي توجهها منظمات حقوقية دولية وصحف وحكومات في الخارج ضد الحكومة
السعودية. وهذا بالتحديد ما دفع الحكومة السعودية للقيام به من خلال
إرسال أربع سيدات سعوديات للمشاركة في أعمال البرلمان الأوروبي، حيث
أنيط بهن مسؤولية القيام بحملة دعائية لصالح الحكومة السعودية لاظهار
أن هناك مشاركة نسوية فاعلة في الحياة السياسية المحلية، رغم أنه لا
يوجد حتى الان إمرأة واحدة بين أعضاء مجلس الشورى، فضلاً عن المؤسسات
السيادية الأخرى كمجلس الوزراء مثلاً، فمازال هناك مشوار طويل أمام
النساء من أجل قطعه للوصول الى مراتب سياسية تتطابق مع مضامين
التصريحات السعودية في الخارج. وبالتالي فإن النصف المشلول من
المجتمع سيبقى كذلك مالم تقدم الحكومة على إصلاحات جوهرية وشاملة،
وما لم تتبلور حركة حقوقية نسائية تفرض نفسها على المجتمع والحكومة. |