منظمات حقوقية:
(2012).. عام الإنتهاكات في السعودية
خالد شبكشي
رصد تقرير صدر مؤخراً عن منظمة هيومان رايتس ووتش أوضاع
حقوق الانسان في السعودية، حيث كان ملف الانتهاكات للعام
2012 حافلاً بأمثلة غير مسبوقة، فقد صعّدت الحكومة السعودية
من حملات التوقيف والمحاكمة للمعارضين السلميين، وردّت
بالعنف على المظاهرات التي خرج فيها مواطنون. ويؤكّد التقرير:
تستمر السلطات في قمع حقوق 9 ملايين سيدة وفتاة سعودية
و9 ملايين عامل وافد، أو هي تخفق في حماية هذه الحقوق.
كما حدث على مدار الأعوام الماضية، تلقى آلاف الأشخاص
محاكمات غير عادلة وتعرض آخرون للاحتجاز التعسفي. وشهد
العام الماضي محاكمات لنحو ستة من المدافعين عن حقوق الإنسان
والعشرات غيرهم ممن عبّروا عن آرائهم سلمياً أو تجمعوا
سلمياً للمطالبة بالإصلاحات السياسية والحقوقية.
في الحديث عن (حقوق النساء والفتيات)، يسلّط التقرير
الضوء على التمييز ضد المرأة حيث يُحظر على النساء والفتيات
السفر أو إجراء معاملات رسمية أو الخضوع لبعض الإجراءات
الطبية دون موافقة أولي أمرهن. وفي يوليو/تموز الماضي
أدّت مطاردة بالسيارات من قبل هيئة الأمر بالمعروف إلى
وفاة سائق سيارة مع إصابة زوجته وابنته إصابات بليغة،
وأرجأ مستشفى الملك فهد في الباحة عملية بتر يد الزوجة
لعدم وجود ولي أمر معها للتصريح بالعملية الجراحية، حسبما
أفادت صحيفة عكاظ.
وحول موضوع (العدالة الجنائية والتعذيب)، ذكر التقرير
بأن المعتقلين، بما فيهم الأطفال، يواجهون انتهاكات لحقوقهم
في إجراءات التقاضي السليمة والمحاكمات العادلة، ويتعرضون
للاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة. وكثيرا ما يُصدر
القضاة السعوديون أحكامًا بآلاف الجلدات. وينتقد التقرير
ما يقوم به القضاة حيث يمكن للقضاة إصدار أوامر بالاحتجاز
والاعتقال، تشمل الأطفال، بناءً على تقديراتهم الشخصية.
ولا شيء يمنع من محاكمة الأطفال على أنهم بالغين إذا توفرت
فيهم علامات البلوغ.
لا تخبر السلطات المشتبه فيهم دائماً بالتهم الموجهة
إليهم أو الأدلة المُستعملة ضدهم. وبما أنه لا يوجد قانون
جنائي في السعودية، فإن المدعين والقضاة السعوديين يُعرّفون
الأعمال الإجرامية بناءً على تقديراتهم الشخصية. كما لا
يُسمح عادة للمحامين بمساعدة المشتبه فيهم أثناء الاستجواب
ويواجهون صعوبات في التعرف على الشهود أو تقديم الأدلة
أثناء المحاكمة.
خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول
2012 أعدمت السلطات السعودية ما لا يقل عن 69 شخصاً، أغلبهم
بتهم القتل أو جرائم مخدرات.. بحلول أكتوبر/تشرين الأول
2012 كانت الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية
- وهي منظمة حقوقية سعودية غير مسجلة - قد سجلت 60 قضية
على مدار سنتين ضد المباحث على خلفية الاحتجاز طويل الأجل
دون محاكمة، والتعذيب في بعض الحالات. عادة ما كانت تحكم
المحكمة بأن ليس لها اختصاص نظر هذه القضايا، على حد قول
الجمعية.
هذا وتستمر السعودية في الحُكم على أطفال بالإعدام.
في مارس/آذار أفادت صحيفة عكاظ بأن السلطات حكمت بالإعدام
على ثمانية أشخاص تتراوح أعمارهم بين 16 و19 عاماً.
وفي قسم (حرية التعبير والمعتقد والتجمع) يضيء التقرير
على حالات عديدة جرت العام الفائت حيث يعتبر عام الانتهاكات
بامتياز. فقد قبضت السلطات في عام 2012 على أشخاص على
خلفية نشر الانتقادات السلمية والنشاط بمجال حقوق الإنسان.
فق أدين محمد البجادي - رجل الأعمال والناشط الحقوقي -
بتهمة تأسيس الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية،
وأدين يوسف الأحمد، رجل الدين، بتهمة عصيان كبار رجال
الدين بأن دعا للإفراج عن السجناء أو محاكمتهم. وأصدر
الادّعاء أحكام اتهام مسيّسة، بينها التواصل مع منظمات
حقوقية دولية، ضد عبد الله الحامد ومحمد القحطاني ووليد
أبو الخير وفاضل المناسف.
يؤكّد التقرير على أن المملكة السعودية تمنع ممارسة
الشعائر الدينية بشكل علني على غير المسلمين، وتمارس تمييزاً
متواصلاً على الأقلّيات الدينية، وخاصة الشيعة والإسماعيليين..
في عام 2012 قامت السلطات باعتقالات لأفراد بسبب التعبير
عن آراء دينية. في يونيو/حزيران أوقف الادعاء رائف بدوي
بتهمة إدارة موقع لليبراليين السعوديين، بوصفه أمراً مهيناً
للإسلام. وبحلول أغسطس/آب كان قد تمّ ترحيل الرجال والنساء
الـ 35 الأثيوبيين المسيحيين، الذين قُبض عليهم في ديسمبر/كانون
الأول 2011 بتهمة «الاختلاط غير المشروع» أثناء عقد شعائر
دينية. ويشمل التمييز الرسمي ضد الشيعة الممارسة الدينية،
والتعليم، والمنظومة العدلية. عادت الاحتجاجات الشيعية
مرة أخرى في أكتوبر/تشرين الأول 2011 وتصاعدت وتيرتها
في يناير/كانون الثاني ثم في يوليو/تموز 2012 عندما قبضت
السلطات على الشيخ نمر النمر، رجل الدين الشيعي البارز.
قتلت قوات الأمن ما لا يقل عن 11 شيعياً في مظاهرات منذ
عام 2011. طالب المتظاهرون بالإفراج عن السجناء الشيعة
وإنهاء التمييز.
وفي يوليو/تموز أفاد نشطاء بأن 100 سعودي في البريدة
ونحو 12 آخرين في مول تجاري في الرياض تظاهروا للمطالبة
بالإفراج عن المعتقلين منذ مدة طويلة دون محاكمة. وتدخلت
قوات أمن الجامعة والأمن العام في مارس/آذار لوقف مظاهرة
لطالبات بجامعة الملك خالد، مما خلف قتيلة واحدة على الأقل.
حسب تقارير أصيبت السيدة بنوبة صرع سببها محاولة قوات
الأمن إجبار الطالبات على التفرق.
لا تسمح السلطات السعودية بالجمعيات السياسية أو الخاصة
بحقوق الإنسان. وفي ديسمبر/كانون الأول 2011 منعت السلطات
الترخيص لمركز العدل لحقوق الإنسان، ولم ترد على طلبات
بتراخيص مقدّمة من مؤسسة «مراقبة حقوق الإنسان» في السعودية
التي سجلت في كندا في شهر مايو/أيار.
الأطراف الدولية الرئيسية
تُعتبر المملكة العربية السعودية حليفًا أساسياً للولايات
المتحدة والدول الأوروبية. ولم تقم الولايات المتحدة بانتقاد
الانتهاكات السعودية لحقوق الإنسان بشكل علني إلا في سياق
التقارير السنوية. أعرب بعض أعضاء الكونغرس عن تشككهم
في أولويات سياسات السعودية. أتمت الولايات المتحدة صفقة
بيع أسلحة بقيمة 60 مليار دولار للسعودية، وهي الصفقة
الأكبر من نوعها مع أي دولة حتى الآن.
كما أخفق الاتحاد الأوروبي في توجيه انتقادات علنية
بانتهاكات حقوق الإنسان في المملكة، رغم أن اللجنة الفرعية
المعنية بحقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي عقدت في مايو/أيار
جلسة نادرة من نوعها بشأن حقوق الإنسان في السعودية.
في يناير/كانون الثاني أعربت نافي بيلاي مفوضة الأمم
المتحدة السامي لحقوق الإنسان عن القلق إزاء استخدام عقوبة
الإعدام والعقوبات القاسية من قبيل عقوبة بتر اليد اليمنى
والقدم اليسرى.
السعودية: ظلم واسع النطاق
وفي سياق مماثل، أصدرت منظمة هيومان رايتس ووتش، بياناً
عبّرت فيه عن قلقها حيال الانتهاكات المتصاعدة في المملكة
على خلفية محاولات الافراد والجماعات التعبير عن مواقف
ناقدة لسياسات النظام السعودي، وطالب البيان بإنهاء الحملة
القمعية التي تستهدف النشطاء وتنفيذ الإصلاحات القضائية
وجاء في البيان الصحافي الصادر في نهاية يناير الماضي
بأن الحكومة السعودية قطعت شوطاً كبيراً في معاقبة أولئك
الذين يعبرون عن آراء تخالف التوجه الرسمي، وترهيبهم والتضييق
عليهم. وقد أدت هذه الجهود إلى تغذية النداءات المحلية
المتزايدة المطالبة بمزيد من الحريات، بدلاً من إسكاتها.
وقال البيان بأن المملكة العربية السعودية اعتقلت مئات
المتظاهرين السلميين في 2012، وحكمت على نشطاء من مختلف
أنحاء البلاد بالسجن لمجرد التعبير عن آراء سياسية ودينية
تتضمن انتقادات.
وذكر البيان: يقبع آلاف الأشخاص رهن الاحتجاز التعسفي،
كما تعرّض نشطاء حقوق الإنسان للمحاكمة بتهم مسيّسة. وتحظر
وزارة الداخلية الاحتجاج العلني، وقد قتلت قوات الأمن
منذ 2011 ما لا يقل عن 14 متظاهراً في المنطقة الشرقية،
كانوا يطالبون بإصلاحات سياسية.
وقال إريك غولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق
الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: (قطعت الحكومة
السعودية شوطا كبيرا نحو معاقبة أولئك الذين يعبّرون عن
آراء تخالف التوجه الرسمي، وترهيبهم والتضييق عليهم. وقد
أدت هذه الجهود إلى تغذية النداءات المحلية المتزايدة
المطالبة بمزيد من الحريات، بدلاً من إسكاتها).
وقامت هيومن رايتس ووتش في تقريرها المكون من 665 صفحة،
بتقييم التقدم في مجال حقوق الإنسان خلال العام الماضي
في أكثر من 90 بلداً، ويشمل هذا تحليلاً لتداعيات الانتفاضات
العربية. قالت هيومن رايتس ووتش إن استعداد الحكومات الجديدة
لاحترام حقوق الإنسان من شأنه أن يحدد ما إذا كانت الانتفاضات
العربية ستتمخض عن ديمقراطية حقيقية أم أنها تعيد ببساطة
إفراز السلطوية في ثياب جديدة.
من بين أولئك الذين سجنوا في المملكة العربية السعودية
في 2012 لمجرد ممارسة حقهم في حرية التعبير، ناشط حقوق
الإنسان محمد البجادي، الذي يقضي عقوبة بالسجن لمدة 4
سنوات في الرياض على تهم تشمل «إنشاء منظمة لحقوق الإنسان».
كما تم احتجاز رائف بدوي، محرر موقع إلكتروني ليبرالي
أنشيء لتشجيع النقاش في القضايا الدينية، منذ يونيو/حزيران،
وقد يواجه عقوبة الإعدام بتهمة الارتداد [عن الإسلام].
في ديسمبر/كانون الأول، اعتقلت السلطات تركي الحمد، المؤلف
المعروف بآرائه الانتقادية، بعد نشر سلسلة من التغريدات
عبر «تويتر» تطالب بإصلاح تعاليم الإسلام.
وتظل المملكة العربية السعودية إحدى ثلاثة بلدان لا
غير في العالم تحكم على الأحداث الجانحين بالإعدام. في
مطلع يناير/كانون الثاني 2013 قامت السلطات بإعدام العاملة
المنزلية السريلانكية ريزانا نافيك على جريمة قتل يزعم
أنها ارتكبتها في سن السابعة عشرة، رغم ما شاب محاكمتها
من عيوب جسيمة.
مررت الحكومة إصلاحات محدودة في مجال حقوق المرأة في
2012، فأصدرت وزارة العمل 4 مراسيم تتنازل عن اشتراط موافقة
ولي الأمر لعمل النساء في متاجر الملابس ومدن الملاهي
وفي إعداد الطعام وعلى صناديق النقدية. إلا أن تلك المراسيم
عززت الفصل الصارم بين الجنسين المفروض في أماكن العمل،
والذي يمنع النساء العاملات من التعامل مع الرجال. لا
توفر المدارس السعودية أية تربية رياضية للطالبات، إلا
أن السلطات سمحت للنساء بالتنافس في الألعاب الأوليمبية
لأول مرة في 2012، وشاركت فيها سيدتان.
يُلزم نظام الولاية المعمول به في البلاد النساء بالحصول
على موافقة أحد الأقارب الرجال للسفر وإجراء المعاملات
الرسمية مع الإدارة الحكومية، ضمن أنشطة أخرى.
لا يوجد في المملكة العربية السعودية قانون للعقوبات،
مما يمنح ممثلي الادعاء والقضاة سلطة تقديرية واسعة في
تعريف المخالفات الجنائية. وبصفة عامة لا يُسمح للمحامين
بمساعدة المشتبه بهم عند الاستجواب، وهم يواجهون عراقيل
في مراجعة الشهود أو تقديم الأدلة عند المحاكمة. استعانت
السلطات بمحاكم جنائية متخصصة، أنشئت لمحاكمة قضايا الإرهاب،
بغرض الملاحقة الجنائية لعدد متزايد من المعارضين السلميين
بتهم مسيسة.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للمملكة العربية
السعودية بشكل عاجل وضع قانون للعقوبات يقصر الجرائم الواقعة
تحت طائلة العقاب على تلك التي تعترف بها المعايير الدولية.
ومن شأن هذا الإجراء أن يلغي الملاحقات الجنائية في التهم
التي يحددها القضاة وفق تقديرهم الخاص، والتي شملت في
السنوات الأخيرة جرائم من نوعية «عمل السِحر» و»عقوق الوالدين».
وتنتهك القوانين السعودية كذلك حقوق العمالة الوافدة أو
تخفق في حمايتها. وقال إريك غولدستين: «كان النساء والعمال
الوافدون والمعارضون من بين أولئك الذين يدفعون ثمن النظام
القضائي السعودي التعسفي وقوانينه القمعية».
ثمن الاحتجاج: قصة عبير السيد
كتب روبرت برين في 18 فبراير الماضي مقالاً بعنوان
(ثمن الاحتجاج في المملكة العربية السعودية) استهله بقصة
عبير السيد التي تروي تفاصيل القبض عليها بعد أن اشتركت
مع مجموعة من النساء والأطفال في الاحتجاج على الاعتقال
الحالي لأقاربهم، وذلك خارج مكاتب الجمعية الوطنية لحقوق
الإنسان التي أسستها الدولة السعودية. وزوجها سليمان الرشود
معتقل بمعزل عن العالم الخارجي منذ ديسمبر/ كانون الأول
2012.
عندما وصلنا إلى مكاتب الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان
في الرياض بعد الظهر من يوم السبت، أخبرنا أن المسؤولين
غير موجودين للحديث معنا. وهكذا، وقفت في الخارج مع نحو
عشر نساء أخريات وخمسة أطفال، رافعين اللافتات التي كان
بعضنا يحملها. وكان على اللافتات أسماء الأزواج المعتقلين
دون اتهام أو محاكمة لسنوات كثيرة، ومن بينهم من ظل خلف
القضبان على الرغم من انقضاء فترات عقوباتهم. عند وصولنا
كانت هناك إحدى سيارات الشرطة، لكن ما أن أخرجنا اللافتات،
حتى اقتربت منا سيارتان أخريان. وسمعنا قوات الأمن يقولون:
«إن معهم لافتات». وقبل أن ندرك شيئاً كان نحو 15 سيارة
للشرطة تحيط بنا. وخرج أحد المسؤولين عن الجمعية الوطنية
لحقوق الإنسان ليتحدث إلينا. وفي نفس الوقت تقريباً، أحضرت
بعض الحافلات إلى المنطقة، وظهر المزيد من سيارات الشرطة.
واستهدف ضباط الأمن أضعفنا وكانت امرأة تمشي متكئة
على عصا. حاولوا أخذ لافتاتنا بالقوة، ضاربين بعض النساء.
ونتيجة للهجوم وقعت امرأة في حفرة قريبة. وضربوا ولداً
في الثانية عشرة من عمره، وأبوه معتقل دون اتهام أو محاكمة
لفترة بلغت عشرة أعوام، وانتزعوا من يديه بالقوة اللافتات
التي كان يحملها. وهددونا جميعاً بالاعتقال.
أخذنا ننتقل من شارع إلى شارع حتى نحول دون أخذ اللافتات
منا. وكنت أصور كل ما يحدث، وسمعت أحد ضباط الشرطة يصيح:
«هذه المرأة تلتقط صوراً». فركضت لكنهم لاحقوني، فناشدت
الناس راكبي السيارات أن يساعدوني. وأمسك بي رجلان مقنعان
من الإدارة العامة للمباحث يرتديان الملابس المدنية، و
ألقيا بي إلى إحدى الحارسات، التي ألقت بي بعد ذلك في
إحدى الحافلات. لقد ضربونا وسبونا. وفي الحافلة بدأوا
يغلقون النوافذ حولنا وأسرعوا مبتعدين وأخذوا معهم 13
شخصاً من بيننا.
وفي حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر أخذونا إلى إدارة
المباحث الجنائية. وقامت باستجوابنا إدارة المباحث الجنائية
ووحدة الأدلة الجنائية ومكتب التحقيقات والمدعي العام
كل جهة على حدة. وجميعهم سألونا نفس الأسئلة، وأخذوا بصمات
أصابعنا وعيّنات من الحامض النووي لخلايانا (دي إن إيه
DNA ) وسألونا عمن نكون وعن قائدنا وكيف ننسق أنشطتنا
وإذا كانت لدينا حسابات على التويتر.
سألني أحدهم: «ألا تعلمين أن الاحتجاجات حرام في الشريعة؟».
وأجبته بأنها ليست كذلك، وأن الآراء تختلف حول هذا الأمر.
بل وقلت لهم أن استجوابهم لنا خطـأ، حيث أنه لم يصاحبني
فيه أحد المحامين. فخيّرني بين أمرين إما أن يواصل استجوابي
بدون محامٍ وإما أن أبقى في السجن. فتركتهم يواصلون. طوال
ذلك الوقت كله لم نتناول أي طعام، على الرغم من وجود أطفال
معنا. وطلبنا منهم طعاماً، وفي نهاية المطاف جاءونا عند
منتصف الليل ليقولوا إنهم لم يستطيعوا إعطاءنا أي طعام
لأن كل الأماكن مغلقة. وبعد ذلك أحضروا علبة عصير وكيساً
من البطاطس المقرمشة لنا ولأطفالنا.
ونحو الواحدة والنصف صباحاً، أطلقوا سراحي أنا وبعض
النساء، تاركين في الحجز نحو أربعة نساء وثلاثة أطفال.
وكانت بهية إبنة زوجي وابنتها فاطمة، 23 سنة، بين أولئك
المستبقيات في الحجز. وأثناء عملية القبض، أغشي على فاطمة
بعد أن أصابتها نوبة من ضيق التنفس ولم تفق إلا بعد صب
الماء على وجهها. وبعد إبعادها عن أمها، ضربها ضباط الشرطة
وسحبوها إلى داخل الحافلة. وتمزقت عباءتها. وجلست إحدى
الحارسات فوقها ولوت ذراعها.
وقالت فاطمة فيما بعد: «رأيت الأخريات يعاملن معاملة
سيئة ولم أدرِ هل أبكي لما يصيبني أم أبكي لما يصيبهن».
وبهية أم فاطمة، هي إحدى النساء الثلاث اللاتي اعتقلن
في سجن الملز - ولم نستطع رؤيتهن أو التحدث إليهن. وقد
قيل لنا إنهن سوف تتم إحالتهن إلى المحاكمة، لكننا لا
نعلم على أي أساس.
إحدى النساء زوجها معتقل منذ سنوات عديدة دون اتهام
أو محاكمة، ويقال إنه مريض ويتبول دماً، أخبرت منظمة العفو
الدولية بأن قوات الأمن قد ضربتهن وسحبتهن عند اقتيادهن
إلى السجن. وقد تم استجوابهن في السجن، لكنها رفضت أن
تزودهم بأكثر من اسمها وعمرها ما لم يكن محاميها موجوداً.
وذكرت أن مجموعة أخرى من النساء قد أخذت إلى نفس السجن
عقب احتجاجهن. وقد أطلق سراحهن بعد ذلك دون توجيه أي اتهام
لهن. هذا وتعتبر منظمة العفو الدولية جميع المعتقلين لممارستهم
السلمية لحقهم في حرية التعبير والتجمع سجناء رأي وتطالب
المنظمة بالإفراج عنهم فوراً ودون قيد أو شرط.
|