|
هنا ولد رسول الإسلام فبنى
الوهابيون مكتبة عليه والآن يريدون محو المكان
كلياً! |
د. عبد الوهاب أبو سليمان:
تدمير آثار الاسلام جرح لمشاعر المسلمين
في رد فعل على خطط تدمير الآثار الاسلامية والمواقع
التاريخية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، حذّر العالم
الحجازي الشيخ عبد الوهاب سليمان، عضو هيئة كبار العلماء،
من التفكير في إزالة موقع مكتبة مكة المكرمة الحالي، واصفا
إياه بـ (المكان التاريخي). وكان الوهابيون قد ترددوا
في هدم البيت الذي ولد فيه الرسول خشية ثورة العالم الإسلامي
ضد تطرفهم، فبنوا مكتبة عليه، ولكنهم اليوم يريدون محو
المبنى كاملاً. وأوضح الشيخ أبو سليمان أنَّ هذا الموقع
هو (مكان ولادة النبي صلى الله عليه وسلم) يقيناً، مضيفاً
أنَّه (مكانٌ تاريخيٌّ مهم جداً لتاريخ الأمة الاسلامية
ينبغي المحافظة عليه، فقد ثبت بالقرائن الثابتة والنقل
المتواتر الصحيح أنَّه مكان ولادة سيد البشر صلى الله
عليه وآله وسلم)، محذراً من إزالة هذا المكان، ومعتبراً
أنَّ إزالته (إزالة لأعظم شواهد التاريخ الإسلامي، وجرح
لمشاعر المسلمين قاطبة، وإثارة بلبلة فكرية بين جموع المسلمين).
واعتبر أبوسليمان، خلال حديثه في أمسية تكريمه في إثنينية
عبد المقصود خوجة في جدة، أنَّ هذا المكان أصبح معلماً
حضارياً وثقافياً من معالم هذه البلاد الطاهرة، حسب ما
جاء في تلخيص لكلمة الشيخ أبو سليمان نشرتها صحيفة (الشرق)
الصادرة في الدمام في تاريخ 20 آذار (مارس) الماضي.
وخلال الأمسية قدَّم المحتفى به مجموعة من القرائن
والبحوث العلمية، التي تشير إلى أنَّ مكان المكتبة الحالي
هو مكان ولادة النبي الكريم حسب المقاييس والمعايير العلمية
في العصر الحاضر، معتبراً أنَّه (من العار أن تجهل الأمة
مكانَ ولادة رسولها الأعظم الذي أخرج الله به الأمة من
الظلمات إلى النور، أو تشكك به بعد هذه القرون الطويلة).
وفي عرضه لتاريخ المكتبة، قدم أبوسليمان عدداً من المقترحات
التي تخص تطوير المكتبة، مطالباً بعديد من الخطوات التي
تضمن المحافظة على هذا الأثر التاريخي احتراماً لمقام
النبوة، والمحافظة عليه كذلك من بعض الممارسات الجاهلية
التي يقوم بها بعض الحُجَّاج مما تنبذُه العقيدة الإسلامية.
ومن أبرز الخطوات التي اقترحها المحاضر في هذا السياق،
(إعادة بناء المكتبة بشكل يحقق كافة الرغبات الشرعية والعلمية،
والتوسع في مساحة المكتبة، تطويرها هندسياً وإدارياً وفنياً،
وإيجاد قاعة خاصة بالسيدات).
واختتم أبوسليمان حديثه بالقول إنَّ إعطاء مكتبة مكة
وضعها الصحيح، من شأنه أن يحقق أهداف المسلمين جميعاً.
وتضمن حفل تكريم (أبوسليمان) كلمة لمؤسس الإثنينية
عبدالمقصود خوجة، قال فيها إنَّ المحتفى به عرف بتفانيه
في خدمة التراث الإسلامي، وعلى رأسه كل ما يتعلق بمكة
المكرمة، مشيراً إلى تأليفه كتاب (مكتبة مكة المكرمة قديماً
وحديثاً)، الذي جمع بين دفتيه أهمَّ ما جاء حول موقع مكتبة
مكة المكرمة. ليقول بعد ذلك إن تحويل هذه المكتبة الضخمة
إلى (مكتبة إلكترونية) بات أمراً ملحاً، وأنَّ هذه المكتبة
يجب أن تكون هي مشكاة المعرفة، وينبغي أن تحتذي بها مكتبات
العالم الإسلامي، لما لها من مكانة سامية، وحضور فاعل
في المشهد العلمي والثقافي.
وأكّد الشيخ ابو سليمان لصحيفة (عكاظ) في 4 إبريل الجاري
أن مكان مولد النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ معروف، وهو
في موضع مكتبة مكة المكرمة حاليا، قائلاً: (لا ينبغي على
من لم يدرس تاريخ مكة المكرمة إنكار مكان المولد النبوي)،
وقال في رده على من ينكر الموضع: (أوضحت هذا في كتابي:
مكتبة مكة المكرمة قديما وحديثا)، مضيفا: (من استوفى تاريخ
مكة المكرمة فسيعي هذه المعلومة). ونوّه بأن الأدلة إذا
لم تثبت الموضع، فإن قرائن الأحوال تعطي براهين وصفة يقينية،
فالنبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ لم يكن من عائلة مغمورة،
بل كان من بني هاشم، والمرء يولد في منطقته وبيته وكل
الأجيال تعي ذلك، واستاء ممن ينكر الموضع المعروف، قائلا:
(بات الكثيرون يتحدثون عن تاريخ مكة المكرمة بغير علم)
كما رفض ــ في الوقت ذاته ــ فتح مجال للنقاش مع المنكرين
لإثبات قوله.
وكان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء
صالح بن فوزان الفوزان أصدر بياناً بعنوان: (حول الاحتفاظ
بما يسمى دار المولد النبوي)، أوضح فيه عدم ثبوت نص من
القرآن والسنة عن مكان مولد النبي ــ صلى الله عليه وسلم،
وهذا يتناقض مع ما جاء به الفقيه الإسلامي الدكتور عبدالوهاب
أبو سليمان، كما لفت عبر بيانه إلى أن موضع الولادة إن
ثبت تاريخياً متواتراً، فلا يشرع لنا الحفاظ عليه لأن
الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ وأصحابه لم يحافظوا عليه
أو يعتنوا به، وأبدى الفوزان خشيته من الاحتفاظ بهذه الأماكن
لئلا يتبرك بها أو يزورها الجهال!
|