أحكام قاراقوشية ضد:
مجموعة الفيس بوك الأحسائية
عبد الوهاب فقي
أصدر القاضي ابراهيم الرشودي أحكاماً قاسية جداً بحق
سبعة من الشباب الأحسائييين وهم في ربيع العمر، حيث تتراوح
اعمارهم بين ٢٣ و ٣٥ عاماً، بالسجن لمدة ٤٨ عاماً، وذلك
على خلفية مناصرة المعتقل الشيخ توفيق العامر، والمشاركة
في موقع على الفيس بوك يؤيد ويدافع عن حرية التجمّع السلمي
والتعبير. وقد اتهمت السلطات الجميع بأنهم يقفون ـ وإن
لم يلتقوا مع بعضهم البعض ـ وراء صفحة حملت اسم (حركة
شباب ٤ مارس الأحسائية). وتراوحت الأحكام الظالمة بين
٥ سنوات كما هي للمتهمين (حسين علي الباذر، وصالح عبدالمحسن
الشايع) وعشر سنوات كما هي للمتهم عبدالحميد عبدالمحسن
العامر. وبينهما الحكم بالسجن ٦ سنوات بحق الشاب مصطفى
حاجي حسن المِجْحِدْ وسبع سنوات لعلي حسن الهدلق، وحسين
سلمان السليمان، وثمان سنوات بحق محمد أحمد الخليفة.
ومن بين التهم التي وجهت لمجموعة الشباب: التحريض على
التظاهر والخروج على ولي الأمر، والتواصل مع وسائل اعلام
خارجية وتزويدها بمقاطع فيديو عن مسيرة تضامن مع الشيخ
توفيق العامر خرجت في ٤ مارس ٢٠١١.
واعتبر حقوقيون الأحكام قاسية وغير مبررة، خاصة وان
جميع افراد المجموعة اعتقلوا في ٢٣، و٢٦ سبتمبر ٢٠١١،
أي أنهم أمضوا في السجن ما يقرب من العامين. وفضلا عن
ذلك، كان هناك تحايل من قبل المحققين حيث اقنعوا المجموعة
تحت ضغط التعذيب بالإعتراف بكل التهم المنسوبة لهم، مقابل
اطلاق سراحهم، وقد كان ذلك فخّاً.
على صعيد آخر، أصدرت العفو الدولية تحركاً عاجلاً بشأن
هؤلاء السبعة. وقالت المنظمة بأن المحكمة انتزعت اعترافات
المتهمين تحت التعذيب، وانهم لازالوا عرضة لخطر التعذيب
وغيره من ضروب سوء المعاملة. وطلبت المنظمة من اعضائها
الكتابة الى السلطات السعودية وممثلياتها في الخارج مطالبة
بالغاء الأحكام وإخلاء سبيل المعتقلين لأن التهم التي
اطلقت بحقهم غير معترف بها دولياً، وكذلك الطلب من السلطات
تلبية المعايير الدولية في مجال المحاكمات العادلة والحرص
على حماية المعتقلين من التعذيب والسماح لهم بالاتصال
مع محاميهم وعوائلهم وفتح تحقيق مستقل ومحايد فيما وقع
لهم من تعذيب.
وفي خلفية القضية قالت العفو الدولية أن توتراً في
العلاقة بين المواطنين الشيعة والسلطات الامنية في السعودية
قد تصاعد بسبب قيامهم بتصعيد الدعوات المنادية بالإصلاح؛
ومنذ فبراير ٢٠١١ نُظمت المظاهرات احتجاجا على اعتقال
مواطنين وسجنهم ومضايقتهم وعقاباً لهم كما هو الحال مع
الشيخ توفيق العامر، وان السلطات ردت بتدابير قمعية ضد
من يشتبه بمشاركتهم في الاحتجاجات او مساندتهم لها. وتأتي
الأحكام ضد الشبان السبعة في هذا الإطار السياسي والأمني.
هذا ولازالت تداعيات الحكم على الشبان السبعة تثير
اعتراضاً واسعاً من قبل المواطنين والناشطين والجهات الحقوقية
المحلية والدولية. وقد أصدرت هيومن رايتس ووتش بياناً
صحفياً طالبت فيه الإتحاد الأوروبي بإصدار إدانة علنية
للحكومة السعودية لمعاقبتها المعارضة السلمية بالسجن،
حينما يلتقي وفد الاتحاد الاوروبي برئاسة كاثرين اشتون
بنظرائه وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في البحرين
(يونيو الماضي). وتقول مصادر مطلعة بأن موضوع اضطهاد الناشطين
السلميين في السعودية بالذات لم يطرح للحوار، ولكن وزير
الخارجية السعودي أُبلغ على هامشه اعتراض الاتحاد الأوروبي
على الخطوات التي تقوم بها السلطات السعودية في الآونة
الأخيرة تجاه المعارضين. وتضيف الأنباء، بأن السفارة الأميركية
في الرياض، أبلغت المسؤولين السعوديين بأن الخطوات الأخيرة
لا علاقة لها بما تقوله الحكومة السعودية من مكافحة للإرهاب،
وأن ما تقوم به يحرج حلفاءها، ونصحت بالتخفيف من القيود
على الناشطين والتركيز على خطر نشاط القاعدة.
ونقل بيان هيومن رايتس ووتش تصريح جو ستورك نائب مدير
قسم الشرق الأوسط في المنظمة: (يبعث الزج بالناس في السجون
بسبب تعليقات سلمية على موقع فيسبوك برسالة قوية مفادها
انه لا يوجد سبيل آمن للتعبير الحر في السعودية، حتى على
مواقع التواصل الاجتماعي). وأضاف: (اذا لم يثر الاتحاد
الأوروبي هذه القضايا مع المسؤولين السعوديين، فإن صمته
سيوحي بالتواطؤ الخانع مع دولة سلطوية تنتهك الحقوق).
وأكمل: (على الاتحاد الأوروبي ممارسة الضغط العلني على
السعودية للتوقف عن سجن نشطاء حقوق الإنسان والمعارضين
السلميين واحترام التزاماتها الدولية في مجال حقوق الانسان).
وقال البيان بأن السبعة الذين حوكموا أمام محكمة الجزائية
المتخصصة التي أنشئت في 2008 للتعامل مع القضايا المتعلقة
بالإرهاب يجب الغاؤها بسبب افتقارها الى الاستقلال وان
اجراءاتها غير عادلة. وتابع: لم تتهم السلطات الرجال السبعة
بالمشاركة المباشرة في المظاهرات، وأخفقت المحكمة في التحقيق
في مزاعمهم بأن ضباط المخابرات أجبروهم على توقيع الاعترافات
بالتعذيب.
والمواطنون السبعة المحكومون بالسجن، لازالوا معتقلين
منذ سبتمبر ٢٠١١ في سجن المباحث العامة بالدمام، على خلفية
مطالبات اصلاحية واحتجاجاً على اعتقال داعية المملكة الدستورية
الشيخ توفيق العامر. وقد اصدر الحكم بحقهم في يونيو الماضي
بتهمة الانضمام على صفحات موقع «فيسبوك» «المحرضة على
التظاهر والتجمهر والخروج على ولي الأمر» و»التأييد لتلك
الدعوات وتشجيعها والتواصل مع أتباعها والتستر عليهم».
وكان قاضي المحكمة في القطيف الشيخ الدرويش قد برر
حكمه المتشدد بالسجن على افراد المجموعة بين ٥-١٠ سنوات
بأن (الخروج على ولي الأمر يكون بالسلاح، ويكون بالتظاهر
والمسيرات ونشر المقالات والمطبوعات... وسلوك السبيل الثاني...
أحياناً ما يكون الأخطر والأخبث).
ورأى جو ستورك: «إن إسقاط القاضي لمزاعم المتهمين بالتعرض
للتعذيب يظهر مدى انصراف اهتمامه عن التوصل إلى الحقيقة.
ما كان ينبغي توصيف أفعال هؤلاء الرجال كجرائم من الأساس،
فقد كانت النتيجة مقررة منذ اليوم الأول».
وقال أحد أقارب أحد الرجال السبعة لـ هيومن رايتس ووتش
إن أحداً منهم لم يكن معه المال الكافي لتوكيل محام. وقانون
الإجراءات الجنائية السعودي لا يمنح المتهمين حق التمثيل
القانوني، ولا يوجد به نص لتوكيل محام عام لمن يعجز عن
تحمل أتعاب محام.
|