محنة العمالة الوافدة في بلاد اللاقانون
توفيق العباد
طالبت منظمات حقوقية دولية ومحلية الحكومة السعودية
بالعمل سريعاً على إلغاء نظام الكفيل المختص بالعمالة
الأجنبية، والذي تعتبر أصل وجوده امتهاناً لكرامة الإنسان
وحقوقه، ويفتح أبواباً من الإستغلال السيء للعمال البسطاء
القادمين من وراء الحدود. وقال جو ستورك من قسم الشرق
الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش بأنه يجب على السعودية
أن تنظم وضع العمالة الأجنبية وأن تبتعد كلية عن نظام
العمل المهين تجاه العمالة الوافدة. ودعا ستورك الحكومة
السعودية الى حلحلة اوضاع العمال واصفاً اياهم بأنهم قد
وقعوا في ظروف عمل سيئة، او يشعرون بالإستغلال والإمتهان
من أرباب العمل، وبالتالي يجب ان تتاح فرصة للعمال المهاجرين
تغيير أعمالهم بدون موافقة رب العمل وبدون تأخير حكومي.
على صعيد آخر، وحسب موقع بولاتلات الفلبيني المتخصص،
فإن عدداً من العمال الفلبينيين يستعدون لتقديم شكاوى
ضد الحكومة السعودية، لما تعرضوا له من اعتداءات على حقوقهم،
وذلك على خلفية تجمع نحو ١٠٠ عامل منهم داخل مكتب العمل
الفلبيني التابع للسفارة الفلبينية في الرياض احتجاجاً
على أوضاع عملهم وذلك في الثلاثين من يونيو الماضي وكذلك
في الثاني من يوليو الجاري، والذي أدّى الى تعدي القوات
الحكومية عليهم بعنف ووحشية، ما دعا منظمة المهاجرين الدولية
غاري مارتينز الى ادانة الإعتداء السعودي على العمال المغتربين
الفلبينيين، خاصة وأنهم على أرض فلبينية ولم ينتهكوا بالتالي
قانوناً سعودياً. وتخشى السلطات الفلبينية من تصاعد الاعتداءات
على النساء الفلبينيات العاملات كخادمات منازل، حيث لوحظ
تزايد عدد الهاربات اللاجئات الى القنصلية الفلبينية في
جدة طلباً للعون.
وتقول منظمة حقوقية فلبينية، بأن القوات السعودية كانت
عنيفة تجاه العمال الفلبينيين المحتجين، واستخدمت فيها
العصا الكهربائية، وانها اعتقلت ثلاثة من قادة التجمع
الاحتجاجي وعذبتهم. وأضافت بأن هناك نحو ٧٠٠٠ فلبيني عامل
لم تتم حتى الآن تسوية أوضاعهم القانونية.
في ذات الإتجاه، لاحظت مصادر حقوقية محليّة تزايد حالات
الإنتحار بين العاملين الأجانب، ورجحت ـ بالرغم من غياب
الدراسات الموثقة ـ ان تكون الزيادة لها علاقة بالأوضاع
النفسية والإجتماعية والإقتصادية للعمال الذين يتعرضون
لضغوطات وتجاوزات حكومية ومن ارباب العمل. وقالت المصادر
بأن الكثير من العمال يتعرضون لصدمة نفسية حال وصولهم
الى السعودية، بسبب استقبالهم بسوء معاملة وتعال وإهانة
بمجرد ان يخطو خطواتهم الأولى من المطارات.
هذا ولازالت مسألة مكافحة العمالة المتخلّفة تضيف المزيد
من التوتر بين العمال الأجانب المقيمين في السعودية، كما
بين الأخيرة مع حكومات عديدة تورّد العمالة الى المملكة،
على خلفية اساءة المعاملة الإنسانية، واستخدام العقوبات
الجماعية، ومصادرة حقوق العمال البائسين.
وتشير الإحصاءات الى أن هناك ما يقرب من ١٤ مليون عامل
اجنبي في السعودية، بين خمسة ملايين مخالفين لشروط الإقامة.
وقد بدات الحكومة السعودية بطرد عشرات الألوف من العمال
وابتدأت الأمر باليمن ـ الدولة المجاورة ـ التي تفيد الإحصاءات
الرسمية أنه تم طرد ٢٠٠ الف عامل يمني خلال شهري مايو
ويونيو الماضيين، ما نكأ جراحاً في العداء المتجذر بين
اليمنيين والحكومة السعودية.
وكانت الحكومة السعودية قد أمهلت العمالة المخالفة
بتصحيح اوضاعها، ثم عمدت الى التمديد، كان آخرها التمديد
الى نهاية العام الهجري الجاري، أي بعد أربعة اشهر تقريباً.
هذا ومازال نحو مليون ونصف من الخادمات مستبعدين من
قانون العمل السعودي لعام ٢٠٠٥، وبالتالي ليس لديهم الحماية
القانونية، ما يجعلهم عرضة للحبس القسري وعدم الحصول على
الأجر، والحرمان من الطعام، والعمل المفرط، والاعتداءات
الجسدية والجنسية، حسب هيومن رايتس ووتش، الأمر الذي أدى
الى فرض الفلبين وأندونيسيا والنيبال وكينيا قيوداً على
مواطنيها تمنعهم من الهجرة الى السعودية والعمل كخادمات.
|