أحكام قاسية بحق الناشطين الحقوقيين
لكن هذا كلّه لم يغير من حقيقة أن النظام يعتبر نفسه
في مرحلة تكسير المعارضة بأقسى ما لديه من وسائل، بما
فيها استخدام القضاء ضد الناشطين. فقد أصدرت المحكمة الجزئية
بجدة على رائف بدوي (٣٥ عاماً) الناشط السعودي في مجال
حقوق الانسان بالسجن سبعة اعوام و600 جلدة لانه انشأ موقعاً
على الإنترنت تحت مسمّى الشبكة الليبرالية السعودية سبق
ان أغلقته السلطات بعد اعتقاله، ولأنه انتقد رجال المؤسسة
الدينية الرسمية وتشددهم، ولأنه دعا الى الحريات الأساسية
في المملكة المحكومة وراثياً من قبل العائلة السعودية
المالكة. واضاف القاضي ثلاثة أشهر سجن أخرى لـ (عقوق المتهم
بالوالدين). وكان رائف بدوي قد اتهم بالردّة من قبل مشايخ
هاجموه علناً على صفحات الإنترنت والفيس بوك وتويتر. لكن
المدعي العام ما لبث ان سحب الاتهام بالردة، واكتفى بالسجن،
فالقضية في اساسها سياسية وتحاملية من قبل المشايخ السلفيين
الى حد أن الشيخ السلفي الضرير عبدالرحمن البراك افتى
بأن رائف بدوي مرتداً. ومنذ ٢٠١٢ رحلت زوجة بدوي وأبناؤه
للإقامة في الخارج بسبب التهديدات من أنصار التيار السلفي
المتشدد والمدعومين بقوة السلطة.
أثار الحكم على رائف بدوي العديد من الجهات الاعلامية
والحقوقية، كما أنه أجج التشدد في المؤسسات الدينية والإعلامية
الرسمية . التي تسعى لمزيد من خنق الحريات. وقد لاحظ اعلاميون
التغطية المتحيزة في الإعلام لخبر الحكم على رائف بدوي:
فصحيفة المدينة كان عنوان خبرها: (السجن ٧ سنوات على المستهزيء
بالحور العين) وقالت بانه متهم بكتابة عبارات في مقالاته
فيها تطاول على الذات الإلهية وقدح الدين والرموز الوطنية
والدينية!
الولايات المتحدة الأميركية أعربت عن شعورها بقلق شديد
ازاء حكم السجن والجلد الصادر بحق رائف بدوي. وقالت المتحدثة
باسم وزارة الخارجية جين بساكي: (نعتقد أنه عندما يعتبر
كلام عام مخالفة سواء كان عبر وسائل التواصل الاجتماعي
او اي وسيلة أخرى، فإن أفضل طريقة للتعامل مع القضية هو
الحوار المفتوح والنقاش الصريح).
من جهة اخرى، أصدرت هيومن رايتس ووتش بياناً مندداً
بالحكم التعسفي ضد رائف بدوي، قالت فيه: (إن هذا الحكم
القاسي بشكل لا يصدق على أحد المدونين يجعل من ادعاءات
السعودية بدعم الإصلاح والحوار الديني مادة للسخرية، فقد
تم بالفعل سجن رجل يرغب في النقاش حول الدين لمدة عام،
وهو الآن يواجه ٦٠٠ جلدة و ٧ سنوات من السجن). واضاف البيان
بأن كل التهم الموجهة لبدوي استندت حصراً الى ممارسته
السلمية لحقه في حرية التعبير. وكانت السلطات قد حرمت
بدوي من حقه في السفر منذ ٢٠٠٩. وقال نديم حوري، نائب
مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش بأن الملك
عبدالله نال الإشادة برعايته لحوار الأديان (ولكن يبدو
أن تسامح السلطات السعودية مع النقاش يتوقف عند حدود السعودية).
منظمة العفو الدولية أصدرت هي الأخرى بيان تنديد بمعاملة
السلطات للناشطين الحقوقيين، كما أدانته مؤسسات حقوقية
أخرى كالشبكة العربية لمعلومات حقوق افنسان، ومركز الخليج
لحقوق الإنسان.
|