مملكة العنصرية!
تمييز متعدد الوجوه: عنصري وطائفي وعلى أساس الجندر
ينتشر كالنار في الهشيم في الأوساط الاجتماعية. كيف يستقيم
هذا مع مقولة (المجتمع المتدين) و(الحكم الإسلامي) و(تطبيق
الشريعة)؟
لقد شرعنت الطائفية والعنصرية في قوانين الدولة وممارساتها،
كما في ممارسات المؤسسة الدينية، التي لاتزال تطلّق المرأة
من زوجها غصباً بحجة عدم تكافؤ النسب، ولا تزال تضخ خطاب
الكراهية والتحريض من خلال منابر المساجد والاعلام الرسمي
ضد مواطنين مختلفين مع التيار السلفي الأقلّوي في البلاد.
وصلت العنصرية والطائفية والتمييز ضد المرأة وعدم التسامح
حتى الى الحجاج والمعتمرين الذين يعانون من ممارسات بغيضة
لا يمكن ان تمت الى الإسلام بصلة.
علي الشريمي، الكاتب في جريدة الوطن، كتب عن تجاوزات
مشرفات الروضة النبوية الشريفة وسلوكهن العنصري القائم
على قوانين واوامر عنصرية طائفية وتمتهن المرأة ايضاً.
تحدث الشريمي عن تقسيم زائرات الروضة الى أجناس، فبلاد
شرق آسيا - مثلا- على اليمين، وبلاد إيران على اليسار،
والخليج في الاتجاه الشمالي، وأهل مصر في الاتجاه الجنوبي،
وأهل الشام من ذاك الاتجاه، وأفريقيا من هناك..
والمؤسف جدا أنك قد تسمع أحيانا من إحداهن صوتا يصدح
بمكبرات الصوت مناديا العرب من هنا والعجم من هناك! فضلاً
عن المعاملة الجافة القاسية للمرأة. وتساءل: لماذا لا
يتم تخصيص وقت أكبر لزيارة النساء؟ ثم لماذا هذا التقسيم
العرقي والاثني؟ هل العالم الإسلامي ينقصه التفكك والانقسام؟
أليس أمرا محزنا أن نرَى ذلك في مسجد الرسول الكريم وهو
القائل عليه الصلاة والسلام: «لا فرق بين عربي ولا عجمي
إلا بالتقوى»؟
واضاف: (إنه أمر يدعو للاستغراب. لماذا يتعاملن بطريقة
فجة مع زائرات مسجد رسول الله؟) مطالباً بوضع استراتيجية
عامة لنشر ثقافة حقوق الإنسان للمرشدين والمرشدات من ندوات
ومحاضرات، وايضاً سن الأنظمة والقوانين التي تحقق الحماية
من الإيذاء ووضع عقوبة صارمة للمنتهكين.
اما الكاتبة سارة زيني، فتحدثت عن العنصرية في المدارس
السعودية، حيث الصور النمطية تتشكل في عقول النشء، وحيث
عدم الاحترام للتنوّع في الثقافة والألوان واللهجات والعادات
وطرق التفكير حتى للمواطنين؛ واضافت بأن المنهج التعليمي
السعودي يركز الصورة النمطية الواحدية والصحيحة للمواطن،
ولا توجد دروس عن العالم بمجمله المتعدد في الأشكال والثقافات،
وضرورة احترامها. وتخلص الى ان العنصرية في المدرسة هي
عبارة عن حلقة متصلة بحلقة اكبر من العنصرية في المجتمع
الذي لا يعلم إبنه احترام زملاءه من طوائف او جنسيات مغايرة،
فيعمد الى التعدّي الصريح على الآخرين او يتجاهلهم ويحتقرهم
في داخله.
الاكاديمي فيصل الشهراني، ألمح الى أن التدين السلفي
مناطقي عنصري غير متسامح، وهو النسخة التي يتم تعليمها
وترويجها رسمياً في المناهج وتطغى على السلوك. واضاف بأن
التدين هذا امتزج في بعض تجلياته المناطقية بخطاب عنصري
كامن يتدثّر بديباجات متسامحة، فأصبح شريكاً في المرض.
وأكمل الشهراني بأن هناك حاجة الى زيادة جرعة الأنسنة
في المجتمع، والى خطاب اسلامي متصالح معها.
ويؤكد الباحث الشرعي عبدالله العلويط إن الخطاب الإنساني
غائب كلية عن المشهد الديني السعودي بل حتى مفردة الإنسانية
غير متداولة، ولا حتى قيم الإنسانية كالعدل والرحمة والمساواة
وغيرها.
السؤال كيف تصلح ثقافة مجتمع، في حين ان المؤسستين
الدينية والسياسية تقتاتان على العنصرية والطائفية واحتقار
الآخر؟
|