مشايخ السلطة يجأرون بالشكوى ويلوذون بـ (ولي الأمر)!
توفيق العباد
هي ليست المرة الأولى التي يطلب فيها مشايخ النظام
من أمراء آل سعود إيقاف من يتجرّأ على نقدهم. فقد فعلوها
مراراً وتكراراً ما ادّى الى إصدار أمر ملكي يمنع التعرّض
للمفتي وهيئة كبار العلماء بالنقد، تحت طائلة العقاب.
هذا لم يفد كثيراً، فنفوس المواطنين مشحونة على المشايخ
وعلى النظام السعودي نفسه، وقد وجدت طاقة القهر في فضاء
الإنترنت مجالاً رحباً للتعبير عن ذلك الضيق، سواء من
النظام او من كل المؤسسات الدينية الرسمية بما فيها القضاء
وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووزارة الشؤون
الإسلامية وغيرها.
اليوم تتعرض الوهابية كمذهب عقدي، وكمؤسسة، ومشايخها
الى نقد حاد، بل الى تهزيء حقيقي، خاصة بعد انكشاف دورها
المعوّق للمجتمع، والمهدد للسلم، وترويجها للتكفير والعنف،
وخنقها للمجتمع بكثرة التحريم دون وجه حق بحجة (درء المفاسد)
ووقوفها مع الأمراء في تبرير الإستبداد، والفساد، والتعامي
عن حقوق المواطنين، وغيرها.
هذه المرّة أعاد المشايخ الكرّة، والقلق واضح على مصيرهم،
فطالبوا الملك علناً على صفحات الجرائد، ونشرت ذلك قبلاً
وكالة واس، بأن على (ولي الأمر) منع الذين يتجرّأون على
الدين والعلماء؛ واستنكر المشايخ ـ من هيئة كبار العلماء
ـ ما أسموه ربط بعض الكتاب أفكار الإرهاب (بالمناهج التعليمية
أو بمؤلفات أهل العلم المعتبرة) وتوظيف ذلك ـ كما يقولون
(للنيل من ثوابت هذه الدولة المباركة).
وكان عدد من الكتاب ـ وهم يشهدون التحوّل في المزاج
الشعبي تجاه المؤسسة الدينية ـ قد عبروا عن رأي قريب من
الصحّة وهو ان الوهابية تحتضر، وانها في النزع الأخير،
والدليل هو تبرّؤ أتباعها منها، كما يقول الكاتب محمد
الحمزة مثلاً. او كما كتب حمزة السالم في صحيفة الجزيرة
بضرورة تخلي الدولة عن الوهابية انقاذا للدولة نفسها،
وكان عنوانه مؤلماً للمشايخ: (السلفية على فراش الموت).
الصحفي يوسف ابا الخيل علّق على مطالب المشايخ بمنع
المتجرئين عليهم وعلى فكرهم بالقول: (كلّنا يؤخذ من قوله
ويترك.. وأنتم جزء من هذا الكلّ، فلا تطلبوا لأنفسكم حصانة
فوق البشر)؛ ورأى أن الطلب يمثل الكهنوتية بعينها، ووجه
كلامه للمشايخ (لاتنهوا عن شيء وتأتوا مثله).
المفكر محمد المحمود رأى التدقيق في الكلمات، مثل:
(العلماء، المطالبة، المطالب، طبيعة المنع، طبيعة الجرأة،
ثم السؤال: لماذا؟). أما الكاتب صالح الصقعبي فاكتفى بتعليق
عمّته حين أبلغها الأمر، حيث قالت: (شين وقوي عين). يعني
سيء وفوقها ما يستحي بعد!
الدكتور بادي وآخرون اعترضوا على تسمية المشايخ لأنفسهم
بـ (العلماء) حيث تم الإستيلاء على الوصف من قبل المشايخ،
كما تم الإستيلاء على طلبة العلم، من قبل من يجرون خلفهم
ويحيطون بهم، حسب قوله.
ولأنهم لم يكتفوا بوصف أنفسهم بالفقهاء، فإن عزيز سخر
فقال: (الله أكبر! يا أنشتاين ويا نيوتن! الحين ترا كلها
كتابين الدرر السنيّة وكتاب ابن تيمية، احفظها وتصير عالم)!
وبالنسبة للحجازي حسّان المفرّج: فإنه (إنْ كان المقصود
بالعالم ذاك الذي يبرّر الظلم، فلا كرامة له)! والطبيب
بندر يرى أنها كبيرة عند الله تسمية أنفسهم بالعلماء:
(لو يتواضعوا شويّة ويقولوا فقهاء! الإحترام يُمنح ولا
يُفرض أبداً).
ثم هناك كلمة المتجرّئين على المشايخ وفكرهم، والتي
أضحكت المغردة رغد فسخرت: (اغفروا لنا، فقد تجرّأنا على
قداستكم وألوهيتكم)، وتضيف ممتدحة الأداة التي سمحت لها
بفعل ذلك وتحقيقه: (المجد لتويتر، وعالم الإنترنت الذي
هزّ عروشكم، وفتح الأبواب لشعبٍ كُمِّمَتْ أفواهه لسنوات،
وحُجبت عنه مصادر المعلومات).
وترى نورة الحسيني أن انهيار مكانة المشايخ هو تبعيتهم
للأمراء، فتخاطبهم: (ما دمتَ حامياً شبوكَ ولاة أمرك،
وتفتي ليلاً نهاراً بحرمة الخروج على الحاكم، فأنت بأمان.
لا تخفْ من هذا الشعب الضعيف)! هي معادلة تختزل معاناة
وطن ـ حسب جميل العتيبي: (نحمي شبوككم، واحمونا من نقدهم).
ولريما كردي رأي مختلف، فطالما (تتجرأون على الله بتحريم
المباح وتحليل ما به ضررٌ على الناس، فوالله لنتجرّأنّ
ولنفضحنّ من يتاجر بالدين)!
ومن طرائف النقد لمطلب معاقبة المتجرّئين على المشايخ،
ما ذكره المغرد النشط محسن الشاخوري: (عقبال ما يطالبون
بسنّ قانون ضدّ التحرّش) فهو يذكّر هنا بأن المشايخ كانوا
ضد اصدار القانون، في حين انهم هنا يريدون قانوناً يحميهم
وحدهم من الكلام وليس التحرش الجنسي!
|