وصلت الى حافّة السياسة
الحقوقية سعاد الشمري.. مُعتقلة!
محمد فلالي
سعاد الشمري ناشطة سعودية، وصاحبة صوت مرتفع.. وكانت
تعمل مع رائف بدوي في الموقع الإلكتروني (الشبكة الليبرالية
السعودية الحرّة)، وهي أول سعودية تترافع في المحاكم السعودية.
تخرجت من كلية حائل، قسم علوم القرآن ومصطلح الحديث. شغلت
منصب مديرة مدرسة بوزارة التعليم لعشر سنوات، ثم أُبعدت
عن وظيفتها، وتولت منصب عضو التطوير التربوي بالإشراف
التربوي لإدارة تعليم البنات بجدة، الى ان تركت العمل
الحكومي في مطلع 2001، لتتفرغ لقضايا حقوق الإنسان، حيث
عملت بجمعية آسيا النسائية الخيرية، وأقامت ندوات توعيه
للنساء، وكانت بمثابة مركز اجتماعي لتوزيع المعونات وتلقي
الشكاوى والقضايا.
عملت الشمري كرئيس جمعية أنصار المرأة السعودية، وتعاونت
مع عدة دور ومكاتب محاماة من أجل الدفاع عن قضايا بنات
جنسها، كما أنها عضو شبكة النشطاء الحقوقيين السعوديين،
وعضو مراقب في شبكة الليبراليين العرب، وعضو في الإتحاد
العربي للحرية والديمقراطية، وعضو المنتدى الخليجي لمؤسسات
المجتمع المدني، إضافة الى أنها عضو مؤسس في الفيدرالية
العربية لحقوق الإنسان، وعضو في شبكة مدافعون بلا حدود.
وتفخر الناشطة سعاد الشمري بأصولها القبلية البسيطة،
وترى انها عملت بمهنة الانبياء وهي رعي الغنم كما تقول.
لكنها لا تنفي عن نفسها صفة (الليبرالية) بل أنها حددت
السابع من مايو تاريخاً للاحتفاء بها كل عام في السعودية،
وتقول انها اكثر من دفع الثمن في الدعوة اليها، حتى غدت
من أبرز الأصوات النسوية السعودية في مجال الدفاع عن الحقوق
والحريات، ولعل من ابرز اسباب شهرتها ما تحلّت به من شجاعة
في تحدّي المؤسسة الدينية الوهابية ذات النفوذ السياسي
والاجتماعي الكبير.
غياب القوانين
وتعتقد الشمّري بأن حقوق المرأة السعودية شبه منعدمة،
بسبب غياب القوانين، وتجاوز التشريعات ـ حتى الدينية منها،
وقدمت أمثلة على ذلك في مجال السفر والوظيفة والحصول على
الخدمات العامة بما فيها الصحة، اضافة الى القضية المثيرة
للجدل حيث حظر قيادة المرأة للسيارة. وترى سعاد الشمري
ان قضية المرأة السعودية واضطهاد حقوق المواطنين الشيعة
أبرز قضيتين حقوقيتين مثيرتين داخل وخارج المملكة.
الشمري تنتقد كل القوانين والانظمة المعمول بها في
بلدها. فهي تعترض على عدد من الأعراف والقوانين الاجتماعية،
ونظام العمل، والتعليم، والتربية، والقضاء، والاحوال الشخصية،
وهيئة الامر بالمعروف، ولا تكاد توفر مجالا. وبسبب غياب
القوانين في الدولة السعودية، أصبح النظام السياسي السعودي
فريداً في تخلفه بين دول العالم، بل حتى بين الدول الخليجية،
حسب رأيها. وتؤكد ان الجميع متفقون على ضرورة المحافظة
على القيم الدينية والانسانية، لكن ما يجب الاتفاق عليه،
هو ان هناك حاجات ضرورية أخرى أيضاً، ويجب الحصول عليها.
أما ما يتذرع به النظام السعودي بفرعيه العائلي والمذهبي
الوهابي، بأن القيود على المرأة تعود الى أعراف اجتماعية،
والى طبيعة المجتمع القبلية، فهي ترفض التبرير، وترى المشكلة
في المؤسسة الدينية وفي النظام السياسي الذي يطبّق قراراتها
ورؤاها على أرض الواقع. وهي هنا، تجادل بأن المجتمع السعودي
ليس مجتمعاً محافظاً، بل هو مجتمع مغلق، فُرض على أفراده
رؤية دينية محددة، وتفسيراً دينياً متشدداً، وأُلزموا
بهما تحت طائلة العقاب، ما سبب حالة من النفاق فأصبح الالتزام
شكلياً دون أن يتغلغل في الوجدان، لهذا ـ تقول الناشطة
سعاد الشمري ـ ترى النساء السعوديات يلبسن الحجاب في بلدهن،
وينزعنه بمجرد المغادرة بعد أن تقلع الطائرة.
وفي سياق القضاء السعودي، قالت الشمري بأنه لا يطبق
الشريعة الاسلامية، ويقدم عليها العادات والتقاليد، ويحابي
سلطة الرجل، كما في قضية الحضانة. إنه إتهام صريح لدولة
يزعم القضاء فيها انه يطبق الاسلام.
اضطهاد المرأة
خاضت الناشطة سعاد الشمري معارك طاحنة، أكثرها مع كبار
مشايخ الوهابية المتشددين، الذين بادروا الى اتهامها بالكفر
والزندقة. ومن جانبها فإنها كانت تسرد سيرتها الذاتية،
فتؤكد أنها خريجة كلية شريعة، وأنها كانت متزوجة من رئيس
محكمة شرعية، وأنها كانت لفترة طويلة في بؤرة المؤسسة
الدينية، مؤمنة بكل أفكارها ومبادئها، لدرجة إنها تأسست
على ذهنياً على مبدأ التكفير للآخرين، كما تقول.
غير أن شيئاً ما تغيّر، فقد صُدمت عندما أُخذت منها
ابنتها فجأة، وقيل لها إن شرع الله يقول بذلك. تضيف: (لم
استطع أن أتخلى عن الدنيا ومشاعرها وأبيع أمومتي فتمردت).
منذئذ أدركت الشمّري أن الحقوق الفردية لا يمكن تحصيلها
الا ضمن الاطار الجماعي، وعلى مستوى إقرار الحقوق على
المستوى الوطني العام.
هذا ما دفعها فيما بعد، كما تقول، الى التعمّق في المؤسسة
القضائية بسبب ظلم القضاء السعودي للمرأة، وبدأت تترافع
عن المضطهدات من السيستم، وراحت تطالب باعطاء المواطنات
السعوديات تراخيص مزاولة المحاماة، وهذا ما لم يحدث حتى
الآن، ولكن القضاة بدأوا يقبلون بالمرأة كوكيلة شرعية
.
كانت الشمّري حاضرة في الجدل حول قضايا المرأة، وكانت
تردّ على محاولات التشويش التي يتعرض لها الناشطون اجمالا،
والنساء الناشطات على وجه الخصوص، رافضة مزاعم المشايخ
او غيرهم ممن يضعون أنفسهم في موقع تمثيل المرأة ومصالحها،
وكانت توجه اليهم هذا السؤال: (من أعطاك الحق لتمثل النساء
وحقوقهن؛ ومن خوّلك النطق باسمهن؟).
قضايا العنف المنزلي، وبالذات ذلك العنف الموجه للمرأة،
استرعى تصاعده وتبريره الناشطة الشمّري، التي اعتبرت الأمر
ظاهرة مرتبطة أكثر ما يكون بالدولة السعودية، متهمة المؤسسة
الدينية بتشجيع ذلك من خلال مواقفها وفتاوى رجالها الذين
يستسهلون الضرب والزجر والمنع والمعاقبة؛ ويزيدون جرعة
الشكوك وسوء الظن في المرأة بل في كل افراد المجتمع، بحيث
ارتبطت العلاقات الفردية، والمشاعر الشخصية، بالبيئة الاجتماعية،
مؤكدة أن المجتمع الذي تشيع فيه ثقافة الكراهية والتمييز
والتخوين والتكفير، تتقلص في أفراد مشاعر الإنسانية النبيلة.
وتنكر الشمري على المؤسسة الدينية والدعاة تقلص حالة
النقد داخل صفوفهم، ما فتح الكثير من المظالم والتجاوزات
بحق أفراد المجتمع ومن بينهم المرأة. وفي هذا الإطار اتهمت
بعضهم في التورط بقضايا ابتزاز للفتيات، وذلك في حسابها
على موقع التواصل الإجتماعي (تويتر). كما أنها هاجمت الشيخ
محمد العريفي، منتقدة رفضه ومشايخ آخرين، سنّ قانون لتحديد
سن لتزويج الفتاة، ووصفتهم بـ (مشتهي الصغيرات).
معارك مع مشايخ الوهابية
مشايخ المؤسسة الدينية وأنصارها لم يكونوا ليقفوا صامتين
أمام النقد الحاد الذي تطلقه الناشطة سعاد الشمري بوجههم،
حيث لم تكن لتوفر المفتي العام للسعودية، ومشايخ هيئة
كبار العلماء، الى حد أنها رأت حاجة ماسة لتشكيل لجنة
تقصي لأنشطتهم، مؤكدة أن التشدد الديني لا علاقة له بسنّة
النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة السلف، حيث كانت الحياة
تسير على بساطتها وبحسب الفطرة البشرية السليمة، دون تعمد
سوء الظن، والبناء على نية المفاسد كما يفعل مشايخ المؤسسة
الدينية الرسمية اليوم. وزادت بأن الفتاوى التي يصدرها
مشايخ المملكة، لا تراعي حقوق المواطنين، بل تدعوهم للصبر
على الظلم والأذى، وهذا ـ حسب رأيها ـ يتناقض مع الدين،
ولا يرضي الله.
إزاء هذا، ما كان من المشايخ والدعاة الوهابيين إلا
أن كفروها، ووصموها بالردّة، وحرضوا النظام على اعتقالها
بل وقتلها بعد استتابتها. وتطفح المواقع السلفية بالسباب
والشتائم للشمري، بل والسخرية منها، حيث قالوا أنها تدفع
كل أموالها لإجراء عمليات التجميل، وأنها النموذج الأسوأ
في تمثيل المرأة السعودية.
وانفجر الغضي السلفي على الناشطة الشمري بسبب تغريدة
كتبتها في تويتر قالت فيها أن من أغبى الأقوال القول اليوم
بأن تربية اللحية مخالفة للمشركين. فالمخالفة كانت في
وقت الرسول في المدينة المنورة ولوقت محدد: اعفوا اللحى
وأهينوا الشارب، ولا يمتد الى الوقت الحاضر، حيث نرى اليهود
والكهنوت والشيوعيين الماركسيين بلحى. وزادت: (أبوجهل
لحيته أطول من الرسول صلى الله عليه وسلم).
بسبب هذه التغريدة، دعا الشيخ عاد الكلباني إمام الحرم
المكي، قائلاً: (اللهم شلّ يدها، وأعمِ بصرها، واجعلها
عبرة يا واحد يا قهار). والشيخ النجيمي رأى أنها بقولها
ذاك ارتدّت عن الدين، ويجب استتابتها؛ وطالب النجيمي ـ
الذي يعمل في وزارة الداخلية أيضاً ـ ولاة الأمر بالأخذ
على يد الكاتبة حتى لا تضيع هيبة الدولة بما يؤدي الى
إثارة الفتن والتفرقة في المجتمع السعودي وشق الصف. ونقل
عن الشيخ ابن عثيمين قوله عمن يتفاخر ويطلق على نفسه علماني
ليبرالي بأن (الواجب على ولاة الأمر، أن مثل هؤلاء القوم،
يحاكمون ويحكم عليه بمقتضى الشرع، لأن من يدعو للتحرر
مطلقا من كل قيد، فهذا كافر)!
أما عضو هيئة كبار العلماء الشيخ المنيع وصفها بأنها
مجرمة وخبيثة، وستحاسب على تطاولها على النبي الكريم.
هنا ردّت الشمري بأن المجرم هو من يظلم ويتسلط على جماعة
لا تنتمي له، ولا يغضب لله ولرسوله من فساق جماعته، وأن
الخبيث هو من يستغل منصبه لمصالحه على حساب الوطن والحقيقة.
وتابعت: (أتحداك لقبول مناظرة فقهية لغوية بما أتهمتني
به). وخاطبت رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام بالقول:
(سلام عليك أيها الإنسان الأكبر، يا كامل النور والرحمة،
قومك من بعدك يتقربون لشفاعتك بمخالفة خُلقك ـ خلق القرآن
ـ وهديك، ويتاجرون باسمك لمصالح شخصية).
لكن الشيخ المتطرف سليمان الدويش، الذي لم يترك أحداً
إلا وجّه إليه سهام التكفير لم يمهل الشمري، فكال المزيد
من الاتهامات والإهانات والتهديدات للناشطة الشمري التي
تقول أنها وصلت الى ما يقرب من المئة تهديد بالقتل؛ ومع
هذا لم تخفِ سعادتها بالهجوم عليها، لأن الصراخ بقدر الألم؛
ولأنها أثّرت فيمن حرّض ضدّها وعرّت دعوته وفضحت هيمنته
على الناس.
وواصلت الشمري فوسّعت هجومها لتطال رجال هيئة الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، مؤكدة أنه بالرغم من شهرة
جرائم القتل التي ارتكبها أعضاؤها، إلا أن القضاء يقف
بصفهم، ويحسبهم على رجال الدين، لأنهم يطوّلون لحاهم.
وكما واعتبرت الشمري أن رجال الهيئة يمثلون الجناح العسكري
للإرهاب في السعودية، وهناك كثير من كتب بهذا المعنى،
مبينة انهم أعطوا لأنفسهم الحق في اختراق خصوصيات الناس
وضربهم وجلدهم وإهانتهم، فأصبحوا مخيفين الى حد أن الأطفال
في الشارع يهربون لمجرد رؤيتهم لهم. ولهذا طالبت الشمري،
كما كثيرون، بإلغاء جهاز هيئة الامر بالمعروف والنهي عن
المنكر، إكراماً للتاريخ وللإنسانية وللوطن، حسب قولها.
ومن رجال الهيئة انطلقت في نقدها الى مناهج التعليم
التي تركِّز - حسب قولها - على الماضي على حساب المستقبل،
واتهمتها بالمبالغة وتزوير الحقائق، معتبرةً أنها من أسباب
التخلف والعيش بوهم الماضي، فضلاً عن كونها مرجعاً فكرياً
للإرهاب.
القشّة التي أدّت الى الإعتقال
ربما لم يكن النظام بحاجة الى اعتقال امرأة ليثبت أنه
قوي، وعضلاته قادره على قمع المخالفين؛ خاصة وأن سعاد
الشمري تجنّبت نقد النظام بشكل مباشر، ونقصد بالنظام أمراء
العائلة المالكة، والدخول في الموضوع السياسي. ولربما
غفر لها النظام بعض الشطحات حين أصابه قدرٌ من شررها،
خاصة في دفاعها عن رائف بدوي، المعتقل بحكم لعشر سنوات،
وبالجلد ألف جلدة، وغرامة مليون ريال، لمجرد التعبير عن
الرأي. وهناك من يعتقد بأن سبب عدم اعتقال الناشطة الحقوقية
بشكل مبكّر، هو أنها انتقدت معارضين للنظام، من أعضاء
حسم، وقال آخرون بأنها كانت (محميّة) من قبل أطراف في
السلطة للضغط على خصومها السياسيين، وأيضاً لتقليم أظافر
المتشددين الدينيين، الذين لا يخفى ان بعض تصرفاتهم تزعج
السلطات الحليفة لهم.
حين اقتربت سعاد من الخطوط السياسية الحمراء، تمّ اعتقالها،
بلا تردد.
بدأت الحكاية باعتقال رجال الهيئة لسيدتين تجاوزتا
الخمسين من العمر، هما فوزية ومنيرة، بلا مبرر، ووضعن
في سجن بريمان في جدة على ذمة التحقيق، ولا سبب معقول
او غير معقول وراء هذه القصة، ما دفع بالناشطة سعاد الشمري
الى الدفاع عنهن. خاطبت وزير الداخلية بالقول: (هل تعلم
أن نصف نزيلات سجن بريمان، تمّ القبض عليهن بشارع عام
يتنقلن مع سائق ولفّقت لهنّ تهمة الخلوة، فهل أنت راض؟).
كما خاطبت رئيس هيئات المنكر بالتالي: (ما هو القرار الذي
استندت عليه حين تسمح لشبّيحتك بالهجوم والقبض على نساء
وهنّ داخل مركَبَة؟)؛ وشرحت حال السيدتين اللتين اعتقلتا
على يد رجال الهيئة وهم يقذفونهما بالتهم، بل أن أحدهم
ضرب إحداهن على صدرها فأغمي عليها، لأنها تعاني من مرض
القلب؛ وحين جاء الإبن الدكتور ليكفل والدته بالخروج من
السجن، رفضت الأم، لأن تهمة الخلوة مع السائق ـ الذي أُطلق
سراحه ـ كانت جارحة جداً ومهينة الى أبعد الحدود. ولذا
واصلت سعاد الشمري فطالبت الملك بأن يوقف المهزلة ويحمي
المرأة السعودية وحقوقها.
هذه التعليقات، في تويتر، كانت كافية لاعتقال الناشطة
سعاد الشمري.
الدكتورة هتون الفاسي علقت على الإعتقال: (ليس من مصلحة
الوطن الاعتقال لاختلاف في الرأي او بسبب التعبير عنه،
وإلاّ فما فائدة الحوار الوطني ومشاريع الاصلاح الفكري؟).
وتساءلت تماضر اليامي: (هل نتمنى اعتقال كل من لم يعجبنا
حجابهن او اسلوبهن او منطقهن.. أيقنت اننا مجتمع حاقد
كاره؛ في قلبه من السواد ما يخيف). إحدى المغردات تألمت:
(صعبانة عليّ سعاد، لأنه ليس لديها لحية، ولا تلبس عمامة،
ولا عليها بشت؛ وهي امرأة في مجتمع ذكوري، رفعتْ صوتها
فافترسوها).
الحقوقية هالة الدوسري رأت أن (الاعتقالات والتهم ضد
أفراد لا يملكون سوى رأي خاص بهم، تكشف بأبلغ ما يكون
حقيقة السلطة والمجتمع معاً)؛ وأضافت بأن احدى التهم التي
وجهت لسعاد هي: (التهكم بالنصوص الشرعية، كمطالبتها بإلغاء
نظام المحرم، ونفي القداسة عن رجال الدين) وهي (تهمة يجب
أن توجه للمدعي العام والسلطة الدينية). اما الناشطة
الحقوقية نسيمة السادة فعلقت: (التقيت بها عدة مرات. وللأمانة
أقول أن لها قلباً رقيقاً؛ سريعة الدّمْعَةْ، ورأيتها
تدعو الله وتبكي، فهي أبعد ما تكون عن الإلحاد، وان اختلفنا).
ايضاً فإن الناشطة عالية آل فريد، التي احتجزت اكثر من
مرة لقيادتها السيارة، فتقول بأن (احتجاز الأفراد الذين
يسعون الى المساهمة في تعزيز وحماية حقوق الانسان أمرٌ
غير مقبول)؛ وأن سعاد (سيدة شجاعة، وعَتْ قوانين وأنظمة
بلادها، فهبّت مناصرة للحقوق بإنسانيتها وعفويتها المعهودة،
وساعدت الكثيرات ممن تعرضن للظلم).
هند الزاهد تعاطفت مع الناشطة الضحية وقالت عنها انها
(كرّست نفسها لمناصرة المستضعفات، ووقفت معهن حتى في المحاكم،
ودافعت ومازالت عن كل مظلوم). وهي بالتالي (دفعت ثمن تفكيرها
بصوت عال، نيابة عن كثير من العبيد. لم تسيءْ سعاد للإسلام،
بل جرّدت بعض المتأسلمين من ثيابهم). وبالنسبة للمغرد
البدوي فقد خلص الى نتيجة من اعتقال حسن المالكي، وسعاد،
الشمري وغيرهما وهي: (لا تناقش، لا تُناقش.. كلُّ ما حولكَ
داعشْ)!
مغرد آخرأفزعته التعليقات المضادّة للناشطة فهي توحي
(لك بأن داعش بنفسها أكثراً تطوراً وعقلانية من هؤلاء).
ويقصد مشايخ المؤسسة الرسمية وربما آل سعود أنفسهم. والدكتور
عبدالعزيز القناعي يقول: (صنعوا من عقولهم الرجعية محكمة،
ومن فكرهم الديني قاضياً، فكيف لا تكون النتيجة اعتقال
سعاد الشمري).
إنصاف حيدر، زوجة الناشط المعتقل رائف بدوي، لفتت الانتباه
الى ن تهمة سعاد الشمري هي نفسها التهمة الموجهة لسعاد
الشمري وهي (الإساء للإسلام)؛ وليس لمشايخ الوهابية او
آل سعود؛ الذين يعتبرون معارضتهم او نقدهم؛ معارضة ونقداً
للإسلام نفسه!
إن الملوكَ بلاءٌ حيثما حلّوا
فلا يكنْ لكَ في أبوابهمْ
ظِلُّ
ماذا تؤمّلُ من قومٍ إذا غضبوا
جاروا عليكَ، وإنْ أرضيتَهُمْ
مَلُّوا؟
|
محمد آل حطاب يخاطب وطناً في المخيلة فقط، فمن لا يستطيع
نقد آل سعود يحوّل السيمفونية على الوطن: (وطني كَثُرَت
اعتقالاتك، وتنوّعت، هل مساحات السجون أكبر من مساحاتك؟!).
ويصف مغرد تعميم القمع الأمني قائلاً: (قلتها وأقولها:
مستقبلنا مظلم، ولا يوجد شيء واضح. فكل مواطن يصبحُ مجرماً
في ليلة وضحاها. ومن لم يأتِ دورُهُ، وجدوا له ألف عذر).
ولأن الحكومة لم توفر تياراً ولا جماعة ولا منطقة يسأل
خالد المتعب: (اعتقد كذا الجميع راضي ومستأنس. العريفي،
وحسن فرحان، وسعاد الشمري، واعدام نمر النمر.. ناقصكُم
شيء؟!). واخيراً فالناشط غانم الدوسري يفتح الأعين الى
حقيقة أن: (كل الشعب السعودي الشقيق! مُعتقَل، ما يحتاج
يحطّونك بين أربعة جدران لتعرف أنك معتقل. هي مهلكةٌ بكل
معنى الكلمة).
|