أسوق بنفسي؟ لم يحدث ذلك!
هاشم عبد الستار
(اسوق بنفسي) هو عنوان حملة انطلقت أواخر اكتوبر الماضي
للمطالبة بقيادة المرأة السعودية للسيارة، تشابه الحملات
التي تكررت في العام الماضي، وتواصلت هذا العام. الدكتورة
هالة الدوسري، العضو في الحملة التي استقطبت كثيراً من
المواطنين الداعمين على مواقع التواصل الاجتماعي، قالت
بأن المطالبة المستمرة بحق قيادة المرأة السيارة، وتحقيق
استقلاليتها، تؤدي إلى أحد أمرين: إما رفع الحظر، أو أن
يقدم المسؤول عن منع النساء من القيادة مبرراً يمكن الاقتناع
به، مبينة أن كل ما تريده المرأة مجرد التنقل بلا صعوبات،
أو كلفة مادية واجتماعية.
واضافت د. الدوسري بأنها قدمت ورقة عمل في مجلس حقوق
الإنسان في جنيف في اكتوبر الماضي، حول موضوع قيادة المرأة
السعودية، حوت دعوة للحكومة بالإستجابة لها، واعتبرت الورقة
بمثابة شكوى ضد الحكومة، ويمكن لها أن تعتبرها تحريضاً
على النظام في الخارج!
ورغم أن نحو أربعين ألف شخص أعلنوا تأييدهم للحملة،
وبالرغم من أن بعض النساء بادرن الى قيادة السيارة في
عدد من المدن السعودية، إلا أن الحملة تمّ اجهاضها بالتهديد
الرسمي الصريح.
وتنظر الرياض الى موضوع قيادة السيارة من زاوية أمنية،
وليست دينية، كونها تشعر بأن إفساح المجال للمرأة بقيادة
السيارة يشكل صعوبة عليها في احتواء المجتمع والسيطرة
عليه. في حين ان مشايخ النظام يرون حرمة سواقة المرأة
للسيارة لما له من مفاسد بنظرهم، مع أنهم يعلمون بأن هناك
نحو ثلاثة ملايين سائق أجنبي في السعودية، وهؤلاء يختلون
بالمرأة في كل الأحوال، إن كان هذا يفيد في إقناعهم. أيضاً
فإن المؤسسة الدينية الوهابية واضافة الى النظر الى الموضوع
من زاوية دينية، فهناك زاوية مصلحية، حيث أن قيادة المرأة
للسيارة تخرج المجتمع ككل عن سيطرة التشدد الذي يمارسه
النظام وحليفه الوهابي بذرائع سياسية ودينية ومصلحية.
نعم، نجحت الحكومة السعودية مرّة أخرى في قمع الاحتجاج
المستمر ضد منع المرأة من سواقة السيارة. فقبل يوم من
تنفيذ الحملة، وجهت وزارة الداخلية على لسان المتحدث باسمها
اللواء منصور التركي، تحذيراً بأنها (ستتعامل بحزم مع
الدعوات المتداولة في شبكات التواصل الاجتماعي للخروج
في تجمعات ومسيرات محظورة بغرض قيادة المرأة للسيارة)
وأضاف بأن تكرار الدعوة يتضمن مخالفة للتعليمات الحكومية؛
مهدداً كل من يسهم (بأي أعمال أو أفعال تؤدي الى توفير
الفرصة لمن أسماهم بالمتربصين للنيل من اللحمة الاجتماعية
ببث الفرقة وتصنيف المجتمع).
بل ان ناشطات اشتكين هذه المرة بأن رجال المباحث التابعين
لوزارة الداخلية اتصلن بهن مهددين بأن لا يشاركن في مظاهرة
كسر حظر قيادة السيارة وإلا فسيتم اعتقالهن. هذه التحذيرات
والتهديدات كان لها أثرها السلبي في عدم خروج نساء بسياراتهن
الى الشوارع بالعدد الكافي، يوم السادس والعشرين من اكتوبر
الماضي، وهي المناسبة السنوية التي تحييها النساء تحدياً
للحظر المفروض على قيادتهن للسواقة.
لكن الأمر الملفت هذا العام، هو أن حركة الاحتجاج الداخلية
ضد الحكومة الوحيدة في العالم التي لا تعترف للمرأة بحق
قيادة السيارة، استقطبت رجالاً ونساءً وناشطين من مختلف
دول العالم وقاراته، عبروا عن تأييدهم للحملة كحق انساني
مشروع. ومن اللافت أن نائبة وزير العمل في غواتيمالا شاركت
في الحملة المؤيدة لحق المرأة في قيادة السيارة بالسعودية.
|