وزارة الحبّة السوداء تستغيث بعبقريته
الزنداني يعالج (كورونا) بعد (الأيدز)!
سامي فطاني
دولة بإمكانيات السعودية لا تستطيع مكافحة فيروس كورونا
الذي بدأ ظهوره قبل بضع سنوات، وانتشر في الآونة الأخيرة،
وقضى على حياة مئات من المواطنين، ولازال يحصد الأرواح،
في حين تقف المؤسسة الصحية عاجزة وتلقي بالتهمة على الجِمالْ،
أي الأباعِرْ. وال سعود يلقون بالتهمة على المسؤولين الأدنى،
والمشايخ يلقون بالتهمة على المواطنين الذين جاهروا بالمعاصي،
والمواطن يلقي بالمسؤولية على آل سعود وحكومتهم الفاشلة
التي لم تنجح في حل قضية واحدة، لا تعليم، ولا صحة، ولا
بطالة، ولا اقتصاد ونفط، ولا ثقافة، ولا عنف وهابي، ولا
إصلاح سياسي أو ثقافي أو ديني، ولا أدنى من ذلك.
إنها مملكة فاشلة في كل الميادين، وحكام فاشلون في
كل شيء، اللهم إلا مهنة اللصوصية والقمع.
الشيخ اليمني الزنداني، الزعيم الديني لتجمع الإصلاح
اليمني، والذي هرب من الحرب، وجاء الى الرياض، والذي سبق
له أن أعلن اكتشافه علاجاً لفيروس الأيدز، سوّق بضاعته
من جديد، وقال أنه وجد علاجاً لفيروس كورونا، وأنه لن
يقدمه إلا لوزارة الصحة السعودية. وهذه الوزارة البلهاء
أرسلت له وفداً للتفاوض معه! فظهرت تعليقات عديدة في مواقع
التواصل الاجتماعي تسخر من (وزارة المرض) و(وزارة الحبّة
السوداء)، و(وزارة العلاج بالتَّفْلَةْ).
يقول الزنداني أنه تحدث مع أطباء، وأعطاهم وصفة لعلاج
كورونا خلال اثنتين وسبعين ساعة (بعد ان اشترطتُ منهم
أن لا تصل الى الأسواق العالمية). ودعا الشيخ سعد الغنيم
الذي كان حاضراً مجلس الزنداني وتصريحاته، دعا كليات الصيدلة
لاستغلال الفرصة والتباحث مع (فضيلته)؛ وزاد بأن الشيخ
حدثه وغيره عن توصل باحثين يمنيين في (جامعة الإيمان)
التي يشرف عليها الزنداني، الى عقارات (تشفي تماماً من
أمراض مزمنة كالأكزيما والسرطان، وغيرها).
وكان مستشفى الطوارئ بالحرس الوطني قد أغلق أبوابه
بعد أن أُصيب العاملون فيه بالفيروس، ونصب خيامه خارجاً؛
ما دعا الشيخ عادل الكلباني للقول هازئاً: (سبحان الله،
المستشفى مريض). ولما اشتدّ الخوف من قبل المواطنين، دعا
بعض الكتاب الى اعلان حالة الطوارئ، أو على الأقل تأجيل
الدراسة الى ما بعد الحج (هناك توجيهات بعدم تقبيل الحجر
الأسود لمنع انتشار الفيروس). لكن وزير التعليم ـ عزّام
الدخيل ـ الذي فشل حتى الآن في توفير الكتب المدرسية..
طمأن المواطنين ودعاهم الى (عدم القلق)؛ وهوّن وزير الصحة
خالد الفالح الأمر بأن (انتشار كوورنا في الرياض محدود
نسبياً). ما دعا الناشط علي آل حطاب للقول بأن الفالح
(نحس) فمنذ ان أوكل له ادارة ارامكو ثم وزارة الصحة، انخفض
سعر برميل النفط، وزاد عدد مصابي كورونا.
المواطنون مستغربون كيف أن فيروس كورونا تعاقب على
محاربته أربعة وزراء صحة وفشلوا! ربما، وكما يقول الصحفي
فاضل العجمي، بسبب سوء التدبير، (فعدد وفيات كورونا في
كوريا وصل ٣٢ شخصاً، وقضوا عليه في شهرين،
وعندنا عدد الوفيات وصل ٤٦٤ ومِنْ عام ٢٠١٢،
والى الآن، ما قدروا عليه. نعم.. انها قِلِّ الدِّبْرَةْ).
التيار السلفي المتطرف أراد الاستفادة من هذه الأزمة
المزمنة، فشدد أحدهم على أن سبب انتشار الفيروس منذ بداية
ظهوره هو (المجاهرة بالفاحشة بمواقع التواصل الاجتماعي)؛
أما الشيخ سعد التويم، وبدل أن يقرّع ولاة أمره آل سعود
على فسادهم وفشلهم وتلاعبهم بثروات وأرواح وعقول المواطنين،
سأل الله لهم العون في مواجهة (داعش وكورونا والرافضة
والحوثي والنفط والإقتصاد والأسهم والإسكان)!
الآن وقد جاء الزنداني بالعلاج المزعوم، الشافي والوافي،
فماذا على وزارة الصحة أن تفعل؟ هل تجرّب علاج كورونا
الزنداني، أم تعتبرها كذبة لاتستحق الإلتفات، كما هي كذبة
عقاره للأيدز؟! الوزارة اليائسة والفاشلة (ما كذبت خبر)،
وأعلنت أنها أسندت الى هيئة الغذاء والدواء التواصل معه
لمعرفة نوعية لقاحه ومدى مأمونيته، حسب ما قاله رئيس المجلس
الاستشاري بالوزارة لصحيفة الوطن السعودية.
نزل الخبر كالصاعقة على المواطنين، فتناولوه بالسخرية
اللاذعة من وزير الصحة ووزارته، ومن الزنداني و(جماعته
الإخواسلفيين). قال أحدهم: (الكهنوتي الزنداني ذهب حيث
يسكن الكهنوت في الرياض، ولقيَ سوقاً رائجة لبضاعته)؛
وسخر آخر بأن امريكا ستبقي الزنداني تحت الإقامة الجبرية
(حتى يقدم لها علاجات لما عجزت عن تحقيقه)؛ وثالث استغفر
الله بأنه ظلم (الرجّال.. كنت أحسَبَهْ مِنْحَاشْ من الحرب
باليمن، طَلَعْ يا عيني جايْ ينقذنا)!
وفي حين دعا وائل الجهني الى اقالة وزير الصحة لدعمه
الخرافات والدجّالين؛ أُطلقت أوصاف على وزارة الصحة بأنها
(وزارة المرض) أو (وزارة الحبّة السوداء) حسب المحامي
عبدالرحمن اللاحم، مطالبينها بطرد الاطباء والإستشاريين،
وجلب الرُّقاةْ وتجار الدين بقيادة البروفيسور الزنداني!
ذلك أن لجوء الوزارة الى الزنداني لعلاج كورونا (يثبت
أننا نتدحرج لعصر الجاهلية على وجه السرعة، وقد نتجاوز
داعش)، كما علّق أحدهم. ومن التعليقات الساخرة قول أحدهم
بأن أمريكا وروسيا اختطفتا العلماء الألمان بعد الحرب
العالمية الثانية، (وحنّا أخذنا الزنداني غنيمة حرب اليمن.
لازم نحافظ عليه لا يخطفه الغرب).
بعد كل هذه السخرية، سرّب الزنداني لصحيفة الجزيرة
السعودية بأنه لم يتوصل لعلاج كورونا وأن مجهولا انتحل
حسابه على تويتر، وغرّد بالشائعة. يعني انه لم يكتف بالدجل،
بل زاد عليها الكذب أيضاً. وأما وزارة الصحة، فحاولت تلافي
تداعيات جهلها، ونفت وجود أي تواصل مع الزنداني، لكن صحيفة
الوطن عادت فأكدت الخبر من مسؤولي (وزارة المرض).
|