ممـلـكـة الـجـن

بيع الوهم في السعودية لا حدود له. وأكثره يقع في المنطقة الوسطى، حيث الوهابية، وحيث الجفاف الروحي، ما جعل موضوع السحر والشعوذة عالماً متمدداً كداعش نفسها. كلّ شيء شرك وحرام وكفر وغيره، لكن هذا جعل من المجتمع النجدي بالتحديد، أكثر عرضة لباعة الوهم من مشايخ ينتمون الى مدرسة التطرف الوهابي. بل ان بعض مشايخ التطرف راحوا ينهبون الأموال والأراضي، ثم حين ينكشفون يقولون انه لم يسرق بل تلبّسه الجنّ وحرّضه على السرقة، كما حدث لأحدهم حين سرق مائتي مليون ريال فقط!

لم يوجد في تاريخ الإسلام كلّه من كتب عن السحر والكهانة والشعوذة تحذيراً وتنبيها مثل مشايخ الوهابية. لابن باز وحده عشرات الكراسات والكتب والفتاوى، بل مئات منها، يضمها موقعه على الإنترنت. وما ذلك إلا بسبب ما ذكرناه من الجفاف الروحي والخشونة كصحارى نجد نفسها.

قضايا الجن وباعة الوهم طفت على السطح مؤخراً وتناولها المواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي. فهذا ـ بزعمهم ـ راقي شرعي اسمه مشهور الشهراني، يقول ان الجن يراسلونه على هاتفه الجوّال بالواتساب، وقامت قنوات النظام بالترويج له وإشغال المواطنين بجهالاته ونصبه واحتياله. يسأله أحدهم: هل حقاً راسلك الجن على جوالك؟ يقول نعم، صحيح. وهؤلاء المكذبون للرقية وتلبّس الجن بالإنس ـ ولاحظوا هنا لغته العربية ـ (إمّا من بنو ليبرال، أو من أمثال المكذّبون للرقية أصلاً). عفارم يا رجل.

الصحفي جميل فارسي يسأل بسخرية: (تكفى! إسأل لنا الجنّي يالراقي: هل الإسكان مشكلة فكر عندهم؟). والمحامي صالح الصقعبي يقول: (التجهيل مرحلة تسبق الإبتزاز). غير أن الراقي اللص الشهراني يعود فيهدد المشككين في كلامه بهجوم جنّي مضادّ. يقول: (يا من تستهزئ وتسخر بالجن، إن من أسباب مسّ الجن للإنسان هو الإستهزاء والسخرية بهم). فاحذروا ايها المواطنون ان تستهزؤوا باللصوص وجَنَانْوَتْهُمْ.

الجن يعاشر النساء 

 ما كادت قضية الراقي تنتهي حتى جاء شيخ وهابي يدرس في الجامعة وهو حمود العمري، ليكشف أمراً خطيراً وهو أن الجن يعاشر النساء، وقال أن من ينكر ذلك قوم لا يملكون دليلا شرعيا ولا علمياً ولا عقلياً.

مطوع وهابي سيّس الموضوع ضد خصومه فقال: (الجن والشياطين تعاشر الليبراليين وتأكل معهم وتتتحدث أيضاً). وكان الشيخ العريفي قد جاء بقصة مشاركة الجن للإنس الطعام، وأن أحدهم كان يحب الرز، وأن بين الجن (روافض) وهم أسوأ الجن! وشيخ ثالث قال أن جنّياً أعلن بصريح العبارة ان جماعته من الجن يحترقون في حال ذُكر إسم الشيخ عبدالعزيز بن باز المفتي السابق. وعلق أحدهم: (يا مطاوعتنا.. خفّفوا البهارات بسوالفكم شوي. أجل جنّي يحترق من اسم ابن باز؟). وسبق للشيخ الشمّري أن قال بأن الجن يعاشر النساء معاشرة الأزواج، وأن نادي النصر يعاني من السحر وقد تمت رُقيَتُه! وزيادة على ذلك، هناك احد المشايخ روى أن الجن يحضرون دروس الشيخ ابن باز، المفتي السعودي السابق.

وقد تناول المواطنون والكتاب والصحفيون هذه الأخبار بالسخرية ما يدل على انفصام بين مشايخ الوهابية وجمهورهم الأقلوي.

الصحفية والكاتبة هيلدا اسماعيل تسأل: (ما في جنّي يشتغل سائق، يودّينا المشاوير بسرعة، ويردنا بعيد عن الزّحمَةْ؟)؛ ومغردة تقول انها مستعدة للزواج من جني (إذا يعرف يسوق سيارة؛ وبالمرّة أبغى أقول: هبركا دبرا، وأطلع من السعودية). وآخر يقول بأن الجن يعاشرون النساء، ثم يلدن قضاة يسرقون ٢٠٠ مليون؛ في اشارة الى الشيخ السلفي الذي برر سرقته بأن جنياً تلبّسه حين السرقة!

الاعلامي الإخواني سعيد الزهراني قال: (مسكين هذا الجنّي. حمّلوه كل كوارثهم. آه لو تكلم، لكان بصق في وجه بعض من تاجروا به، وصارت حساباتهم الجارية منتفخة). ايضا ريم الحربي تؤكد حقيقة هي ان (الجن شماعة لمشاكلكم اللي تخجلون من الإعتراف بها. كل شيء تتهمون به هالجن المساكين الأبرياء)!

ومن الطرائف أن المغرد عمار يريد أن يتزوج جنّية، وهو يسأل عن (حَمُولَةْ طيّْبَةْ). والسؤال من نور يقول كما الجني يتزوج انسيّة: (لماذا الصبايا الجنّيات الجميلات لا يعاشرن الرجال؟). والصحفي ابراهيم القحطاني يقول: (أنه رغم كل هذا الإبداع، يأتينا مخرج ويقول ان هناك نقصاً في الأفكار، وكتّاب السيناريو).

وسأل أحدهم مطوع وهابي: (هل الجن عقيمون؟ ما مرّةْ سمعنا عن واحدة حامل من جنّي. طيّب هل هناك جنيّات؟ كي يكْشَخ الواحد طول الوقت، يمكن تِخِقْ جنيّة فيه).