عنصرية نجديّة
اسمه سعد سامي الحمد، سلفي من بلدة الزلفي بنجد، فجّر
قنبلة عنصرية ضد قبائل جنوب المملكة، واتهمها في اعراضها،
كما شتم أهل اليمن معهم، وذلك في مقطع فيديو قال فيه:
(نصيحة لكل امرأة تبحث عن الزواج. لا تتزوجي من الرجل
الجنوبي السعودي. لماذا؟ لأن نصف هذا الرجل يمني، والنصف
الاخر تركي. القبائل في الجنوب: الزهراني، المالكي، الغامدي،
الفقيه والقرني والعسيري وغيرها، نصفها يمنية، واليمني
إذا رأى المال/ الفلوس، ينسى أرضه وعرضه. يبيعه. أما النصف
الآخر، الأتراك لما دخلوا الى الجنوب، غزوا هذه القبائل،
وعبثوا بها) يقصد عبثوا بأعراضها.
انفجرت الردود والتهديدات، مع ملاحظة ان من يدفع فاتورة
الدم في الحرب العدوانية على اليمن هم هذه القبائل التي
يشتمها هذا العنصري.
رد عليه الجنوبيون بحرقة، شعراً ونثراً، صوتاً وصورة،
وتعليقات مكتوبة في مواقع التواصل الاجتماعي.
وانبرى آخرون معلنين براءتهم منه ومن خطابه، مع ان
هذه ليست المرة الأولى التي تطفح بها التعليقات العنصرية،
ولكنها هذه المرة تختلف كونها تحدثت عن اتهامات في الأعراض
مع تسمية القبائل التي تزج بأبنائها في محرقة حرب ابن
سلمان، او تشتغل في مخابراته ومباحثه (الغوامد).
(أوطاننا على فوهة بركان: قبلية وعنصرية وطائفية، ان
لم نتدارك الأمر فالقادم أدهى وأمرّ) تعلق الإعلامية إيمان
الحمود.
المعارض الاخواني سعيد الغامدي، يقول من منفاه التركي،
ان ما قاله النجدي كانت نتيجة اعمال آل سعود الذين أوقدوا
عصبية القبلية، واضرموا نارها بالإبل وشاعر المليون، وهم
الذين حركوا حسابات النيل من أهل الحجاز ولمزهم بطَرْش
البحر. وعلق عبدالوهاب آل فايع: (يموت الناس ولا تموت
العنصرية) وقال ان من انتقص قبائل الجنوب (تجري في دمائه
العنصرية النتنة. المشكلة ان هذا المرض يورّث للجيل الجديد).
وصرخ الإعلامي وليد الظفيري: (لا نريد شعارات زائفة.
نريد قانون يجرّم العنصرية والطائفية بكافة اشكالها للحد
من هذه الظاهرة). وكانت عضوة شورى قد تقدمت وآخرون بمشروع
نظام لمكافحة العنصرية لمجلس الشورى رفض حتى مناقشته.
وانبرى الكاتب فهد الأحمدي فقال انه ومنذ سبع سنوات كتب
مطالباً بقانون مكافحة الكراهية والعنصرية ولكن لا حياة
لمن تنادي.
تصاعد التوتر في مواقع التواصل، بكم هائل من الشعر
الهجائي والتعليقات، فقال الموظف الكبير في الداخلية فايز
الشهري، وهو من الجنوب: (هذا البائس إما مريض فعالجوه؛
او جاهل فعلّموه، او مأجور فاهملوه، أو طالب شهرة فعزّروه).
رد عليه خالد الغامدي فقال: (ما نِبي علاج يا شهري، نبي
محاكمة عادلة ترد للشهداء والأبطال بالجنوب حقهم). وتدخل
امير منطقة عسير مطالباً التحقيق في الأمر وتقديم دعوى
ضد صاحب المقطع المسيء، لئلا تتأثر جبهات الحرب بسببه.
الإعلامي سراج الغامدي قال انه استمع الى دقيقة من
النَّتَن! والمعارض غانم الدوسري قال ان صاحب المقطع تربى
في قصر أمير، لأن سياسة آل سعود فرق تسد، واضرب الشعب
بعضه ببعض. واقترح معلقون اصدار قانون محاربة العنصرية،
وقانون يلغي اسم القبيلة من البطاقة الرسمية، والاكتفاء
باسم العائلة، حتى تنشأ أجيال جديدة بعيدة عن الانتماءات
الضيقة. عمر قاضي قال ان الغاء اسم القبيلة لا يكفي، واقترح
أن يُلغى اسم العائلة ايضاً، بحيث يتساوى الجميع، وبرر
الأمر بأن (بعض أسماء العوائل لها شنّةْ ورنّةْ وقد يستفيد
أصحابها من شخص يريد أن ينتفع منهم).
واخيراً اعتُقل العنصري صاحب مقطع الفيديو، وقيل انه
سلّم نفسه للشرطة خشية ان يفتك به أحدهم. اقترح احدهم
جلده في منطقة الجنوب خمسمائة جلدة وان يبث الجلد على
القناة السعودية؛ وتوقع عتيبي ان يطلق سراحه بحجة انه
مريض نفسي؛ اما المفكر المحمود، فدعا الى محاربة العنصرية
ابتداءً بأصل التصور العنصري، أي تصوّر المفاضلَة، وذلك
عبر تأسيس خطاب انساني عام.
لكن الحقيقة هي ان العنصرية داء نجدي مقيم، ونجد هي
الحاكمة وهي التي لديها مشكلة عنصرية وطائفية مع بقية
السكان رغم اقليتها، بل ان عنصريتها وطائفيتها، تستخدم
كمبرر لاقصاء الاخرين عن السلطة ومغانمها، أي تستخدمها
لتبرير احتكارها المطلق للسلطة.
لا يمكن الغاء العنصرية والطائفية في حين ان النظام
ينتهجهما عملياً في سياساته وتعييناته ومفاضلاته بين المناطق
والقبائل والمذاهب.
الدولة النجدية في جوهرها دولة مناطقية طائفية عنصرية.
وذلك بحث آخر!
|