ترصد الحكومة الفئوية للطاقات الصحافية الحجازية
إقالة رئيس تحرير الندوة لتغطيته حفل تكريم المالكي
للطيب
ما هذه المملكة؟ أنسميها مملكة الصمت، أم مملكة القمع،
أم مملكة الخوف والرعب والنهب، أم كل هذا وغيره؟. في كل
يوم يأتينا خبر غريب عن (عصر الحريات) و (عصر الإصلاح)
السعودي الذي بزّ أقرانه، والذي دشّنه بطل الإصلاحات،
بل أبطال الإصلاح الحقيقيون: نايف وسلطان وسلمان وباقي
السدارى!
لا يكاد صحافي حجازي يكتب كلمة لا يرضى عنها أولئك
الأبطال المزورون، حتى يُقال من منصبه و/أو يمنع من الكتابة،
وكأن الحجازيين يخرقون الخطوط الحمر التي لا يعرف أحد
كنهها. خلال عامين فقط، طرد رئيس تحرير صحيفة المدينة
لأنه نشر قصيدة للشاعر عبد المحسن الحليت!، ثم أُقيل ابن
المدينة المنورة رئيس تحرير الوطن جمال خاشقجي لمقالة
نشرها لم تعجب مشايخ الوهابية، وكتبها واحدٌ من أبناء
ذلك التيار، ثم أقيل مدير تحرير عكاظ لأنه نشر ـ وبعد
الإتفاق مع وزير الداخلية شخصياً! ـ بعضاً من مذكرات الشيخ
زكي يماني غير المرضي عنه من قبل الأمراء، وخاصة سلطان!
والآن جاء الدور على رئيس تحرير صحيفة الندوة، الأستاذ
رفقي طيب، حيث أقيل ابن الحجاز البار لتغطيته حفلاً دعا
اليه فقيه مكة ومفتي الحجاز الدكتور السيد محمد علوي المالكي،
احتفاءاً بالإصلاحي الوطني محمد سعيد طيب.
ما هذه المملكة وما هذه القيادة الجبانة التي يفزعها
خبر أو بيت شعر أو مقالة؟ أم أن أي نشاط من قبل الحجازيين
ـ أياً كان نوعه ـ يبعث الفزع في أوصال المناطقيين الذين
يسيطرون على كل مفاصل الحياة الثقافية والإقتصادية والعسكرية
والأمنية إضافة الى الدينية والسياسية، فيعتبرون أي نشاط
بداية لتحلل سلطانهم الأقلّوي الإكراهي؟
لقد أقام السيد محمد علوي المالكي حفل تكريم لمحمد
سعيد طيب في منزله بمكة مساء الخميس 20/5/2004، حضره عدد
كبير من وجوه القوم، بينهم: د. عبدالمحسن هلال، د. عصام
قدس، السيد أمين عطاس، الشريف عبد الله فراج، د. عبدالرحمن
الشميري، البروفسور سعود سجيني، د. سامي عنقاوي، أسامة
السباعي، أسامة يماني، نجيب يماني، عمر كامل، مصطفى عطار،
محمد حسني محجوب، سمير دحلان، عبد الله دحلان، أسامة الحازمي،
كمال عبدالقادر، الطيب برير، عبدالله الطياري، د. محمد
عمر زبير، محمد خضر، رفقي طيب، سيف الشريف، محمد الحساني،
فؤاد ابو منصور، زهير كتبي، وغيرهم.
بدأ الحفل بتلاوة القرآن أعقبها إنشاد حجازي بصوت عباس
علوي مالكي، المنشد المعروف، ثم ألقى الكاتب القدير عبدالله
فراج الشريف كلمة دعا فيها إلى التخلق بآداب الحوار مع
الآخر، والى إحياء المدارس الفقهية الحجازية. انتقل الميكرفون
بعدها للكاتب المعروف محمد الحساني الذي أبدى سعادة غامرة
لأن يأتي عالم شرعي ليحتفي بمثقف ليبرالي، مؤكدا أن هذه
سابقة في هذا الوطن تمنى لها التكرار لما لها من المعاني
السامية والجميلة والنبيلة. بعدها تحدث د. عاصم حمدان
وأثنى على الطيب وعلى السيد المالكي، خاصة صبر الأخير
وقت الأزمات وأدبه الجم، و طالب بعودة درسه في الحرم المكي،
كما أثنى على نضال محمد سعيد طيب و(ثلوثيته) التي استمرت
لسنوات طويلة قبل أن تغلق في عصر الحريات السعودي!
بعد هذا تحدث د. سامي عنقاوي، ثم زهير كتبي الذي طلب
من محمد سعيد طيب تدوين مذكراته، لأن تجربته النضالية
السياسية في المطالبة بالإصلاح والمعاناة من أجلها في
السجون، وكذلك تجربته الثقافية الرائدة في كل من تهامة
و(الثلوثية)، وقال ان من حق الأجيال أن تتعلم منها، ومن
حق الأجيال الحالية أن تتمتع بتبيان فضلها وحقوقها. ثم
تحدث الأستاذ عمر كامل الذي أثنى على علم السيد المالكي
وعلى نضال الطيب وصبره. وفي الختام شكر الطيب المحتفين
به خاصة السيد محمد علوي المالكي مؤملاً أن يكون قد استحق
عشر الثناء الذي قيل فيه.
هذه خلاصة ما حدث، وقد نشر بعض ماجرى على شبكة المعلومات.
وبهذه المناسبة، قام رئيس تحرير الندوة الذي كان حاضراً
بتغطية الحفل لأهمية المحتفي والمحتفى به والحضور، خاصة
وأن قراء الندوة هم في معظمهم من الحجازيين. في التغطية
في الصفحة الأولى ليوم الأحد 23/5/2004 جاء عنوان مطول:
(الندوة ترصد احتفاء سماحة الدكتور السيد محمد علوي المالكي
بالأستاذ محمد سعيد الطيب، في لقاء العلم الشرعي بالفكر
الوطني المستنير) وأفردت الصفحة السابعة كاملاً لتغطية
تفاصيل الموضوع وبالصور.
بعد بضعة أيام من النشر أُقيل رئيس التحرير، وبالتحديد
يوم الجمعة 28/5/2004، وطلب منه أن لا يقرب مبنى الجريدة
التي تعتبر من أقدم الصحف السعودية صدوراً (1377هـ) أسسها
أحمد السباعي وصالح محمد جمال.
قيل أن كلمة او لقب (سماحة الشيخ) التي وصف بها المالكي
لم تتحمّلها المعدة المناطقية الطائفية النجدية، فهي على
ما يبدو حكر على المفتي النجدي. وقيل أن الإحتفال كان
تظاهرة سياسية لشخصين مغضوب عليهما: المالكي والطيب، لا
تريد الحكومة أن تسمع لهم صوتاً إلا همساً. ولكن مهما
قيل، فإن ما جرى يعني أمراً واحداً مهماً وهو أن آل سعود
لازالوا يرتعبون من بروز أي شخصية حجازية سواء في المجال
الديني او الوطني او السياسي او حتى الإقتصادي.
مملكة وحكومة تخاف من نشر خبر أو قصيدة أو مقالة لا
تستحق ـ فعلا ـ البقاء!
|