في السادس عشر من مارس الماضي أقدّمت أجهزة الامن التابعة
لوزارة الداخلية بحملة اعتقالات طالت عدداً من الاصلاحيين
البارزين في المملكة، وقد أجبرت بعضهم على توقيع تعهدات
خطيّة بعدم المشاركة في أية نشاطات سياسية أو مطلبية أو
الظهور في وسائل الاعلام الفضائي. وفيما أصرّ كل من الدكتور
عبد الله الحامد والدكتور متروك الفالح والشاعر الاستاذ
علي الدميني على عدم الرضوخ لضغوطات وزارة الداخلية والتمسك
بحقهم في التعبير عن مطالبهم المشروعة والحائزة على إجماع
طيف واسع من القوى السياسية والاجتماعية في البلاد.
وفيما كانت المداولات تسير بشكل محموم من أجل التوصل
الى تسوية في قضية الاصلاحيين الثلاثة، حيث كانت وزارة
الداخلية تبحث عن صيغة مناسبة ومشرّفة لها الى حد ما للخروج
من مأزق اعتقال الاصلاحيين غير القانوني، كان هناك فصل
آخر غير مرئي من قصة الاعتقال، الا وهو الذي كان يدور
داخل أقبية سجن عليشه، حيث خضع الاصلاحيون للتحقيق على
يد رجال الأمن، فكانت أسئلتهم تكشف عن العقلية المهيمنة
على الجهاز الأمني ووزارة الداخلية عموماً. إنها عقلية
لا تفرّق بين الاصلاحي الذي يحمل مطالب سلمية ويعتمد وسائل
علنية، والتكفيري الذي يلجأ الى وسائل عنفية ويدعو الى
الاطاحة العسكرية والسياسية بالدولة.
لقد نُشرت مسوّدة التحقيق مع كل من الدكتور عبد الله
الحامد والدكتور متروك الفالح على موقع دارة الندوة السعودي
http://www.daralnadwa.com/vb/showthread.php?t=128537
ونحن هنا نقوم بإعادة نشره لأهميته، بعد قيامنا
بمراجعة وثائق عديدة للمقارنة من أجل مطابقة تصريحات سابقة
لوزير الداخلية الامير نايف وما صدر عن الحامد والفالح
من آراء، من أجل التحقق من صحة ما نشر في هذه المسوّدة.
فيما يلي نص التحقيق.
- س: أنت متهم بتبني إصدار بيانات وعرائض
والسعي لإقناع أكبر عدد من المواطنين لدعم تلك البيانات
والعرائض ومن ذلك بيان (رؤية لحاضر الوطن ومستقبله)
و(معاً على طريق الاصلاح) و(نداء للقيادة والشعب معا)؟
ج: إذا كان المقصود هو الانفراد أو الابتداء فهذا
غير صحيح اما إذا قصد به الاشتراك مع آخرين فهذا صحيح،
وإنما اشتركت في إصدار بيانين هما (رؤية لحاضر الوطن
ومستقبله)، و(نداء للقيادة والشعب معاً). والعبارة
توحي بكثرة هذه الاشياء مع أنهما إثنان في كل سنة
واحد.
وإنما اشتركت للحصول على توقيع أناس معتبرين في
منزلتهم العلمية والدينية، وكان الحصول عل عدد كاف
يجعل الاقتراح ذا قبول علمي عند القيادة وعند المواطن
باعتباره نصيحة للطرفين معاً.
- س: أنت متهم بإعداد هذه العرائض وعرضها
على الآخرين لتوقيعها؟
ج: 1) هما عريضتان فقط 2) لكل منهما أسلوب في الاعداد،
فخطاب الرؤية بدأت فكرته في لقاء غير مرتب له في البحرين
على هامش مؤتمر مقاومة التطبيع الصهيوني، وجرى نقاش
بين عديد من الاطياف الثقافية منها اسلامية وليبرالية
وعلمانية حول المخاطر التي تمر بها البلاد من تدخلات
أجنبية ونحوها والحاجة الى بلورة خطاب اصلاحي ينطلق
من النقاط التالية ليكون الخطاب إسلامياً متمسكاً
بصريح الكتاب والسنة، وأن يؤسس عليهما الوسائل والاجراءات
والأفكار والنظم التي تتطلبها الدولة الاسلامية العربية
الحديثة، لأن هذا التجديد هو الذي يصدّ عنا عاديات
الهيمنة ورياح العلمنة ويقوّينا في سوق الدول.
لأن الافراط في أسلوب فقه سد الذرائع حجب عن الأمة
أشياء كثيرة نافعة ومكن ريّاح التغريب من التسلل الينا
ولا يمكن مطاولة رياح التغريب والعلمنة الا بصياغة
خطاب جديد ينطلق من النقاط التالية:
1 ـ العدل أساس الملك
2 ـ ضمان العدالة هي الشورى
3 ـ إطار الشورى هو النظام المؤسس وهو الذي يعبّر
عنه بالمصطلحات المعاصرة بالإطار الدستوري أو الدستور،
على أساس أن الاطار الدستوري في دولة مسلمة يتيح تطبيقاً
أعهد وأشمل للشريعة للدولة الحديثة.
4 ـ الالتفاف حول القيادة السعودية باعتبارها صمام
الأمان لوحدة البلاد في إطار مشروع إصلاحي مؤسس يعزز
قيم العدالة والشورى.
5 ـ أن لا يكون الخطاب الاصلاحي فئوياً تسيطر عليه
مجموعة ذات إنتماءات خارج الوطن او ذات أهداف غير
معلنة، بل يكون خطاباً وطنياً مستقلاً لا يمكن تجييره
لأي فريق إسلامي أو علماني.
6 ـ أن يراعي الخطاب ما ثبت في علم الاجتماع السياسي
من أن أي إصلاح لا يكون خطاباً للحاكم بل يشمل أيضاً
المواطنين، لأن أي مسؤول لا يستطيع أن يصلح إذا لم
يكن هناك نضج اجتماعي كاف حقيقة على الاصلاح ويساعده
على تذليل العقبات، ومن أجل ذلك ينبغي أن يكون الخطاب
دقيقاً في بنيته المعرفية وبسيطاً في لغته ومراجعاً
مراجعة شرعية تامة.. صاغ خطاب الرؤية محمد سعيد طيب
أثناء فترة الإجازة وعرضه علي في جدة في أحد زياراتي
له من ضمن آخرين عرض عليهم الخطاب وكتبت عليه ملحوظات
أعطيتها له ودار الخطاب قبل ملاحظاتي وبعدها بين الدمام
والرياض وجدة مراجعات وحذوفات..الخ، حتى استقرت صياغته
وشاركت مع عديد من الاخوان في تأصيله إسلامياً وتهذيبه
من هذه الناحية.
أما خطاب الاصلاح الدستوري فقد كانت أفكاره موجودة
ومتداولة بين المشاركين وغيرهم ولكن جرى نقاش حول
أن من المناسب تلطيف العبارات في خطاب الرؤية واقتضى
ذلك حذف كلمة (ملكية دستورية) واعتبار كلمة نقترح
على كلمة نطالب، وخطاب الاصلاح الدستوري ليس جديداً
في أفكاره بل هو توسيع للفكرة الرئيسية في خطاب الرؤية
التي عبر عنها بالمحور الأساسي، وعند نقاش الاخوة
في موضوع الخطاب كان الاتجاه الى كتابة خطاب عن إستقلال
القضاء، ولكن عند تأمل الموضوع تبين أنه لا يمكن تحديد
إجراءات إستقلال القضاء ما لم يكن مؤسساً على مفهوم
الحكم الدستوري في الاسلام، وقد تطارح المشاركون الرئيسيون
في هذه الاشياء وقد قمت بصياغة هذا الخطاب لاعتبارات
منها وجود فراغ من الوقت عندي ومنها حرصي على اللغة
الأدبية.
هذا قد يلتبس بعض الناس لأنهم يرون أنني قد كتبت
مقالات وأبحاث في هذه الموضوعات متصورين أنني معد
ومحرك كل هذه الخطابات.
بيد أنني لا أظن نفسي بهذا القدر من التأثير، وقد
روجع الخطاب من أشخاص كثيرين ولا سيما علماء الفقه
والاجتماع السياسي، ثم بدأ توقيعه بعد الاتفاق على
صياغته من المشاركين الرئيسيين، ثم أخذ كل منهم يعرضه
على من حوله وأنا من ضمنهم.
- س: هل جميع الأشخاص الذين وردت أسماؤهم
في البيانين الذي أشرت اليهما قد وقعوا بالفعل؟
ج: قامت لجنة تقديم كلا الخطابين وإرسالهما بالتأكد
من التوقيعات ففي الخطاب الأول كانت مكوّنة من الشيخ
سليمان الرشودي وتوفيق القصير والدكتور متروك الفالح
وعبد الله الحامد بمطابقة أسماء الموقعين على توقيعاتهم
بحيث تم التأكد من صحتها بشكل تام. هذا بالنسبة للرياض.
أما بالنسبة للتوقيعات التي في الغربية فبناءً على
التوقيعات والاسماء المرسلة عن طريقة الفاكس أو مباشرة
من الاستاذ محمد سعيد طيب، وبالنسبة للشرقية على ما
ورد عن طريق الاستاد على الدميني وكان عدد الموقعين
104، أما البيان الثاني فعلى غرار الأول حيث قام الاخوة
الذين تولوا إرسال البيان الى الأمراء بمطابقة الأسماء
على التوقيعات ووقعوا على ذلك، وتأكدوا من وجود توقيعات
لجميع الأخوة الذين قاموا بذلك هم الشيخ سليمان الرشودي،
متروك الفالح، وعبد الله الناصري وعبد اله الحامد
وعدد الموقعين 116 شخص.
- س: ذكرت أنك لم توقع على بيان (معاً
في طريق الاصلاح) مع أن إسمك وارد معهم؟
ج: هذا الخطاب المشار اليه لم أطلع عليه بتاتاً،
ولم يعرض علي وقد كنت مسافراً أثناء فترة التوقيع
وهناك أكثر من شخص بإسم عبد الله الحامد.
- س: في العرائض المقدّمة لسمو ولي
العهد تطالبون بإيجاد دستور مكتوب للبلاد مع أن المادة
الأولى من النظام الاساسي للحكم نصّت على أن دستور
البلاد هو كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)
فهل ترغب بإيجاد دستور غيرهما؟
ج: أولاً: كلمة دستور الواردة في النظام الاساسي
بالمعنى المجازي وقصد بها أن الإسلام هو مرجعية الدولة
في القضاء، وفي علاقة الحاكم في الشعب، وفي حقوق المواطنين،
وفي طريقة تحقيق العدالة، وفي طريقة تحقيق الشورى.
فالشريعة الاسلامية هي دين ونظام حياة روحية وعبادات
وحياة مدنية، أو ما سماه فقهاؤنا الأقدمون المعاملات.
ومن هنا فالعبارة التي وردت في النظام الأساسي غير
دقيقة، فالأدق أن يقال مرجعية القضاء والقوانين وعلاقة
الحاكم بالمجتمع هي الكتاب والسنة. واستخدامها بهذا
المعنى مجازي.
ثانياً: كلمة دستور في علم الاجتماع السياسي والقانون
ذات معنى محدد وتعريف جامع مانع، ويقصد به الأمور
التالية:
أ ـ أن تصدر الدولة مدونة تنص على حقوق المواطنين
سياسية واجتماعية ومدنية وثقافية أو ما يسمى (حقوق
الانسان) التي قررها الإسلام قبل 14 قرنا من تنادي
الأمم الحديثة اليها اليوم.
ب ـ أن العدالة التي أمر الله بها أنبياءه، وجعلها
أساس الحكم وصلاح البلاد والعباد، لا يمكن أن تتحقق
عبر جهود الأشخاص مهما كان صلاحهم وإخلاصهم، لا سيما
في الدولة الحديثة التي تملك وسائل للسيطرة تشرف على
الانسان من المهد الى اللحد، وهذا يعرض كرامة الانسان
والحقوق التي أوجبها الله على أنبيائه، ومن غيرهم
أولى، لا يتم ذلك في الدولة الحديثة الا بإجراءات
تحدد السلطة وتوزع المهام، لكي لا تصبح القرارات الكبرى
التي تؤثر على الأمة وما لها من عزة، وما لها من كيان،
بيد فرد واحد، ومن هنا يصبح وجود مجلس منتخب من الراشدين
من الناس ذكوراً وإناثاً من المصالح الشرعية، وهو
تجسيد لفكرة أهل الحل والعقد وأولي الأمر الذين كان
الرسول يستشيرهم في أمور الإدارة سلماً وحرباً كأبي
بكر والحباب بن المنذر رضي الله عنهم ونحوهما، ومن
هنا يصبح وجود مجلس شورى هو البرهان على تطبيق الشريعة.
ونستحدث من الوسائل لدولتنا الحديثة ما يحقق المقاصد
الشرعية، ويكون لهذا المجلس سلطة على المحاسبة والمراقبة
لحفظ أموال الأمة العامة ومحاسبة الذين ينتهكونها
أو يفرطون فيها، لكي لا تضيع أموالنا وتنفذ ثرواتنا
وتتراكم ديوننا، فنتعرض لمزيد من الاذلال والتدخل
في شؤوننا، ونفرط في مستقبل أجيالنا القادمة.
ج ـ نص البيان الاساس للحكم يقول بأن الملك هو
مرجع القضاء، وهذه الفقرة تجسيد لإتجاه فقهي قديم
يرى بأن الحاكم هو القاضي الأصيل وليس القضاة الا
وكلاؤه، وأن الحاكم بناءً على ذلك أدرى بالمصلحة،
وأنه الحكم عند التنازع، وفي ذلك قياس على النبي (صلى
الله عليه وسلم) والخلفاء الراشدين. وهذا القياس ليس
مسلماً به لأن النبي بل الخلفاء الراشدون لهم صفة
الاجتهاد والورع، وطبيعة التولي لا تسمح بقياس الناس
عليهم كائناً من كان، ومن هنا فإن استقلال القضاء
هو المطلب الثالث من مفهوم الدستور.
د ـ بناء على ذلك تسمى الادارة السياسية في المصطلح
القانوني الدولي السلطة التنفيذية، وهذا يعني توزيع
بعض مهامها التشريعية، وأن لا تنفرد بتعيين القضاة،
بل يكون للقضاء عبر المجلس الأعلى للقضاء اليد الطولى
بالتعيينات وبأن يكون لهم الحق في عدم تطبيق القانون،
أو الأمر الذي يرونه مخالفاً للشريعة، كأوامر إعطاء
بعض المتنفذين ملايين الأمتار ونحوها.
ولاستكمال إستقلال القضاء، ينبغي مراجعة الأنظمة
والقوانين التي تصدرها الدولة من قبل هيئة شرعية عليا
منتخبة من فقهاء مستقلين، لكي تثبت في مسألة أن هذا
النظام أو ذلك مخالف للشريعة أو موافقاً لها، أما
الكلام عن تطبيق الشريعة في ظل هذه العبارات التي
لا تحدد من هو الحاكم في اعتبار هذا النظام أو ذلك
من الشريعة، فإن ذلك من مداخل الحكم بغير ما أنزل
الله في توزيع المال ونحوه. كما أن عبارات الانظمة
المرعية التي ترد في العديد من الأنظمة تزيد من إبهام
قضية تطبيق الشريعة.
هـ ـ إن صيانة العدل لا تتم الا بالشورى، ولا يمكن
صيانة القضاء العادل الا بتفاعل المجتمع، فالناس شهود
لله في أرضه. وإن الذي يحمي القضاة من انتهاك حقوقهم
ليس هو النظام فقط، ولا الصلاح الشخصي فقط.. فالقضاة
مهما كان صلاحهم إذا لم تضمن حقوقهم لا يستطيعون الدفاع
عن الضعاف، ولا رد التدخلات اذا لم يكن المجتمع داعماً
لهم، لكي لا يسهل عزلهم، ولذلك ضوابط واجراءات حديثة
إكتشفتها الامم، وهذه الاجراءات في الجملة مما يحقق
مقاصد الشريعة، والقول بأنها مخالفة للشريعة جهل بالشريعة
أو بهذه الاجراءات أو بهما معاً.
من أجل ذلك لا بد من توحد جمعيات المجتمع المدني
ثقافية واقتصادية واجتماعية ومهنية نقابات وجمعيات.
فبهذه الجمعيات يتم تحقيق مقاصد الشريعة في الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر في كافة المجالات، وهي
الضابط الحقيقي الذي يصون المجتمع من تغوّل الدولة،
ويحمي الدولة من الانهيار.. وبدون وجود هذه الجمعيات
فإن الاستناد بالقرار لا يؤدي الى سوى الاضرار بالبلاد
والعباد.
من هنا فإن للدستور تعريفاً دقيقاً في الفقه القانوني
وعبارة الاسلام دستورنا عبارة مجازية، أما عندما نقول
دولة دستورية أو ملكية دستورية، فذلك يعني النقاط
الخمس السابقة، والدستور بهذا المعنى هو التطبيق الشامل
للشريعة الذي يتم فيه تطبيق الحدود على الشريف والوضيع
معاً، والكبير والصغير والقريب والبعيد دون تميّز
بين أعراق الناس، وتتم فيه قسمة المال وفق ما أمر
الله به وطبقه السلف الصالح في العهد الراشد. فهذه
الحقيقة في نموذج الدستور الاسلامي الذي ينبغي ان
نحاول الاقتراب منه دون أن نقفز فوق الواقع الاجتماعي
ونسير إليه بتدرج. فأول الاصلاح هو سلامة الأفكار،
وهذا ما يركز عليه البيان: أن يكون هدف الإصلاح هو
المفهوم الدستوري للحكم وفي ذلك وضوح للغاية. ثم التعريف
بهذه الأفكار، ثم دعوة الناس قيادة ومجتمعا اليها،
ومن دون ذلك فإن العلمانية آتية الى هذه البلاد لا
ريب فيها، أو الفوضى والحروب الاهلية.
ملاحظة هامة: طلبت من أبو بلال الإيجاز فاعترض
على ذلك.
- س: لم تجب عن سؤالنا السابق،
بل أتيت بما يفهم منه أن الحاكم القائم بهذه البلاد
حالياً لا يستند الى كتاب الله وسنة رسوله (صلى
الله عليه وسلم) فما جوابك؟
ج: أرجو ذكر العبارة التي فهمتم منها هذا الشيء
لكي أستطيع إزالة ما فيها من لبس.
- س: عندما أشرت أن كلمة دستور
هي علي سبيل المجاز ولكن علمت عندما ذكرت أن قياس
الدولة اليوم على دولة الخلفاء الراشدين لا يستقيم،
وأيضاً يفهم من كل جوابك السابق أن الدولة لا
تطبق أحكام الشريعة؟
ج: أولاً، فهمكم خطأ وخطأ صريح وعلى كل حال
فالمفهوم غير المنطوق.
ثانياً، أحاول أن أعيد ما قلت بتركيز: أ ـ
لم أقل أن الحكم لا يستند الى كتاب الله وسنه
رسوله، ولا زلت أصرّ على ذكر العبارة الدالة على
ذلك.
ب ـ أن كلمة دستور في المصطلح القانوني تعني
الضابط للعلاقة بين الدولة والمجتمع، وأن هذا
الضابط لتنفيذ خمس إجراءات ذكرتها سابقاً، وهذه
مسألة إصلاح في القانون الدستوري وفي علم الاجتماع
السياسي، وكما قال علماؤنا الأوائل لا (......)
في الاصلاح، وهذا الاصلاح ليس من مبتكراتنا إنما
هو مصطلح عند أهل العلوم الاجتماعية والقانونية.
ج: (أدعو الهيئة الى عدم التدخل في التحقيق)
(استخدم بعض الاسلاميين بدءاً من حسن البنا عبارة
الاسلام دستورنا) وهي ذات إيحاء إيجابي قصد به
أن مرجعيتنا في العلاقة بين الحاكم والمجتمع هي
الاسلام لكنها إحتوت على قدر من الابهام، لأن
الفقهاء القدامى في ظل الاستبداد القديم لم يتمكنوا
من بناء منظومة دستورية متكاملة تحدد مركز الوالي
وأنه وكيل عن الأمة ونائب عنها، وتحدد واجباته
مقابل حقوقه، وهذا إجراء أدى الى لبس كبير. الدولة
تعلق في أنظمتها مرجعية الشريعة، ولكن كثيراً
من المسؤولين عندما يتحدثون عن الاسلام يخلطون
مثلاً بين النظرية والتطبيق، وكأننا نحن بسلوكنا
الاجتماعي والسياسي نجسد الاسلام. فهم مثلاً يقولون
حقوق الانسان في الاسلام، بدلاً من عبارة حقوق
الانسان في المملكة، وهذا يوهم بان كل شيء قرره
الاسلام معمول به في المملكة.
هـ ـ الحكم في هذه البلاد استند الى كتاب الله
وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) وأعلن هذا الاستناد
في الأنظمة، ولكن في بعض الانظمة وبعض التطبيقات
قصور واضح عن الالتزام بالشريعة. (طلبت الهيئة
من المحامي عدم التدخل).
- س: أنت متهم بالمطالبة بتغيير
نظام الحكم بهذه البلاد فما جوابك على ذلك؟
ج: الاتهام غير صحيح. أنا أطالب بتطوير نظام
الحكم، ليكون أقدر على مجابهة التحديات الخارجية
وإستيعاب المستجدات التي إن لم نقم بها من عند
أنفسنا، فقد نتعرض الى ضغوط خارجية تسلبنا خصوصياتنا،
وما طرح من أفكار صريح وواضح بأن المقصود منها
تعزيز نظام الحكم وتقويته عبر ترسيخ مفهوم المؤسسة
لضمان العدالة والشورى.
- س: أنت متهم بعقد إجتماعات ومنتديات
وإصدار وثائق لتلك الاجتماعات دون أخذ إذن من
الجهات المختصة، ومن ذلك الاجتماع الذي عقد بفندق
الفهد كراون بتاريخ 15/1/1425هـ فما جوابك عن
ذلك؟
ج: أرجو تحديد المقصود بالمصطلحات المذكورة
في السؤال مثل (عقد) (إجتماع) (منتدى) (إصدار
وثائق لتلك الاجتماعات).
- س: بتاريخ 5/1/1425هـ عقد إجتماع
في فندق الفهد كراون ووجهت الدعوة لعدد من الطوائف
فما الهدف من هذا الاجتماع؟
ج: لهذا الاجتماع قصة، فهذا الاجتماع دعا اليه
في جدة يوم السابع عشر من رمضان الاستاذ محمد
سعيد الطيب في منزله في جدة، واتصل به الامير
عبد العزيز بن فهد ذاكرا له أن هذه الفترة غير
مناسبة للاجتماع مطالباً تأجيله فتم تأجيله. فتشاور
الأخوة في الرياض حول الموضوع، وتم لقاء مع الأمير
عبد العزيز بن فهد في منزل الدكتور توفيق القصير،
ونوقش موضوع الاجتماع، فذكر الامير أن التحفظ
على الاجتماع في فترة محدودة هي رمضان، وأنه ليس
هناك ما يمنع من عقده فيما بعد، وبما أنه هو الذي
اتصل لمنع الاجتماع السابق فقد اعتبر كلامه ضوءاً
أخضر من القيادة، وبناء على ذلك تشاور الأخوة
في الرياض في الدعوة الى التلاقي الحر المفتوح
على أساس أن هذا العمل عادي، وأن المثقفين لا
حرج في لقاءاتهم كما تتلاقى الأسر والقبائل في
هذا البلد، وأن ما يقبل من القبائل والأسر ليس
هناك ما يمنع من مثله من المثقفين. استناداً الى
الضوء الأخضر، فقد بحثت فكرة اللقاء، ورأى الأخوة
في الرياض أن من الأنسب أن يتولوا جميعاً الدعوة
اليها لكي لا تصبح دعوة شخصية محتكرة في الشخص
المحدد. ثم بناءً على ذلك تحدد الموعد والداعون
عديدون وكنت مسافراً واشتركت معهم في دعوة بعض
الاشخاص، ودعا كل شخص منهم أشخاصاً آخرين، وعندما
عدت من السفر وجدت ان المكان الذي خصص للقاء غير
مناسب، لأنه في استراحة في حي السلي، وقد توحي
بأن اللقاء سري، فتطارحنا فكرة كون الاجتماع في
مكان لا نحتاح فيه الى الانشغال بطعام ولا بتوصيف
مكان ولا يمكن أن يثار حوله غبار، فكان اختيار
الفندق. وحيث أن الاتفاق مع الفندق لترتيب الطعام
لا يمكن أن يكون في سند الايصال بعدة أسماء، فقدت
تمت كتابة إسمي في الإيصال، وبعد حصولي على توقيعات
من الداعين الى اللقاء تتضمن تكليفي أنا وعلي
الدميني بذلك. إن الصورة من بعيد قد تكبّر دوري
ولكن من قريب يتبين أن المشتركين كثيرون ومعروفون.
- س: أنت من ضمن الحاضرين لهذا
الاجتماع، فمالذي دار فيه؟
ج: ما بقي في ذاكرتي (علما بأن مريض السكر
ضعيف الذاكرة) دارت الأفكار والقضايا التالية:
أ ـ أن بلدنا مهدد بالعنف، وأن الاسلوب الاستراتيجي
لمحاربة العنف هو الاهتمام بالاصلاح السياسي.
ب ـ بعد الخطابين السابقين، ينبغي عدم كتابة
خطابات جديدة ومحاولة تفعيل الخطابين عبر الاتصال
برموز القيادة والادارة العليا لشرح المفاهيم
المستغربة مثل كلمة: الدستور واستقلال القضاء
وكلمة ملكية دستورية ونحوها.
د ـ أن يتم طلب اللقاء بجميع عناصر القيادة
من أجل بناء علاقة ايجابية بين دعاة الاصلاح الدستوري
وأركان القيادة، ومن أجل المطالبة بحق المثقفين
بالسماح لهم بأفق أوسع على أساس قاعدة كلما أعطيت
الذين يتكلمون فوق السطح مساحة أوسع، كلما أسهمت
في منع تسرب المياه للطبقة الجوفية، على أساس
القاعدة المعروفة في علم الاجتماع في كل مكان
عندما تجد انفجاراً فاسأل عن الضغط.
- س: تفيد المعلومات أنه سيعقد
إجتماع لاحق بتاريخ 8/4/2004م على غرار الاجتماع
السابق فما جوابك؟
ج: من خلال ادارة اللقاء المذكور سابقاً، علت
بعض الاصوات التي تطالب بإستمرار التلاقي، حيث
أن هذا الأمر لم يكن وجيهاً، فقد تمت محاولة تطويق
أثناء الاجتماع من خلال طرح أفكار أنه لا ينبغي
وجود لقاء الا بعد التأكد من وجود رؤية مشتركة
لدى المطالبين بالاصلاح، لأن اللقاء كشف عن تناقضات
بين الملتقين وعن حضور أناس غير قليل لم يدعوا
(من جنوب البلاد) وكأن طرح هذه الفكرة من أجل
العودة عن فكرة اللقاءات بهذه الصورة والانتظار
حتى يتم دراسة آثارها ومصدرها عن القيادة، لأننا
ندرك ان هذا النمط من اللقاءات تثور حوله حساسيات
كثيرة، والاخوة حريصون على عدم هدم ما بنوه من
علاقة إيجابية مع القيادة.
- س: سبق أن قدمت لولي الأمر العريضة
بإسم (رؤية لحاضر الوطن ومستقبله) فما سبب تكرار
مثل هذه العريضة وعقد الاجتماع لهذا الغرض، فالأولى
الاكتفاء بالعريضة الأولى إذا كان هدفكم الاصلاح
وبذلك تبرأ ذمتكم، خاصة وأن مثل هذه العرائض وعقد
الاجتماعات تجاوزت حد الاصلاح والنصح، وأصبح ظاهرة
تسيء للأمن والدولة والشعب فما جوابك على ذلك؟
ج: 1) لم تتكرر الاجتماعات ولا العرائض، وإنما
هي عريضة أتت بعد عام من العريضة الأولى، أن يتم
تذكير القيادة كل عام مرة. هذه من الصعب اعتبارها
ظاهرة مسيئة الى الدولة والشعب.
2) أن من الخطورة أن يشيع بين الناس تصور أن
الدولة هي المسؤولة عن الأمن فحسب، أو أن رعاية
الأمن تنحصر في الدولة دون المواطن، وأنه ليس
للعلماء ولا للفقهاء ولا المفكرين أي دور في ذلك.
3) إن مفهوم براءة الذمة لا يعني الاقتصار
ولا ينحصر بمرة واحدة، ولكن يلزم فيه حسن التأني
واتباع الحكمة، أما القول بعدم تكراره فلا دليل
عليه شرعاً.
4) إن صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله في
لقائه بالمثقفين لمس الحقيقة الاجتماعية التي
تقول بأن الاصلاح لا يكون فوقياً، بل لا بد أن
يواكبه وعي شعبي، وأشار الى أهمية النضج الاجتماعي
من أجل تقبل الاصلاحات، فجاء خطاب الدستور محاولاً
السير في هذا الاتجاه. أتصور أن كثيراً من الشوشرة
التي حصلت إنما جاءت من أن المسؤولين اعتبروا
أن الذين وقعوا خطاب الاصلاح الدستوري هم الذين
وقعوا خطاب (معاً على طريق الاصلاح) وليس بين
الخطابين الا قرابة شهر، ولكن هذا غير دقيق.
- س: ورد في العريضة (نداء الى
القيادة والشعب) التشكيك في استقلالية وحيدة ونزاهة
القضاء، وقد نصّت المادة 46 من النظام الاساسي
للحكم على استقلالية القضاء، ولا سلطان على القضاء
لغير الشريعة الاسلامية. فما سبب هذا التشكيك؟
ج: ما ذكر في خطاب الاصلاح الدستوري لا يتضمن
تشكيكاً في استقلال القضاء ولا حيدته ولا نزاهته،
وانما هي تشد على أيدي القيادة في الحرص على استقلال
القضاء وتحكيم الشريعة في صغار الأمور وكبارها،
وتطالب بتعزيز هذا الاستقلال من خلال إجرءات وضمانات
تجسد ما أعلنه النظام. فما أعلنه النظام يحتاج
الى عديد من الاجراءات التي أصبحت تتطلبها كثرة
المشكلات وتنوعها وتعقدها.
- س: من خلال جوابك السابق، فأنت
متهم بالتشكيك بنزاهة القضاء في الوقت الحالي
في البلاد؟
ج: لا نشك في نزاهة القضاء ولا في استقلالية
القضاة وحيدتهم الشخصية، لأن نظام القضاء (لا
القضاة) يسمح بتدخلات وتدخلات. المطالب به هو
(تعزيز استقلال القضاء والقوانين) أما استقلال
القضاة، فموجود وليس محل نقاش. والنقاط التي طرحت
للتعزيز ليست نقاطاً إنشائية، بل هي محددة ومبينة
على ثلاثة أشياء وردت في الاجابة السابقة.
- س: ورد في العريضة (نداء للقيادة
والشعب معاً) المطالبة بالسماح لقيام تجمعات مختلفة،
وعدم المساس بحق الناس في التجمع والاعتصام والتظاهر،
فما علاقة ذلك بالاصلاح؟
ج: المقصود بذلك أن جمعيات المجتمع المدني
ـ كما أشار خطاب النداء نفسه ـ تمثل بلورة معاصرة
لتجسيد مقاصد الشريعة في قيام الأمة في التعاون
على البر والتقوى والتناهي عن الإثم والعدوان،
فحينما يوجد منكر من المنكرات السلطانية أو الاجتماعية
كيف يمكن النهي عنه؟
لا يحقق القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر سراً فيما يعلن من المنكرات الا بتظافر
جهود الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر تحقيقاً
لقوله تعالى (ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير
ويأمرون بالمعروف...) وقوله تعالى (المؤمنون والمؤمنات
بعضهم أولياء بعض...) وجماعات المجتمع المدني
من نقابات وجمعيات هي التجسيد للعلاقة بين المجتمع
والقيادة، كما نص حديث عبادة بن الصامت وغيره
من الاحاديث. والتظاهر المشار اليه موصوف بأنه
سلمي، وكذلك الاعتصام، ولم يطلب الخطاب من الناس
أن يتظاهروا ويعتصموا، بل طلب من الدولة أن تسمح
لهم (بل هي وجهة نظرة) لتستطيع الدولة أن تقبلها
أو ترفضها، بيد أن السماح من وجهة أخرى، هو الاسلوب
الصحيح لامتصاص العنف الاجتماعي، لكي يتحول العنف
المادي والدموي الى أسلوب سلمي عبر ما يسمى بالصراع
الرمزي الذي جربته الدول، وكم من بيان وكم من
إعتصام أثار قضية مهمة فوقى الله الأمة شر الفتنه
التي تسيل فيها الدماء، والمجتمع المدني هو سر
قوة الغرب ونهضته، وفقدانه في الدول العربية جرّ
الى الصراعات الدموية بين الدول العربية نفسها
والمجتمعات.
أقفل المحضر في تمام الساعة الواحدة
ظهراً بناء على رغبة الدكتور عبد الله الحامد،
على أن يستأنف التحقيق غداً.
اليوم الأربعاء الموافق 9/3/1425هـ ـ استكمال التحقيق
مع الدكتور عبد الله الحامد
- س: ورد في العريضة المشار اليها
(نداء للقيادة والشعب معاً) مطالبة المثقفين والخطباء
والأدباء في المطالبة بالاصلاح الدستوري والدعوة
اليه عبر المنابر والمجالس والمساجد والجوامع
والنوادي، وهذا فيه تجاوز لحدود النصيحة الشرعية..
فما أسباب ذلك؟
ج: أرجو تحديد هذا التجاوز لأن ما أعرفه أن
من الآيات والأحاديث قول الله سبحانه وتعالى (ولتكن
منكم أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر..)
وقوله تعالى (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل...)
ولما قرره العلماء كالغزالي وابن القيم وابن حزم
من أن النصيحة وإنكار المنكر يكون بإذن الامام
وعهده، وواضح من الخطاب القرآني للأمة بأن الأمة
هي المخوّلة شرعاً بالأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر، ومن ذلك يتقرر أن نصيحة الحاكم فيما هو
معروف من التصرفات المعلنة لا يلزم كونها سرية،
وواجب رجال العلم بكافة تخصصاتهم أن يبينوا للناس
ما يحتاج الى بيان، سواء في أمور الاقتصاد أو
السياسة أو التعلم، إستناداً الى صريح قوله تعالى
(وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه
للناس..) وهذه نصوص تدل دلالة قطعية على أنه ليس
من حق أهل العلم أن ينصحوا فحسب، بل من واجبهم.
- س: ورد في العريضة المشار اليها
(نداء للقيادة والشعب معاً) دعم هذه العريضة وجمع
تواقيع المشاركين، واعلانها عبر كافة الوسائل
المتاحة، ليكون النداء عريضة شعبية، فما المقصود
من ذلك؟
ج: ورد في الحديث (حيثما تكونوا يول عليكم)
وفي الحديث الآخر (أبرارها أمراء أبرارها..).
ومعنى ذلك أن أي إصلاح لا يتم من القيادة اذا
لم توجد له تهيئة اجتماعية لتساعد الناس على ترسيخه،
فلو أرادت الدولة إصلاح التعليم من دون تهيئة
المدرسين لذلك ودعمهم لهذا الاصلاح فإن الاصلاح
سيفشل.. وعلى هذا فقس.
وهذا المعنى أشار اليه الأمير عبد الله في
لقاء المثقفين عندما قال ما معناه أنه ينادي بالاصلاح،
ولكنه يعتقد بأن الاصلاح لا يمكن أن يتم الا إذا
كان الناس على درجة من النضج. الناس يحتاجون إذن
الى إنضاج والانضاج يحتاج الى خطاب يحدد غايات
الاصلاح ووسائله، وهذا الدور ينبغي ان يتجه اليه
الاصلاحيون، وينتظر أن تدعم الدولة هذا الاتجاه،
وأن تتيح له من المنابر والفرص ما للاتجاهات الأخرى
مادامت قد أعلنت عن رغبتها في الاصلاح.
- س: أنت متهم بالسعي الى حث العلماء
والدعاة والمرشدين على كافة المنابر والمساجد
للدعوة الى ما يسمى بالاصلاح ودعم عريضة (نداء
للقيادة والشعب معاً) لنشرها عبر كافة وسائل الاعلام،
وهذا يعد تحريضاً للشعب وتأليبهم على الدولة،
والخروج على ولاة الأمر، وتشكيل جماعات ضغط على
الدولة، مما يؤدي الى إثارة الفتنة؟
ج: الأمر بالمعروف له طرق مقررة عند العلماء
وقد مررت أنا بثلاث مراحل في هذه المسألة. اولاً،
كتابات سرية الى خادم الحرمين الشريفين والى أكثر
من أمير، وكان جوابها الاهمال التام. وعندما كثرت
المشاكل وبدأت التدخلات الاجنبية التي تضغط لتعديل
المناهج الدينية وأوضاع المرأة وأوضاع حقوق الانسان،
لم يعد من المناسب ولا من المقبول شرعاً أن نسكت
عن أمور تركها يتيح تدخلات أجنبية.
مصطلح الفتنة مصطلح رجراج وغير منضبط شرعاً،
وبالتالي يمكن استخدامه بدون ضوابط. وقبل بضع
عشرة سنة، اعتبرت الدولة مناداتنا بحقوق الانسان
الشرعية من الفتنة، ومن التحريض عليها، ومن التأليب،
واستصدرت الفتاوى التي تعتبر ذلك من الأمور المحظورة.
وقد طعن في اعراضنا وسلامة تفكيرنا واتهمتنا الدولة
بالعلمانية وفصلتنا من أعمالنا، فأخلّت بموارد
رزقنا ورزق أولادنا، وسجنتنا وحرمتنا، وفي النهاية
تعلن الدولة لجنة لحقوق الانسان، وهذا يدل على
أن الارض تدور، سواء عرفنا أنها تدور أو لم نعرف،
لأن هناك آليات معاصرة لتحقيق مبادىء العدل والشورى
التي فرضها الله على الانبياء، وغيرهم أولى، وأننا
بحاجة إليها لكي ندفع عن بلادنا عاديات الفتنة
التي يبدو من مظاهرها العنف، كما يبدو التدخلات
الأجنبية...الخ.
الدولة في كل مجال تقول أن الشعب غير ناضج
لممارسة الشورى، والمسؤولون يصرحون بذلك في الصحف
الأجنبية، ولا سيما في أمريكا في القنوات الاعلامية،
والمتوقع في هذه الحالة أحد أمرين: أن تقوم الدولة
نفسها بتكثيف إعلامي في مفاهيم استقلال القضاء
وجمعيات المجتمع المدني وضوابط الحرية في الاسلام،
حقوق المتهم في الاسلام، المفهوم الدستوري للحكم،
مفهوم التعدد والمواطنة؛ او على الاقل تسمح للتيارات
الاصلاحية بالنشاط، مادام نشاطها سلمياً وملتزماً
روح الشريعة ونصوصها، ومحافظاً على وحدة البلاد
وملتفاً حول القيادة.
أما التشكيك بدعوة الاصلاح الدستوري بشتى الاتهامات،
فإن الدولة بذلك تسحب البساط من تحت أقدام التيار
الذي أعلن ولاءه التام لها باطناً وظاهراً، وبأن
الاصلاح لا يكون قفزاً فوق جدران الواقع، وأن
الاصلاح الدستوري له أسس ومبادىء شرعية لا يتجاهلها
الا غافل عن مفهوم أو غافل عن الشريعة أو غافل
عنهما معاً، وآمن بأنه لا يمكن أن تتعزز مبادىء
العدالة والشورى بالحكم السعودي من دون قفز ولا
اهتزاز.. وتشويه هذا التيار إنما يصب في النهاية
في خدمة تيارات ثلاثة:
الأول: تيار اليائسين من الاصلاح الذين ينادون
بالاصلاح فوق الدولة وممن استبدوا بكلمة إصلاح.
الثاني: تيار العنف.
الثالث: التيار الأميركي الاسرائيلي الذي يتحين
الفرصة لتقسيم البلاد. ونحن وإياكم المتهمون لنا
بالتحريض والفتنة، عسى أن لا نكون كما قال دريد
بن الصمة:
نصحتهم نصحي بمنعرج اللوى
|
فلم يستبينوا
النصح الا ضحى الغد
|
- س: إتضح من خلال جوابك السابق،
أن هدفك ليس الاصلاح فيما تقوم به أخيراً من أعمال
تدعي فيها الاصلاح، وإنما هي انتقام لنفسك فما
جوابك؟
ج: لك أن تفهم ما تشاء، وجميع دعاة الاصلاح
والقسط، وعلى رأسهم الانبياء، تعرضوا لأكبر من
هذه التهم.
-
س: ورد في عريضة النداء أن الاخلال بالشورى
الشعبية سيؤدي الى مخاطر عظمى متوقعة، وهذا يدل
على أن الموقعين على العريضة لهم علاقة بأحداث
الارهاب التي تعاني منها بلادنا اليوم فما جوابك
عن ذلك؟
ج: غير صحيح إن استنتاجك بأن للموقعين علاقة
بأحداث الارهاب، والصحيح أن الموقعين قدموا أنفسهم
في بداية الخطاب على أنهم من أهل التحليل الاجتماعي
والسياسي، وسنة الله الاجتماعية تنبؤك بأن الظلم
والقهر ما وجد في الدولة الا آل بها الى الخراب
والفتنة، كما نص على ذلك القرآن الكريم بقوله
تعالى (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون).
فترك مشاورة الناس يحجب عن الحاكم القرار الأنسب
(كما حصل في مشاكل كثيرة داخلية وخارجية) وما
أوجب الله سبحانه وتعالى على نبيه (صلى الله عليه
وسلم) وهو المسدد بالوحي، فذلك لم يكن عبثاً.
وكل دولة لا تطبق الشورى سيشيع فيها الفساد
الاداري والمحسوبية والاستئثار بالسلطة والاستئثار
بالمال، وهذا علم الاجتماع السياسي يؤكد أنها
ستثور، أما وقت ...... العلم تحديده لا يعلمه
الا الله، وهذا فرق بين سنة الله الاجتماعية التي
تتسم بالاحتمالية، وسنة الطبيعة التي تتسم بالحتمية.
ومنذ سنة 1411هـ وكتاب الاصلاح يقولون شفوياً
وتحريرياً أن الدولة تحتاج الى كذا وكذا، وأن
العدالة هي التي تسحب البساط من كافة التيارات
والتدخلات والفتنة، وأنه لاعدالة من دون شورى
ملزمة، ولا شورى ملزمة من دون مجلس منتخب، وتاريخ
الدولة العثمانية ماثل، فمهما يملك الحاكم من
سلطان وآلات وثروات من دون عدالة فإن الفتى لا
بدّ ميت.
وهل اليمامة عندما قالت لهم الزرقاء أن الجيش
قادم كانت ترى بعين البصر؟ أهل التحيل الاجتماعي
والسياسي يرون بعين البصيرة، ولو فقأ أهل اليمامة
عيني الزرقاء، فإن هذا لا يمنع من قدوم الاخطار.
- س: من خلال المقابلة التي تمت
معك من خلال الفضائية (يقصد بها محطة إل بي سي
اللبنانية) بتاريخ 11/1/1425هـ وجهت نقداً حاداً
لبعض مؤسسات الدولة كالقضاء وأجهزة الأمن، وإثارة
مثل هذه الإمور لا تخدم المصلحة، وتؤلّب المجتمع
على الدولة، وتثير العنف بما جوابك عن ذلك؟
ج: ما ذكرته في الجواب السابق من تفصيل هو
جواب لهذا السؤال. وباختصار في كل مقابلة أبرز
أهمية الاصلاح والمشاكل الكبرى التي تحتاج الى
اصلاح، وأدعو المسؤولين كالأمير عبد الله الى
أن ينتقلوا من مرحلة الأقوال الى مرحلة الأفعال.
أعتقد أن هذا حقي وواجبي كإنسان من أهل العلم؛
ونحن شركاء في هذا البلد ومواطنون كل منا يتحمل
مسؤولية تجاه أمن الوطن وسلامته، سواء أكان في
الصفوف الخلفية أو الأمامية، وهذا تحقيق لقوله
تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا
قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم).
- س: سبق أن منعت من السفر لأسباب
تعلمها، ثم صدر عفو سمو وزير الداخلية عنك وسلم
لك جواز سفرك بعد أن كتبت إقراراً خطيّاً بعدم
العودة لأسباب الحظر فلم لم تلتزم بذلك؟
ج: مسببات الحظر كانت هي عدم الكلام في حقوق
الانسان، وعندما صار الحرام بالأمس واجباً اليوم،
وما أوجدته الدولة من لجنة لحقوق الانسان، لم
يعد هناك مبرر للحظر. هذا ما فهمته.
أقفل المحضر في تمام
الساعة 11,50 صباحاً وبذلك انتهى التحقيق.
التحقيق مع الدكتور
متروك الفالح
بسم الله الرحمن
الرحيم
محضر التحقيق مع الدكتور: متروك الفالح
يوم الاربعاء الموافق 9/3/1425هـ
- س: إنت متهم بإصدار بيان
وعرائض والسعي للحصول على توقيعات أكبر عدد
من المواطنين لدعم تلك البيانات والحصول على
توقيعاتهم فما جوابك؟
ج: الموقعين على مذكرتين وهي (رؤية لحاضر
الوطن ومستقبله) و(نداء للقيادة والشعب معاً)
فأنا من الموقعين عليها. وبالنسبة لتجميع
التواقيع فما سعيت اليها بالضرورة، وهناك
أناس يسألوني، ومن خلال استشارتي ربما إقتنعوا
من النقاشات، وربما إقتنعوا بالتوقيع، وخلاف
هاتين العريضتين لم أوقع على شيء.
- س: هل جميع الاشخاص الذين
وقعوا على العريضتين علموا بإدراج أسمائهم
وتوقيعهم، أم أن هناك شخصاً كُتب إسمه دون
علمه؟
ج: بالنسبة لمن أخذت تواقيعهم من الرياض،
فقد قمت أنا والحامد والرشودي والقصير بالتأكد
من علمهم وصحة تواقيعهم، وبالنسبة للمناطق
الأخرى ليس لدي علم.
- س: بتاريخ 5/1/1425هـ عقد
إجتماع في فندق الفهد كراون وكنت من الحاضرين
فما الذي دار في هذا الاجتماع وما الهدف منه؟
ج: بالنسبة الى اجتماع الفهد كراون، أنا
أحد الداعين الى عقد الاجتماع، ومن الداعين:
الدكتور توفيق القصير والحامد والرشودي وشخص
خامس لا أذكره.
والفكرة من الاجتماع فإنه ليس في الشريعة
والنظام ما يمنع ذلك، ولكن لا يمنع ذلك من
الاستئذان. ولما اجتمعنا مع الامير عبد العزيز
بن فهد في منزل القصير، وكان هذا في الليلة
التالية للانفجار الذي وقع في مجمع المحيا،
دار نقاش مع الامير عبد العزيز بن فهد عن
قضايا الاصلاح والعنف، وأيضاً عن الاجتماع
الذي كان مقرراً في منزل محمد سعيد طيب يوم
12/9/1424هـ تقريباً.. ولكن هذا الاجتماع
لم يتم بناءً على طلب عبد العزيز بن فهد وأن
هذا مؤقت خلال رمضان، وقال أنه ليس عنده مانع
من الحضور اذا عقد بعد رمضان، ففهمنا أنه
لا مانع من عقد الاجتماع بالرياض بعد رمضان.
وبالتالي تمت الدعوة للاجتماع من الاشخاص
السابق ذكرهم، وكانت الفكرة أن يعقد في مكان
عام تحت نظر الدولة وليس في مكان خاص لكي
لا يفهم منه شيء غير مرغوب فيه لدى الدولة،
لذلك أختير مكان الفندق، وحيث الحجز لا يقبل
عن طريق مجموعة أشخاص، فطلب من الدكتور عبد
الله الحامد أن يقوم بالحجز.. أما أنا شخصياً
فلم أحضر الاجتماع لكوني خارج المملكة. والهدف
هو التباحث في أمور ذات صلة بالاصلاح وكيفية
التواصل مع القيادة والبحث عن أنجح السبل
الى تحقيق مبادرات الاصلاح.
- س: في العرائض المقدّمة لسمو
ولي العهد، طالب الموقعون عليها وأنت أحدهم،
بإيجاد دستور مكتوب للبلاد، مع أن المادة
الاولى من النظام الاساسي للحكم نصت على أن
دستور البلاد كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله
عليه وسلم) فهل ترغب بإيجاد دستور غيرهما؟
ج: يبدو أن هناك فهماً خاطئاً لمفهوم وفكرة
الدستور في المذكرتين اللتين وقعت عليهما
وأن هذا يتعارض مع كتاب الله وسنة رسوله.
ومن وجهة نظر الثقافة الدستورية وعلم الاجتماع
السياسي، فإن الدستور هو آلية وهياكل لضمان
العدالة والحقوق والاحتساب على السلطة عن
طريق المؤسسات التي يشارك فيها المواطنون
أفراداً أو جماعات. لذلك فإن الدستور يتكون
من عدة محاور أو عناصر أساسية: ـ
أولاً: الاقرار بالحقوق والواجبات للأفراد.
ثانياً: آلية الفصل بين السلطات من تنفيذية
ونيايبة وقضائية. والنيابية تتكون من الشورى
الملزمة المنتخبة من المجتمع والذين يمثلون
أهل الشورى الملزمة تكون لديهم القدرة والسلطة
على المحاسبة والمراقبة تجاه السلطات الأخرى
وبالذات السلطة التنفيذية. وتعزيز استقلالية
السلطةالقضائية بحيث يكون لها أيضاً قدرة
واحتساب على السلطات فيما بينها مؤسسياً وما
سبق هي الثالثة.
والرابعة السماح بتكوين مؤسسات المجتمع
الاهلي المدني مثل الجمعية الوطنية لحقوق
الانسان التي تشكلت حالياً، وان كانت ليست
مستقلة في ظهورها حالياً، وهذه الجمعيات الاهلية
ايضاً تنتج إمكانية للمجتمع والأفراد والمنتمين
لها للاحتساب على السلطة وتجاه بعضها البعض
فيما يخص مصالحهم وحقوقهم التي يهتمون بها.
وهذه الآلية الدستورية تقوم أساساً على
القرآن الكريم والسنة النبوية من أحكام قطعية
ذات صلة بإقامة أمور الدنيا والدين. وبالتالي
فإنه ليس هناك مما ورد في المذكرتين القول
أننا نطالب بدستور خلاف الكتاب والسنة. والدستور
باعتباره آليات وهياكل ليس كفراً ولا إيمان،
فالصحابة رضوان الله عليهم بعد وفاة الرسول
(صلى الله عليه وسلم) استخدموا الدواوين وهي
لم تكن معروفة سابقاً، والدولة حالياً تستخدم
بعض الآليات والنظم مثل نظام اشارات المرور...
وهذا ليس فيه ما يخالف الكتاب والسنة، ولكن
ليضبط المرور.
وهناك أمثلة كثيرة. فإذن هذا ما شددت عليه
وثيقة الرؤية ومذكرة الاصلاح الدستوري على
تأهيل الدستور على الكتاب والسنة. وايضاً
مما يعزز صدقية هذا الاتجاه أن هناك أكثر
من 25 وربما 30 من أساتذة الشريعة في الجامعات
السعودية مثل الامام وأم القرى والمدينة المنورة
مثل الدكتور عبد الله الزايد وغيره الكثير
(ممن وقعوا على العريضة الدستورية) كما أرفق
بمذكرة الاصلاح الدستوري.
- س: وردت في العريضتين المشار
اليهما التشكيك في استقلالية وحيدة ونزاهة
القضاء، مع أن الانظمة نصت على استقلاليته
وكذلك المادة 46 من النظام الاساسي للحكم
نصت على إستقلاليته ولا سلطان عليه لغير الشريعة
الاسلامية فما سبب هذا التشكيك؟
ج: استغرب السؤال في التشكيك المطروح..
ما نتكلم عنه نحن هو تعزيز استقلال القضاء
أما بالنسبة للقضاة ونزاهتهم فلربما لا أحد
يشك فيهم كأشخاص، وانما المقصود بإستقلال
القضاء هو تعزيز استقلاله كمؤسسة ذات معايير
وضمانات تمنع من التدخلات والمؤثرات من قبل
السلطات الاخرى وخاصة السلطة التنفيذية.
ومن ذلك نظام الاجراءات الجزائية وما يتصل
بها من حقوق المتهم رغم انها غير مكتملة لم
تطبق الا في فترة متأخرة. فماذا نقول عن الفترة
السابقة لها، وخاصة فيما يتعلق بالمعايير
التي لو توفرت لأصبح تعزيز استقلال القضاء
واضحاً.
وايضاً أنا كتبت وكالة شرعية للمدافعة
والمرافعة عني بإسم مجموعة من المحامين قبل
إسبوعين من كاتب عدل، ووزارة الداخلية لم
تسلمها لي أو رفض تسليمها لي، أليس هذا تدخلاً
في استقلال القضاء من قبل السلطة التنفيذية
وبالذات وزارة الداخلية.
وهناك أكثر من ثمانية عشر معياراً لتعزيز
استقلال القضاء، ومنها الاستقلالية المالية
للقضاة أنفسهم، وعدم نقلهم أو فصلهم الا بمخالفات،
ويفترض أن يكون لهم استقلالية تامة.
- س: ورد في عريضة نداء للقيادة
والشعب معاً المطالبة بالسماح بقيام تجمعات
مختلفة وعدم المساس بحق الناس في التجمع والاعتصام
والتظاهر، فما علاقة ذلك بالإصلاح؟
ج: بالنسبة فيما يتعلق المطالبة بقيام
جميعات مختلفة وليس (تجمعات) مختلفة بالاصلاح،
فكما ذكرت سابقاَ فهذه ضمن آليات وهياكل الدستور
للاحتساب على السلطة وهو الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر في كافة المجالات. وعلى أية حال،
فالدولة أقرت على ما يبدو الفكرة من ناحية
مبدئية بالسماح بتشكيل وقيام الجمعية الوطنية
لحقوق الانسان، وهذه جمعية من الجمعيات الاهلية
المدنية التي كنا نطالب بها، وان كانت هذه
الجمعية تفتقر الى الاستقلالية حتى هذه اللحظة،
وهناك جمعيات أخرى موازية يبدو أنها في الطريق.
أما بالنسبة الى فكرة عدم المساس بحق الناس
في التجمع والتظاهر السلمي المدني، فإن الغاية
من ورائه هو أن تكون مطالب الناس واضحة معلنة
بدل أن تقمع وتعمل في السر وقد تؤدي الى اعمال
عنف لا تحمد عقباها، وربما تحتاج الى ضوابط
في العمل، ويفترض أن تقر الدولة ضوابط لمثل
هذه الأمور، مثل أن يكون التجمع بطريقة مدنية
سلمية منضبطة.
- س: أنت متهم من خلال بيان
(نداء للقيادة والشعب معاً) بالسعي الى حث
العلماء والدعاة المرشدين في كافة المنابر
والمساجد والمجامع في الدعوة الى ما يسمى
بالاصلاح ودعم هذا البيان بنشره عبر كافة
وسائل الاعلام، وهذا يعد تحريضاً للشعب وتأليبه
على الدولة، والخروج على ولاة الأمر، وتشكيل
جماعات ضغط على الدولة مما يؤدي الى اثارة
الفتنة، فما جوابك عن ذلك؟
ج: مسألة حث الجميع حسب ما ورد في السؤال،
هناك عناصر:
أولاً: اجتماعنا بالامير عبد الله بن عبد
العزيز ولي العهد عندما اجتمع ببعض الموقعين
على خطاب الرؤية في شهر ذي القعدة 1223هـ
قال لهم: أن مطالبكم هي مشروعي، ولكنه قال
أن المجتمع يحتاج الى انفتاح، وأن هناك حاجة
ماسة الى القيام بذلك الانفتاح، ولذلك فهمنا،
أو بعض منا على الاقل في مذكرة الاصلاح الدستوري،
أنه لا بد من التوجه الى مخاطبة الشعب، ومحاولة
توسعة انفتاحه لتفهم العناصر الاصلاحية فكرة
الدستور، ولذلك كان من الطبيعي ان يكون هناك
من أهل الرأي والخبرة والعلم الشرعي لتوضيح
الفكرة، خاصة وأنهم يمثلون مع المجتمع بشكل
أكبر.
ثانياً: بالنسبة للاحتساب على السلطة وخاصة
في قضايا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
في الجوانب السياسية وغيرها، والتوجه الى
عامة الناس، فهناك أدلة شرعية تجيز ذلك منها
الآية (ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون
بالمعروف...) وأيضاً (المؤمنون والمؤمنات
بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون
عن المنكر..) أما من السنة فما ورد عن أبي
سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) يقول (من رأى منكم منكراً
فليغيره بيده..). فالانكار المقصود باللسان
هو الكلام، وفي حالتنا هو الانكار بالخطاب
المكتوب، وأما التوجه الى العامة فهناك أيضاً
حديث عن الرسول يقول (الدين النصيحة.. قلنا
لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين
وعامتهم) صحيح مسلم. وكلمة النصيحة هنا كلمة
جامعة تعني بأمور الدين والدنيا عملاً وقولاً،
وبالنسبة لعامة الناس فتشمل النصيحة دفع المضار
عنهم، وجلب المنافع لهم، والذب عن أموالهم،
وغير ذلك من أحوالهم. هذا ما قاله النووي.
لذلك فالتوجه بخطاب للقيادة والشعب يأتي
ضمن الأدلة الشرعية السابقة، وأن هذا ضمن
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبالتالي
ليس هناك دعوة الى فتنة أو تحريض، وإنما الدعوة
الى الخير، وهذا عمل مشروع، وهذا ما طالب
به سمو الأمير عبد الله. والقول بتشكيل جماعات
ضغط فهذا مردود عليه في الاجابة، ولهذا لا
ندعو الى الفتنة وانما الى الخير استناداً
الى الأدلة الشرعية السابقة وما فهمناه من
الامير عبد الله. أما بالنسبة الى نشر البيانات
في وسائل الاعلام بالنسبة الى وصولها الى
عامة الناس فقد سبق الاجابة عليه، باعتبارها
من النصيحة ودعوة الخير في سياق الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر.
أما فيما يتعلق بتسريبات للبيانات من قبل
آخرين، فنحن لسنا مسئولين عن تسريب بيانات،
والدليل على ذلك أيضاً أننا في اجتماعنا مع
الامير عبد الله، فإنه أثار القضية نفسها
وقال أنا عاتب على أن المذكرة تسربت وظهرت
بالانترنت، فقلت له أن الورقة وقعها أكثر
من 104 وأكثر منهم اطلع عليها، وبالتالي فإن
إمكانية التسرب واردة. ومما قال لنا الأمير
في الموضوع نفسه ـ أي التسريبات ـ أن مبادرته
لإصلاح الجامعة العربية تسربت ولم تعلنها
المملكة العربية السعودية. فقلنا إذن يا سمو
الأمير اذا كان ذلك على مستوى الدولة تتسرب
الأوراق، فكيف على مستوى الاشخاص وقد ضحك
من ذلك.
- س: ورد في عريضة النداء مسألة
تذكر بأن الاخلال بالشورى الشعبية سيؤدي الى
مخاطر متوقعة وهذا يدل على أن الموقعين على
العريضة المذكورة لهم علاقة بأحداث الارهاب
التي تعاني منها بلادنا اليوم.. فما جوابك
عن ذلك؟
ج: السؤال مرفوض جملة وتفصيلاً من حيث
أن لنا علاقة بالارهاب. أما ما يخص التحليل
الاجتماعي والسياسي فهذه تحليلات في سياق
علم الاجتماع السياسي من حيث أن الاوضاع الاقتصادية
والاجتماعية والسياسية قد تؤدي الى بروز أعمال
عنف وإرهاب، ونحن أكّدنا ثلاثة قوانين هي:
الوحدة الوطنية، والثوابت الاسلامية، والالتفاف
حول القيادة.
تم قفل المحضر الساعة الثالثة ظهراً.